إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ذبح البقرات وارتداداتها الدينية

 

 

تعود قصة ذبح البقرة الحمراء إلى الواجهة بعد أن قامت مجموعات الهيكل الصهيونية المتطرفة بجلب البقرات الحمر الخمس من تكساس الأميركية إلى إسرائيل

بقلم : عمر الغول

لم ينفك المتطرفون الصهاينة واقرانهم وحلفاؤهم من المسيحية الصهيونية (الافنجليكان)، والمسكونين بعقدة الحروب الصليبية وتهافتهم الكهنوتي، وكل من يدور في فلكهم تساوقا مع هرطقاتهم، او تزلفا لغيهم وانتهازيتهم، او مقابل رشوة مالية في حرف بوصلة الصراعات السياسية والاجتماعية الطبقية والقومية، ودفعها دفعا منتظما ومتواترا نحو مستنقع الأساطير والخزعبلات لإدامة الحروب والصراعات البينية بين الشعوب، والاهم لتوظيفها في تغطية ذرائعيتهم بإقامة دولة من لقطاء الخزر اليهود، الذين ألبسوهم ثوب الحركة الصهيونية في فلسطين التاريخية وعلى حساب أصحاب الأرض الأصليين من الفلسطينيين العرب، وبحيث تكون أداة الغرب الاستعماري الامبريالي في الإقليم، الذي لا ينفك عن ركوب ظهر المجن، وإنتاج البيئات الحاملة لراية القرصنة والحروب في بقاع الأرض عموما، ومنها إقليم الشرق الأوسط الأكبر وفي نطاقه الوطن العربي لخدمة نفوذهم ومصالحهم الإستراتيجية في السيطرة على ثروات الشعوب وخيراتهم وامتصاص دمائهم، وللتحكم في مقاليد السياسة الدولية.

وفي السياق آنف الذكر، تعود قصة ذبح البقرة الحمراء الى الواجهة مجددا بعد ان قامت مجموعات الهيكل الصهيونية المتطرفة بجلب البقرات الحمر الخمس من ولاية تكساس الأميركية الى إسرائيل في أكتوبر 2022، وقامت على مدار العامين الماضيين برعاية تلك البقرات بعناية فائقة، وقام الحاخام الكهاني، يسرائيل اريئيل، مدير معهد المعبد بعقد مؤتمر يوم الأربعاء 27 مارس الماضي حول عملية الذبح للبقرات بعد ان بلغت السن المفروض لعملية التطهير، أي السنتين، ووفقا للنصوص الدينية في التوراة ستظهر بقرة حمراء دون أية شعرة من لون آخر، لم تحمل، ولم تستخدم بأي نوع من الخدمات، وستذبح بتاريخ 2 افريل العبري الموافق العاشر من افريل الميلادي القادم، ثم حرقها بطقوس معقدة، واستخدام الرماد المتبقي "لتطهير الشعب اليهودي"، ووفقا لمجموعات الهيكل الصهيونية يتمكن مئات الآلاف من اليهود الصهاينة من اقتحام المسجد الأقصى، باعتباره "الهيكل الثالث"، والذي يتوافق مع عيد الفطر للمسلمين، أصحاب المسجد الأقصى، وقبلتهم الأولى، وثالث الحرمين الشريفين.

ومن يعود لسورة البقرة في القرآن الكريم، وهي أكبر سور الكتاب الحكيم وعددها 286 آية، والتي حملت اسمها من قصة البقرة الحمراء اليهودية، تضمنت 115 آية عن هرطقات واكاذيب اليهود وخيانتهم للعهود، وقتل الأنبياء وخاصة انبيائهم، وعن عبادتهم للبقرة وتحريفهم للأسفار جميعا في التناخ، الكتاب اليهودي، والذي يتضمن الاسفار الخمسة الأولى، وهي التوراة، ويشتمل على 39 سفراً. ولكن لست بصدد اللعب في ملعبهم، ولا الغرق في متاهة أسفارهم وأكاذيبهم وتزويرهم لكتاب الله. رغم ان الدين شئنا أم ابينا بات مفروضا ولاعبا أساسيا في الصراع من خلال أدواته في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الصهيوني والأميركي والغربي الرأسمالي، ويطفو على سطح المشهد، ومع ذلك علينا المحاولة لإعادة الأمور الى نصابها، ومسارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي الثقافي بعيدا عن دائرة الدين. لأننا لسنا ضد أي مؤمن من عباد الله يهوديا او مسيحيا او مسلما حنيفا، لا بل ندعو للتسامح والتكامل مع اتباع الديانات السماوية والعقائد والرؤى الفكرية الوضعية المختلفة لتعزيز عوامل الشراكة بين بني الإنسان في أصقاع الأرض كافة.

وبالعودة لذبح البقرة الحمراء يوم 10 افريل الحالي الذي يصادف عيد الفطر السعيد للمسلمين مع اقتحام غلاة التطرف الديني والصهيوني النازي للمسجد الأقصى، فإن ارتدادات ذلك ستكون غاية في الخطورة، وان لم يتم تدارك اقتحام قطعان المستعمرين الصهاينة لأولى القبلتين فإن نهر من الدماء سينزف على ارض المسجد وفي الحوض المقدس كله، ولا يمكن التنبؤ بتداعيات الجريمة الصهيونية. ولكن من الواضح ان نتنياهو وزمرته النازية يسعون عن سابق عمد وإصرار لتعميق الصراع وتوسيعه ليشمل الضفة والقدس وأبناء الشعب في الـ48، وإطلاق العنان لحرب الإبادة الجماعية في الضفة عموما وخاصة القدس العاصمة الأبدية، دون استثناء أبناء الشعب في داخل الداخل.

لهذا المطلوب فلسطينيا وعربيا وعالميا الاستعداد والعمل من الان لدرء الأخطار المحدقة من ذبح البقرة الحمراء، وحماية الشعب العربي الفلسطيني من نازيي العصر والألفية الثالثة الدولة الإسرائيلية اللقيطة والمارقة، والعمل بخطى سريعة وحثيثة على وقف حرب الإبادة بشكل فوري ودائم في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية لأبناء القطاع، ووقف التهجير القسري وتأمين الحماية الدولية لهم، وعودة النازحين من الجنوب للشمال، وانسحاب الجيش الإسرائيلي والذهاب للحل السياسي القائم على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من جوان 1967، إذا توفرت الإرادة الدولية بقيادة إدارة بايدن يمكن لجم كل النزعات والأساطير العبثية لليهود الصهاينة الكهانيين..

*كاتب وسياسي فلسطيني

 

 

 

ذبح البقرات وارتداداتها الدينية

 

 

تعود قصة ذبح البقرة الحمراء إلى الواجهة بعد أن قامت مجموعات الهيكل الصهيونية المتطرفة بجلب البقرات الحمر الخمس من تكساس الأميركية إلى إسرائيل

بقلم : عمر الغول

لم ينفك المتطرفون الصهاينة واقرانهم وحلفاؤهم من المسيحية الصهيونية (الافنجليكان)، والمسكونين بعقدة الحروب الصليبية وتهافتهم الكهنوتي، وكل من يدور في فلكهم تساوقا مع هرطقاتهم، او تزلفا لغيهم وانتهازيتهم، او مقابل رشوة مالية في حرف بوصلة الصراعات السياسية والاجتماعية الطبقية والقومية، ودفعها دفعا منتظما ومتواترا نحو مستنقع الأساطير والخزعبلات لإدامة الحروب والصراعات البينية بين الشعوب، والاهم لتوظيفها في تغطية ذرائعيتهم بإقامة دولة من لقطاء الخزر اليهود، الذين ألبسوهم ثوب الحركة الصهيونية في فلسطين التاريخية وعلى حساب أصحاب الأرض الأصليين من الفلسطينيين العرب، وبحيث تكون أداة الغرب الاستعماري الامبريالي في الإقليم، الذي لا ينفك عن ركوب ظهر المجن، وإنتاج البيئات الحاملة لراية القرصنة والحروب في بقاع الأرض عموما، ومنها إقليم الشرق الأوسط الأكبر وفي نطاقه الوطن العربي لخدمة نفوذهم ومصالحهم الإستراتيجية في السيطرة على ثروات الشعوب وخيراتهم وامتصاص دمائهم، وللتحكم في مقاليد السياسة الدولية.

وفي السياق آنف الذكر، تعود قصة ذبح البقرة الحمراء الى الواجهة مجددا بعد ان قامت مجموعات الهيكل الصهيونية المتطرفة بجلب البقرات الحمر الخمس من ولاية تكساس الأميركية الى إسرائيل في أكتوبر 2022، وقامت على مدار العامين الماضيين برعاية تلك البقرات بعناية فائقة، وقام الحاخام الكهاني، يسرائيل اريئيل، مدير معهد المعبد بعقد مؤتمر يوم الأربعاء 27 مارس الماضي حول عملية الذبح للبقرات بعد ان بلغت السن المفروض لعملية التطهير، أي السنتين، ووفقا للنصوص الدينية في التوراة ستظهر بقرة حمراء دون أية شعرة من لون آخر، لم تحمل، ولم تستخدم بأي نوع من الخدمات، وستذبح بتاريخ 2 افريل العبري الموافق العاشر من افريل الميلادي القادم، ثم حرقها بطقوس معقدة، واستخدام الرماد المتبقي "لتطهير الشعب اليهودي"، ووفقا لمجموعات الهيكل الصهيونية يتمكن مئات الآلاف من اليهود الصهاينة من اقتحام المسجد الأقصى، باعتباره "الهيكل الثالث"، والذي يتوافق مع عيد الفطر للمسلمين، أصحاب المسجد الأقصى، وقبلتهم الأولى، وثالث الحرمين الشريفين.

ومن يعود لسورة البقرة في القرآن الكريم، وهي أكبر سور الكتاب الحكيم وعددها 286 آية، والتي حملت اسمها من قصة البقرة الحمراء اليهودية، تضمنت 115 آية عن هرطقات واكاذيب اليهود وخيانتهم للعهود، وقتل الأنبياء وخاصة انبيائهم، وعن عبادتهم للبقرة وتحريفهم للأسفار جميعا في التناخ، الكتاب اليهودي، والذي يتضمن الاسفار الخمسة الأولى، وهي التوراة، ويشتمل على 39 سفراً. ولكن لست بصدد اللعب في ملعبهم، ولا الغرق في متاهة أسفارهم وأكاذيبهم وتزويرهم لكتاب الله. رغم ان الدين شئنا أم ابينا بات مفروضا ولاعبا أساسيا في الصراع من خلال أدواته في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي الصهيوني والأميركي والغربي الرأسمالي، ويطفو على سطح المشهد، ومع ذلك علينا المحاولة لإعادة الأمور الى نصابها، ومسارها السياسي والاقتصادي والاجتماعي الثقافي بعيدا عن دائرة الدين. لأننا لسنا ضد أي مؤمن من عباد الله يهوديا او مسيحيا او مسلما حنيفا، لا بل ندعو للتسامح والتكامل مع اتباع الديانات السماوية والعقائد والرؤى الفكرية الوضعية المختلفة لتعزيز عوامل الشراكة بين بني الإنسان في أصقاع الأرض كافة.

وبالعودة لذبح البقرة الحمراء يوم 10 افريل الحالي الذي يصادف عيد الفطر السعيد للمسلمين مع اقتحام غلاة التطرف الديني والصهيوني النازي للمسجد الأقصى، فإن ارتدادات ذلك ستكون غاية في الخطورة، وان لم يتم تدارك اقتحام قطعان المستعمرين الصهاينة لأولى القبلتين فإن نهر من الدماء سينزف على ارض المسجد وفي الحوض المقدس كله، ولا يمكن التنبؤ بتداعيات الجريمة الصهيونية. ولكن من الواضح ان نتنياهو وزمرته النازية يسعون عن سابق عمد وإصرار لتعميق الصراع وتوسيعه ليشمل الضفة والقدس وأبناء الشعب في الـ48، وإطلاق العنان لحرب الإبادة الجماعية في الضفة عموما وخاصة القدس العاصمة الأبدية، دون استثناء أبناء الشعب في داخل الداخل.

لهذا المطلوب فلسطينيا وعربيا وعالميا الاستعداد والعمل من الان لدرء الأخطار المحدقة من ذبح البقرة الحمراء، وحماية الشعب العربي الفلسطيني من نازيي العصر والألفية الثالثة الدولة الإسرائيلية اللقيطة والمارقة، والعمل بخطى سريعة وحثيثة على وقف حرب الإبادة بشكل فوري ودائم في قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية لأبناء القطاع، ووقف التهجير القسري وتأمين الحماية الدولية لهم، وعودة النازحين من الجنوب للشمال، وانسحاب الجيش الإسرائيلي والذهاب للحل السياسي القائم على أساس خيار حل الدولتين على حدود الرابع من جوان 1967، إذا توفرت الإرادة الدولية بقيادة إدارة بايدن يمكن لجم كل النزعات والأساطير العبثية لليهود الصهاينة الكهانيين..

*كاتب وسياسي فلسطيني

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews