تعقد لجنة الحقوق والحريات اليوم بقصر باردو جلسة تخصصها للنظر في مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنظيم الجمعيات والمقدم من قبل مجموعة من النواب وفي مقدمتهم فاطمة المسدي، وهو مقترح أثار جدلا ساخنا ليس تحت قبة البرلمان فحسب بل وخارجها أيضا، حيث عبرت العديد من المنظمات والجمعيات عن رفضها المساس بالمرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بالجمعيات وذلك بعد أن تصدت في وقت سابق بشدة لمشروع قانون يعوض المرسوم تم تسريبه في فترة حكم نجلاء بودن.
وينتظر أن يتم التطرق من جديد إلى المبادرة التشريعية التي قدمتها المسدي خلال ندوة صحفية يعقدها ائتلاف منظمات المجتمع المدني صباح الغد بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين حول مدى تنفيذ الدولة التونسية للتوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف في مارس 2023 على اعتبار أن هذا الإتلاف كان من أشد الرافضين لأي مساس بالمرسوم عدد 88، ونفس الشيء بالنسبة إلى العديد من الجمعيات والمنظمات الأخرى ومنها بالخصوص الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وجمعية محامون بلا حدود والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والمعهد العربي لحقوق الإنسان والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب ومنظمة النساء أولا ومنظمة العفو الدولية فرع تونس والمركز التونسي المتوسطي وشبكة مراقبون والائتلاف المدني للدفاع على العدالة الانتقالية وجمعية نشاز وجمعية البوصلة ورابطة الناخبات التونسيات وغيرها فهي بدورها متمسكة بالمرسوم عدد 88 لسنة 2011 إطارا قانونيا ينظم الجمعيات ويضمن حريتها ويدعم استقلاليتها ويعزز دورها كقوة رقابة وضغط واقتراح وكشريك معاضد لجهود الدولة في كافة المجالات التنموية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية والصحي.
مزايا المرسوم عدد 88
ويعتبر المرسوم عدد 88 حسب وصف العديد من الناشطين في المجتمع المدني مكسبا من المكاسب التي تحققت للتونسيين بعد الثورة، فهو وكما جاء في دراسة أعدتها الجامعيات حفيظة شقير وهالة بن سالم ومنية بن جميع وقمر الزايدي جانفي الماضي، وضع سنة 2011 في ظروف حاولت أن تقطع مع النظام السابق الذي قيد الحقوق والحريات العامة ومنها خاصّة حرّية الجمعيات، حيث كانت أهم الجمعيات المستهدفة هي الجمعيات المستقلة المدافعة على حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق النساء والتي عانت من عديد التضييقات بفعل القانون المتعلق بالجمعيات المؤرخ في 7 نوفمبر 1959 ودفعت ثمن استقلاليتها ودفاعها المستميت على النشطاء والنشيطات وكلّ ضحايا الانتهاكات وطالبت بمراجعة هذا القانون لتكريس حرية الجمعيات. ولهذا السبب فإنه بعد سنة 2011 كان هاجس أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، إزالة كل الشوائب المحيطة بالقوانين المنظمة للحقوق والحريات العامة وفي هذا الإطار تمّت مراجعة عدة قوانين ومنها القانون المتعلق بالجمعيات وذلك بالاعتماد على المعايير الدولية، وقد صنف المقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات لدى مجلس حقوق الإنسان المرسوم عدد 88 ضمن الأطر القانونية الأكثر تقدمية في المنطقة. وأشارت الدراسة إلى أن هذا المرسوم حذف كلّ العراقيل الإدارية التي كانت تقيّد حرية الجمعيات. وتمّ تعويض التّرخيص بالإعلان أو التصريح ووقع إلغاء تصنيف الجمعيات وتمّ إخراج الجمعيات من سلطة وزارة الداخلية وأجهزتها ونقل هذه المهام إلى الكتابة العامة للحكومة، كما اعترف المرسوم بحقوق الجمعيات وضمن استقلاليتها ومكنها من القيام بالحق الشخصي وممارسة الدعوى المتعلقة بأفعال تدخل في إطار موضوعها وأهدافها المنصوص عليها في نظامها الأساسي، وأرسى مجموعة من الضوابط وآليات الرقابة الإدارية والمالية لضمان حسن تسيير الجمعيات وحسن التصرف في تمويلاتها. وأوكل مهمة الرقابة إلى الكاتب العام للحكومة ومكنه من تسليط العقوبات ضد الجمعية المخالفة، وحدّد لذلك قائمة المخالفات وبيّن أنواع العقوبات المستوجبة وفقا لمبدإ التدرج من توجيه تنبيه إداري، ثم تعليق النشاط بحكم قضائي، ثم حلّ الجمعية بحكم قضائي، ومكّن المرسوم من إحداث عديد المنظمات والجمعيات الناشطة في مختلف المجالات وفي كل الولايات ليصل عددها الجملي بتاريخ 5 جانفي الماضي إلى 24954 جمعية. أما مقترح القانون الجديد وحسب ما أبرزته نفس الدراسة التي تضمنت قراءة لفصوله فصلا فصلا، فيدل على وجود نية لتكثيف الرقابة على كل أنشطة الجمعيات وتكوينها وتمويلها وتسييرها.
نشر الفوضى
ولكن لئن ثمنت الدراسة المرسوم عدد 88 الذي أعدته الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، فإن وثيقة شرح أسباب مقترح القانون المتعلق بتنظيم الجمعيات المقدم من قبل النواب فاطمة المسدي وأمين المرعوي ومحمد زياد الماهر ومحمد بن حسين وبسمة الهمامي ومنير الكموني وعبد الحليم بوسمة وصالح الصيادي وإبراهيم حسين وسامي السيد أبرزت خلاف ذلك، حيث ألقى أصحاب مقترح القانون المذكور باللائمة على الهيئة العليا التي تقف خلف مرسوم الجمعيات لأنها حسب رأيهم سعت باسم القضاء على الدكتاتورية ونشر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان إلى تفكيك هياكل الدولة ونشر الفوضى ممهدة الطريق إلى تنظيمات الإسلام السياسي ومن تحالف معها لبروز الجمعيات كالفقاقيع أمام غياب الحد الأدنى من قواعد الشفافية والمساءلة والرقابة على أنشطة الجمعيات وعلى مصادر تمويلها الداخلية والخارجية ليتحول المرسوم عدد 88 إلى مصدر من مصادر التشريع للفساد وانتشار شبكات الإرهاب وتبييض الأموال.. وتتمثل الخطوط العريضة لمقترح القانون في أنه جاء لكي يقطع مع حالة الفوضى وتفكيك هياكل الدولة والاهتداء بدلا عن ذلك بدستور 2022 القائم على السيادة الوطنية..
وللتذكير فقد كانت لجنة الحقوق والحريات استمعت يوم 28 فيفري الماضي إلى النواب أصحاب المبادرة التشريعية ودعا هؤلاء اللجنة إلى توسيع قائمة الأطراف التي سيقع الاستماع إلى رأيها في مبادرتهم التشريعية لتشمل رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية ووزارة الشؤون الاجتماعية وذلك سعيا منهم للقطع مع المال الأجنبي المشبوه، وبينوا أن مقترحهم يندرج في إطار تنظيم عمل الجمعيات وإضفاء الشفافية على تعاملاتها المالية بما يستجيب لروح دستور 25 جويلية 2022 ويضمن الصّالح العام.
أما نواب اللجنة فبينوا أنه يوجد اتفاق على ضرورة تنقيح المرسوم عدد 88 شريطة تعميم الاستشارة بشأنه وأشاروا إلى أنه لا يمكن الاستغناء كليا عن التمويل الأجنبي ولكن بالإمكان وضع ضوابط وإقرار عقوبات صارمة في حال الحصول على تمويلات مشبوهة، وهناك من النواب من اقترح تحديد الحد الأدنى والحد الأقصى لعدد المنخرطين في الجمعية بهدف مزيد تنظيم إجراءات تأسيس الجمعيات، ومن المقترحات الأخرى التي تقدم بها النواب القيام بتدقيق في تصرف الجمعيات خلال فترة التجميد لتجنب التلاعب لأن هناك جمعيات تنتهز فترة التجميد لتصفية ممتلكاتها، وهناك من النواب من استغرب تصنيف النقابات والمنظمات الكبرى والاتحادات ضمن الجمعيات لأن العمل النقابي مرتبط بالمواثيق الدولية، وعبر عن مخاوفه من تبعات هذا التصنيف في حين انتقد آخر إدراج المنظمات والجمعيات الأجنبية تحت طائلة قانون الجمعيات وفي المقابل استحسن النواب العقوبات المنصوص عليها في المبادرة التشريعية.
وخلافا لما اعتقده بعض المتابعين للشأن العام فإن لجنة الحقوق والحريات ستستأنف اليوم نقاش المبادرة التشريعية المتعلقة بتنظيم الجمعيات، ويعود سبب التأخير في إدراجها في جدول أعمالها لتعهدها خلال الفترة المنقضية بدراسة مشروع القانون المتعلق ببطاقة التعريف الوطنية ومشروع القانون المتعلق بجواز السفر البيومتري.
استعجال نظر
وأشار النائب بلجنة الحقوق والحريات فخري عبد الخالق في تصريح لـ"الصباح" إلى أن جلسة اليوم ستخصص للنظر في فصول المبادرة التشريعية فصلا فصلا، وبين أن مراجعة مرسوم الجمعيات تعتبر من أولويات اللجنة وأضاف أنه سيتم عقد جلسات استماع إلى رئاسة الحكومة ومختلف الأطراف المعنية به، خاصة وأن رئاسة الحكومة انكبت في وقت سابق على إعداد مشروع قانون لنفس الغرض ولكن إلى حد الآن لم تقع إحالته إلى مجلس نواب الشعب، وفي حال إحالة الحكومة لمشروعها فيكون له أولوية النظر لأن مشاريع القوانين المقدمة من قبل الحكومة وحسب ما نص عليه الدستور لها أولوية النظر.
وتكمن أهمية المبادرة التشريعية المعروضة على أنظار اللجنة حسب ما أشار إليه عبد الخالق في أنها جاءت لمراقبة تمويل الجمعيات وهناك رقابة قبلية وأخرى بعدية وذكر أنه لا بد من الرقابة وفي نفس الوقت يجب ضمان حرية للجمعيات لكي تنشط ، وأضاف النائب أن اللجنة ستتفاعل إيجابيا مع المقترحات التي ستقدمها رئاسة الحكومة وغيرها من الأطراف التي سيتم الاستماع إليها وبين أن جهة المبادرة طلبت استعجال النظر في مقترح القانون وبالتالي ستتولى اللجنة تنظيم جلسات مسترسلة لدراسته.
سعيدة بوهلال
تونس: الصباح
تعقد لجنة الحقوق والحريات اليوم بقصر باردو جلسة تخصصها للنظر في مقترح القانون الأساسي المتعلق بتنظيم الجمعيات والمقدم من قبل مجموعة من النواب وفي مقدمتهم فاطمة المسدي، وهو مقترح أثار جدلا ساخنا ليس تحت قبة البرلمان فحسب بل وخارجها أيضا، حيث عبرت العديد من المنظمات والجمعيات عن رفضها المساس بالمرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بالجمعيات وذلك بعد أن تصدت في وقت سابق بشدة لمشروع قانون يعوض المرسوم تم تسريبه في فترة حكم نجلاء بودن.
وينتظر أن يتم التطرق من جديد إلى المبادرة التشريعية التي قدمتها المسدي خلال ندوة صحفية يعقدها ائتلاف منظمات المجتمع المدني صباح الغد بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين حول مدى تنفيذ الدولة التونسية للتوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف في مارس 2023 على اعتبار أن هذا الإتلاف كان من أشد الرافضين لأي مساس بالمرسوم عدد 88، ونفس الشيء بالنسبة إلى العديد من الجمعيات والمنظمات الأخرى ومنها بالخصوص الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وجمعية محامون بلا حدود والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والمعهد العربي لحقوق الإنسان والمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب ومنظمة النساء أولا ومنظمة العفو الدولية فرع تونس والمركز التونسي المتوسطي وشبكة مراقبون والائتلاف المدني للدفاع على العدالة الانتقالية وجمعية نشاز وجمعية البوصلة ورابطة الناخبات التونسيات وغيرها فهي بدورها متمسكة بالمرسوم عدد 88 لسنة 2011 إطارا قانونيا ينظم الجمعيات ويضمن حريتها ويدعم استقلاليتها ويعزز دورها كقوة رقابة وضغط واقتراح وكشريك معاضد لجهود الدولة في كافة المجالات التنموية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والثقافية والصحي.
مزايا المرسوم عدد 88
ويعتبر المرسوم عدد 88 حسب وصف العديد من الناشطين في المجتمع المدني مكسبا من المكاسب التي تحققت للتونسيين بعد الثورة، فهو وكما جاء في دراسة أعدتها الجامعيات حفيظة شقير وهالة بن سالم ومنية بن جميع وقمر الزايدي جانفي الماضي، وضع سنة 2011 في ظروف حاولت أن تقطع مع النظام السابق الذي قيد الحقوق والحريات العامة ومنها خاصّة حرّية الجمعيات، حيث كانت أهم الجمعيات المستهدفة هي الجمعيات المستقلة المدافعة على حقوق الإنسان بصفة عامة وحقوق النساء والتي عانت من عديد التضييقات بفعل القانون المتعلق بالجمعيات المؤرخ في 7 نوفمبر 1959 ودفعت ثمن استقلاليتها ودفاعها المستميت على النشطاء والنشيطات وكلّ ضحايا الانتهاكات وطالبت بمراجعة هذا القانون لتكريس حرية الجمعيات. ولهذا السبب فإنه بعد سنة 2011 كان هاجس أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، إزالة كل الشوائب المحيطة بالقوانين المنظمة للحقوق والحريات العامة وفي هذا الإطار تمّت مراجعة عدة قوانين ومنها القانون المتعلق بالجمعيات وذلك بالاعتماد على المعايير الدولية، وقد صنف المقرر الخاص المعني بحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات لدى مجلس حقوق الإنسان المرسوم عدد 88 ضمن الأطر القانونية الأكثر تقدمية في المنطقة. وأشارت الدراسة إلى أن هذا المرسوم حذف كلّ العراقيل الإدارية التي كانت تقيّد حرية الجمعيات. وتمّ تعويض التّرخيص بالإعلان أو التصريح ووقع إلغاء تصنيف الجمعيات وتمّ إخراج الجمعيات من سلطة وزارة الداخلية وأجهزتها ونقل هذه المهام إلى الكتابة العامة للحكومة، كما اعترف المرسوم بحقوق الجمعيات وضمن استقلاليتها ومكنها من القيام بالحق الشخصي وممارسة الدعوى المتعلقة بأفعال تدخل في إطار موضوعها وأهدافها المنصوص عليها في نظامها الأساسي، وأرسى مجموعة من الضوابط وآليات الرقابة الإدارية والمالية لضمان حسن تسيير الجمعيات وحسن التصرف في تمويلاتها. وأوكل مهمة الرقابة إلى الكاتب العام للحكومة ومكنه من تسليط العقوبات ضد الجمعية المخالفة، وحدّد لذلك قائمة المخالفات وبيّن أنواع العقوبات المستوجبة وفقا لمبدإ التدرج من توجيه تنبيه إداري، ثم تعليق النشاط بحكم قضائي، ثم حلّ الجمعية بحكم قضائي، ومكّن المرسوم من إحداث عديد المنظمات والجمعيات الناشطة في مختلف المجالات وفي كل الولايات ليصل عددها الجملي بتاريخ 5 جانفي الماضي إلى 24954 جمعية. أما مقترح القانون الجديد وحسب ما أبرزته نفس الدراسة التي تضمنت قراءة لفصوله فصلا فصلا، فيدل على وجود نية لتكثيف الرقابة على كل أنشطة الجمعيات وتكوينها وتمويلها وتسييرها.
نشر الفوضى
ولكن لئن ثمنت الدراسة المرسوم عدد 88 الذي أعدته الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، فإن وثيقة شرح أسباب مقترح القانون المتعلق بتنظيم الجمعيات المقدم من قبل النواب فاطمة المسدي وأمين المرعوي ومحمد زياد الماهر ومحمد بن حسين وبسمة الهمامي ومنير الكموني وعبد الحليم بوسمة وصالح الصيادي وإبراهيم حسين وسامي السيد أبرزت خلاف ذلك، حيث ألقى أصحاب مقترح القانون المذكور باللائمة على الهيئة العليا التي تقف خلف مرسوم الجمعيات لأنها حسب رأيهم سعت باسم القضاء على الدكتاتورية ونشر الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان إلى تفكيك هياكل الدولة ونشر الفوضى ممهدة الطريق إلى تنظيمات الإسلام السياسي ومن تحالف معها لبروز الجمعيات كالفقاقيع أمام غياب الحد الأدنى من قواعد الشفافية والمساءلة والرقابة على أنشطة الجمعيات وعلى مصادر تمويلها الداخلية والخارجية ليتحول المرسوم عدد 88 إلى مصدر من مصادر التشريع للفساد وانتشار شبكات الإرهاب وتبييض الأموال.. وتتمثل الخطوط العريضة لمقترح القانون في أنه جاء لكي يقطع مع حالة الفوضى وتفكيك هياكل الدولة والاهتداء بدلا عن ذلك بدستور 2022 القائم على السيادة الوطنية..
وللتذكير فقد كانت لجنة الحقوق والحريات استمعت يوم 28 فيفري الماضي إلى النواب أصحاب المبادرة التشريعية ودعا هؤلاء اللجنة إلى توسيع قائمة الأطراف التي سيقع الاستماع إلى رأيها في مبادرتهم التشريعية لتشمل رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية ووزارة الشؤون الاجتماعية وذلك سعيا منهم للقطع مع المال الأجنبي المشبوه، وبينوا أن مقترحهم يندرج في إطار تنظيم عمل الجمعيات وإضفاء الشفافية على تعاملاتها المالية بما يستجيب لروح دستور 25 جويلية 2022 ويضمن الصّالح العام.
أما نواب اللجنة فبينوا أنه يوجد اتفاق على ضرورة تنقيح المرسوم عدد 88 شريطة تعميم الاستشارة بشأنه وأشاروا إلى أنه لا يمكن الاستغناء كليا عن التمويل الأجنبي ولكن بالإمكان وضع ضوابط وإقرار عقوبات صارمة في حال الحصول على تمويلات مشبوهة، وهناك من النواب من اقترح تحديد الحد الأدنى والحد الأقصى لعدد المنخرطين في الجمعية بهدف مزيد تنظيم إجراءات تأسيس الجمعيات، ومن المقترحات الأخرى التي تقدم بها النواب القيام بتدقيق في تصرف الجمعيات خلال فترة التجميد لتجنب التلاعب لأن هناك جمعيات تنتهز فترة التجميد لتصفية ممتلكاتها، وهناك من النواب من استغرب تصنيف النقابات والمنظمات الكبرى والاتحادات ضمن الجمعيات لأن العمل النقابي مرتبط بالمواثيق الدولية، وعبر عن مخاوفه من تبعات هذا التصنيف في حين انتقد آخر إدراج المنظمات والجمعيات الأجنبية تحت طائلة قانون الجمعيات وفي المقابل استحسن النواب العقوبات المنصوص عليها في المبادرة التشريعية.
وخلافا لما اعتقده بعض المتابعين للشأن العام فإن لجنة الحقوق والحريات ستستأنف اليوم نقاش المبادرة التشريعية المتعلقة بتنظيم الجمعيات، ويعود سبب التأخير في إدراجها في جدول أعمالها لتعهدها خلال الفترة المنقضية بدراسة مشروع القانون المتعلق ببطاقة التعريف الوطنية ومشروع القانون المتعلق بجواز السفر البيومتري.
استعجال نظر
وأشار النائب بلجنة الحقوق والحريات فخري عبد الخالق في تصريح لـ"الصباح" إلى أن جلسة اليوم ستخصص للنظر في فصول المبادرة التشريعية فصلا فصلا، وبين أن مراجعة مرسوم الجمعيات تعتبر من أولويات اللجنة وأضاف أنه سيتم عقد جلسات استماع إلى رئاسة الحكومة ومختلف الأطراف المعنية به، خاصة وأن رئاسة الحكومة انكبت في وقت سابق على إعداد مشروع قانون لنفس الغرض ولكن إلى حد الآن لم تقع إحالته إلى مجلس نواب الشعب، وفي حال إحالة الحكومة لمشروعها فيكون له أولوية النظر لأن مشاريع القوانين المقدمة من قبل الحكومة وحسب ما نص عليه الدستور لها أولوية النظر.
وتكمن أهمية المبادرة التشريعية المعروضة على أنظار اللجنة حسب ما أشار إليه عبد الخالق في أنها جاءت لمراقبة تمويل الجمعيات وهناك رقابة قبلية وأخرى بعدية وذكر أنه لا بد من الرقابة وفي نفس الوقت يجب ضمان حرية للجمعيات لكي تنشط ، وأضاف النائب أن اللجنة ستتفاعل إيجابيا مع المقترحات التي ستقدمها رئاسة الحكومة وغيرها من الأطراف التي سيتم الاستماع إليها وبين أن جهة المبادرة طلبت استعجال النظر في مقترح القانون وبالتالي ستتولى اللجنة تنظيم جلسات مسترسلة لدراسته.