إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

يتقاضون الأجر الأدنى لإعالة أسرهم.. متعاقدون مع وزارة الشباب والرياضة يطالبون بوضع حد لتشغيلهم الهش

 

تونس- الصباح

فتح قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد مؤخرا بإنهاء العمل الهش وكل أشكال المناولة باب الأمل أمام المتعاقدين بأجور زهيدة والذين يعانون من وضعية مادية صعبة ومن وضعية مهنية غير قارة. ومن بين هؤلاء مجموعة من المتعاقدين مع وزارة الشباب والرياضة بالأجر الأدنى المضمون لمختلف المهن غير الفلاحية.

فقد ظل هؤلاء ينتظرون تسوية وضعياتهم منذ سنوات وتحديدا منذ سنة 2015 التي غيرت فيها الوزارة عقودهم من عقود عرضية (انضموا للوزارة قبل أحداث جانفي 2011) الى عقود بالأجر الأدنى المضمون لمختلف المهن غير الفلاحية، على أساس انه سيتم إيجاد حل لهم في اقرب وقت، وذلك وفق ما أكده لنا أحد أفراد هذه المجموعة والمتحدث باسمها نجيب حفصي، في تصريح حول الموضوع. وأضاف محدثنا بأن أجر كل واحد فيهم بمقتضى هذه العقود لا يتجاوز 429 دينارا في حين أنهم يعملون بنظام 48 ساعة في الأسبوع. وأوضح نفس المتحدث أنه كان من المفروض أن تتم تسوية وضعيته وزملائه بعد سنة واحدة، كل حسب شهادته، من تغيير الصيغة المتعاقدين بها مع الوزارة (في 2015) وتسوية الوضعية بالنسبة له تعني التنظير والترسيم، لكن ملفهم ظل يراوح مكانه ومرت الأشهر ومرت الأعوام وظلت الوضعية الرديئة على حالها وفق نجيب حفصي الذي قال إن المتعاقدين مع وزارة الشباب والرياضة كان عددهم في البداية حوالي 300 متعاقد أو أكثر بقليل قبل أن يتقلص العدد لأسباب عديدة.

 

غادروا قبل أن تسوى وضعياتهم

فمنهم من ترك الشغل بسبب المرض ومنهم من أدرك سن الشيخوخة وغادر العمل قبل أن تسوى وضعيته وهو يحصل على جراية ضعيفة جدا، ومنهم من غادر هذه الدنيا، ومنهم من هاجر أصلا، وفق نفس المصدر، الذي عبر في الأثناء عن حزن عميق لما آل إليه وضع مجموعة المتعاقدين الذين مازالوا رغم غلاء المعيشة  يحصلون على نفس الأجر الزهيد. هؤلاء ومن من بينهم من تجاوز عمره اليوم خمسين سنة ومن بينهم من يحمل شهادات جامعية عليا – دكتوراه مثلا – واغلبهم مسؤولون على أسر، لا يستطيعون توفير أبسط الحاجيات لهم ولأسرهم بسبب وضعهم التشغيلي الهش. وهؤلاء موزعون اليوم بكامل ولايات الجمهورية ويعملون بدور الشباب والمندوبيات الجهوية للشباب والرياضة وفي مراكز إقامة الشباب وغيرها ويعملون كما سبق وذكرنا بنظام 48 ساعة في الأسبوع.

 

وعود وتعهدات لم يقع الالتزام بها

وفي إجابة حول تفاعل الإدارة مع مطالبهم، أوضح محدثنا انه لم ينفك مع زملائه عن تقديم المطالب بتسوية وضعيتهم وأنهم توجهوا بمطالب في الغرض لوزارة الشباب والرياضة ولرئاسة الحكومة ولرئاسة الجمهورية، على أمل أن تتم الاستجابة أخيرا لهم لان كل الآليات الأخرى– الآلية 16 و21 والحضائر- قد تمت تسوية وضعياتهم وفق محدثنا في حين ظلت وضعيتهم هم  عالقة.

وقد شدد محدثنا على أن الأمل الوحيد له ولزملائه هو الاستجابة لمطالبهم وتسوية وضعياتهم لأنهم قد دخلوا منذ سنين طويلة- منذ ما قبل الثورة وفق كلماته- في مسار مهني معين ولم يعد بإمكانهم تغيير هذا المسار، وحتى باب الوظيفة العمومية قد أغلق أمام من تجاوز من بينهم السن القانونية المسموح بها، موضحا انه رغم انه تمت مماطلتهم عدة مرات من قبل ورغم التعهدات التي لم تصدق وطمأنتهم بالقول "إن ملفهم يطبخ على نار هادئة" دون أن يظفروا بشيء، إلا أنهم لم يفقدوا الأمل في تسوية الوضعية. وهو يعتبر أن قرار رئيس الجمهورية بشان وضع حد للتشغيل الهش قد فتح أبواب الأمل أمام كل من عانى طويلا من وضعية مهنية هشة وغير عادلة، لكنه يشير الى أنه لم يصله هو وزملاءه الى اليوم أي رد من كل الجهات المسؤولة التي راسلوها من أجل توضيح مصيرهم.

التسوية المؤجلة منذ سنوات

ويشدد محدثنا على انه وزملاءه في وضع صعب جدا في حين أنه كان من المفروض أن يكون قد تم حل الإشكال منذ سنوات. وهو يذكّر بان ملف انتدابهم كان جاهزا  للتسوية منذ 2015ِ  وأنه كان من المفروض بعد موافقة وزير الشباب والرياضة ورئيس الحكومة آنذاك وأيضا بعد موافقة المسؤول على المؤسسات التي وقع إلحاقهم بها، ان تقع التسوية بعد سنة واحدة من التعهد بالملف في التاريخ المذكور. لكن طال الأمد وظلت الوضيعة عالقة الى اليوم.

ولدى اتصالنا بمصدر من وزارة الشباب والرياضة حول الموضوع، علمنا أن الوزارة تواصلت مع الهيئة العامة للوظيفة العمومية حول تسوية وضعية المجموعة المتعاقدة بالأجر الأدنى المضمون للمهن غير الفلاحية وهي في انتظار ردها حول المسألة.

وذكّر مصدرنا من الوزارة بـ"أن الأمر يتعلق بوضعية 258 عونا متعاقدين بنظام الأجر الأدنى المضمون، كانوا عملة عرضيين لبعض الوقت بالمؤسسات الشبابية ويتقاضون معدل أجور يتراوح بين 50 و150 د، تمت تسوية وضعيتهم في شهر مارس 2015 كعملة "سميغ" (الأجر الأدنى المضمون) يتقاضون 430 د شهريا ويتمتعون بالتغطية الاجتماعية، ثمّ طالبوا بترسيمهم أو تنظيرهم بالعملة المرسمين من حيث التأجير وتمت مراسلة الهيئة العامة للوظيفة العمومية لتسوية وضعياتهم، وكانت الإجابة بأنه توجد آلاف الوضعيات المماثلة بعدة وزارات ولا يمكن استثناء وزارة الشباب والرياضة بإجراء خاص، كما أن هذه الوضعية هي إحدى نقاط محضر اتفاق 6 فيفري 2021، بين رئاسة الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، والذي لم يفعّل بعد".

وأضاف المصدر "انه بعد تصريح السيد رئيس الجمهورية بضرورة القطع مع التشغيل الهش، تمّت مراسلة المصالح المعنية حول الموضوع مرة أخرى في 29 فيفري 2024، ونحن في انتظار الرد."

وللتذكير، فإن رئيس الجمهورية قيس سعيد كان قد أعلن في اجتماعه برئيس الحكومة احمد الحشاني في قصر الجمهورية بقرطاج، بتاريخ 14 فيفري المنقضي عن" ضرورة وضع حدّ لما يسمى بالمناولة" التي قال عنها إنها "عبودية مقنّعة واتجار بعرق العمال وتكاد ترتقي إلى مرتبة الاتجار بالبشر." وشدد في نفس الاجتماع على رفض "آليات التشغيل الهش" التي  قال عنها: "لا تقبل بها دولة تقوم في سياساتها على تحقيق العدل والإنصاف" وذلك قبل أن تصدر رئاسة الحكومة بلاغا بتاريخ 25 فيفري تعلن فيه انه "تقرر تحجير إبرام عقود مناولة جديدة بالقطاع العمومي وإلغاء كافة التدابير المعمول بها في المجال". وقد فتحت هذه القرارات فعلا باب الأمل أمام العديد من الأجراء الذين يشتغلون في ظروف صعبة خاصة ضمن آلية المناولة التي يكون فيها الأجير طرفا ثالثا مع كل من  الشركة الأصلية وشركة المناولة التي "تسخر" عمالا وفق الطلب دون أن تكون هناك ضمانات كافية للعمال لحماية حقوقهم وأساسا توفير أجور جيدة وظروف عمل ملائمة.

وقد اعتمدت تونس خاصة في السنوات التي تلت إحداث 14 جانفي 2011  على آليات تشغيل هشة من بينها المناولة، في محاولة لامتصاص البطالة المتصاعدة في البلاد قبل أن يتبين أن هذه الآليات مجرد حلول ترقيعية  وبطالة مقنّعة في اغلب الحالات.

حياة السايب

يتقاضون الأجر الأدنى لإعالة أسرهم..   متعاقدون مع وزارة الشباب والرياضة يطالبون بوضع حد لتشغيلهم الهش

 

تونس- الصباح

فتح قرار رئيس الجمهورية قيس سعيد مؤخرا بإنهاء العمل الهش وكل أشكال المناولة باب الأمل أمام المتعاقدين بأجور زهيدة والذين يعانون من وضعية مادية صعبة ومن وضعية مهنية غير قارة. ومن بين هؤلاء مجموعة من المتعاقدين مع وزارة الشباب والرياضة بالأجر الأدنى المضمون لمختلف المهن غير الفلاحية.

فقد ظل هؤلاء ينتظرون تسوية وضعياتهم منذ سنوات وتحديدا منذ سنة 2015 التي غيرت فيها الوزارة عقودهم من عقود عرضية (انضموا للوزارة قبل أحداث جانفي 2011) الى عقود بالأجر الأدنى المضمون لمختلف المهن غير الفلاحية، على أساس انه سيتم إيجاد حل لهم في اقرب وقت، وذلك وفق ما أكده لنا أحد أفراد هذه المجموعة والمتحدث باسمها نجيب حفصي، في تصريح حول الموضوع. وأضاف محدثنا بأن أجر كل واحد فيهم بمقتضى هذه العقود لا يتجاوز 429 دينارا في حين أنهم يعملون بنظام 48 ساعة في الأسبوع. وأوضح نفس المتحدث أنه كان من المفروض أن تتم تسوية وضعيته وزملائه بعد سنة واحدة، كل حسب شهادته، من تغيير الصيغة المتعاقدين بها مع الوزارة (في 2015) وتسوية الوضعية بالنسبة له تعني التنظير والترسيم، لكن ملفهم ظل يراوح مكانه ومرت الأشهر ومرت الأعوام وظلت الوضعية الرديئة على حالها وفق نجيب حفصي الذي قال إن المتعاقدين مع وزارة الشباب والرياضة كان عددهم في البداية حوالي 300 متعاقد أو أكثر بقليل قبل أن يتقلص العدد لأسباب عديدة.

 

غادروا قبل أن تسوى وضعياتهم

فمنهم من ترك الشغل بسبب المرض ومنهم من أدرك سن الشيخوخة وغادر العمل قبل أن تسوى وضعيته وهو يحصل على جراية ضعيفة جدا، ومنهم من غادر هذه الدنيا، ومنهم من هاجر أصلا، وفق نفس المصدر، الذي عبر في الأثناء عن حزن عميق لما آل إليه وضع مجموعة المتعاقدين الذين مازالوا رغم غلاء المعيشة  يحصلون على نفس الأجر الزهيد. هؤلاء ومن من بينهم من تجاوز عمره اليوم خمسين سنة ومن بينهم من يحمل شهادات جامعية عليا – دكتوراه مثلا – واغلبهم مسؤولون على أسر، لا يستطيعون توفير أبسط الحاجيات لهم ولأسرهم بسبب وضعهم التشغيلي الهش. وهؤلاء موزعون اليوم بكامل ولايات الجمهورية ويعملون بدور الشباب والمندوبيات الجهوية للشباب والرياضة وفي مراكز إقامة الشباب وغيرها ويعملون كما سبق وذكرنا بنظام 48 ساعة في الأسبوع.

 

وعود وتعهدات لم يقع الالتزام بها

وفي إجابة حول تفاعل الإدارة مع مطالبهم، أوضح محدثنا انه لم ينفك مع زملائه عن تقديم المطالب بتسوية وضعيتهم وأنهم توجهوا بمطالب في الغرض لوزارة الشباب والرياضة ولرئاسة الحكومة ولرئاسة الجمهورية، على أمل أن تتم الاستجابة أخيرا لهم لان كل الآليات الأخرى– الآلية 16 و21 والحضائر- قد تمت تسوية وضعياتهم وفق محدثنا في حين ظلت وضعيتهم هم  عالقة.

وقد شدد محدثنا على أن الأمل الوحيد له ولزملائه هو الاستجابة لمطالبهم وتسوية وضعياتهم لأنهم قد دخلوا منذ سنين طويلة- منذ ما قبل الثورة وفق كلماته- في مسار مهني معين ولم يعد بإمكانهم تغيير هذا المسار، وحتى باب الوظيفة العمومية قد أغلق أمام من تجاوز من بينهم السن القانونية المسموح بها، موضحا انه رغم انه تمت مماطلتهم عدة مرات من قبل ورغم التعهدات التي لم تصدق وطمأنتهم بالقول "إن ملفهم يطبخ على نار هادئة" دون أن يظفروا بشيء، إلا أنهم لم يفقدوا الأمل في تسوية الوضعية. وهو يعتبر أن قرار رئيس الجمهورية بشان وضع حد للتشغيل الهش قد فتح أبواب الأمل أمام كل من عانى طويلا من وضعية مهنية هشة وغير عادلة، لكنه يشير الى أنه لم يصله هو وزملاءه الى اليوم أي رد من كل الجهات المسؤولة التي راسلوها من أجل توضيح مصيرهم.

التسوية المؤجلة منذ سنوات

ويشدد محدثنا على انه وزملاءه في وضع صعب جدا في حين أنه كان من المفروض أن يكون قد تم حل الإشكال منذ سنوات. وهو يذكّر بان ملف انتدابهم كان جاهزا  للتسوية منذ 2015ِ  وأنه كان من المفروض بعد موافقة وزير الشباب والرياضة ورئيس الحكومة آنذاك وأيضا بعد موافقة المسؤول على المؤسسات التي وقع إلحاقهم بها، ان تقع التسوية بعد سنة واحدة من التعهد بالملف في التاريخ المذكور. لكن طال الأمد وظلت الوضيعة عالقة الى اليوم.

ولدى اتصالنا بمصدر من وزارة الشباب والرياضة حول الموضوع، علمنا أن الوزارة تواصلت مع الهيئة العامة للوظيفة العمومية حول تسوية وضعية المجموعة المتعاقدة بالأجر الأدنى المضمون للمهن غير الفلاحية وهي في انتظار ردها حول المسألة.

وذكّر مصدرنا من الوزارة بـ"أن الأمر يتعلق بوضعية 258 عونا متعاقدين بنظام الأجر الأدنى المضمون، كانوا عملة عرضيين لبعض الوقت بالمؤسسات الشبابية ويتقاضون معدل أجور يتراوح بين 50 و150 د، تمت تسوية وضعيتهم في شهر مارس 2015 كعملة "سميغ" (الأجر الأدنى المضمون) يتقاضون 430 د شهريا ويتمتعون بالتغطية الاجتماعية، ثمّ طالبوا بترسيمهم أو تنظيرهم بالعملة المرسمين من حيث التأجير وتمت مراسلة الهيئة العامة للوظيفة العمومية لتسوية وضعياتهم، وكانت الإجابة بأنه توجد آلاف الوضعيات المماثلة بعدة وزارات ولا يمكن استثناء وزارة الشباب والرياضة بإجراء خاص، كما أن هذه الوضعية هي إحدى نقاط محضر اتفاق 6 فيفري 2021، بين رئاسة الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل، والذي لم يفعّل بعد".

وأضاف المصدر "انه بعد تصريح السيد رئيس الجمهورية بضرورة القطع مع التشغيل الهش، تمّت مراسلة المصالح المعنية حول الموضوع مرة أخرى في 29 فيفري 2024، ونحن في انتظار الرد."

وللتذكير، فإن رئيس الجمهورية قيس سعيد كان قد أعلن في اجتماعه برئيس الحكومة احمد الحشاني في قصر الجمهورية بقرطاج، بتاريخ 14 فيفري المنقضي عن" ضرورة وضع حدّ لما يسمى بالمناولة" التي قال عنها إنها "عبودية مقنّعة واتجار بعرق العمال وتكاد ترتقي إلى مرتبة الاتجار بالبشر." وشدد في نفس الاجتماع على رفض "آليات التشغيل الهش" التي  قال عنها: "لا تقبل بها دولة تقوم في سياساتها على تحقيق العدل والإنصاف" وذلك قبل أن تصدر رئاسة الحكومة بلاغا بتاريخ 25 فيفري تعلن فيه انه "تقرر تحجير إبرام عقود مناولة جديدة بالقطاع العمومي وإلغاء كافة التدابير المعمول بها في المجال". وقد فتحت هذه القرارات فعلا باب الأمل أمام العديد من الأجراء الذين يشتغلون في ظروف صعبة خاصة ضمن آلية المناولة التي يكون فيها الأجير طرفا ثالثا مع كل من  الشركة الأصلية وشركة المناولة التي "تسخر" عمالا وفق الطلب دون أن تكون هناك ضمانات كافية للعمال لحماية حقوقهم وأساسا توفير أجور جيدة وظروف عمل ملائمة.

وقد اعتمدت تونس خاصة في السنوات التي تلت إحداث 14 جانفي 2011  على آليات تشغيل هشة من بينها المناولة، في محاولة لامتصاص البطالة المتصاعدة في البلاد قبل أن يتبين أن هذه الآليات مجرد حلول ترقيعية  وبطالة مقنّعة في اغلب الحالات.

حياة السايب

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews