إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد إسقاط مشروع صندوق قطر للتنمية.. الأجندات السياسية تدق باب برلمان "غير متحزب"

 

تونس – الصباح

كان مشروع القانون الأساسي حول اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس، محل جدل واسع وقراءات مختلفة ومواقف متباينة والحملة التي عرفها سواء قبل عرضه على الجلسة العامة للنقاش أو بعد الجلسة التي أفضت نتائجها إلى عدم حصول مشروع القانون على النصاب القانوني من أصوات النواب بما يخول مروره للتفعيل والتنفيذ، فاختلط الذاتي والموضوعي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، في التفاعل مع هذه المسألة.

ولعل ما شد الانتباه في مختلف هذه المواقف والقراءات هو الخلفيات السياسية المتحكمة والموجهة لها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة أن هذا القانون محل الجدل، تم عرضه من قبل رئاسة الجمهورية ثم أن الفصل الثامن والستين من دستور 2022 ينص على أنه "لرئيس الجمهورية حق عرض مشاريع القوانين.. ولمشاريع رئيس الجمهورية أولويّة النّظر".

ويذكر أن عدة جهات أكدت في تقييمها لعمل البرلمان بعد عام من انطلاق عمله، وذلك قبيل منتصف مارس الجاري بيومين، قد بينت أن مجلس النواب صادق على 36 قانونا أي بالموافقة بنسبة 97 % من المقترحات المقدمة من قبل رئاسة الجمهورية من بينها القانون المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للدواء والمواد الصحية والقانون المتعلق بالموافقة على مذكرة التفاهم بين تونس والكيبيك في مادة الضمان الاجتماعي.

في المقابل لم يكن مشروع القانون المتعلق بصندوق قطر للتنمية هو مشروع القانون الوحيد الذي تم إسقاطه ورفضه من قبل النواب في البرلمان بل سبق أن تم رفض مشروع قانون عدد 02/2023 والمتعلّق بتنقيح المرسوم عدد 121 لسنة 2011 المتعلق بالمؤسسات العمومية للعمل الثقافي في نوفمبر الماضي.

إذ ذهب البعض في قراءته لمسألة عرض مشروع القانون محور الجدل الأخير على الجلسة العامة بقبة باردو ليس أولوية خاصة أن النسخة المعروضة تقريبا هي نفسها النسخة التي تم عرضها على برلمان 2019 ولم يتم تمرير القانون من قبل النواب أيضا، خاصة أن نفس مشروع القانون لاقى رفضا واسعا في الأوساط السياسية والمدنية على اعتبار أنه في النسخة التي تم عرضها فيها مس من السيادة الوطنية ويشكل خطرا كبيرا على القرار الوطني إذا ما تم تمريره، وذلك نظرا لتعدد مجال تدخل هذه الاتفاقية باعتبار أن القانون يشمل قطاعات كالصحة والتعليم والتربية والفلاحة ويعطي امتيازات هامة للصندوق كحق امتلاك الأراضي الفلاحية وحق اختيار موظفيه دون أن يكون للدولة التونسية إمكانية إجراء أي شكل من أشكال الرقابة أو التدخل في هذا الاختيار كما لا يمكنها اتخاذ أي إجراءات تشريعية أو ترتيبية من شأنها أن تعيق المشاريع التنموية التي يساهم الصندوق في تمويلها.

 فيما رأى البعض الآخر أن تصويت 51 نائبا في البرلمان يؤكد أن المعارضة للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد موجودة بقوة داخل قبة البرلمان وتدلي بدلوها في القرارات وتوجيه الرأيين الخاص والعام.

ودعا البعض الآخر رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية تحديدا بما في ذلك رئاسة الحكومة إلى العمل على مراجعة طريقتها في التعاطي مع الوظيفة التشريعية وذلك عبر العمل على تقوية حزام برلماني داعم لها داخل قبة البرلمان بما يساهم في تيسير مهامها وعملها ويضع حدا لأي محاولة للمعارضة للتسلسل والتنفذ داخل المؤسسة التشريعية.

وتجدر الإشارة إلى أن نفس مشروع القانون لاقى رفضا من قبل 39 نائبا فيما احتفظ 25 نائبا بأصواتهم علما وأنّ الجلسة حضرتها وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، التي أكدت أنّ القانون لا يمس بأيّ شكل من الأشكال بالسيادة الوطنية لتونس وأنه سيدفع الاستثمار والمشاريع التنموية.

 أمين عام حزب مسار 25 جويلية لـ"الصباح":لهذا البرلمان "أنقذ" الدولة

أعتبر محمود بن مبروك، أمين حزب مسار 25 جويلية أن عدم تمرير مشروع القانون المتعلق بصندوق قطر للتنمية لا يمكن أن يخلق أزمة بين رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية على نحو ما يذهب إلى ذلك البعض وفسر ذلك في حديثه لـ"الصباح" بقوله: "صحيح أن مشروع هذا القانون جاء من رئاسة الجمهورية وكل المشاريع التي ترد من رئاسة الجمهورية على البرلمان تحظى بأولوية النظر، ولكن ليس بالضرورة أن يتم الموافقة عليها وتمريرها من قبل النواب دون إبداء الرأي فيها ومناقشتها وإدلاء المؤسسة التشريعية بدلوها فيها".

ورغم تأكيده على أهمية مثل هذه الاتفاقية نظرا للدور الذي يمكن أن تلعبه في مجال التنمية والاقتصاد والاستثمار أن المكتب السياسي لحزب مسار 25 جويلية يرفضها ويدعم مواقف النواب وغيرهم من الشق الدافع لعدم تمريرها في شكلها الحالي، لأنه يعتبر أن مشروع القانون في حاجة إلى المراجعة بما يحفظ السيادة الوطنية والمصلحة الوطنية أيضا.

كما اعتبر محدثنا أن رفض البرلمان لمشروع قانون وارد على مكتب البرلمان من رئاستي الجمهورية أو الحكومة  يبين أن البرلمان سيد نفسه وليس مجرد وظيفة في يد رئاسة الجمهورية كما يذهب إلى ذلك البعض وفق تقدير محمود بن مبروك. بل يذهب في تفسيره لذلك بقوله:"رفض النواب لمشروع هذا القانون على أهميته وحساستيته، يؤكد للجميع أن هناك مناخا ديمقراطيا في بلادنا وأن النواب لا يتلقون أوامر من أي جهة بما في ذلك رئاسة الجمهورية، وأن المصلحة الوطنية والموضوعية في تناول مشاريع القوانين هي بوصلة نسبة كبيرة منهم".

وأضاف قائلا: "أعتقد أن موقف البرلمان تجاه مشروع قانون الاتفاقية هذه قد حرر سعيد والدولة من الضغوط التي مورست عليها في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي مرت بها بلادنا وعدم التوصل إلى اتفاق مع المانحين الدوليين للقروض وأعني صندوق النقد الدولي. لتواصل بذلك بلادنا التخلي تماما عن فكرة التعامل مع الصناديق المفخخة وتمضي في المراهنة على الدعم والعلاقات الثنائية والإقليمية في إيجاد الحلول للمشاكل الاقتصادية في هذه المرحلة في انتظار اتضاح الرؤيا حول البرامج الكبرى للدولة وإيجاد اتفاقيات أخرى أكثر فائدة للتنمية والاقتصاد والاستثمار".    

 

 نزيهة الغضباني

بعد إسقاط مشروع صندوق قطر للتنمية..   الأجندات السياسية تدق باب برلمان "غير متحزب"

 

تونس – الصباح

كان مشروع القانون الأساسي حول اتفاقية مقر بين حكومة الجمهورية التونسية وصندوق قطر للتنمية حول فتح مكتب لصندوق قطر للتنمية بتونس، محل جدل واسع وقراءات مختلفة ومواقف متباينة والحملة التي عرفها سواء قبل عرضه على الجلسة العامة للنقاش أو بعد الجلسة التي أفضت نتائجها إلى عدم حصول مشروع القانون على النصاب القانوني من أصوات النواب بما يخول مروره للتفعيل والتنفيذ، فاختلط الذاتي والموضوعي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي، في التفاعل مع هذه المسألة.

ولعل ما شد الانتباه في مختلف هذه المواقف والقراءات هو الخلفيات السياسية المتحكمة والموجهة لها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، خاصة أن هذا القانون محل الجدل، تم عرضه من قبل رئاسة الجمهورية ثم أن الفصل الثامن والستين من دستور 2022 ينص على أنه "لرئيس الجمهورية حق عرض مشاريع القوانين.. ولمشاريع رئيس الجمهورية أولويّة النّظر".

ويذكر أن عدة جهات أكدت في تقييمها لعمل البرلمان بعد عام من انطلاق عمله، وذلك قبيل منتصف مارس الجاري بيومين، قد بينت أن مجلس النواب صادق على 36 قانونا أي بالموافقة بنسبة 97 % من المقترحات المقدمة من قبل رئاسة الجمهورية من بينها القانون المتعلق بإحداث الوكالة الوطنية للدواء والمواد الصحية والقانون المتعلق بالموافقة على مذكرة التفاهم بين تونس والكيبيك في مادة الضمان الاجتماعي.

في المقابل لم يكن مشروع القانون المتعلق بصندوق قطر للتنمية هو مشروع القانون الوحيد الذي تم إسقاطه ورفضه من قبل النواب في البرلمان بل سبق أن تم رفض مشروع قانون عدد 02/2023 والمتعلّق بتنقيح المرسوم عدد 121 لسنة 2011 المتعلق بالمؤسسات العمومية للعمل الثقافي في نوفمبر الماضي.

إذ ذهب البعض في قراءته لمسألة عرض مشروع القانون محور الجدل الأخير على الجلسة العامة بقبة باردو ليس أولوية خاصة أن النسخة المعروضة تقريبا هي نفسها النسخة التي تم عرضها على برلمان 2019 ولم يتم تمرير القانون من قبل النواب أيضا، خاصة أن نفس مشروع القانون لاقى رفضا واسعا في الأوساط السياسية والمدنية على اعتبار أنه في النسخة التي تم عرضها فيها مس من السيادة الوطنية ويشكل خطرا كبيرا على القرار الوطني إذا ما تم تمريره، وذلك نظرا لتعدد مجال تدخل هذه الاتفاقية باعتبار أن القانون يشمل قطاعات كالصحة والتعليم والتربية والفلاحة ويعطي امتيازات هامة للصندوق كحق امتلاك الأراضي الفلاحية وحق اختيار موظفيه دون أن يكون للدولة التونسية إمكانية إجراء أي شكل من أشكال الرقابة أو التدخل في هذا الاختيار كما لا يمكنها اتخاذ أي إجراءات تشريعية أو ترتيبية من شأنها أن تعيق المشاريع التنموية التي يساهم الصندوق في تمويلها.

 فيما رأى البعض الآخر أن تصويت 51 نائبا في البرلمان يؤكد أن المعارضة للمسار الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد موجودة بقوة داخل قبة البرلمان وتدلي بدلوها في القرارات وتوجيه الرأيين الخاص والعام.

ودعا البعض الآخر رئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية تحديدا بما في ذلك رئاسة الحكومة إلى العمل على مراجعة طريقتها في التعاطي مع الوظيفة التشريعية وذلك عبر العمل على تقوية حزام برلماني داعم لها داخل قبة البرلمان بما يساهم في تيسير مهامها وعملها ويضع حدا لأي محاولة للمعارضة للتسلسل والتنفذ داخل المؤسسة التشريعية.

وتجدر الإشارة إلى أن نفس مشروع القانون لاقى رفضا من قبل 39 نائبا فيما احتفظ 25 نائبا بأصواتهم علما وأنّ الجلسة حضرتها وزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، التي أكدت أنّ القانون لا يمس بأيّ شكل من الأشكال بالسيادة الوطنية لتونس وأنه سيدفع الاستثمار والمشاريع التنموية.

 أمين عام حزب مسار 25 جويلية لـ"الصباح":لهذا البرلمان "أنقذ" الدولة

أعتبر محمود بن مبروك، أمين حزب مسار 25 جويلية أن عدم تمرير مشروع القانون المتعلق بصندوق قطر للتنمية لا يمكن أن يخلق أزمة بين رئاسة البرلمان ورئاسة الجمهورية على نحو ما يذهب إلى ذلك البعض وفسر ذلك في حديثه لـ"الصباح" بقوله: "صحيح أن مشروع هذا القانون جاء من رئاسة الجمهورية وكل المشاريع التي ترد من رئاسة الجمهورية على البرلمان تحظى بأولوية النظر، ولكن ليس بالضرورة أن يتم الموافقة عليها وتمريرها من قبل النواب دون إبداء الرأي فيها ومناقشتها وإدلاء المؤسسة التشريعية بدلوها فيها".

ورغم تأكيده على أهمية مثل هذه الاتفاقية نظرا للدور الذي يمكن أن تلعبه في مجال التنمية والاقتصاد والاستثمار أن المكتب السياسي لحزب مسار 25 جويلية يرفضها ويدعم مواقف النواب وغيرهم من الشق الدافع لعدم تمريرها في شكلها الحالي، لأنه يعتبر أن مشروع القانون في حاجة إلى المراجعة بما يحفظ السيادة الوطنية والمصلحة الوطنية أيضا.

كما اعتبر محدثنا أن رفض البرلمان لمشروع قانون وارد على مكتب البرلمان من رئاستي الجمهورية أو الحكومة  يبين أن البرلمان سيد نفسه وليس مجرد وظيفة في يد رئاسة الجمهورية كما يذهب إلى ذلك البعض وفق تقدير محمود بن مبروك. بل يذهب في تفسيره لذلك بقوله:"رفض النواب لمشروع هذا القانون على أهميته وحساستيته، يؤكد للجميع أن هناك مناخا ديمقراطيا في بلادنا وأن النواب لا يتلقون أوامر من أي جهة بما في ذلك رئاسة الجمهورية، وأن المصلحة الوطنية والموضوعية في تناول مشاريع القوانين هي بوصلة نسبة كبيرة منهم".

وأضاف قائلا: "أعتقد أن موقف البرلمان تجاه مشروع قانون الاتفاقية هذه قد حرر سعيد والدولة من الضغوط التي مورست عليها في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي مرت بها بلادنا وعدم التوصل إلى اتفاق مع المانحين الدوليين للقروض وأعني صندوق النقد الدولي. لتواصل بذلك بلادنا التخلي تماما عن فكرة التعامل مع الصناديق المفخخة وتمضي في المراهنة على الدعم والعلاقات الثنائية والإقليمية في إيجاد الحلول للمشاكل الاقتصادية في هذه المرحلة في انتظار اتضاح الرؤيا حول البرامج الكبرى للدولة وإيجاد اتفاقيات أخرى أكثر فائدة للتنمية والاقتصاد والاستثمار".    

 

 نزيهة الغضباني

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews