أصبحت كلمة "سجن " حاضرة بقوة في خطابنا السياسي الراهن، كحلّ ليس فقط للتصدّي للجريمة بل كذلك في سياق "خيار" سياسي ردعي لوضع حدّ لكلّ أشكال ومظاهر الفساد والتسيّب والفوضى الخ..
- السجن اليوم للمعارضين الذين اتّهموا بـ"جرائم" التآمر.
- السجن للمحتكرين والمتلاعبين بقوت الشعب.
- السجن لمن نهبوا ثروات البلاد.
- السجن لرجال الأعمال الذين تعلقت بهم قضايا ولم ينخرطوا في الصلح.
- السجن بمقتضى مرسوم عدد 54.
- السجن للمدير وللمعلمة بعد حادثة بين تلميذين.
- السجن لمن تورّط في موقف أو تدوينة أغضبت المسؤول، ولنا في وزير الشؤون الدينية مثال !.
لكن يبقى السّؤال مطروحا بما هو موصول بكيفية معاقبة مدى الجريمة؟ وكيف يتم تحديد عقوبة تتناسب مع الخطأ المرتكب؟ وهل كل "الجرائم" والاخلالات عقوبتها السجن؟ .
إن السجن كرد فعل منهجي وتلقائي على الجنح والجريمة يشير إلى أن الحرمان الكامل من الحرية وحده، كذلك الاستبعاد وتقليص نمط الحياة إلى الحد الأدنى، أي المعاناة التي يتم فرضها في المقابل، هي التي يمكن أن تفعل ذلك تحت عنوان الانتصار لعدالة ما !!!.
بينما في تقدير موقف عديد الخبراء يمكن معالجة الكثير من التجاوزات وحتى الجرائم بعقوبات بديلة أقلّ صدمة على مرتكبيها .
إنّ الدراسات تثبت بقدر ما يكون السجن الحلّ الأمثل للمجرمين الذين يشكّلون خطورة على المجتمع بقدر ما يدمّر حياة أبرياء الذين غالبا ما يصابون بـ“متلازمة ما بعد السجن”، حيث يطورون سمات شخصية مؤسسية مرتبكة كعدم الثقة في الآخرين وصعوبات في العلاقات واتخاذ القرارات والعودة للتكيف مع الحياة الجديدة .
للتاريخ فانَ شخصية تونسية كانت سباقة وصاحبة أول مبادرة في العالم العربي بإحداث مؤسسة في شكل جمعية لإعادة تأهيل المساجين من النساء والرجال، هذه الشخصية هي السيد حمادي بن سدرين الذي تمكّن من توفير موارد رزق لآلاف المساجين بعد تكوينهم في حرفة ما وتوفير الإمكانات والتجهيزات ورأس مال شخصي لهم للعودة للحياة العامة .
كان طموح السيد بن سدرين أن يتمكن المساجين من استكمال حياتهم دون جريمة، من خلال التدريب على صعيد الممارسات العلاجية الروحية والجسدية، وكذلك المهارات المهنية المتنوعة.
من المفارقة أن أولى القرارات التي اتخذها من حكموا بعد الثورة حلّ هذه الجمعية ومصادرة كلّ ما تملك، لأنهم يريدون أن يحتكروا وحدهم هذه الخدمة والتي من المؤسف لم يقوموا بها.
من باب الأمانة لابدّ من الإشارة إلى ما تقوم به اليوم الهيئة العامة للسجون والإصلاح من إعداد برامج إصلاحية لفائدة المساجين تتمثل في عمليات تأهيل مهني واجتماعي ونفساني وثقافي تختتم بإجراء اختبارات مهنية وإسناد شهائد من قبل الهياكل الوطنية للتكوين.
في تقدير موقف، إنّ إنهاء "آلية" السجن للأحكام التي تقل مدتها عن سنة واحدة وإمكانية قضاء فترة خارج السجن، أو إنشاء سجون مفتوحة للسجناء عند انتهاء مدة محكوميتهم ترتقي إلى نوع من التدابير المهمة لإعطاء معنى إنساني للعقوبة .
إذا كانت الحرّية ضعيفة التسليح فعلينا تسليحها ليس بالسجون بل بقوة الإرادة.
نحن أحرار بمقدار ما يكون غيرنا أحراراً.
لان الحرّية هي الشيء الوحيد الذي يجعل الناس يشبهون أنفسهم.
يرويها: أبو بكر الصغير
أصبحت كلمة "سجن " حاضرة بقوة في خطابنا السياسي الراهن، كحلّ ليس فقط للتصدّي للجريمة بل كذلك في سياق "خيار" سياسي ردعي لوضع حدّ لكلّ أشكال ومظاهر الفساد والتسيّب والفوضى الخ..
- السجن اليوم للمعارضين الذين اتّهموا بـ"جرائم" التآمر.
- السجن للمحتكرين والمتلاعبين بقوت الشعب.
- السجن لمن نهبوا ثروات البلاد.
- السجن لرجال الأعمال الذين تعلقت بهم قضايا ولم ينخرطوا في الصلح.
- السجن بمقتضى مرسوم عدد 54.
- السجن للمدير وللمعلمة بعد حادثة بين تلميذين.
- السجن لمن تورّط في موقف أو تدوينة أغضبت المسؤول، ولنا في وزير الشؤون الدينية مثال !.
لكن يبقى السّؤال مطروحا بما هو موصول بكيفية معاقبة مدى الجريمة؟ وكيف يتم تحديد عقوبة تتناسب مع الخطأ المرتكب؟ وهل كل "الجرائم" والاخلالات عقوبتها السجن؟ .
إن السجن كرد فعل منهجي وتلقائي على الجنح والجريمة يشير إلى أن الحرمان الكامل من الحرية وحده، كذلك الاستبعاد وتقليص نمط الحياة إلى الحد الأدنى، أي المعاناة التي يتم فرضها في المقابل، هي التي يمكن أن تفعل ذلك تحت عنوان الانتصار لعدالة ما !!!.
بينما في تقدير موقف عديد الخبراء يمكن معالجة الكثير من التجاوزات وحتى الجرائم بعقوبات بديلة أقلّ صدمة على مرتكبيها .
إنّ الدراسات تثبت بقدر ما يكون السجن الحلّ الأمثل للمجرمين الذين يشكّلون خطورة على المجتمع بقدر ما يدمّر حياة أبرياء الذين غالبا ما يصابون بـ“متلازمة ما بعد السجن”، حيث يطورون سمات شخصية مؤسسية مرتبكة كعدم الثقة في الآخرين وصعوبات في العلاقات واتخاذ القرارات والعودة للتكيف مع الحياة الجديدة .
للتاريخ فانَ شخصية تونسية كانت سباقة وصاحبة أول مبادرة في العالم العربي بإحداث مؤسسة في شكل جمعية لإعادة تأهيل المساجين من النساء والرجال، هذه الشخصية هي السيد حمادي بن سدرين الذي تمكّن من توفير موارد رزق لآلاف المساجين بعد تكوينهم في حرفة ما وتوفير الإمكانات والتجهيزات ورأس مال شخصي لهم للعودة للحياة العامة .
كان طموح السيد بن سدرين أن يتمكن المساجين من استكمال حياتهم دون جريمة، من خلال التدريب على صعيد الممارسات العلاجية الروحية والجسدية، وكذلك المهارات المهنية المتنوعة.
من المفارقة أن أولى القرارات التي اتخذها من حكموا بعد الثورة حلّ هذه الجمعية ومصادرة كلّ ما تملك، لأنهم يريدون أن يحتكروا وحدهم هذه الخدمة والتي من المؤسف لم يقوموا بها.
من باب الأمانة لابدّ من الإشارة إلى ما تقوم به اليوم الهيئة العامة للسجون والإصلاح من إعداد برامج إصلاحية لفائدة المساجين تتمثل في عمليات تأهيل مهني واجتماعي ونفساني وثقافي تختتم بإجراء اختبارات مهنية وإسناد شهائد من قبل الهياكل الوطنية للتكوين.
في تقدير موقف، إنّ إنهاء "آلية" السجن للأحكام التي تقل مدتها عن سنة واحدة وإمكانية قضاء فترة خارج السجن، أو إنشاء سجون مفتوحة للسجناء عند انتهاء مدة محكوميتهم ترتقي إلى نوع من التدابير المهمة لإعطاء معنى إنساني للعقوبة .
إذا كانت الحرّية ضعيفة التسليح فعلينا تسليحها ليس بالسجون بل بقوة الإرادة.
نحن أحرار بمقدار ما يكون غيرنا أحراراً.
لان الحرّية هي الشيء الوحيد الذي يجعل الناس يشبهون أنفسهم.