إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

استفادت من الأطر العالمية لحماية البيئة.. هل تلتزم تونس بقرار التخلص من البلاستيك في 2024...؟

 

تونس – الصباح

تتحرك تونس على أكثر من مستوى من اجل تنفيذ إستراتيجيتها الوطنية للانتقال الايكولوجي التي وقعت المصادقة عليها في ربيع 2023  وهي من الدول الأولى التي تسارع بإمضاء  الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المنظمة للجهود من اجل مقاومة آثار التغييرات المناخية في العالم. وقد شاركت بلادنا في الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة التي انعقدت في العاصمة الكينية نيروبي من 26 فيفري المنقضي إلى غاية أمس غرة مارس الجاري، من خلال وفد رسمي ترأسته وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي المهداوي.

وجمعية الأمم المتحدة للبيئة التي تأسست في 2012 هي أعلى هيئة لصنع القرار في العالم بشأن قضايا البيئة وتعتبر "برلمانا عالميا" خاصا بالبيئة تهدف إلى "المساعدة في استعادة الانسجام بين الناس والطبيعة"، وفق ما هو منصوص عليه رسميا حول الموضوع. وتنعقد الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للبيئة مرة كل عامين للتفاوض حول القضايا البيئية التي تشغل العالم وقد اهتمت الدورة الأخيرة بقضية تمويل الإجراءات البيئية وتنفيذ اتفاقية كونمينغ - مونتريال. وللإشارة فإن الدول النامية قد أصرت في مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ  الأخيرة على ضرورة أن تتحمل الدول المتقدمة جزءا من الأعباء التي تواجهها في علاقة مع مشاكل البيئة بما أنها، أي الدول  الكبرى المتسببة أكثر من غيرها في التلوث وطالبت بصندوق خاص يقع تمويله باستمرار لتنفيذ البرامج المقترحة على مستوى الأقطار..

وتعتبر اتفاقية  كونمينغ - مونتريال إطارا عالميا للبرامج والمبادرات من اجل الحفاظ على التنوع البيولوجي للسنوات القادمة (أفق 2030) وهي من مخرجات مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي لسنة 2022. وقد سمي الإطار على اسم مدينتين، كونمينغ بالصين، التي كان من المقرر أن تكون المدينة المستضيفة لمؤتمر الأطراف "COP15" في أكتوبر 2020، لكنه تم تأجيله بسبب تفشي فيروس كورونا حينذاك، ومدينة مونريال الكندية التي هي  مقر اتفاقية التنوع البيولوجي.

 وقد حلت اتفاقية كونمينغ – مونريال  محل اتفاقية "أيشي"- باليابان-  للتنوع البيولوجي التي انتهى العمل بها في 2020 (انطلقت مع 2011) واجمع الخبراء على أنها لم تحقق أهدافا كثيرة. وتونس موقعة على الاتفاقيتين وموجودة تقريبا في كل المبادرات الدولية، مما يعني أنها مشتركة في الجهود العالمية من اجل مواجهة التحديات الناجمة عن التغييرات المناخية الحادة.  وواضح أن بلادنا لا تفوت فرصة للاستفادة مما يوفره  هذا الإطار العالمي من فرص وإمكانيات وحوافز وامتيازات تمنح للدول التي تظهر حماسا للدفاع عن البيئة. وهذا أمر جيد ويحسب للدولة التونسية ولوزارة البيئة بالخصوص ولو أن البيئة هي قضية مجتمع بأكمله، لكن الأهم من ذلك أن تنعكس هذه الجهود على الواقع.

 وللتذكير فإن كل البلدان التي تشتغل ضمن الإطار العالمي للحفاظ على البيئة ملزمة بتحيين قوانينها وخاصة إعداد استراتيجيات تمكن من تحقيق نقلة نوعية في مستوى التعامل مع البيئة. وتونس واعية بذلك وتتصرف على هذا الأساس ويتنزل وضع إستراتيجية وطنية للانتقال الايكولوجي في بلادنا  في هذا الإطار وهي تهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف وقع  توزيعها وفق  خمسة محاور وهي الحوكمة والتمويل والتنوع البيولوجي ومقاومة التصحر والمتغيرات المناخية ومواجهة الكوارث الطبيعية والحد من التلوث والتثقيف والتوعية. وقد تعددت المبادرات منذ بداية العام الجاري للتعريف بها على نطاق واسع داخل البلاد وخارجها.

وإذ  نعتبر أن بلادنا  قد توفقت إلى حد كبير في فرض حضورها في المواعيد الدولية الهامة من اجل البيئة  وهي تجتهد  من  اجل  حشد أكثر ما  يمكن من الدعم  المادي واللوجستي من اجل التنمية المستدامة، لكن يبقى السؤال كما ذكرنا، أي انعكاس لذلك على مستوى الواقع؟

هناك طبعا العديد من المؤشرات التي يمكن أن ننطلق منها لمحاولة الإجابة عن هذا السؤال وأولها سياسة التصرف في النفايات المنزلية والمشابهة. وهنا لا يمكن أن نكون متفائلين جدا. فتونس كما هو واضح لم تهتد لحل لهذا الموضوع الذي يمثل تحديا كبيرا للبلاد ويمكن ملاحظة الأمر بالعين المجرّدة. فبلادنا التي أعلنت العام الماضي عاما للنظافة وتتواصل المبادرة هذا العام هي ابعد ما تكون عن النظافة. فالمظهر العام للبلاد بداية من أعقاب السجائر المرمية في كل مكان والأوساخ في الشوارع والأنهج والأزقة، لا يوحي بان النظافة من أهم الأولويات. وتونس لم تتخلص من النقاط السوداء  حيث تتكدس الفضلات وتخلف روائح كريهة كما أنها عادة ما تكون مرتعا للحيوانات الضالة، بل يمكن القول أن عدد هذه النقاط والمصبات العشوائية قد ارتفع مما يجعلنا نعتبر حديث  وزارة البيئة عن مدن نظيفة رغم بعض  حملات التنظيف التي يتم تنظيمها من حين لآخر، وحديثها أيضا عن المرور لعملية  الانتقاء للنفايات، متفائل جدا رغم إقرارنا بأن من حق بلادنا علينا أن نحافظ على نظافة كل شبر فيها.

ونطرح في هذا السياق سؤالا من وحي برنامج الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة التي شاركت فيها تونس، هل هناك استعداد في البلاد  للتخلي عن البلاستيك؟ ونطرح السؤال لأنه من المفروض أن يصدر عن جمعية الأمم المتحدة للبيئة قرار ملزم لجميع الدول المنضوية تحت رايتها للتخلي عن مادة البلاستيك في عام 2024 الجاري.

وعن قصة البلاستيك في تونس حدث ولا حرج.  صحيح لم تعد المغازات تمنح أكياس البلاستيك للحرفاء تطبيقا لقرار من السلط المختصة في الغرض لكن الأكياس لم تختف وهي تمنح اليوم بمقابل ولا شيء يؤكد أن عدد الأكياس البلاستيكية المستخدمة في المغازات قد انخفض ولا شيء يوحي بان الأكياس البديلة التي تمنحها المغازات للحرفاء بمقابل مادي – زاد في إثقال كاهل المواطن- تحترم البيئة. المخابز ومحلات المرطبات بدورها لم تعد تمنح الأكياس البلاستيكية بشكل آلي واستبدل بعضها هذه الأكياس باخرى مرسكلة لكن أيضا بمقابل مادي ليس بخسا، مما يدفع على التساؤل هل على المواطن أن يتحمل تبعات مثل هذه القرارات؟

ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أن بعض المخابز ومحلات المرطبات لم تتخل تماما عن الأكياس البلاستيكية. هي لم تعد  توفرها مجانا للخبز  لكن توفرها آليا ومجانا عندما يتعلق الأمر بالمعجنات مثلا. وعموما تعتبر مادة البلاستيك منتشرة جدا في البلاد رغم كل القرارات ويكفي ملاحظة بعض الشواطئ حتى ندرك انه على الدولة أن تكثف من مجهوداتها وعليها بالخصوص أن تكون أكثر "إبداعا" في ابتكار  الحلول الناجعة لهذا المشكل. فالمسالة لا تقبل التأجيل ومن خلالها يقع تقدير مدى التزام بلادنا  بقرارات الهياكل الدولية الراعية للبيئة التي تتفاعل معها تونس بقوة وتسعى إلى الاستفادة من دعمها ومنحها وبرامج الشراكة معها وكل الفرص التي توفرها.

حياة السايب 

استفادت من الأطر العالمية لحماية البيئة..   هل تلتزم تونس بقرار التخلص من البلاستيك في 2024...؟

 

تونس – الصباح

تتحرك تونس على أكثر من مستوى من اجل تنفيذ إستراتيجيتها الوطنية للانتقال الايكولوجي التي وقعت المصادقة عليها في ربيع 2023  وهي من الدول الأولى التي تسارع بإمضاء  الاتفاقيات والمعاهدات الدولية المنظمة للجهود من اجل مقاومة آثار التغييرات المناخية في العالم. وقد شاركت بلادنا في الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة التي انعقدت في العاصمة الكينية نيروبي من 26 فيفري المنقضي إلى غاية أمس غرة مارس الجاري، من خلال وفد رسمي ترأسته وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي المهداوي.

وجمعية الأمم المتحدة للبيئة التي تأسست في 2012 هي أعلى هيئة لصنع القرار في العالم بشأن قضايا البيئة وتعتبر "برلمانا عالميا" خاصا بالبيئة تهدف إلى "المساعدة في استعادة الانسجام بين الناس والطبيعة"، وفق ما هو منصوص عليه رسميا حول الموضوع. وتنعقد الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة للبيئة مرة كل عامين للتفاوض حول القضايا البيئية التي تشغل العالم وقد اهتمت الدورة الأخيرة بقضية تمويل الإجراءات البيئية وتنفيذ اتفاقية كونمينغ - مونتريال. وللإشارة فإن الدول النامية قد أصرت في مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ  الأخيرة على ضرورة أن تتحمل الدول المتقدمة جزءا من الأعباء التي تواجهها في علاقة مع مشاكل البيئة بما أنها، أي الدول  الكبرى المتسببة أكثر من غيرها في التلوث وطالبت بصندوق خاص يقع تمويله باستمرار لتنفيذ البرامج المقترحة على مستوى الأقطار..

وتعتبر اتفاقية  كونمينغ - مونتريال إطارا عالميا للبرامج والمبادرات من اجل الحفاظ على التنوع البيولوجي للسنوات القادمة (أفق 2030) وهي من مخرجات مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي لسنة 2022. وقد سمي الإطار على اسم مدينتين، كونمينغ بالصين، التي كان من المقرر أن تكون المدينة المستضيفة لمؤتمر الأطراف "COP15" في أكتوبر 2020، لكنه تم تأجيله بسبب تفشي فيروس كورونا حينذاك، ومدينة مونريال الكندية التي هي  مقر اتفاقية التنوع البيولوجي.

 وقد حلت اتفاقية كونمينغ – مونريال  محل اتفاقية "أيشي"- باليابان-  للتنوع البيولوجي التي انتهى العمل بها في 2020 (انطلقت مع 2011) واجمع الخبراء على أنها لم تحقق أهدافا كثيرة. وتونس موقعة على الاتفاقيتين وموجودة تقريبا في كل المبادرات الدولية، مما يعني أنها مشتركة في الجهود العالمية من اجل مواجهة التحديات الناجمة عن التغييرات المناخية الحادة.  وواضح أن بلادنا لا تفوت فرصة للاستفادة مما يوفره  هذا الإطار العالمي من فرص وإمكانيات وحوافز وامتيازات تمنح للدول التي تظهر حماسا للدفاع عن البيئة. وهذا أمر جيد ويحسب للدولة التونسية ولوزارة البيئة بالخصوص ولو أن البيئة هي قضية مجتمع بأكمله، لكن الأهم من ذلك أن تنعكس هذه الجهود على الواقع.

 وللتذكير فإن كل البلدان التي تشتغل ضمن الإطار العالمي للحفاظ على البيئة ملزمة بتحيين قوانينها وخاصة إعداد استراتيجيات تمكن من تحقيق نقلة نوعية في مستوى التعامل مع البيئة. وتونس واعية بذلك وتتصرف على هذا الأساس ويتنزل وضع إستراتيجية وطنية للانتقال الايكولوجي في بلادنا  في هذا الإطار وهي تهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف وقع  توزيعها وفق  خمسة محاور وهي الحوكمة والتمويل والتنوع البيولوجي ومقاومة التصحر والمتغيرات المناخية ومواجهة الكوارث الطبيعية والحد من التلوث والتثقيف والتوعية. وقد تعددت المبادرات منذ بداية العام الجاري للتعريف بها على نطاق واسع داخل البلاد وخارجها.

وإذ  نعتبر أن بلادنا  قد توفقت إلى حد كبير في فرض حضورها في المواعيد الدولية الهامة من اجل البيئة  وهي تجتهد  من  اجل  حشد أكثر ما  يمكن من الدعم  المادي واللوجستي من اجل التنمية المستدامة، لكن يبقى السؤال كما ذكرنا، أي انعكاس لذلك على مستوى الواقع؟

هناك طبعا العديد من المؤشرات التي يمكن أن ننطلق منها لمحاولة الإجابة عن هذا السؤال وأولها سياسة التصرف في النفايات المنزلية والمشابهة. وهنا لا يمكن أن نكون متفائلين جدا. فتونس كما هو واضح لم تهتد لحل لهذا الموضوع الذي يمثل تحديا كبيرا للبلاد ويمكن ملاحظة الأمر بالعين المجرّدة. فبلادنا التي أعلنت العام الماضي عاما للنظافة وتتواصل المبادرة هذا العام هي ابعد ما تكون عن النظافة. فالمظهر العام للبلاد بداية من أعقاب السجائر المرمية في كل مكان والأوساخ في الشوارع والأنهج والأزقة، لا يوحي بان النظافة من أهم الأولويات. وتونس لم تتخلص من النقاط السوداء  حيث تتكدس الفضلات وتخلف روائح كريهة كما أنها عادة ما تكون مرتعا للحيوانات الضالة، بل يمكن القول أن عدد هذه النقاط والمصبات العشوائية قد ارتفع مما يجعلنا نعتبر حديث  وزارة البيئة عن مدن نظيفة رغم بعض  حملات التنظيف التي يتم تنظيمها من حين لآخر، وحديثها أيضا عن المرور لعملية  الانتقاء للنفايات، متفائل جدا رغم إقرارنا بأن من حق بلادنا علينا أن نحافظ على نظافة كل شبر فيها.

ونطرح في هذا السياق سؤالا من وحي برنامج الدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة التي شاركت فيها تونس، هل هناك استعداد في البلاد  للتخلي عن البلاستيك؟ ونطرح السؤال لأنه من المفروض أن يصدر عن جمعية الأمم المتحدة للبيئة قرار ملزم لجميع الدول المنضوية تحت رايتها للتخلي عن مادة البلاستيك في عام 2024 الجاري.

وعن قصة البلاستيك في تونس حدث ولا حرج.  صحيح لم تعد المغازات تمنح أكياس البلاستيك للحرفاء تطبيقا لقرار من السلط المختصة في الغرض لكن الأكياس لم تختف وهي تمنح اليوم بمقابل ولا شيء يؤكد أن عدد الأكياس البلاستيكية المستخدمة في المغازات قد انخفض ولا شيء يوحي بان الأكياس البديلة التي تمنحها المغازات للحرفاء بمقابل مادي – زاد في إثقال كاهل المواطن- تحترم البيئة. المخابز ومحلات المرطبات بدورها لم تعد تمنح الأكياس البلاستيكية بشكل آلي واستبدل بعضها هذه الأكياس باخرى مرسكلة لكن أيضا بمقابل مادي ليس بخسا، مما يدفع على التساؤل هل على المواطن أن يتحمل تبعات مثل هذه القرارات؟

ولا بد من الإشارة في هذا السياق إلى أن بعض المخابز ومحلات المرطبات لم تتخل تماما عن الأكياس البلاستيكية. هي لم تعد  توفرها مجانا للخبز  لكن توفرها آليا ومجانا عندما يتعلق الأمر بالمعجنات مثلا. وعموما تعتبر مادة البلاستيك منتشرة جدا في البلاد رغم كل القرارات ويكفي ملاحظة بعض الشواطئ حتى ندرك انه على الدولة أن تكثف من مجهوداتها وعليها بالخصوص أن تكون أكثر "إبداعا" في ابتكار  الحلول الناجعة لهذا المشكل. فالمسالة لا تقبل التأجيل ومن خلالها يقع تقدير مدى التزام بلادنا  بقرارات الهياكل الدولية الراعية للبيئة التي تتفاعل معها تونس بقوة وتسعى إلى الاستفادة من دعمها ومنحها وبرامج الشراكة معها وكل الفرص التي توفرها.

حياة السايب