رئيس النقابة الوطنية للفلاحين لـ"الصباح":"لا يمكن أن نتحدث الآن على أنّ الموسم الفلاحي قد تمّ إنقاذه رغم ما نسجّله من ايجابيات نتيجة تهاطل الأمطار الأخيرة".
تونس – الصباح
لا تزال مسألة وضعية المياه في تونس محور اهتمام الجميع من سلط رسمية وخبراء ومكونات المجتمع المدني والفلاحين وأيضا كل التونسيين باعتبار أن الشحّ المائي الذي تمرّ به البلاد أثّر أيّما تأثير على الحياة اليومية خاصة في ما يتعلق بتواصل انقطاع المياه الصالحة للشرب في أغلب جهات الجمهورية التونسية.
وقد عاشت تونس في الأسبوع المنقضي على وقع نزول الغيث النافع ما ساهم في ارتفاع منسوب السدود، لكن يبقى تقييم هذه النسب خاضع لأراء أهل الاختصاص في المجال الفلاحي أو الطقس أو التغيرات المناخية.
إيمان عبد اللطيف
وقدّرت نسبة ارتفاع مستوى المياه بالسدود بـ 34،2 بالمائة من إجمالي قدرتها خلال الفترة الفاصلة بين غرّة سبتمبر 2023 إلى 21 فيفري 2024 بمخزونات قدّرت بـ791،9 مليون متر مكعب، وفق معطيات نشرها المرصد الوطني للفلاحة في الأيام الأخيرة.
فأفاد المرصد أنّه إلى تاريخ 15 فيفري 2024 بلغت إيرادات السدود 455،8 مليون متر مكعب وهي في تراجع ملحوظ مقارنة بالمعدل المسجل خلال السنوات الأخيرة (1051،5 مليون متر مكعب). ويذكر أنّ 95 بالمائة من هذه المياه توفرها سدود الشمال في حين أن مياه سدود الوسط والوطن القبلي لا تمثل على التوالي سوى 4 بالمائة و0،6 بالمائة.
والجدير بالذكر أنّ الإيرادات من المياه خلال هذه الفترة هي أهم ممّا سجل قبل ذلك بسنة (259 مليون متر مكعب). وللإشارة فإنّ مستوى التعبئة هو متغيّر من سد إلى آخر. فبلغت نسبة امتلاء سد سيدي سالم 36 بالمائة من قدرته في حين أن مستوى تعبئة سدي سجنان وسيدي سعد بلغت على التوالي 29 بالمائة و23 بالمائة. وفي ما يتعلّق بسد بوهرتمة وجومين فقد قدرت نسبة الامتلاء على التوالي بـ56 بالمائة و26 بالمائة.
وأشار المرصد الوطني للفلاحة إلى تراجع كميّات الأمطار بالبلاد خلال الأشهر الأربعة الأخيرة لتقدر بـ84،5 مليمتر مقابل معدل في حدود 144،5 مليمتر خلال السنوات المنقضية وهو ما يظهر عجزا في الأمطار يتراوح بين 27 بالمائة و68 بالمائة بحسب المناطق.
وفق هذه المعطيات هل يمكن القول أن وضعية المياه في تونس قد أصبح مطمئنا خاصة في ما يخص الموسم الفلاحي؟
أوضح رئيس النقابة التونسية للفلاحين الضاوي الميداني في تصريح لـ"الصباح" أنّه "لا يمكن أن نتحدث الآن على أنّ الموسم الفلاحي قد تمّ إنقاذه رغم ما نسجّله من ايجابيات نتيجة تهاطل الأمطار الأخيرة".
وأضاف "من المهم عند الحديث عن هذه الأمطار وتسجيل تزايد في منسوب المياه السدود أن نؤكد أن النسب المعلن عنها تهمّ أكثر المناطق الشمالية ولكن بالوسط والجنوب فالوضعية مختلفة تماما".
وقال الميداني "نريد أن نكون إيجابيين ولكن يجب أن نكون أيضا واقعيين. فصحيح أنّ هناك مؤشرات إيجابية ولكن حاليا انعكاساتها ستكون أكثر على الشمال بفضل السدود الكبيرة المتواجدة بكل من جندوبة وبوسالم وباجة، وبالتالي لا يمكن تعميم تحسن هذه الوضعية بسدود على الجنوب والوسط، التي وإن ارتفع منسوبها قليلا، ولكنها تبقى غير مطمئنة باعتبار أن هذه الجات تتميز بالزراعات السقوية".
وبيّن الميداني الضاوي أنّ "المؤشرات إلى حد الآن بخصوص الأمطار في الشمال تُعد إيجابية ولكن لا يمكن القول بأننا أمّنا الصابة الفلاحية باعتبار أننا مازلنا في شهر فيفري ولا يمكن القول بأنها آمنة إلى في حدود أول ومنتصف شهر جوان القادم".
في ذات التوجه فإن العديد من الخبراء في الطقس والمناخ، على غرار الأستاذ المبرز في الجغرافيا والخبير في الطقس والمناخ عامر بحبة الذي أكّد أنّ وضعية المياه في تونس لا تزال غير مطمئنة والحديث عن تحسّن الوضعية سيكون بناء على كمية الأمطار التي من المؤمل أن تنزل خلال الأشهر القليلة القادمة .
وأوضح بحبة في تصريح لـ"جوهرة أف أم" أنّ نسبة امتلاء السدود في الشمال بلغت 40,1 بالمائة وفي الوسط 11,9 بالمائة أما في الوطن القبلي فبلغت 8,6 بالمائة، لافتًا إلى أن "الفترة القادمة ستشهد نزول كميات هامة من الأمطار التي ستساهم بشكل إيجابي في وضعية السدود بشكل عام".
في سياق متّصل، وبخصوص تداعيات التغيرات المناخية على تونس، كان وزير الفلاحة والصيد البحري عبد المنعم بلعاتي قد أكّد في العديد من المناسبات أنّ تونس غير مسؤولة عن هذه التغيرات قائلا :"نحن نعيش في واقع جديد والوقت غير الوقت. ومع الأسف لسنا نحن المسؤولين عن هذا التغير في المناخ. بل تنعكس علينا هذه السلبيات جميعها وبالتالي الدول التي تسبب في ذلك مدعوة لتحمل مسؤوليتها في هذا المجال عمليا وليس نظريا، لأنه منذ خمس سنوات تم تخصيص مبلغ مالي قيمته 100 مليار دولار لتوفيرها للدول المتضررة من جراء هذا التغير المناخي ولكن الأمر بقي حبرا على ورق".
وفقا لذلك كان نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فريد بلحاج، قد أكّد "أن كلفة عدم التحرك المناخي في تونس، التي قدرها البنك بقيمة 54 مليار دولار في أفق 2050، تقيم الدليل على أن التغيرات المناخية تشكل تهديدا مباشرا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بالبلاد".
وأضاف بلحاج في تصريح إعلامي على هامش ندوة خصصت، يوم الجمعة 23 فيفري 2024، لتقديم تقرير البنك الدولي حول "المناخ والتنمية" والصادر في نوفمبر 2023، أنه يجب أن تحصل تونس على التمويلات الضرورية لمجابهة هذه الظاهرة في شكل هبات باعتبار أن تأثر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تدفع كلفة مرتفعة، ضئيل.
ودعا بلحاج في هذا الصدد، مزيد انفتاح بلدان الشمال التي تعهدت بمنح 100 مليار دولار سنويا للبلدان النامية، لمساعدتها على مجابهة تأثيرات التغيرات المناخية.
وذكر أن البنك الدولي التزم، في السنوات الأخيرة، بمساعدة البلدان التي تحتاج دعما بالنظر إلى تأثيرات تغيرات المناخ على الأمن الغذائي وأنه سيواصل تدخلاته. وكشف في هذا السياق، أن تونس ستستفيد خلال الأيام القادمة بدعم من البنك الدولي في هذا الاتجاه، والذي ستتم مناقشته ضمن مجلس الإدارة يوم 14 مارس 2024.
رئيس النقابة الوطنية للفلاحين لـ"الصباح":"لا يمكن أن نتحدث الآن على أنّ الموسم الفلاحي قد تمّ إنقاذه رغم ما نسجّله من ايجابيات نتيجة تهاطل الأمطار الأخيرة".
تونس – الصباح
لا تزال مسألة وضعية المياه في تونس محور اهتمام الجميع من سلط رسمية وخبراء ومكونات المجتمع المدني والفلاحين وأيضا كل التونسيين باعتبار أن الشحّ المائي الذي تمرّ به البلاد أثّر أيّما تأثير على الحياة اليومية خاصة في ما يتعلق بتواصل انقطاع المياه الصالحة للشرب في أغلب جهات الجمهورية التونسية.
وقد عاشت تونس في الأسبوع المنقضي على وقع نزول الغيث النافع ما ساهم في ارتفاع منسوب السدود، لكن يبقى تقييم هذه النسب خاضع لأراء أهل الاختصاص في المجال الفلاحي أو الطقس أو التغيرات المناخية.
إيمان عبد اللطيف
وقدّرت نسبة ارتفاع مستوى المياه بالسدود بـ 34،2 بالمائة من إجمالي قدرتها خلال الفترة الفاصلة بين غرّة سبتمبر 2023 إلى 21 فيفري 2024 بمخزونات قدّرت بـ791،9 مليون متر مكعب، وفق معطيات نشرها المرصد الوطني للفلاحة في الأيام الأخيرة.
فأفاد المرصد أنّه إلى تاريخ 15 فيفري 2024 بلغت إيرادات السدود 455،8 مليون متر مكعب وهي في تراجع ملحوظ مقارنة بالمعدل المسجل خلال السنوات الأخيرة (1051،5 مليون متر مكعب). ويذكر أنّ 95 بالمائة من هذه المياه توفرها سدود الشمال في حين أن مياه سدود الوسط والوطن القبلي لا تمثل على التوالي سوى 4 بالمائة و0،6 بالمائة.
والجدير بالذكر أنّ الإيرادات من المياه خلال هذه الفترة هي أهم ممّا سجل قبل ذلك بسنة (259 مليون متر مكعب). وللإشارة فإنّ مستوى التعبئة هو متغيّر من سد إلى آخر. فبلغت نسبة امتلاء سد سيدي سالم 36 بالمائة من قدرته في حين أن مستوى تعبئة سدي سجنان وسيدي سعد بلغت على التوالي 29 بالمائة و23 بالمائة. وفي ما يتعلّق بسد بوهرتمة وجومين فقد قدرت نسبة الامتلاء على التوالي بـ56 بالمائة و26 بالمائة.
وأشار المرصد الوطني للفلاحة إلى تراجع كميّات الأمطار بالبلاد خلال الأشهر الأربعة الأخيرة لتقدر بـ84،5 مليمتر مقابل معدل في حدود 144،5 مليمتر خلال السنوات المنقضية وهو ما يظهر عجزا في الأمطار يتراوح بين 27 بالمائة و68 بالمائة بحسب المناطق.
وفق هذه المعطيات هل يمكن القول أن وضعية المياه في تونس قد أصبح مطمئنا خاصة في ما يخص الموسم الفلاحي؟
أوضح رئيس النقابة التونسية للفلاحين الضاوي الميداني في تصريح لـ"الصباح" أنّه "لا يمكن أن نتحدث الآن على أنّ الموسم الفلاحي قد تمّ إنقاذه رغم ما نسجّله من ايجابيات نتيجة تهاطل الأمطار الأخيرة".
وأضاف "من المهم عند الحديث عن هذه الأمطار وتسجيل تزايد في منسوب المياه السدود أن نؤكد أن النسب المعلن عنها تهمّ أكثر المناطق الشمالية ولكن بالوسط والجنوب فالوضعية مختلفة تماما".
وقال الميداني "نريد أن نكون إيجابيين ولكن يجب أن نكون أيضا واقعيين. فصحيح أنّ هناك مؤشرات إيجابية ولكن حاليا انعكاساتها ستكون أكثر على الشمال بفضل السدود الكبيرة المتواجدة بكل من جندوبة وبوسالم وباجة، وبالتالي لا يمكن تعميم تحسن هذه الوضعية بسدود على الجنوب والوسط، التي وإن ارتفع منسوبها قليلا، ولكنها تبقى غير مطمئنة باعتبار أن هذه الجات تتميز بالزراعات السقوية".
وبيّن الميداني الضاوي أنّ "المؤشرات إلى حد الآن بخصوص الأمطار في الشمال تُعد إيجابية ولكن لا يمكن القول بأننا أمّنا الصابة الفلاحية باعتبار أننا مازلنا في شهر فيفري ولا يمكن القول بأنها آمنة إلى في حدود أول ومنتصف شهر جوان القادم".
في ذات التوجه فإن العديد من الخبراء في الطقس والمناخ، على غرار الأستاذ المبرز في الجغرافيا والخبير في الطقس والمناخ عامر بحبة الذي أكّد أنّ وضعية المياه في تونس لا تزال غير مطمئنة والحديث عن تحسّن الوضعية سيكون بناء على كمية الأمطار التي من المؤمل أن تنزل خلال الأشهر القليلة القادمة .
وأوضح بحبة في تصريح لـ"جوهرة أف أم" أنّ نسبة امتلاء السدود في الشمال بلغت 40,1 بالمائة وفي الوسط 11,9 بالمائة أما في الوطن القبلي فبلغت 8,6 بالمائة، لافتًا إلى أن "الفترة القادمة ستشهد نزول كميات هامة من الأمطار التي ستساهم بشكل إيجابي في وضعية السدود بشكل عام".
في سياق متّصل، وبخصوص تداعيات التغيرات المناخية على تونس، كان وزير الفلاحة والصيد البحري عبد المنعم بلعاتي قد أكّد في العديد من المناسبات أنّ تونس غير مسؤولة عن هذه التغيرات قائلا :"نحن نعيش في واقع جديد والوقت غير الوقت. ومع الأسف لسنا نحن المسؤولين عن هذا التغير في المناخ. بل تنعكس علينا هذه السلبيات جميعها وبالتالي الدول التي تسبب في ذلك مدعوة لتحمل مسؤوليتها في هذا المجال عمليا وليس نظريا، لأنه منذ خمس سنوات تم تخصيص مبلغ مالي قيمته 100 مليار دولار لتوفيرها للدول المتضررة من جراء هذا التغير المناخي ولكن الأمر بقي حبرا على ورق".
وفقا لذلك كان نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فريد بلحاج، قد أكّد "أن كلفة عدم التحرك المناخي في تونس، التي قدرها البنك بقيمة 54 مليار دولار في أفق 2050، تقيم الدليل على أن التغيرات المناخية تشكل تهديدا مباشرا للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بالبلاد".
وأضاف بلحاج في تصريح إعلامي على هامش ندوة خصصت، يوم الجمعة 23 فيفري 2024، لتقديم تقرير البنك الدولي حول "المناخ والتنمية" والصادر في نوفمبر 2023، أنه يجب أن تحصل تونس على التمويلات الضرورية لمجابهة هذه الظاهرة في شكل هبات باعتبار أن تأثر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تدفع كلفة مرتفعة، ضئيل.
ودعا بلحاج في هذا الصدد، مزيد انفتاح بلدان الشمال التي تعهدت بمنح 100 مليار دولار سنويا للبلدان النامية، لمساعدتها على مجابهة تأثيرات التغيرات المناخية.
وذكر أن البنك الدولي التزم، في السنوات الأخيرة، بمساعدة البلدان التي تحتاج دعما بالنظر إلى تأثيرات تغيرات المناخ على الأمن الغذائي وأنه سيواصل تدخلاته. وكشف في هذا السياق، أن تونس ستستفيد خلال الأيام القادمة بدعم من البنك الدولي في هذا الاتجاه، والذي ستتم مناقشته ضمن مجلس الإدارة يوم 14 مارس 2024.