- آليات حماية الطفولة نافعة لكنها غير كافية وقد يكون من الأفضل مراجعة القوانين لتحميل مسؤولية أكبر للأولياء
تونس-الصباح
القضيّة تعود إلى سنة 2021، لكن الحكم صدر مؤخرا وهو بدون مبالغة حدث تاريخي غير مسبوق. فقد أدانت محكمة أمريكية والدة تلميذ مراهق عمد إلى فتح النّار على زملائه في معهده بالميتشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية، فتسبب في قتل أربعة وإصابة مجموعة أخرى وذلك رغم عدم مشاركتها المباشرة في الجريمة. وقد اعتبرت المحكمة أن الوالدة تتحمل مسؤولية قانونية في السلوك الإجرامي لإبنها المراهق لذلك فقد إدانتها بشكل مباشر وثبتت عليها تهمة ارتكاب جريمة القتل غير العمد.
وبقطع النّظر عن القرائن التي اعتمدت عليها المحكمة ومن بينها عدم انتباه الوالدين للسّلوك العدواني للطفل المراهق مستندة في ذلك إلى مذكراته وذاكرة هاتفه النقّال وفق ما ذكرته الصحافة العالمية حول الموضوع، فإن الحكم غير المسبوق الذي أصدرته محكمة جهة "اوكلاند" يعتبر مهما ويمكن أن تكون له تبعات مهمة.
فقد شهدت الولايات المتحدة العديد من الحوادث المماثلة في عدة من الجهات ولكن لم يسبق أن صدر حكما مماثلا وهو ما يجعله يعتبر سابقة أولى حقيقية في الولايات المتحدة الأمريكية وربما خارجها. فإلى حد علمنا أن المذنب هو الذي يتحمل المسؤولية والقاعدة في القانون الجنائي تقول بأنه لا يمكن لشخص أن يتحمل مسؤولية ذنب ارتكبه شخص آخر ولا يتم إدانة أحد إلا إذا كانت له صلة مباشرة بالجريمة وتحققت عناصرها. ربما يحدث أن يتحمّل شخص آخر الذنب إذا ما عجزت المحكمة مثلا عن إدانة مرتكب الذنب الحقيقي لكن يبقى هذا استثناء لا يعوض القاعدة.
وما يهمّنا في قضية الحال هو أن المحكمة قد رأت أن الوالدة قد تسببت في تدمير حياة ابنها وفي إيقاعه لضحايا أبرياء لأنها لم توليه العناية التي يستحق وهو ما يجرّنا إلى القول أنه يحدث وليس فقط في الولايات المتحدة صاحبة هذا السبق القانوني، بل حتى في بلداننا أن تدمر عائلات أبناءها دون أن يتحملوا المسؤولية القانونية التي من المفروض أن تترتب عن ذلك.
فليس ذنب الطفل مثلا أن ينشأ في بيت غير مستقرّا ومدمرا للأعصاب بسبب الخلافات بين الوالدين أو بسبب انفصالهما. وليس ذنب الطفل أن يعيش أكثر وقته في الشارع في حين أنه من المفروض أن يخضع لرقابة الوالدين، ثم يتساءل الأولياء عن سبب سلوكه العنيف والمنحرف أحيانا. وليس ذنب الطفل أن يعيش في ظل عائلة غير واعية بقيمة التعليم والتكوين ثم تتساءل عن فشله المدرسي وخروجه المبكر من المدرسة. وليس ذنب الطفل أن ينشأ في عائلة تعاني من الفقر ولم توفر له أبسط أسباب العيش. وليس ذنب الطفل ان ينشأ في عائلة ليس لها وقت للعناية به أي كانت الأسباب مادية أو معنوية.
طبعا هناك دائما أسبابا للتخفيف ولكن عموما، يستسهل الناس وأساسا ببلداننا فكرة إنجاب أطفال وبناء أسرة وقد لا نجانب الصواب عندما نقول أن هناك أسرا تدمر حياة أبنائها لقلة وعيها أو بكل بساطة لعدم استعداد الأبوين لتحمل المسؤولية. ربما هناك مسؤولية أخلاقية مؤكدة تجاه الأطفال والشباب الذين لم يحالفهم الحظ في المدرسة أو لم يحظوا بتكوين ملائم فوجدوا أنفسهم في حالة ضياع، وعددهم دون شك ليس بالقليل، لكن من يتحمل المسؤولية القانونية المترتبة عن ذلك؟
تتحمل الدولة طبعا جانبا من المسؤولية ويتحمل المجتمع ككل جانبا كبيرا من هذه المسؤولية.
فالدولة توفر الآليات لحماية الأطفال والمراهقين ولدينا في تونس مثلا آليات لحماية الطفولة من بينها مندوب الطفولة تحت إشراف وزارة المرأة والأسرة الموجود تقريبا في كل الجهات والذي يتدخل في صورة وجود عنف وعند تعرض الطفل للخطر، لكن لا يمكنه التدخل في كل الحالات وخاصة عند تجاهل حقوق الطفل من العائلة ومن بينها حقه في التعليم. صحيح أن التعليم في تونس وجوبي لكن لا شيء يجبر الأولياء على الامتثال للقانون. المشرّع في تونس حرص مثلا على ضمان حد ادني من الزاد التعليمي لأبنائنا إذ يمنع مثلا طرد التلميذ قبل بلوغ سن معينة ( عادة إلى 16 سنة) لكن من يعيد التلميذ إلى قاعات الدرس ومن يوفر له على الأقل تكوينا مهنيا إذا تخلت الأسرة عن دورها؟
عموما إن المشرع مهما كان فطنا ومهما عددت الدولة من الإجراءات الحمائية، ونقرّ في هذا الباب أن بلادنا تقوم بمجهودات كبيرة من أجل حماية الأسرة وذلك لان جيل المؤسسين للدولة الحديثة فهموا جيدا أن الأسرة هي العمود الفقري للمجتمع، وقد ربحت البلاد بذلك ثقافة جيدّة في الاعتناء بالأسرة وحمايتها قانونيا، فإن دوره يبقى منقوصا، بل نلاحظ مع الأعوام، تراكم المشاكل التي تهدد تماسك الأسرة ونلاحظ بالخصوص تراخيا على مستوى التربية والتنشئة وإلا بما نفسر تنامي نسب المغادرة المبكرة للمدارس وتنامي السلوك ألانحرافي لدى الشباب وأيضا الأطفال وتنامي عدد الأطفال المتسكعين في الشوارع ومن بينهم من احترفوا السطو والتسول وهي مسائل نعتبر انه من المهم دراستها دراسة علمية دقيقة علنا نعثر على حلول ملائمة.
ونقول في هذا السياق أنه ولئن كان فعلا حكم المحكمة الأمريكية الأخير على أم بالإدانة في جريمة ارتكبها ولدها ولم تشارك فيها مباشرة، قاسيا نوعا ما فهي في النهاية ليست مذنبة يعني لم ترتكب جريمة القتل، لكن يبقى الوالدان مسؤولين بدرجة كبيرة عن السلوك الانحرافي لأولادهم. فالسلوك العنيف والمنحرف لا يولد مع الشخص، وإن كان هناك استعدادا تلقائيا أكبر لدى البعض وفق العلماء للانحراف مما هو لدى آخرين، وإنما غالبا ما يتكون لأسباب موضوعية من بينها قلة العناية من الوالدين( يحدث أن تكون للوالدين إمكانيات مادية لكنهم لا يولون العناية الكافية للتربية) أولظروف العائلة المادية أو لظروف أخرى ( الطلاق مثلا أو وجود عائلات مركبة). والسلوك الجيّد بدوره لا يولد صدفة وإنما هو نتيجة التربية الجيّدة وهي أيضا ليست صدفة. إنها نتيجة عمل وتضحيات يقوم بها أصحابها من باب الإحساس بالمسؤولية تجاه الأسرة والأولاد والمجتمع.
ومهما كانت درجة مسؤولية الدولة التي من المفروض أن تيسر عمل الأسرة بتوفير المرافق الضرورية والحماية القانونية لكن التنشئة السليمة وكما هو معروف تبدأ من البيت والمسؤولية هي مسؤولية الأم والأب أوالولي بدرجة أولى.
الوالدان أو بطريقة اصح الاولياء يتحملون مسؤولية مباشرة في تربية الأولاد على القيم السليمة وهم أيضا يتحملون مسؤولية كبيرة في أي سلوك انحرافي. فالسلوك الغريب يمكن ملاحظته بسرعة والصمت عليه مهما كانت الأسباب يعتبر تشجيعا على المواصلة في هذا السّلوك وعدم الانتباه له أخطر. ونحن في تونس الحديثة التي بنت سمعتها على التربية والتعليم والتكوين لسنا في مأمن من المخاطر. فالأرقام الأخيرة حول الخروج المبكر من التعليم ودرجة الأمية التي لم تعد متفشية في صفوف الكبار فقط، بل في صفوف الشباب وحتى الأطفال مفزعة. فماذا سنبني بمجتمع جزء منه يعاني من الجهل وقلة الحيلة؟
لا نريد أن نقسو كثيرا على الأولياء، لكن لا بأس من تذكير المتخلين منهم عن مسؤوليتهم والذين يتسببون بذلك في خلل كبير في المجتمع وفي حرمانه ربما من عقول جيدة ومن سواعد حقيقية، بأن تكوين أسرة يترتب عنه مسؤوليات كبيرة ان لم نقل خطيرة.
صحيح، أن ما أقدمت عليه المحكمة الأمريكية في مدينة أوكلاند ( ولاية كاليفورنيا) من تجريم لأم أهملت تربية ابنها فتسبب في جريمة قتل فظيعة، هو يأتي في سياق أمريكي مليء بالعنف، لكن مشكلة التربية والتنشئة هي مشكلة عالمية اليوم وتهمنا عن قرب. يكفي ان نلاحظ سلوك الكثير من شبابنا اليوم ( في تونس والدول العربية أيضا) حتى ندرك أن هناك خللا كبيرا في التربية تحتم مراجعة أساليب التربية عندنا ونوعية المسؤوليات المترتبة عنها.
حياة السايب
- آليات حماية الطفولة نافعة لكنها غير كافية وقد يكون من الأفضل مراجعة القوانين لتحميل مسؤولية أكبر للأولياء
تونس-الصباح
القضيّة تعود إلى سنة 2021، لكن الحكم صدر مؤخرا وهو بدون مبالغة حدث تاريخي غير مسبوق. فقد أدانت محكمة أمريكية والدة تلميذ مراهق عمد إلى فتح النّار على زملائه في معهده بالميتشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية، فتسبب في قتل أربعة وإصابة مجموعة أخرى وذلك رغم عدم مشاركتها المباشرة في الجريمة. وقد اعتبرت المحكمة أن الوالدة تتحمل مسؤولية قانونية في السلوك الإجرامي لإبنها المراهق لذلك فقد إدانتها بشكل مباشر وثبتت عليها تهمة ارتكاب جريمة القتل غير العمد.
وبقطع النّظر عن القرائن التي اعتمدت عليها المحكمة ومن بينها عدم انتباه الوالدين للسّلوك العدواني للطفل المراهق مستندة في ذلك إلى مذكراته وذاكرة هاتفه النقّال وفق ما ذكرته الصحافة العالمية حول الموضوع، فإن الحكم غير المسبوق الذي أصدرته محكمة جهة "اوكلاند" يعتبر مهما ويمكن أن تكون له تبعات مهمة.
فقد شهدت الولايات المتحدة العديد من الحوادث المماثلة في عدة من الجهات ولكن لم يسبق أن صدر حكما مماثلا وهو ما يجعله يعتبر سابقة أولى حقيقية في الولايات المتحدة الأمريكية وربما خارجها. فإلى حد علمنا أن المذنب هو الذي يتحمل المسؤولية والقاعدة في القانون الجنائي تقول بأنه لا يمكن لشخص أن يتحمل مسؤولية ذنب ارتكبه شخص آخر ولا يتم إدانة أحد إلا إذا كانت له صلة مباشرة بالجريمة وتحققت عناصرها. ربما يحدث أن يتحمّل شخص آخر الذنب إذا ما عجزت المحكمة مثلا عن إدانة مرتكب الذنب الحقيقي لكن يبقى هذا استثناء لا يعوض القاعدة.
وما يهمّنا في قضية الحال هو أن المحكمة قد رأت أن الوالدة قد تسببت في تدمير حياة ابنها وفي إيقاعه لضحايا أبرياء لأنها لم توليه العناية التي يستحق وهو ما يجرّنا إلى القول أنه يحدث وليس فقط في الولايات المتحدة صاحبة هذا السبق القانوني، بل حتى في بلداننا أن تدمر عائلات أبناءها دون أن يتحملوا المسؤولية القانونية التي من المفروض أن تترتب عن ذلك.
فليس ذنب الطفل مثلا أن ينشأ في بيت غير مستقرّا ومدمرا للأعصاب بسبب الخلافات بين الوالدين أو بسبب انفصالهما. وليس ذنب الطفل أن يعيش أكثر وقته في الشارع في حين أنه من المفروض أن يخضع لرقابة الوالدين، ثم يتساءل الأولياء عن سبب سلوكه العنيف والمنحرف أحيانا. وليس ذنب الطفل أن يعيش في ظل عائلة غير واعية بقيمة التعليم والتكوين ثم تتساءل عن فشله المدرسي وخروجه المبكر من المدرسة. وليس ذنب الطفل أن ينشأ في عائلة تعاني من الفقر ولم توفر له أبسط أسباب العيش. وليس ذنب الطفل ان ينشأ في عائلة ليس لها وقت للعناية به أي كانت الأسباب مادية أو معنوية.
طبعا هناك دائما أسبابا للتخفيف ولكن عموما، يستسهل الناس وأساسا ببلداننا فكرة إنجاب أطفال وبناء أسرة وقد لا نجانب الصواب عندما نقول أن هناك أسرا تدمر حياة أبنائها لقلة وعيها أو بكل بساطة لعدم استعداد الأبوين لتحمل المسؤولية. ربما هناك مسؤولية أخلاقية مؤكدة تجاه الأطفال والشباب الذين لم يحالفهم الحظ في المدرسة أو لم يحظوا بتكوين ملائم فوجدوا أنفسهم في حالة ضياع، وعددهم دون شك ليس بالقليل، لكن من يتحمل المسؤولية القانونية المترتبة عن ذلك؟
تتحمل الدولة طبعا جانبا من المسؤولية ويتحمل المجتمع ككل جانبا كبيرا من هذه المسؤولية.
فالدولة توفر الآليات لحماية الأطفال والمراهقين ولدينا في تونس مثلا آليات لحماية الطفولة من بينها مندوب الطفولة تحت إشراف وزارة المرأة والأسرة الموجود تقريبا في كل الجهات والذي يتدخل في صورة وجود عنف وعند تعرض الطفل للخطر، لكن لا يمكنه التدخل في كل الحالات وخاصة عند تجاهل حقوق الطفل من العائلة ومن بينها حقه في التعليم. صحيح أن التعليم في تونس وجوبي لكن لا شيء يجبر الأولياء على الامتثال للقانون. المشرّع في تونس حرص مثلا على ضمان حد ادني من الزاد التعليمي لأبنائنا إذ يمنع مثلا طرد التلميذ قبل بلوغ سن معينة ( عادة إلى 16 سنة) لكن من يعيد التلميذ إلى قاعات الدرس ومن يوفر له على الأقل تكوينا مهنيا إذا تخلت الأسرة عن دورها؟
عموما إن المشرع مهما كان فطنا ومهما عددت الدولة من الإجراءات الحمائية، ونقرّ في هذا الباب أن بلادنا تقوم بمجهودات كبيرة من أجل حماية الأسرة وذلك لان جيل المؤسسين للدولة الحديثة فهموا جيدا أن الأسرة هي العمود الفقري للمجتمع، وقد ربحت البلاد بذلك ثقافة جيدّة في الاعتناء بالأسرة وحمايتها قانونيا، فإن دوره يبقى منقوصا، بل نلاحظ مع الأعوام، تراكم المشاكل التي تهدد تماسك الأسرة ونلاحظ بالخصوص تراخيا على مستوى التربية والتنشئة وإلا بما نفسر تنامي نسب المغادرة المبكرة للمدارس وتنامي السلوك ألانحرافي لدى الشباب وأيضا الأطفال وتنامي عدد الأطفال المتسكعين في الشوارع ومن بينهم من احترفوا السطو والتسول وهي مسائل نعتبر انه من المهم دراستها دراسة علمية دقيقة علنا نعثر على حلول ملائمة.
ونقول في هذا السياق أنه ولئن كان فعلا حكم المحكمة الأمريكية الأخير على أم بالإدانة في جريمة ارتكبها ولدها ولم تشارك فيها مباشرة، قاسيا نوعا ما فهي في النهاية ليست مذنبة يعني لم ترتكب جريمة القتل، لكن يبقى الوالدان مسؤولين بدرجة كبيرة عن السلوك الانحرافي لأولادهم. فالسلوك العنيف والمنحرف لا يولد مع الشخص، وإن كان هناك استعدادا تلقائيا أكبر لدى البعض وفق العلماء للانحراف مما هو لدى آخرين، وإنما غالبا ما يتكون لأسباب موضوعية من بينها قلة العناية من الوالدين( يحدث أن تكون للوالدين إمكانيات مادية لكنهم لا يولون العناية الكافية للتربية) أولظروف العائلة المادية أو لظروف أخرى ( الطلاق مثلا أو وجود عائلات مركبة). والسلوك الجيّد بدوره لا يولد صدفة وإنما هو نتيجة التربية الجيّدة وهي أيضا ليست صدفة. إنها نتيجة عمل وتضحيات يقوم بها أصحابها من باب الإحساس بالمسؤولية تجاه الأسرة والأولاد والمجتمع.
ومهما كانت درجة مسؤولية الدولة التي من المفروض أن تيسر عمل الأسرة بتوفير المرافق الضرورية والحماية القانونية لكن التنشئة السليمة وكما هو معروف تبدأ من البيت والمسؤولية هي مسؤولية الأم والأب أوالولي بدرجة أولى.
الوالدان أو بطريقة اصح الاولياء يتحملون مسؤولية مباشرة في تربية الأولاد على القيم السليمة وهم أيضا يتحملون مسؤولية كبيرة في أي سلوك انحرافي. فالسلوك الغريب يمكن ملاحظته بسرعة والصمت عليه مهما كانت الأسباب يعتبر تشجيعا على المواصلة في هذا السّلوك وعدم الانتباه له أخطر. ونحن في تونس الحديثة التي بنت سمعتها على التربية والتعليم والتكوين لسنا في مأمن من المخاطر. فالأرقام الأخيرة حول الخروج المبكر من التعليم ودرجة الأمية التي لم تعد متفشية في صفوف الكبار فقط، بل في صفوف الشباب وحتى الأطفال مفزعة. فماذا سنبني بمجتمع جزء منه يعاني من الجهل وقلة الحيلة؟
لا نريد أن نقسو كثيرا على الأولياء، لكن لا بأس من تذكير المتخلين منهم عن مسؤوليتهم والذين يتسببون بذلك في خلل كبير في المجتمع وفي حرمانه ربما من عقول جيدة ومن سواعد حقيقية، بأن تكوين أسرة يترتب عنه مسؤوليات كبيرة ان لم نقل خطيرة.
صحيح، أن ما أقدمت عليه المحكمة الأمريكية في مدينة أوكلاند ( ولاية كاليفورنيا) من تجريم لأم أهملت تربية ابنها فتسبب في جريمة قتل فظيعة، هو يأتي في سياق أمريكي مليء بالعنف، لكن مشكلة التربية والتنشئة هي مشكلة عالمية اليوم وتهمنا عن قرب. يكفي ان نلاحظ سلوك الكثير من شبابنا اليوم ( في تونس والدول العربية أيضا) حتى ندرك أن هناك خللا كبيرا في التربية تحتم مراجعة أساليب التربية عندنا ونوعية المسؤوليات المترتبة عنها.