إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. سجون ..!.

 

يرويها: ابوبكر الصغير

    كان ولا يزال عالم الأعمال دائما خاضعا لغريزة القطيع.

    تشهد على ذلك البدلات التي يرتديها رجال وسيدات الأعمال، والمصطلحات التي يستخدمونها، وعروض PowerPoint التقديمية، والتفاعلات التي تحكم الأسواق.

 وهذا يسمح لنا بفهم معنى وضرورة الإدارة المربحة لـ "الأعمال" التي تتأسس على جملة قيم أهمها النزاهة والولاء.

 - النزاهة تعني أن تكون صادقا وحقيقيا ومنفتحا تماما للتواصل في جميع الأمور التي تهم العمل مع خريطة طريق واضحة: الأخبار الجيدة يمكن أن تنتقل ببطء، والأخبار السيئة يجب أن تنتقل بسرعة!.

 - الولاء يعني للمؤسسة وذلك ببذل قصارى الجهد في خدمتها وتطويرها.

    خسرت شركة تونسية صفقة بحوالي ألف مليار مع صندوق الثروة السيادي الليبي المتمثل في المؤسسة الليبية للاستثمار تتعلّق ببناء 3 سجون واستيراد معدات وسترات واقية من الرصاص إلى جانب برامج تدريب حرّاس .

    تمّ تعليل أسباب إلغاء الصفقة لغياب الخبرة لدى الشركة التونسية في مجال الأمان .

 وهي عملية سهلة لا تتطلّب لا أموال أو مجهودات جبارة لتوفيرها .

  ذكرتني هذه الحادثة، بخسائر أخرى لمؤسسات تونسية نظرا لتعطيلات إدارية أو جهل بمنظومة العمل في الأسواق العالمية .

 فاغلب هؤلاء أصحاب المبادرة بقوا مسجونين لعقليات ومنظومات قديمة بخصوص مجال الأعمال على مستوى العالم، من نجح من هؤلاء عددهم قليل رغم أنهم لا يجدون حتى الدعم من قبل الجهات الإدارية.

الصفقات ملقاة على قارعة الطريق، لكن جهل البعض وغياب سياسة تحفيز من قبل الجهات المسؤولة هي التي تحرم عديد المؤسسات التونسية من الفوز بها وبالتالي تمكين البلاد من مداخيل مهمة من العملة الصعبة .

 عندما تختلط برجال الأعمال وأصحاب المؤسسات لا تستمع إلاّ أصوات و مواقف الشكوى من صعوبة إمكانية العمل والمبادرة في تونس.

 ناهيك أنّ المئات منهم غادروا البلاد واستقرّوا في جهات أخرى وأصبحوا يديرون أعمالهم ويفوزون بصفقات بمئات المليارات .

قبل سنوات تأسس مجلس رجال الأعمال التونسيين بدول الخليج، حضرت شخصيا الجلسة العامة التأسيسية له، لأفاجأ بهذا العدد الضخم من رجال الأعمال التونسيين المقيمين هناك الذين يديرون اكبر وأضخم المؤسسات في المقاولات والنقل والخدمات وحتى في التكنولوجيات المتطورة .

 لكن في المقابل هنالك رجال أعمال بقوا في تونس من المؤسف أنهم أعلنوا "استسلامهم" وتوقّف الرغبة لديهم في انجاز مزيد المشاريع وفتح شركات جديدة، بعد أن أصبحت الثروة تهمة ومجلبة للشبهات والمحاسبة .

   فاجأني رجل أعمال صديق بالقول:"كنت أجهل نعمة الفقر" فمعه هدوء البال والصحة والعافية، فالغني محسود وحتى ما كان لديه أصبح في باب المفقود .

 حصل مرة أن اطلع احد رجال الأعمال التونسيين على طلب عروض دولي من قبل إحدى المؤسسات الحكومية الكندية ، يتعلّق بانتداب آلاف أعوان الحراسة، اهتم بالموضوع واشترى كرّاس شروط الصفقة ليجد شرط التقديم لا يكون إلا عبر شركة محاماة في كندا أو الولايات المتحدة أو أوروبا .

  لم يتردّد صديقي وسافر إلى نيويورك بعد أن نصحه صديق تونسي آخر بمكتب محاماة هناك و طلب له موعد.

 لكن لرجل أعمالنا صفة الثرثرة وإطالة الحديث، في لقائه بالمحامي الأمريكي بمكتبه حرص على أن يحدثه عن تونس وتاريخها ومعالمها السياحية وكذلك بعض جوانب مسيرته هو الشخصية وجوانب من حياته، ليفاجأ بعد نصف ساعة من اللقاء بالمحامي يرفع الجلسة ويعلم صديقي أنّ وقته المخصص له انتهى، فاستغرب الأمر وألح أن يعرض عليه ملف العرض الكندي، لكن بقي المحامي على موقفه ورفض باعتبار وجود حرفاء آخرين في قاعة الانتظار، وطلب من رجل الأعمال الانسحاب والاتصال بسكرتيرة المكتب لأخذ موعد جديد وهذا ما فعل اتجه إليها وبعد إعلامه بالموعد الجديد قدمت له فاتورة بمبلغ حوالي 800 دولا، سألها مقابل ماذا؟ .

 أجابته بأنه ثمن نصف الساعة مقابلة.

 غضب رجل الأعمال واحتج وقال لم يخدمني المحامي في شيء كيف يطالب باجرة ..

 لم تجبه السكرتيرة، ولكنّه دفع!!؟.

 إنّ رأسمال المرء معرفته، وعدوه جهله .

 

 

حكاياتهم  .. سجون ..!.

 

يرويها: ابوبكر الصغير

    كان ولا يزال عالم الأعمال دائما خاضعا لغريزة القطيع.

    تشهد على ذلك البدلات التي يرتديها رجال وسيدات الأعمال، والمصطلحات التي يستخدمونها، وعروض PowerPoint التقديمية، والتفاعلات التي تحكم الأسواق.

 وهذا يسمح لنا بفهم معنى وضرورة الإدارة المربحة لـ "الأعمال" التي تتأسس على جملة قيم أهمها النزاهة والولاء.

 - النزاهة تعني أن تكون صادقا وحقيقيا ومنفتحا تماما للتواصل في جميع الأمور التي تهم العمل مع خريطة طريق واضحة: الأخبار الجيدة يمكن أن تنتقل ببطء، والأخبار السيئة يجب أن تنتقل بسرعة!.

 - الولاء يعني للمؤسسة وذلك ببذل قصارى الجهد في خدمتها وتطويرها.

    خسرت شركة تونسية صفقة بحوالي ألف مليار مع صندوق الثروة السيادي الليبي المتمثل في المؤسسة الليبية للاستثمار تتعلّق ببناء 3 سجون واستيراد معدات وسترات واقية من الرصاص إلى جانب برامج تدريب حرّاس .

    تمّ تعليل أسباب إلغاء الصفقة لغياب الخبرة لدى الشركة التونسية في مجال الأمان .

 وهي عملية سهلة لا تتطلّب لا أموال أو مجهودات جبارة لتوفيرها .

  ذكرتني هذه الحادثة، بخسائر أخرى لمؤسسات تونسية نظرا لتعطيلات إدارية أو جهل بمنظومة العمل في الأسواق العالمية .

 فاغلب هؤلاء أصحاب المبادرة بقوا مسجونين لعقليات ومنظومات قديمة بخصوص مجال الأعمال على مستوى العالم، من نجح من هؤلاء عددهم قليل رغم أنهم لا يجدون حتى الدعم من قبل الجهات الإدارية.

الصفقات ملقاة على قارعة الطريق، لكن جهل البعض وغياب سياسة تحفيز من قبل الجهات المسؤولة هي التي تحرم عديد المؤسسات التونسية من الفوز بها وبالتالي تمكين البلاد من مداخيل مهمة من العملة الصعبة .

 عندما تختلط برجال الأعمال وأصحاب المؤسسات لا تستمع إلاّ أصوات و مواقف الشكوى من صعوبة إمكانية العمل والمبادرة في تونس.

 ناهيك أنّ المئات منهم غادروا البلاد واستقرّوا في جهات أخرى وأصبحوا يديرون أعمالهم ويفوزون بصفقات بمئات المليارات .

قبل سنوات تأسس مجلس رجال الأعمال التونسيين بدول الخليج، حضرت شخصيا الجلسة العامة التأسيسية له، لأفاجأ بهذا العدد الضخم من رجال الأعمال التونسيين المقيمين هناك الذين يديرون اكبر وأضخم المؤسسات في المقاولات والنقل والخدمات وحتى في التكنولوجيات المتطورة .

 لكن في المقابل هنالك رجال أعمال بقوا في تونس من المؤسف أنهم أعلنوا "استسلامهم" وتوقّف الرغبة لديهم في انجاز مزيد المشاريع وفتح شركات جديدة، بعد أن أصبحت الثروة تهمة ومجلبة للشبهات والمحاسبة .

   فاجأني رجل أعمال صديق بالقول:"كنت أجهل نعمة الفقر" فمعه هدوء البال والصحة والعافية، فالغني محسود وحتى ما كان لديه أصبح في باب المفقود .

 حصل مرة أن اطلع احد رجال الأعمال التونسيين على طلب عروض دولي من قبل إحدى المؤسسات الحكومية الكندية ، يتعلّق بانتداب آلاف أعوان الحراسة، اهتم بالموضوع واشترى كرّاس شروط الصفقة ليجد شرط التقديم لا يكون إلا عبر شركة محاماة في كندا أو الولايات المتحدة أو أوروبا .

  لم يتردّد صديقي وسافر إلى نيويورك بعد أن نصحه صديق تونسي آخر بمكتب محاماة هناك و طلب له موعد.

 لكن لرجل أعمالنا صفة الثرثرة وإطالة الحديث، في لقائه بالمحامي الأمريكي بمكتبه حرص على أن يحدثه عن تونس وتاريخها ومعالمها السياحية وكذلك بعض جوانب مسيرته هو الشخصية وجوانب من حياته، ليفاجأ بعد نصف ساعة من اللقاء بالمحامي يرفع الجلسة ويعلم صديقي أنّ وقته المخصص له انتهى، فاستغرب الأمر وألح أن يعرض عليه ملف العرض الكندي، لكن بقي المحامي على موقفه ورفض باعتبار وجود حرفاء آخرين في قاعة الانتظار، وطلب من رجل الأعمال الانسحاب والاتصال بسكرتيرة المكتب لأخذ موعد جديد وهذا ما فعل اتجه إليها وبعد إعلامه بالموعد الجديد قدمت له فاتورة بمبلغ حوالي 800 دولا، سألها مقابل ماذا؟ .

 أجابته بأنه ثمن نصف الساعة مقابلة.

 غضب رجل الأعمال واحتج وقال لم يخدمني المحامي في شيء كيف يطالب باجرة ..

 لم تجبه السكرتيرة، ولكنّه دفع!!؟.

 إنّ رأسمال المرء معرفته، وعدوه جهله .