هل بدأ تفعيل الصلح الجزائي على أرض الواقع كما رسم وأراد له أن يكون رئيس الجمهورية قيس سعيد؟
طرح هذا التساؤل يتزامن مع زيارة رئيس الجمهورية أول أمس لساحة باستور والمسبح البلدي بالبلفدير، وإعلانه من هناك عن انطلاق ترميم المسبح تحت إشراف الهندسة العسكرية وبتمويل من بنك تونس العربي الدولي.
يعلم الجميع أن مجموعة المبروك تملك حوالي 40 بالمائة من رأس مال بنك تونس العربي الدولي ومنذ أكتوبر الفارط يتم الاحتفاظ برجل الأعمال مروان المبروك في عدد من القضايا منها شبهة تبييض الأموال، ويعد من أهم الأسماء ورجال الأعمال المعنيين بموضوع الصلح الجزائي .
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن توجه الصلح الجزائي وفق المرسوم الجديد يمنح مجلس الأمن القومي، صلاحيات البت في قرارات لجنة الصلح الجزائي ولعل ذلك ما يفسر إشراف الهندسة العسكرية على ترميم المسبح البلدي بالبلفدير.
علما وأن بنك تونس العربي الدولي كان قد اصدر مؤخرا بيانا تعهد فيه بإنجاز جملة من المشاريع الوطنية، وجاء ذلك بعد لقاء جمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد بعضو مجلس الإدارة ببنك تونس العربي الدولي المكلف بالعلاقات مع الهيئات العامة محمد العقربي.
تعهدات تمويل
وبحسب بنك تونس العربي الدولي فقد التزم البنك بالترميم الكامل للمسبح البلدي بالبلفيدير وملحقاته، كما التزم بالترميم الكامل لدار الثقافة ابن خلدون بتونس وتجديدها.
وتعهد البنك أيضا بتقديم الدعم لفائدة تلاميذ وطلاب المناطق التي سيقع تحديدها مع السلطات المعنية وذلك لتحسين ظروفهم المدرسية، من جهة أخرى وفيما ما يتعلق بدعم الاقتصاد الوطني، فبحسب نص البلاغ، يعتزم بنك تونس العربي الدولي وضع آلية دعم لإنشاء الشركات الأهلية، وذلك من خلال تمويل الشركات الأهلية بفائض يقابل الفائدة الرئيسية (TMM) وتنظيم ورشات عمل في كامل ولايات الجمهورية لدراسة الاحتياجات الخاصة لباعثي الشركات الأهلية بالتنسيق مع السلطات المعنية إلى جانب وضع فرق عمل متخصصة من بنك تونس العربي الدولي وذلك للقيام بدراسات مجانية لفائدة باعثي الشركات الأهلية وإحاطتهم لضمان نجاحهم.
لجنة الصلح
سارع كثيرون إلى إدراج ما أعلنه بنك تونس العربي الدولي ضمن بادرة حسن نية في سياق مسار للصلح الجزائي مع مروان المبروك ربما استبقت الإعلان الرسمي عن صيغة اتفاق صلح في طور الانجاز.
وكان رئيس الجمهورية قد دعا خلال لقائه الأربعاء الفارط، بكل من وزيرة العدل ليلى جفال، ووزيرة المالية سهام بوغديري نمصية، إلى ضرورة الإسراع بتشكيل لجنة الصلح الجزائي بعد أن تم إدخال تعديلات على المرسوم الذي أنشأها.
وذكّر رئيس الدولة بأن "الغاية من الصلح الجزائي هو أن يسترجع الشعب التونسي الأموال التي نُهبت منه حتى تعود خاصة إلى الجهات التي يجب أن تخرج في أسرع الأوقات من دائرة الفقر والتهميش".
ووفق بعض المصادر فإنه من المنتظر أن يصدر قريبا الأمر المتعلق بتعيين أعضاء اللجنة الجديدة للصلح الجزائي استنادا إلى قانون الصلح الجزائي الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب خلال شهر جانفي الفارط.
وينتظر أن تدرس اللجنة مطالب الصلح ومنها المقدمة سابقا إلى اللجنة المنهية أعمالها لكن وفق القانون الجديد.
القانون الجديد
يذكر أنه صدر بالرائد الرسمي القانون عدد 3 لسنة 2024 المتعلق بتنقيح المرسوم عدد13 لسنة 2022 والمتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته.
وينص القانون الجديد على أنه "وبعد استكمال كل الإجراءات يتم عرض ملف الصلح الجزائي من طرف رئيس الدولة على مجلس الأمن القومي وبعد الحسم فيه وإبرام صلح نهائي يتم تحويل المبلغ أو نصفه لفائدة مشاريع تنموية".
ومن الإجراءات الأخرى الجديدة لفائدة الموقوفين على خلفية قضايا استيلاء على المال العام نجد إمكانية "الإفراج عنهم شريطة تأمين 50 بالمائة من المبالغ المطلوبة والالتزام بإجراءات الصلح مع اتخاذ إجراءات احترازية من خلال منعهم من السفر".
وكان القانون الجديد للصلح الجزائي قد تعرض لانتقادات منها التي أصدرها مرصد رقابة مباشرة اثر مصادقة البرلمان حيث اعتبر أن "التنقيحات المقترحة لم تغيّر فلسفة المرسوم وتتعارض مع بعض المبادئ الدستورية ومع القواعد الأساسية للعدالة الانتقالية، ولا تتوفر فيها ضمانات الشفافية والموضوعية"، مضيفا أن التنقيحات "لم تعالج إشكاليات حقيقية في المرسوم الأصلي وأن الهدف من التعديل هو مزيد الضغط على المعنيين بالصلح الجزائي للتقدم طوعا بمطالب الصلح والتفاوض حول مبالغ أرفع ".
كما انتقد مرصد رقابة " إقحام مجلس الأمن القومي في مشروع الصلح وإعطائه إمكانية القبول والرفض والترفيع باعتبار أن ذلك يتجاوز صلاحياته وفق الأمر المحدث له".
م.ي
تونس-الصباح
هل بدأ تفعيل الصلح الجزائي على أرض الواقع كما رسم وأراد له أن يكون رئيس الجمهورية قيس سعيد؟
طرح هذا التساؤل يتزامن مع زيارة رئيس الجمهورية أول أمس لساحة باستور والمسبح البلدي بالبلفدير، وإعلانه من هناك عن انطلاق ترميم المسبح تحت إشراف الهندسة العسكرية وبتمويل من بنك تونس العربي الدولي.
يعلم الجميع أن مجموعة المبروك تملك حوالي 40 بالمائة من رأس مال بنك تونس العربي الدولي ومنذ أكتوبر الفارط يتم الاحتفاظ برجل الأعمال مروان المبروك في عدد من القضايا منها شبهة تبييض الأموال، ويعد من أهم الأسماء ورجال الأعمال المعنيين بموضوع الصلح الجزائي .
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن توجه الصلح الجزائي وفق المرسوم الجديد يمنح مجلس الأمن القومي، صلاحيات البت في قرارات لجنة الصلح الجزائي ولعل ذلك ما يفسر إشراف الهندسة العسكرية على ترميم المسبح البلدي بالبلفدير.
علما وأن بنك تونس العربي الدولي كان قد اصدر مؤخرا بيانا تعهد فيه بإنجاز جملة من المشاريع الوطنية، وجاء ذلك بعد لقاء جمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد بعضو مجلس الإدارة ببنك تونس العربي الدولي المكلف بالعلاقات مع الهيئات العامة محمد العقربي.
تعهدات تمويل
وبحسب بنك تونس العربي الدولي فقد التزم البنك بالترميم الكامل للمسبح البلدي بالبلفيدير وملحقاته، كما التزم بالترميم الكامل لدار الثقافة ابن خلدون بتونس وتجديدها.
وتعهد البنك أيضا بتقديم الدعم لفائدة تلاميذ وطلاب المناطق التي سيقع تحديدها مع السلطات المعنية وذلك لتحسين ظروفهم المدرسية، من جهة أخرى وفيما ما يتعلق بدعم الاقتصاد الوطني، فبحسب نص البلاغ، يعتزم بنك تونس العربي الدولي وضع آلية دعم لإنشاء الشركات الأهلية، وذلك من خلال تمويل الشركات الأهلية بفائض يقابل الفائدة الرئيسية (TMM) وتنظيم ورشات عمل في كامل ولايات الجمهورية لدراسة الاحتياجات الخاصة لباعثي الشركات الأهلية بالتنسيق مع السلطات المعنية إلى جانب وضع فرق عمل متخصصة من بنك تونس العربي الدولي وذلك للقيام بدراسات مجانية لفائدة باعثي الشركات الأهلية وإحاطتهم لضمان نجاحهم.
لجنة الصلح
سارع كثيرون إلى إدراج ما أعلنه بنك تونس العربي الدولي ضمن بادرة حسن نية في سياق مسار للصلح الجزائي مع مروان المبروك ربما استبقت الإعلان الرسمي عن صيغة اتفاق صلح في طور الانجاز.
وكان رئيس الجمهورية قد دعا خلال لقائه الأربعاء الفارط، بكل من وزيرة العدل ليلى جفال، ووزيرة المالية سهام بوغديري نمصية، إلى ضرورة الإسراع بتشكيل لجنة الصلح الجزائي بعد أن تم إدخال تعديلات على المرسوم الذي أنشأها.
وذكّر رئيس الدولة بأن "الغاية من الصلح الجزائي هو أن يسترجع الشعب التونسي الأموال التي نُهبت منه حتى تعود خاصة إلى الجهات التي يجب أن تخرج في أسرع الأوقات من دائرة الفقر والتهميش".
ووفق بعض المصادر فإنه من المنتظر أن يصدر قريبا الأمر المتعلق بتعيين أعضاء اللجنة الجديدة للصلح الجزائي استنادا إلى قانون الصلح الجزائي الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب خلال شهر جانفي الفارط.
وينتظر أن تدرس اللجنة مطالب الصلح ومنها المقدمة سابقا إلى اللجنة المنهية أعمالها لكن وفق القانون الجديد.
القانون الجديد
يذكر أنه صدر بالرائد الرسمي القانون عدد 3 لسنة 2024 المتعلق بتنقيح المرسوم عدد13 لسنة 2022 والمتعلق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته.
وينص القانون الجديد على أنه "وبعد استكمال كل الإجراءات يتم عرض ملف الصلح الجزائي من طرف رئيس الدولة على مجلس الأمن القومي وبعد الحسم فيه وإبرام صلح نهائي يتم تحويل المبلغ أو نصفه لفائدة مشاريع تنموية".
ومن الإجراءات الأخرى الجديدة لفائدة الموقوفين على خلفية قضايا استيلاء على المال العام نجد إمكانية "الإفراج عنهم شريطة تأمين 50 بالمائة من المبالغ المطلوبة والالتزام بإجراءات الصلح مع اتخاذ إجراءات احترازية من خلال منعهم من السفر".
وكان القانون الجديد للصلح الجزائي قد تعرض لانتقادات منها التي أصدرها مرصد رقابة مباشرة اثر مصادقة البرلمان حيث اعتبر أن "التنقيحات المقترحة لم تغيّر فلسفة المرسوم وتتعارض مع بعض المبادئ الدستورية ومع القواعد الأساسية للعدالة الانتقالية، ولا تتوفر فيها ضمانات الشفافية والموضوعية"، مضيفا أن التنقيحات "لم تعالج إشكاليات حقيقية في المرسوم الأصلي وأن الهدف من التعديل هو مزيد الضغط على المعنيين بالصلح الجزائي للتقدم طوعا بمطالب الصلح والتفاوض حول مبالغ أرفع ".
كما انتقد مرصد رقابة " إقحام مجلس الأمن القومي في مشروع الصلح وإعطائه إمكانية القبول والرفض والترفيع باعتبار أن ذلك يتجاوز صلاحياته وفق الأمر المحدث له".