رغم أنها ليست الأولى وسبقتها عديد القمم والاجتماعات والمقترحات والوساطات، إلا أن الأنظار اتجهت إلى برازافيل عاصمة جمهورية الكونغو، التي احتضنت أمس أشغال الدورة العاشرة لقمة رؤساء الدول الأعضاء في اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي حول ليبيا، بمشاركة عشرة بلدان إفريقية مكونة للجنة وفي مقدمتها البلد المنظم إلى جانب تونس والجزائر وجنوب إفريقيا وإثيوبيا ومصر والنيجر وموريتانيا والسودان، وأوغندا. ومحور هذا الاجتماع هو بحث الخطوات المنجزة للم الشمل الليبي والتمهيد للمحطات القادمة في هذا السياق لعل أبرزها الاستعداد لانعقاد المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية المقرر تنظيمه يوم 28 أفريل القادم بمدينة سرت الليبية.
ويذهب المشاركون في هذا الاجتماع إلى ضرورة أن تبقى جميع الأطراف الليبية ملتزمة بالحفاظ على وقف إطلاق النار والالتزام بتسوية سلمية للازمة بعيدا عن أي حلول عسكرية وتدخل أجنبي بما في ذلك الميليشيات والمرتزقة من أجل تسهيل عملية تنظيم انتخابات شفافة تستجيب لتطلعات الشعب الليبي وتمكن من الحفاظ على استقلال الدولة ووحدتها وسيادتها على جميع أراضيها.
ويترأس وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، نبيل عمار الوفد التونسي المشارك في هذا الاجتماع وذلك بتكليف من رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد، وفق ما ورد في بلاغ رسمي للوزارة، على أن تكون لهذا الوزير لقاءات مع عدد من المسؤولين ونظرائه لتعزيز التشاور السياسي، وبحث سبل دفع التعاون وربط مزيدا من الشراكات مع الأشقاء الأفارقة، في الإطار الثنائي ومتعدد الأطراف.
إلا أن عديد القراءات تؤكد أنه يفترض أن تكون تونس مرشحة لتكون من بين أكثر الدول القادرة على لعب دور لحل الأزمة الليبية نظرا لعدة عوامل واعتبارات من بينها أنها الأكثر تأثرا وبسرعة بمجريات الوضع في ليبيا سواء كان إيجابيا أو سلبيا بحكم عامل الجوار وأيضا أن كل الفرقاء والأطراف السياسية المتنازعة موجودة تقريبا على الأراضي التونسية. ويشارك في هذه القمة التي يعتبرها البعض "مفصلية" بالنسبة للشأن الليبي وتحدي بالنسبة للاتحاد الإفريقي في مساعيه وتوجهاته لحل ملفات القضايا الإفريقية، قادة دول الجوار الليبي أو من يمثلونهم، ووفود عدد من المنظمات والدول المؤثرة في الملف الليبي إلى جانب الفاعلين الليبيين ومن بينهم المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الوحدة الوطنية ومجلس النواب.
في سياق متصل أفاد مصطفى عبد الكبير، رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان لـ"الصباح"، أن هذا الاجتماع لا يختلف عن غيره من القمم السابقة إفريقية كانت أو دولية التي تم تنظيمها في السنوات الأخيرة حول الوضع في ليبيا. وأضاف قائلا: "صحيح أننا جميعا نرحب بأي مبادرة تهدف لحلحلة الوضع المتردي في ليبيا ولكن دون أهداف مهددة وخطة إستراتيجية واضحة المعالم لا يمكن التواصل إلى النتيجة المرجوة خاصة أن الوضع في ليبيا على درجة كبيرة من التعقيد لارتباطه وخضوعه إلى عديد الأطراف الداخلية والخارجية التي تحكمها المصالح بدرجة أولى". موضحا: "أقول ذلك ليس في إطار إحباط الانتظارات من هذا الاجتماع ولكن بناء على معطيات حول واقع الأزمة ودور جهات خارجية بالتعاون مع أخرى لها مصالح داخلية في إفشال أي مبادرة في الغرض. لذلك لا يبدو هذا الاجتماع مختلفا عن سابقيه من حيث النتائج".
واعتبر محدثنا أنه رغم محاولات عديد البلدان المجاورة والإفريقية والأوروبية وغيرها من المنظمات الدولية التدخل لإيجاد حلول والدفع لتقريب وجهات النظر داخل القطر الليبي إلا أن تونس تظل البلد الأكثر قدرة على المساهمة أو الدفع لحل هذه الأزمة، موضحا بالقول:"أشاطر رأي من يرون أن حل هذه الأزمة عبر الاجتماعات واللقاءات والقمم المسقطة دون تصور أو أهداف واضحة سيتكون دون جدوى، وأعتقد أن بلادنا تزخر بالكفاءات الناشطة والعاملة في منظمات وهياكل دولية قادرة على وضع خارطة طريق بناء على دراسات ومعطيات عملية من شأنها أن تمهد لوضع أرضية تفاهم وحوار مجدي بين الأطراف المتنازعة على الحكم والثروة في ليبيا".
لكنه اعتبر أن تراجع السياسية الخارجية في تونس في ظل التغيرات والأزمات الاقتصادية وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتراجع أدوارها الإقليمية بالأساس والدولية بشكل عام خاص في ظل ما يمر به العالم من تغيرات وأزمات، من العوامل التي جعلت سياسة تونس الخارجية غير قادرة في الوقت الحالي على تقديم مقاربة عملية وناجعة فيما يتعلق بالوضع في ليبيا، لاسيما في ظل تفاقم أزمة الهجرة غير النظامية بالنسبة لأبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء بعد أن تحولت تونس إلى منصة عبور أولى نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط وعدم التوصل إلى حل لهذه الظاهرة التي ما انفكت تتفاقم بتفجر الوضع الأمني في السودان وفي عدم بلدان افريقية فضلا عن غياب الأمن في ليبيا.
ودعا رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان الجانب التونسي إلى إيلاء الوضع الليبي الاهتمام اللازم من أجل الحد من تداعيات الأزمة هناك باعتبار أن 70% من سكان الجهة الشرقية على مقربة مسافة دقائق من تونس وما يمثله ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية أثناء تفاقم الوضع الأمني هناك. معتبرا تواجد ممثلي الأطراف المتنازعة والفرقاء على أرض بلادنا من العوامل الذي يمكن المراهنة عليها في وضع مقاربة لتقريب وجهات النظر تعيد للدولة مكانتها وتمكن الملايين من الليبيين من العودة إلى الاستقرار في بلادهم فضلا عن دور ذلك في فتح مواطن الشغل والمشاريع الاستثمارية وفرص التعاون بين البلدين.
وهو يرى أن عدم الاكتفاء بهذا الاجتماع النوعي أو غيره ومواصلة المساعي وتقديم مقاربات مختلفة خاصة إذا ما اختارت السياسة الخارجية لبلادنا تغيير إستراتيجيتها في التعاطي مع الملفات الإقليمية الحارقة ووضع الملف الليبي ضمن أولوياتها. لأن ذلك من شانه أن يساهم في وضع مناخ حوار ليبي- ليبي مثمر.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
رغم أنها ليست الأولى وسبقتها عديد القمم والاجتماعات والمقترحات والوساطات، إلا أن الأنظار اتجهت إلى برازافيل عاصمة جمهورية الكونغو، التي احتضنت أمس أشغال الدورة العاشرة لقمة رؤساء الدول الأعضاء في اللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي حول ليبيا، بمشاركة عشرة بلدان إفريقية مكونة للجنة وفي مقدمتها البلد المنظم إلى جانب تونس والجزائر وجنوب إفريقيا وإثيوبيا ومصر والنيجر وموريتانيا والسودان، وأوغندا. ومحور هذا الاجتماع هو بحث الخطوات المنجزة للم الشمل الليبي والتمهيد للمحطات القادمة في هذا السياق لعل أبرزها الاستعداد لانعقاد المؤتمر الوطني الجامع للمصالحة الوطنية المقرر تنظيمه يوم 28 أفريل القادم بمدينة سرت الليبية.
ويذهب المشاركون في هذا الاجتماع إلى ضرورة أن تبقى جميع الأطراف الليبية ملتزمة بالحفاظ على وقف إطلاق النار والالتزام بتسوية سلمية للازمة بعيدا عن أي حلول عسكرية وتدخل أجنبي بما في ذلك الميليشيات والمرتزقة من أجل تسهيل عملية تنظيم انتخابات شفافة تستجيب لتطلعات الشعب الليبي وتمكن من الحفاظ على استقلال الدولة ووحدتها وسيادتها على جميع أراضيها.
ويترأس وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، نبيل عمار الوفد التونسي المشارك في هذا الاجتماع وذلك بتكليف من رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد، وفق ما ورد في بلاغ رسمي للوزارة، على أن تكون لهذا الوزير لقاءات مع عدد من المسؤولين ونظرائه لتعزيز التشاور السياسي، وبحث سبل دفع التعاون وربط مزيدا من الشراكات مع الأشقاء الأفارقة، في الإطار الثنائي ومتعدد الأطراف.
إلا أن عديد القراءات تؤكد أنه يفترض أن تكون تونس مرشحة لتكون من بين أكثر الدول القادرة على لعب دور لحل الأزمة الليبية نظرا لعدة عوامل واعتبارات من بينها أنها الأكثر تأثرا وبسرعة بمجريات الوضع في ليبيا سواء كان إيجابيا أو سلبيا بحكم عامل الجوار وأيضا أن كل الفرقاء والأطراف السياسية المتنازعة موجودة تقريبا على الأراضي التونسية. ويشارك في هذه القمة التي يعتبرها البعض "مفصلية" بالنسبة للشأن الليبي وتحدي بالنسبة للاتحاد الإفريقي في مساعيه وتوجهاته لحل ملفات القضايا الإفريقية، قادة دول الجوار الليبي أو من يمثلونهم، ووفود عدد من المنظمات والدول المؤثرة في الملف الليبي إلى جانب الفاعلين الليبيين ومن بينهم المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الوحدة الوطنية ومجلس النواب.
في سياق متصل أفاد مصطفى عبد الكبير، رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان لـ"الصباح"، أن هذا الاجتماع لا يختلف عن غيره من القمم السابقة إفريقية كانت أو دولية التي تم تنظيمها في السنوات الأخيرة حول الوضع في ليبيا. وأضاف قائلا: "صحيح أننا جميعا نرحب بأي مبادرة تهدف لحلحلة الوضع المتردي في ليبيا ولكن دون أهداف مهددة وخطة إستراتيجية واضحة المعالم لا يمكن التواصل إلى النتيجة المرجوة خاصة أن الوضع في ليبيا على درجة كبيرة من التعقيد لارتباطه وخضوعه إلى عديد الأطراف الداخلية والخارجية التي تحكمها المصالح بدرجة أولى". موضحا: "أقول ذلك ليس في إطار إحباط الانتظارات من هذا الاجتماع ولكن بناء على معطيات حول واقع الأزمة ودور جهات خارجية بالتعاون مع أخرى لها مصالح داخلية في إفشال أي مبادرة في الغرض. لذلك لا يبدو هذا الاجتماع مختلفا عن سابقيه من حيث النتائج".
واعتبر محدثنا أنه رغم محاولات عديد البلدان المجاورة والإفريقية والأوروبية وغيرها من المنظمات الدولية التدخل لإيجاد حلول والدفع لتقريب وجهات النظر داخل القطر الليبي إلا أن تونس تظل البلد الأكثر قدرة على المساهمة أو الدفع لحل هذه الأزمة، موضحا بالقول:"أشاطر رأي من يرون أن حل هذه الأزمة عبر الاجتماعات واللقاءات والقمم المسقطة دون تصور أو أهداف واضحة سيتكون دون جدوى، وأعتقد أن بلادنا تزخر بالكفاءات الناشطة والعاملة في منظمات وهياكل دولية قادرة على وضع خارطة طريق بناء على دراسات ومعطيات عملية من شأنها أن تمهد لوضع أرضية تفاهم وحوار مجدي بين الأطراف المتنازعة على الحكم والثروة في ليبيا".
لكنه اعتبر أن تراجع السياسية الخارجية في تونس في ظل التغيرات والأزمات الاقتصادية وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتراجع أدوارها الإقليمية بالأساس والدولية بشكل عام خاص في ظل ما يمر به العالم من تغيرات وأزمات، من العوامل التي جعلت سياسة تونس الخارجية غير قادرة في الوقت الحالي على تقديم مقاربة عملية وناجعة فيما يتعلق بالوضع في ليبيا، لاسيما في ظل تفاقم أزمة الهجرة غير النظامية بالنسبة لأبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء بعد أن تحولت تونس إلى منصة عبور أولى نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط وعدم التوصل إلى حل لهذه الظاهرة التي ما انفكت تتفاقم بتفجر الوضع الأمني في السودان وفي عدم بلدان افريقية فضلا عن غياب الأمن في ليبيا.
ودعا رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان الجانب التونسي إلى إيلاء الوضع الليبي الاهتمام اللازم من أجل الحد من تداعيات الأزمة هناك باعتبار أن 70% من سكان الجهة الشرقية على مقربة مسافة دقائق من تونس وما يمثله ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية أثناء تفاقم الوضع الأمني هناك. معتبرا تواجد ممثلي الأطراف المتنازعة والفرقاء على أرض بلادنا من العوامل الذي يمكن المراهنة عليها في وضع مقاربة لتقريب وجهات النظر تعيد للدولة مكانتها وتمكن الملايين من الليبيين من العودة إلى الاستقرار في بلادهم فضلا عن دور ذلك في فتح مواطن الشغل والمشاريع الاستثمارية وفرص التعاون بين البلدين.
وهو يرى أن عدم الاكتفاء بهذا الاجتماع النوعي أو غيره ومواصلة المساعي وتقديم مقاربات مختلفة خاصة إذا ما اختارت السياسة الخارجية لبلادنا تغيير إستراتيجيتها في التعاطي مع الملفات الإقليمية الحارقة ووضع الملف الليبي ضمن أولوياتها. لأن ذلك من شانه أن يساهم في وضع مناخ حوار ليبي- ليبي مثمر.