لتوفير موارد إضافية لميزانية الدولة مقابل الحد تدريجيا من نسبة التداين، تتطلع وزارة المالية لأن تكون سنة 2024 سنة إدماج القطاع الموازي ومكافحة التهرب الجبائي، وفي هذا السياق أكدت سهام البوغديري وزيرة المالية خلال الجلسة التي عقدتها لجنة المالية والميزانية يوم 31 جانفي 2024 للنظر في مشروع القانون المتعلق بالترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية، وجود مساع حثيثة لتحقيق هذا الهدف وأشارت إلى أنه تم تركيز لجنة قيادة على مستوى وزارة المالية تتكون من مصالح الديوانة والجباية والمحاسبة والتشريع، وأن اللجنة بدأت تشتغل على هذا الملف، وذكرت أنه سيقع تشريك الوزارات المعنية في أعمال اللجنة مثل وزارات الداخلية والتجارة والعدل وتكنولوجيات الاتصال والصحة.
وقبل اللقاء الذي جمعها بنواب لجنة المالية والميزانية كانت الوزيرة أشرفت مطلع الأسبوع الجاري على أول اجتماع للجنة قيادة برنامج إدماج القطاع الموازي وحسب بلاغ صادر عن وزارة المالية خصص هذا الاجتماع لوضع خارطة طريق من شأنها أن تساعد على إيجاد السبل والإجراءات الكفيلة بإدماج القطاع الموازي ضمن الدورة الاقتصادية المنظمة ليقوم الناشطون فيه بواجباتهم الجبائية ويساهمون في توفير عائدات مالية لخزينة الدولة.
ويعتبر ملف التهرب الجبائي والاقتصاد الموازي من الملفات الحارقة التي طالب أعضاء المجلس النيابي بإدراجها في صدارة أولويات العمل الحكومي وذلك من أجل الحد تدريجيا من نسبة التداين والتوجه نحو التعويل على الموارد الذاتية، كما كان هذا الموضوع محل سؤال كتابي توجه به محمد اليحياوي النائب عن كتلة الأمانة والعمل لوزيرة المالية في إطار الدور الرقابي الذي خوله الفصل 114 من الدستور والفصل 129 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب للنواب وأثار اليحياوي معضلة التهرب الجبائي وتساءل عن مدى تحديد مصالح المراقبة الجبائية للقطاعات ذات المخاطر الجبائية العالية ومدى تعهدها بمتابعتها.. وأشار إلى أنه لا يخفى على وزارة المالية وجود أنشطة مهنية واقتصادية مشهورة بالتحيل الجبائي وهي بهذه الكيفية تكبد الخزينة العامة للدولة سنويا خسائر كبيرة واستعرض النائب عدة أمثلة أوردها على سبيل الذكر لا الحصر..
تحيل جبائي
وتحدث النائب في هذا السياق عن الباعثين العقاريين الذين هم بصدد قبض تسبقات كبيرة من مبيضي الأموال والجرائم الجبائية مقابل وصولات ووعود بالبيع غير مسجلة وتحرير عقود البيع بعد سقوط حق الخزينة العامة أو الذين يقومون بتقسيم أراض فلاحية وغير فلاحية والتفويت فيها دون دفع الأداءات المستوجبة والحال أنه كان بالإمكان التعرف عليهم من خلال القباضات المالية والبلديات والديوان الوطني للملكية العقارية، كما تحدث النائب عن أصحاب المقاهي والمطاعم صنف خمس نجوم الذين استثمروا بالمليارات بضفاف البحيرة والمنازه والمنارات وحي النصر والمركز العمراني الشمالي والمرسى وسيدي بوسعيد وغيرها من المناطق السياحية ويحققون مداخيل كبيرة جدا دون التصريح بها، وكذلك أصحاب المهن الحرة المشهورة بالتحيل الجبائي والتي يرفض أصحابها إصدار مذكرات أتعاب ويصرحون بمبالغ زهيدة بعيدة كل البعد عن الأموال الطائلة التي يجنوها فعليا ونفس الشيء بالنسبة إلى أصحاب دور الضيافة وما شابهها من الإقامات السياحية الأخرى من غير النزل والذين يحققون مداخيل طائلة لا يصرحون بها.
ومن جملة الأنشطة التي أشار إليها اليحياوي تلك التي يقوم بها المضاربون بالخضر والغلال والأسماك من الذين ليست لديهم معرفات جبائية ويحققون مداخيل سنوية تقدر بالمليارات، ونفس الشأن بالنسبة إلى سماسرة السيارات المستعملة والموردين والمصدرين الذين بعثوا شركات بمالطا وبعشرات المناطق الحرة بالإمارات وسويسرا والجنات الضريبية بهدف تهريب العملة وعدم التصريح بمداخيلهم، وكذلك الناشطين في شبكات السياحة الدولة وأصحاب النزل الذين بعثوا وكالات أسفار بالخارج بهدف تهريب مداخليهم وأرباحهم وهو ما تفسره المداخيل الزهيدة للقطاع السياحي مقارنة بعدد السياح.
وقدم النائب محمد اليحياوي أمثلة أخرى لبعض المصحات الخاصة التي تغطي على أطباء يمارسون التحيل الجبائي بصفة مفضوحة من خلال مطالبة المرضى بمنح أتعاب الأطباء نقدا وأحينا بالعملة الصعبة، وكذلك بعض الوسطاء بالبورصة والوكلاء العقاريين الذين حسب وصفه يدوسون على القانون عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمنع غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب من خلال إخفاء مبالغ مالية في بعض العمليات وعدم التصريح بالعمليات التي يقومون بها ونفس الشيء بالنسبة إلى ناشطين في مجال الخردة وقطع الغيار ومحركات السيارات المستعملة ممن يمارسون التحيل الجبائي بطرق مفضوحة، وكذلك أطباء وناشطون بالسوق الموازية ممن يبيضون مداخيلهم عن طريق استثمارات فلاحية صورية كما هو الشأن في سيدي بوزيد ومناطق أخرى إضافة إلى المتحيلين الأجانب الذين يبعثون مشاريع صورية ويجلبون الخردة ويركزونها في مناطق التنمية الجهوية بهدف الحصول على الامتيازات الجبائية مقابل دفع رشاوى ونفس الشيء بالنسبة إلى المتحيلين التونسيين الذيم ينتصبون بصفة صورية بمناطق التنمية الجهوية من أجل الانتفاع بالامتيازات الجبائية وغير الجبائية.
ومن بين المتحيلين الجبائيين حسب وصف النائب، نجد أصحاب اليخوت الراسية بالمواني الترفيهية والتي يقع تحمل مصاريفها من قبل شركات أو اليخوت التي يسجلها أصحاب بعض النزل بأسماء نزلهم لكنهم في الواقع يضعونها على ذمة أفراد عائلتهم لاستعمالها وهو ما يعتبر تحيلا جبائيا مثلهم مثل مستغلي مقاطع الرخام والطين والرمل بطرق غير شرعية وأصحاب الشقق المفروشة بالمناطق السياحية، والشركات المتفرعة عن مجامع أجنبية تقوم بتحويل أرباحها وتهريب العملة من خلال الترفيع في قيمة شراءاتها لدى أعضاء المجمع والتخفيض في قيمة صادرتها.
وذكر النائب أن هذه العينة من المتحيلين الجبائيين تكبد خزينة الدولة خسائر فادحة وهو ما أثبتته دراسة تم انجازها من قبل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سنة 2022.. وتساءل اليحياوي ما إذا كانت وزارة المالية تعتزم تكليف فرقة الأبحاث ومكافحة التهرب الجبائي بهذه الملفات وضبط قائمة في القطاعات التي بها مخاطر جبائية عالية على الخزينة العامة.
وجاء في إجابة وزيرة المالية عن السؤال الكتابي الذي طرحه النائب محمد اليحياوي أن جميع القطاعات سالفة الذكر كانت محل تدخلات من قبل مختلف المصالح الراجعة بالنظر إلى الإدارة العامة للأداءات سواء لتسوية إغفالات أو القيام بمراجعات جبائية أولية أو مراجعات جبائية معمقة أو مراجعات جبائية محدودة ويبقى تكليف فرقة الأبحاث الجبائية ومقاومة التهرب الجبائي لمتابعة بعض الظواهر أو الملفات الشائكة والمتشعبة قائما.
وأشارت الوزيرة إلى أن الإدارة العامة للأداءات تقوم سنويا بإعداد برامج المراجعات الجبائية بالاعتماد على عدة مقاييس موضوعية مع الحرص على أن تكون الملفات المكونة للبرامج متنوعة من حيث الصنف وشاملة للأشخاص الطبيعيين والأشخاص المعنويين، وأن تكون متنوعة من حيث طبيعة الأنشطة من صناعة وتجارة ومهن غير تجارية وغيرها وكذلك متنوعة من حيث طبيعة النظام الجبائي سواء كان حقيقيا أو تقديريا أو على أساس قاعدة تقديرية.
تحليل المخاطر
وأشارت وزيرة المالية في المراسلة التي وجهتها إلى البرلمان للإجابة عن سؤال النائب محمد اليحياوي أن تدخلات الإدارة العامة للأداءات في هذا المجال تتخذ عدة طرق وهي تسوية الإغفالات والمراجعة الأولية والمعمقة والمحدودة وذلك حسب الحالة وحسب تقديرات رؤساء هياكل المراقبة، كما تم تطوير منظومة لانتقاء الملفات حسب المخاطر التي ساهمت في تدعيم نجاعة عمل المراقبة الجبائية من خلال الاعتماد على منهجية تحليل المخاطر لبرمجة الملفات للمراجعة الجبائية وذلك باختيار الملفات التي تكون مراجعتها أكثر مردودية وبإسناد عدد من النقاط لكل مطالب بالضريبة تعكس مستوى مخاطر التهرب الجبائي وفقا لمعايير تم تحديدها وتنفيلها مع الأخذ بعين الاعتبار أهميتها الجبائية، إضافة إلى ضرورة مراجعة الملفات موضوع طلبات استرجاع فائض الأداء الأمر الذي يقتضي تخصيص عدد هام من الأعوان للقيام بهذه المهمات.
نقص في عدد الأعوان
وكشفت وزيرة المالية وجود نقص في عدد الأعوان المكلفين بعمليات المراجعة والمراقبة الميدانية وتسوية الإغفالات وجاء في ردها عن سؤال النائب أن عدد هؤلاء الأعوان لا يتجاوز 2360 ولكن رغم ذلك ما فتئت الإدارة العامة للأداءات تولي الأهمية القصوى لوضع جميع القطاعات تحت أنظارها باستغلال كافة التطبيقات الإعلامية ونظم المعلومات والاستقصاءات المتوفرة لديها لترشيد التدخلات أخذا بعين الاعتبار النقص في عدد الأعوان والوسائل اللوجستية ومراعاة لوضعية المالية العمومية، فمن أوليات الإدارة البحث أقصى ما يمكن على المردودية، واستدلت الوزيرة بإحصائيات أولية مفادها أن عدد التدخلات الجملية لمصالح المراقبة الجبائية خلال سنة 2023 بلغ 149572 مقابل 132183 تدخلا سنة 2022.
وينتظر أن يقع التطرق من جديد إلى ملف التهرب الجبائي والاقتصاد الموازي مساء الثلاثاء القادم خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب والتي سيتم خلالها النظر في مشروع القانون المتعلق بالترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية، ويذكر أن هذا المحور هو من المحاور الإستراتيجية التي تشتغل عليها وزارة المالية من أجل تكريس الامتثال الضريبي وتحسين التصرف في النظام التقديري إلى جانب مواصلة عمليات المسح الميداني التي تم الشروع في انجازها سنة 2022 بهدف التثبت من مدى أحقية المطالبين بالأداء في النظام التقديري، ودعم المراقبة الديوانية والرفع من مردوديتها وفق منهج التصرف في المخاطر فضلا عن تحسين قدرات المراقبين والمحققين..
سعيدة بوهلال
تونس- الصباح
لتوفير موارد إضافية لميزانية الدولة مقابل الحد تدريجيا من نسبة التداين، تتطلع وزارة المالية لأن تكون سنة 2024 سنة إدماج القطاع الموازي ومكافحة التهرب الجبائي، وفي هذا السياق أكدت سهام البوغديري وزيرة المالية خلال الجلسة التي عقدتها لجنة المالية والميزانية يوم 31 جانفي 2024 للنظر في مشروع القانون المتعلق بالترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية، وجود مساع حثيثة لتحقيق هذا الهدف وأشارت إلى أنه تم تركيز لجنة قيادة على مستوى وزارة المالية تتكون من مصالح الديوانة والجباية والمحاسبة والتشريع، وأن اللجنة بدأت تشتغل على هذا الملف، وذكرت أنه سيقع تشريك الوزارات المعنية في أعمال اللجنة مثل وزارات الداخلية والتجارة والعدل وتكنولوجيات الاتصال والصحة.
وقبل اللقاء الذي جمعها بنواب لجنة المالية والميزانية كانت الوزيرة أشرفت مطلع الأسبوع الجاري على أول اجتماع للجنة قيادة برنامج إدماج القطاع الموازي وحسب بلاغ صادر عن وزارة المالية خصص هذا الاجتماع لوضع خارطة طريق من شأنها أن تساعد على إيجاد السبل والإجراءات الكفيلة بإدماج القطاع الموازي ضمن الدورة الاقتصادية المنظمة ليقوم الناشطون فيه بواجباتهم الجبائية ويساهمون في توفير عائدات مالية لخزينة الدولة.
ويعتبر ملف التهرب الجبائي والاقتصاد الموازي من الملفات الحارقة التي طالب أعضاء المجلس النيابي بإدراجها في صدارة أولويات العمل الحكومي وذلك من أجل الحد تدريجيا من نسبة التداين والتوجه نحو التعويل على الموارد الذاتية، كما كان هذا الموضوع محل سؤال كتابي توجه به محمد اليحياوي النائب عن كتلة الأمانة والعمل لوزيرة المالية في إطار الدور الرقابي الذي خوله الفصل 114 من الدستور والفصل 129 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب للنواب وأثار اليحياوي معضلة التهرب الجبائي وتساءل عن مدى تحديد مصالح المراقبة الجبائية للقطاعات ذات المخاطر الجبائية العالية ومدى تعهدها بمتابعتها.. وأشار إلى أنه لا يخفى على وزارة المالية وجود أنشطة مهنية واقتصادية مشهورة بالتحيل الجبائي وهي بهذه الكيفية تكبد الخزينة العامة للدولة سنويا خسائر كبيرة واستعرض النائب عدة أمثلة أوردها على سبيل الذكر لا الحصر..
تحيل جبائي
وتحدث النائب في هذا السياق عن الباعثين العقاريين الذين هم بصدد قبض تسبقات كبيرة من مبيضي الأموال والجرائم الجبائية مقابل وصولات ووعود بالبيع غير مسجلة وتحرير عقود البيع بعد سقوط حق الخزينة العامة أو الذين يقومون بتقسيم أراض فلاحية وغير فلاحية والتفويت فيها دون دفع الأداءات المستوجبة والحال أنه كان بالإمكان التعرف عليهم من خلال القباضات المالية والبلديات والديوان الوطني للملكية العقارية، كما تحدث النائب عن أصحاب المقاهي والمطاعم صنف خمس نجوم الذين استثمروا بالمليارات بضفاف البحيرة والمنازه والمنارات وحي النصر والمركز العمراني الشمالي والمرسى وسيدي بوسعيد وغيرها من المناطق السياحية ويحققون مداخيل كبيرة جدا دون التصريح بها، وكذلك أصحاب المهن الحرة المشهورة بالتحيل الجبائي والتي يرفض أصحابها إصدار مذكرات أتعاب ويصرحون بمبالغ زهيدة بعيدة كل البعد عن الأموال الطائلة التي يجنوها فعليا ونفس الشيء بالنسبة إلى أصحاب دور الضيافة وما شابهها من الإقامات السياحية الأخرى من غير النزل والذين يحققون مداخيل طائلة لا يصرحون بها.
ومن جملة الأنشطة التي أشار إليها اليحياوي تلك التي يقوم بها المضاربون بالخضر والغلال والأسماك من الذين ليست لديهم معرفات جبائية ويحققون مداخيل سنوية تقدر بالمليارات، ونفس الشأن بالنسبة إلى سماسرة السيارات المستعملة والموردين والمصدرين الذين بعثوا شركات بمالطا وبعشرات المناطق الحرة بالإمارات وسويسرا والجنات الضريبية بهدف تهريب العملة وعدم التصريح بمداخيلهم، وكذلك الناشطين في شبكات السياحة الدولة وأصحاب النزل الذين بعثوا وكالات أسفار بالخارج بهدف تهريب مداخليهم وأرباحهم وهو ما تفسره المداخيل الزهيدة للقطاع السياحي مقارنة بعدد السياح.
وقدم النائب محمد اليحياوي أمثلة أخرى لبعض المصحات الخاصة التي تغطي على أطباء يمارسون التحيل الجبائي بصفة مفضوحة من خلال مطالبة المرضى بمنح أتعاب الأطباء نقدا وأحينا بالعملة الصعبة، وكذلك بعض الوسطاء بالبورصة والوكلاء العقاريين الذين حسب وصفه يدوسون على القانون عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمنع غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب من خلال إخفاء مبالغ مالية في بعض العمليات وعدم التصريح بالعمليات التي يقومون بها ونفس الشيء بالنسبة إلى ناشطين في مجال الخردة وقطع الغيار ومحركات السيارات المستعملة ممن يمارسون التحيل الجبائي بطرق مفضوحة، وكذلك أطباء وناشطون بالسوق الموازية ممن يبيضون مداخيلهم عن طريق استثمارات فلاحية صورية كما هو الشأن في سيدي بوزيد ومناطق أخرى إضافة إلى المتحيلين الأجانب الذين يبعثون مشاريع صورية ويجلبون الخردة ويركزونها في مناطق التنمية الجهوية بهدف الحصول على الامتيازات الجبائية مقابل دفع رشاوى ونفس الشيء بالنسبة إلى المتحيلين التونسيين الذيم ينتصبون بصفة صورية بمناطق التنمية الجهوية من أجل الانتفاع بالامتيازات الجبائية وغير الجبائية.
ومن بين المتحيلين الجبائيين حسب وصف النائب، نجد أصحاب اليخوت الراسية بالمواني الترفيهية والتي يقع تحمل مصاريفها من قبل شركات أو اليخوت التي يسجلها أصحاب بعض النزل بأسماء نزلهم لكنهم في الواقع يضعونها على ذمة أفراد عائلتهم لاستعمالها وهو ما يعتبر تحيلا جبائيا مثلهم مثل مستغلي مقاطع الرخام والطين والرمل بطرق غير شرعية وأصحاب الشقق المفروشة بالمناطق السياحية، والشركات المتفرعة عن مجامع أجنبية تقوم بتحويل أرباحها وتهريب العملة من خلال الترفيع في قيمة شراءاتها لدى أعضاء المجمع والتخفيض في قيمة صادرتها.
وذكر النائب أن هذه العينة من المتحيلين الجبائيين تكبد خزينة الدولة خسائر فادحة وهو ما أثبتته دراسة تم انجازها من قبل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية سنة 2022.. وتساءل اليحياوي ما إذا كانت وزارة المالية تعتزم تكليف فرقة الأبحاث ومكافحة التهرب الجبائي بهذه الملفات وضبط قائمة في القطاعات التي بها مخاطر جبائية عالية على الخزينة العامة.
وجاء في إجابة وزيرة المالية عن السؤال الكتابي الذي طرحه النائب محمد اليحياوي أن جميع القطاعات سالفة الذكر كانت محل تدخلات من قبل مختلف المصالح الراجعة بالنظر إلى الإدارة العامة للأداءات سواء لتسوية إغفالات أو القيام بمراجعات جبائية أولية أو مراجعات جبائية معمقة أو مراجعات جبائية محدودة ويبقى تكليف فرقة الأبحاث الجبائية ومقاومة التهرب الجبائي لمتابعة بعض الظواهر أو الملفات الشائكة والمتشعبة قائما.
وأشارت الوزيرة إلى أن الإدارة العامة للأداءات تقوم سنويا بإعداد برامج المراجعات الجبائية بالاعتماد على عدة مقاييس موضوعية مع الحرص على أن تكون الملفات المكونة للبرامج متنوعة من حيث الصنف وشاملة للأشخاص الطبيعيين والأشخاص المعنويين، وأن تكون متنوعة من حيث طبيعة الأنشطة من صناعة وتجارة ومهن غير تجارية وغيرها وكذلك متنوعة من حيث طبيعة النظام الجبائي سواء كان حقيقيا أو تقديريا أو على أساس قاعدة تقديرية.
تحليل المخاطر
وأشارت وزيرة المالية في المراسلة التي وجهتها إلى البرلمان للإجابة عن سؤال النائب محمد اليحياوي أن تدخلات الإدارة العامة للأداءات في هذا المجال تتخذ عدة طرق وهي تسوية الإغفالات والمراجعة الأولية والمعمقة والمحدودة وذلك حسب الحالة وحسب تقديرات رؤساء هياكل المراقبة، كما تم تطوير منظومة لانتقاء الملفات حسب المخاطر التي ساهمت في تدعيم نجاعة عمل المراقبة الجبائية من خلال الاعتماد على منهجية تحليل المخاطر لبرمجة الملفات للمراجعة الجبائية وذلك باختيار الملفات التي تكون مراجعتها أكثر مردودية وبإسناد عدد من النقاط لكل مطالب بالضريبة تعكس مستوى مخاطر التهرب الجبائي وفقا لمعايير تم تحديدها وتنفيلها مع الأخذ بعين الاعتبار أهميتها الجبائية، إضافة إلى ضرورة مراجعة الملفات موضوع طلبات استرجاع فائض الأداء الأمر الذي يقتضي تخصيص عدد هام من الأعوان للقيام بهذه المهمات.
نقص في عدد الأعوان
وكشفت وزيرة المالية وجود نقص في عدد الأعوان المكلفين بعمليات المراجعة والمراقبة الميدانية وتسوية الإغفالات وجاء في ردها عن سؤال النائب أن عدد هؤلاء الأعوان لا يتجاوز 2360 ولكن رغم ذلك ما فتئت الإدارة العامة للأداءات تولي الأهمية القصوى لوضع جميع القطاعات تحت أنظارها باستغلال كافة التطبيقات الإعلامية ونظم المعلومات والاستقصاءات المتوفرة لديها لترشيد التدخلات أخذا بعين الاعتبار النقص في عدد الأعوان والوسائل اللوجستية ومراعاة لوضعية المالية العمومية، فمن أوليات الإدارة البحث أقصى ما يمكن على المردودية، واستدلت الوزيرة بإحصائيات أولية مفادها أن عدد التدخلات الجملية لمصالح المراقبة الجبائية خلال سنة 2023 بلغ 149572 مقابل 132183 تدخلا سنة 2022.
وينتظر أن يقع التطرق من جديد إلى ملف التهرب الجبائي والاقتصاد الموازي مساء الثلاثاء القادم خلال الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب والتي سيتم خلالها النظر في مشروع القانون المتعلق بالترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية، ويذكر أن هذا المحور هو من المحاور الإستراتيجية التي تشتغل عليها وزارة المالية من أجل تكريس الامتثال الضريبي وتحسين التصرف في النظام التقديري إلى جانب مواصلة عمليات المسح الميداني التي تم الشروع في انجازها سنة 2022 بهدف التثبت من مدى أحقية المطالبين بالأداء في النظام التقديري، ودعم المراقبة الديوانية والرفع من مردوديتها وفق منهج التصرف في المخاطر فضلا عن تحسين قدرات المراقبين والمحققين..