إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أمام عدم استيعاب المواطن والفلاح لـقطع الماء .. أي حل لتلبية الحاجيات مقابل تراجع التساقطات؟

 

-أي دور لمعاهد المياه في تونس خاصة في الاستباق والتحذير وفي صياغة مقترحات الحلول؟

تونس- الصباح

تحتضن تونس من الاثنين 5 فيفري الجاري إلى غاية الأربعاء 7 من نفس الشهر المنتدى المتوسطي للمياه الذي ينتظم في نسخته الخامسة ببلادنا وذلك بمساهمة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، "الصوناد"، والديوان الوطني للتطهير وبإشراف المعهد العالمي للمياه الذي ينظم بدوره المنتدى العالمي للمياه ( في شهر ماي) والاتحاد من اجل المتوسط، وبمساهمة المعهد المتوسطي للمياه (مقر كل من المعهدين بمرسيليا الفرنسية) وبحضور عدد هام من المؤسسات والشركات المختصة الوطنية والعالمية من بينها المجمع الفرنسي SUEZ) ) المختص في التصرف في المياه والنفايات وهو موجود في عشرات البلدان.

وقد أعلنت فرنسا لوحدها عن مشاركة ما لا يقل عن 15 شركة فرنسية في الحدث مما يعطينا فكرة حول أهمية الحدث.

ويأتي تنظيم المنتدى في وقت تزداد فيه الإشكاليات في علاقة بالتصرف واستغلال والمياه لاسيما في ظرفية عالمية صعبة ناجمة خاصة عن التقلبات المناخية والجفاف الذي يهدد العديد من المناطق في العالم ومن بينها المنطقة المتوسطية.

ويناقش المنتدى المتوسطي الذي ينعقد كمرحلة تمهيدية للمنتدى العالمي للمياه الذي يقام ببالي باندونيسيا في ماي من العام الجاري، مسألة ترشيد استهلاك المياه وهو يحمل شعار "معا من أجل رصانة مياه مشتركة" ويلتقي في تونس بالمناسبة العديد من الفاعلين في المجال من القطاعين العمومي والخاص من منطقة المتوسط للحوار وتبادل الأفكار والخبرات حول التحديات التي تواجه قطاع المياه والإجراءات ذات الأولوية التي ينبغي اتخاذها للحفاظ على الماء وطرق التصرف الناجعة فيه في ظل ما يشهده العالم من شح للمياه بسبب انتشار الجفاف والكوارث الطبيعية دون أن ننسى كثرة الاستهلاك خاصة في البلدان الصناعية الاستهلاكية التي استنزفت المائدة المائية واستنزفت عموما الموارد الطبيعية متسببة في تلوث هائل الذي يعتبر بدوره سببا في المشاكل المناخية.

المياه وحروب المستقبل

وتونس كما هو معروف ليست من البلدان الأكثر تسببا في تخريب الطبيعة لكنها من البلدان المتضررة مثلها مثل جل البلدان النامية أو الصاعدة التي تتحمل مسؤولية البلدان الأكثر ضررا على العالم. وبلادنا تواجه وخاصة في السنوات الأخيرة تهديدا جديا بالجفاف بعد تراجع نسبة التساقطات مقابل تزايد الطلبات المتزايدة على المياه. وقد أعدت الدولة التونسية إستراتيجية للموارد المائية إلى أفق 2050 وذلك بعد دارسة أولى وضعت أفق 2030 سقفا لها. وقد اتخذت هذه الخطوات ليس فقط من اجل تامين جيد للمياه للأجيال الحالية والقادمة وإنما أيضا لان الحفاظ على ثرواتنا المائية هو مفتاح السيادة الوطنية مثله مثل بقية ثروات البلاد الطبيعية (والبشرية طبعا). والماء هو في قلب كل المعارك الاجتماعية والاقتصادية وأساسا معركة بقاء الإنسان وبقاء الأوطان.

وتقوم الإستراتيجية للحفاظ على موارد البلاد المائية على تغيير أسلوب التصرف واستغلال المياه بطريقة تؤمن هذا المصدر الحيوي للأجيال القادمة وهي ترتكز على ضرورة التحكم والاقتصاد في الماء والاعتماد على تقنية تحلية مياه البحر والمياه الجوفية المالحة وإعادة رسكلة المياه المستعملة والاستفادة منها في بعض المجالات.

ويواجه العالم عموما صعوبات كبيرة في التزود بالمياه خاصة منها المياه الصالحة للشرب ويعتبر موضوع التصرف في المياه واستغلالها موضوع الساعة، حتى أن هناك من يحذر من اندلاع حروب في المستقبل بسبب الماء. ورغم أن الحق في الماء مكفول للجميع في القوانين الدولية ( الجمعية العامة للأمم المتحدة تقر بضرورة توفير ما بين 50 إلى 100 لتر لكل فرد يوميا) إذ من المفروض أن يحصل كل شخص على الكمية الكافية في ظروف معقولة وبأثمان معقولة أيضا، إلا أن أرقاما أممية تفيد بان المياه غير النظيفة من ابرز أسباب وفيات الأطفال في العالم وان أكثر من ملياري شخص لا يصلون إلى خدمات مياه الشرب بأمان وتزيد الحروب والصراعات في تفاقم الأوضاع ولعل العدوان على غزة بفلسطين المتواصل للشهر الرابع على التوالي من أكثر الأدلة تعبيرا على ما يتهدد الإنسان من الحرمان من الماء وخاصة الماء الصالح للشراب.

أين حق الإنسان في عشرات اللترات من الماء يوميا؟

فالسكان بغزة لا يحصلون غالبا حتى عن لتر واحد من الماء كي لا نتحدث عن 50 لترا أو عن 100 لتر لكل شخص التي تنص عليها الأمم المتحدة. وتعتبر المنتديات الإقليمية والعالمية حول المياه مهمة ذلك أن المنتدى الدولي للمياه الذي ينتظم مرة كل ثلاث سنوات (تسعى المملكة السعودية إلى تنظيم دورة 2027) يجمع اغلب الأطراف الفاعلة في المجال ويعتبر منبرا هاما لإيجاد حلول للإشكاليات التي تواجه البلدان في الحصول على المياه واستغلالها والتصرف فيها وهو فرصة للتوعية بقضايا المياه وهو يتوجه بالخصوص لأصحاب القرار، لكن تبقى أهم الهياكل ومراكز البحوث حول المياه خارج بلداننا رغم أنها معنية أكثر بغيرها سواء لأنها تحيطها البحار والمحيطات ولها موارد مائية هامة أو لأنها مهددة في ثرواتها المائية لأسباب متعددة منها الطبيعية أو غير الطبيعية كالنزاعات بين البلدان مثل النزاعات حول تقاسم حصص مياه الأنهار.

والغريب أن بلدا مثل تونس وباستثناء بعض المؤسسات الجامعية في تونس أو داخل الجمهورية المثقلة بالبرامج التعليمية ليس لدينا معاهد مرجعية للمياه تستقطب الباحثين من تونس ومن الخارج وتقوم بدور مهم في الاستباق والتحذير، وقطاع المياه يبقى قطاعا مهمشا نسبيا. وإذا ما عرفنا أن البلاد أمام حتمية تغيير سياساتها من اجل إنجاح إستراتيجيتها حول الماء في أفق 2050 وأيضا لإنجاح استراتيجيها للانتقال الايكولوجي الذي يتطلب تغييرا جذريا لأنماط الإنتاج ومن بينها الإنتاج الزراعي، فإننا ندرك مدى حاجتنا إلى البحث العلمي. ولا يمكن أن ننكر أنه إلى حد الآن لا نلاحظ تحفيزا كبيرا للخبرات العلمية بما في ذلك الخبرات في ارض الهجرة، للإسهام في إيجاد حلول لإشكاليات الماء ومشاكل البيئة والتصرف في النفايات التي تعتبر ابرز مشكل بيئي في البلاد.

حتمية تغيير السياسيات

فالاستراتيجيات تظل منقوصة إن لم تشفع بأمرين اثنين: أولا تحفيز قطاع واسع من البحث العلمي وتحميل الباحثين المسؤولية في إيجاد حلول علمية وعملية لمشاكل المياه وخاصة مشكل ندرة هذا المصدر الحيوي الهام وثانيا توعية المواطن حتى لا تكون الإجراءات التي تتخذ في إطار استراتيجيات العمل، مسقطة وغير مفهومة.

ولنا أن نشير في هذا السياق إلى أنه وفي علاقة وطيدة مع موضوعنا، أي موضوع الماء، هناك عدم استيعاب في تونس لفكرة قطع الماء بشكل دوري على بعض مناطق البلاد دون غيرها. بعض المواطنين يتعاملون مع هذا الإجراء الذي اتخذته الدولة منذ أن أعلنت وزارة الفلاحة عن الدخول في وضعية "الضغط المائي" والذي يتم بمقتضاه اللجوء لقطع الماء على جهات خاصة بالوسط والساحل والجنوب يوميا بداية من المساء ولا يعود إلا صباح اليوم الموالي على أنه ظلم في حقهم.

الفلاحون أيضا لا يستوعبون جيدا الإجراءات المقننة لاستعمال المياه للزراعة، والآمر ينطبق كذلك على قطاع الصيد البحري في علاقة بالبيئة. ومعلوم أيضا أن المواطن التونسي لا يرحب كثيرا بفكرة استغلال المياه المعالجة في الزراعة أو في مجالات أخرى، وهو ما يعني أنه أمامنا عمل كبير من اجل التوعية وتبسيط الأمور حتى لا نبقى، والوضع خطير، في منطق الشعارات والحديث بمصطلحات كبيرة لا تجد صداها لدى من يهمه الأمر بدرجة أولى ونعني بذلك المواطن الذي هو منتج ومستهلك والذي دون تشريكه في كل الاستراتيجيات لا يمكن لأي شيء أن يستقيم.

جدير بالذكر أنه تنتظم خلال المنتدى المتوسطي للمياه بتونس الذي يقام بنزل بالعاصمة ويستمر ثلاثة أيام ( من 5 إلى 7 فيفري) بمشاركة هياكل عمومية وخاصة من بلدان المتوسط عدة موائد مستديرة من بينها مائدة مستديرة حول الاستراتيجيات والحلول المبتكرة وأخرى حول الحلول العاجلة لمواجهة مشاكل الضغط المائي والشح المائي وغيرها. وتتنافس شركات عديدة بالمناسبة لاقتراح حلول تقنية لمشاكل التصرف في المياه وحوكمة القطاع، نتمنى أن يكون فيها نصيب جيد للشركات التونسية وهي موجودة ومن بينها شركات صاعدة مستوعبة للمتغيرات التي يشهدها العالم وتعول على كفاءات مختصة وخاصة تفهم جيدا ماذا تعني التحديات التي تواجهها بلدان مثل تونس في التصرف في الماء.

 حياة السايب

 

 

 

 

 

 

أمام عدم استيعاب المواطن والفلاح لـقطع الماء .. أي حل لتلبية الحاجيات مقابل تراجع التساقطات؟

 

-أي دور لمعاهد المياه في تونس خاصة في الاستباق والتحذير وفي صياغة مقترحات الحلول؟

تونس- الصباح

تحتضن تونس من الاثنين 5 فيفري الجاري إلى غاية الأربعاء 7 من نفس الشهر المنتدى المتوسطي للمياه الذي ينتظم في نسخته الخامسة ببلادنا وذلك بمساهمة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، "الصوناد"، والديوان الوطني للتطهير وبإشراف المعهد العالمي للمياه الذي ينظم بدوره المنتدى العالمي للمياه ( في شهر ماي) والاتحاد من اجل المتوسط، وبمساهمة المعهد المتوسطي للمياه (مقر كل من المعهدين بمرسيليا الفرنسية) وبحضور عدد هام من المؤسسات والشركات المختصة الوطنية والعالمية من بينها المجمع الفرنسي SUEZ) ) المختص في التصرف في المياه والنفايات وهو موجود في عشرات البلدان.

وقد أعلنت فرنسا لوحدها عن مشاركة ما لا يقل عن 15 شركة فرنسية في الحدث مما يعطينا فكرة حول أهمية الحدث.

ويأتي تنظيم المنتدى في وقت تزداد فيه الإشكاليات في علاقة بالتصرف واستغلال والمياه لاسيما في ظرفية عالمية صعبة ناجمة خاصة عن التقلبات المناخية والجفاف الذي يهدد العديد من المناطق في العالم ومن بينها المنطقة المتوسطية.

ويناقش المنتدى المتوسطي الذي ينعقد كمرحلة تمهيدية للمنتدى العالمي للمياه الذي يقام ببالي باندونيسيا في ماي من العام الجاري، مسألة ترشيد استهلاك المياه وهو يحمل شعار "معا من أجل رصانة مياه مشتركة" ويلتقي في تونس بالمناسبة العديد من الفاعلين في المجال من القطاعين العمومي والخاص من منطقة المتوسط للحوار وتبادل الأفكار والخبرات حول التحديات التي تواجه قطاع المياه والإجراءات ذات الأولوية التي ينبغي اتخاذها للحفاظ على الماء وطرق التصرف الناجعة فيه في ظل ما يشهده العالم من شح للمياه بسبب انتشار الجفاف والكوارث الطبيعية دون أن ننسى كثرة الاستهلاك خاصة في البلدان الصناعية الاستهلاكية التي استنزفت المائدة المائية واستنزفت عموما الموارد الطبيعية متسببة في تلوث هائل الذي يعتبر بدوره سببا في المشاكل المناخية.

المياه وحروب المستقبل

وتونس كما هو معروف ليست من البلدان الأكثر تسببا في تخريب الطبيعة لكنها من البلدان المتضررة مثلها مثل جل البلدان النامية أو الصاعدة التي تتحمل مسؤولية البلدان الأكثر ضررا على العالم. وبلادنا تواجه وخاصة في السنوات الأخيرة تهديدا جديا بالجفاف بعد تراجع نسبة التساقطات مقابل تزايد الطلبات المتزايدة على المياه. وقد أعدت الدولة التونسية إستراتيجية للموارد المائية إلى أفق 2050 وذلك بعد دارسة أولى وضعت أفق 2030 سقفا لها. وقد اتخذت هذه الخطوات ليس فقط من اجل تامين جيد للمياه للأجيال الحالية والقادمة وإنما أيضا لان الحفاظ على ثرواتنا المائية هو مفتاح السيادة الوطنية مثله مثل بقية ثروات البلاد الطبيعية (والبشرية طبعا). والماء هو في قلب كل المعارك الاجتماعية والاقتصادية وأساسا معركة بقاء الإنسان وبقاء الأوطان.

وتقوم الإستراتيجية للحفاظ على موارد البلاد المائية على تغيير أسلوب التصرف واستغلال المياه بطريقة تؤمن هذا المصدر الحيوي للأجيال القادمة وهي ترتكز على ضرورة التحكم والاقتصاد في الماء والاعتماد على تقنية تحلية مياه البحر والمياه الجوفية المالحة وإعادة رسكلة المياه المستعملة والاستفادة منها في بعض المجالات.

ويواجه العالم عموما صعوبات كبيرة في التزود بالمياه خاصة منها المياه الصالحة للشرب ويعتبر موضوع التصرف في المياه واستغلالها موضوع الساعة، حتى أن هناك من يحذر من اندلاع حروب في المستقبل بسبب الماء. ورغم أن الحق في الماء مكفول للجميع في القوانين الدولية ( الجمعية العامة للأمم المتحدة تقر بضرورة توفير ما بين 50 إلى 100 لتر لكل فرد يوميا) إذ من المفروض أن يحصل كل شخص على الكمية الكافية في ظروف معقولة وبأثمان معقولة أيضا، إلا أن أرقاما أممية تفيد بان المياه غير النظيفة من ابرز أسباب وفيات الأطفال في العالم وان أكثر من ملياري شخص لا يصلون إلى خدمات مياه الشرب بأمان وتزيد الحروب والصراعات في تفاقم الأوضاع ولعل العدوان على غزة بفلسطين المتواصل للشهر الرابع على التوالي من أكثر الأدلة تعبيرا على ما يتهدد الإنسان من الحرمان من الماء وخاصة الماء الصالح للشراب.

أين حق الإنسان في عشرات اللترات من الماء يوميا؟

فالسكان بغزة لا يحصلون غالبا حتى عن لتر واحد من الماء كي لا نتحدث عن 50 لترا أو عن 100 لتر لكل شخص التي تنص عليها الأمم المتحدة. وتعتبر المنتديات الإقليمية والعالمية حول المياه مهمة ذلك أن المنتدى الدولي للمياه الذي ينتظم مرة كل ثلاث سنوات (تسعى المملكة السعودية إلى تنظيم دورة 2027) يجمع اغلب الأطراف الفاعلة في المجال ويعتبر منبرا هاما لإيجاد حلول للإشكاليات التي تواجه البلدان في الحصول على المياه واستغلالها والتصرف فيها وهو فرصة للتوعية بقضايا المياه وهو يتوجه بالخصوص لأصحاب القرار، لكن تبقى أهم الهياكل ومراكز البحوث حول المياه خارج بلداننا رغم أنها معنية أكثر بغيرها سواء لأنها تحيطها البحار والمحيطات ولها موارد مائية هامة أو لأنها مهددة في ثرواتها المائية لأسباب متعددة منها الطبيعية أو غير الطبيعية كالنزاعات بين البلدان مثل النزاعات حول تقاسم حصص مياه الأنهار.

والغريب أن بلدا مثل تونس وباستثناء بعض المؤسسات الجامعية في تونس أو داخل الجمهورية المثقلة بالبرامج التعليمية ليس لدينا معاهد مرجعية للمياه تستقطب الباحثين من تونس ومن الخارج وتقوم بدور مهم في الاستباق والتحذير، وقطاع المياه يبقى قطاعا مهمشا نسبيا. وإذا ما عرفنا أن البلاد أمام حتمية تغيير سياساتها من اجل إنجاح إستراتيجيتها حول الماء في أفق 2050 وأيضا لإنجاح استراتيجيها للانتقال الايكولوجي الذي يتطلب تغييرا جذريا لأنماط الإنتاج ومن بينها الإنتاج الزراعي، فإننا ندرك مدى حاجتنا إلى البحث العلمي. ولا يمكن أن ننكر أنه إلى حد الآن لا نلاحظ تحفيزا كبيرا للخبرات العلمية بما في ذلك الخبرات في ارض الهجرة، للإسهام في إيجاد حلول لإشكاليات الماء ومشاكل البيئة والتصرف في النفايات التي تعتبر ابرز مشكل بيئي في البلاد.

حتمية تغيير السياسيات

فالاستراتيجيات تظل منقوصة إن لم تشفع بأمرين اثنين: أولا تحفيز قطاع واسع من البحث العلمي وتحميل الباحثين المسؤولية في إيجاد حلول علمية وعملية لمشاكل المياه وخاصة مشكل ندرة هذا المصدر الحيوي الهام وثانيا توعية المواطن حتى لا تكون الإجراءات التي تتخذ في إطار استراتيجيات العمل، مسقطة وغير مفهومة.

ولنا أن نشير في هذا السياق إلى أنه وفي علاقة وطيدة مع موضوعنا، أي موضوع الماء، هناك عدم استيعاب في تونس لفكرة قطع الماء بشكل دوري على بعض مناطق البلاد دون غيرها. بعض المواطنين يتعاملون مع هذا الإجراء الذي اتخذته الدولة منذ أن أعلنت وزارة الفلاحة عن الدخول في وضعية "الضغط المائي" والذي يتم بمقتضاه اللجوء لقطع الماء على جهات خاصة بالوسط والساحل والجنوب يوميا بداية من المساء ولا يعود إلا صباح اليوم الموالي على أنه ظلم في حقهم.

الفلاحون أيضا لا يستوعبون جيدا الإجراءات المقننة لاستعمال المياه للزراعة، والآمر ينطبق كذلك على قطاع الصيد البحري في علاقة بالبيئة. ومعلوم أيضا أن المواطن التونسي لا يرحب كثيرا بفكرة استغلال المياه المعالجة في الزراعة أو في مجالات أخرى، وهو ما يعني أنه أمامنا عمل كبير من اجل التوعية وتبسيط الأمور حتى لا نبقى، والوضع خطير، في منطق الشعارات والحديث بمصطلحات كبيرة لا تجد صداها لدى من يهمه الأمر بدرجة أولى ونعني بذلك المواطن الذي هو منتج ومستهلك والذي دون تشريكه في كل الاستراتيجيات لا يمكن لأي شيء أن يستقيم.

جدير بالذكر أنه تنتظم خلال المنتدى المتوسطي للمياه بتونس الذي يقام بنزل بالعاصمة ويستمر ثلاثة أيام ( من 5 إلى 7 فيفري) بمشاركة هياكل عمومية وخاصة من بلدان المتوسط عدة موائد مستديرة من بينها مائدة مستديرة حول الاستراتيجيات والحلول المبتكرة وأخرى حول الحلول العاجلة لمواجهة مشاكل الضغط المائي والشح المائي وغيرها. وتتنافس شركات عديدة بالمناسبة لاقتراح حلول تقنية لمشاكل التصرف في المياه وحوكمة القطاع، نتمنى أن يكون فيها نصيب جيد للشركات التونسية وهي موجودة ومن بينها شركات صاعدة مستوعبة للمتغيرات التي يشهدها العالم وتعول على كفاءات مختصة وخاصة تفهم جيدا ماذا تعني التحديات التي تواجهها بلدان مثل تونس في التصرف في الماء.

 حياة السايب