عبد الستار السحباني لـ"الصباح": غياب وسائل وآليات المراقبة الفعلية والإعلام الصحي والطبي ساعد على انتشار الظاهرة
تونس - الصباح
رغم تقدم الطب وتطوره في بلادنا وانتشار المستشفيات والمصحات الا أن العديد من لا يزالون يلجأون الى الطب الرعواني لعلاج ذويهم وعوض أن يكون الطب الرعواني سببا في شفائهم يكون سببا في وفاتهم مثلما حصل في قضية الحال.
صباح الشابّي
توفي خلال الثلاثة أيام الماضية طفل يبلغ من العمر تسع سنوات بمدينة جربة بعد معالجته بطريقة رعوانية من قبل والديه وقد أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بمدنين بفتح بحث عدلي في الموضوع.
عن تفاصيل الواقعة أفاد "الصباح " لسعد الحر الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بمدنين وممثل النيابة العمومية أن منطلق الواقعة كان اثر قبول إدارة مستشفى حومة السوق بجربة لطفل يبلغ من العمر تسع سنوات وكان بحالة صحية حرجة جدا توفي بعدها فتم اثر ذلك مراجعة الوحدة الأمنية المختصة وبعد سماع الأبوين من قبلها تبين أن الهالك تعرض الى وعكة صحية حادة خلال الأسبوع الفارط وبعد مرور ثلاثة أيام وعوض أن يتوجها به الى طبيب خاص أو المستشفى أو المصحة خيّرا مداواته رعوانيا فقاما بمعالجته بالرقية الشرعية وباستعمال تراب يقال انه لولي صالح بجهة جربة ظنا منهما انه ممسوس من الجان او مصاب بمس بسبب السحر.
وبمراجعة الوحدة المتعهدة للنيابة العمومية بمدنين في شخص ممثلها القانوني محدثنا لسعد الحر أذن بالاحتفاظ بالأب وإبقاء الأم بحالة سراح وتوجيه تهمة الموت الناتج عن الإهمال والتقصير وإهمال شؤون قاصر وتمت إحالته على الدائرة الجناحية في انتظار مقاضاته من اجل ذلك في انتظار تقرير الطب الشرعي لتحديد الأسباب التي أدت الى الوفاة والتي يرجح ان الطفل تعرض الى نزيف دموي او حالة تسمم في انتظار التشخيص الدقيق للطب الشرعي. وأشار محدثنا أنه تم إعطاء الأبوين ترخيصا بالدفن لطفلهما.
وليست هذه الحادثة الأولى التي تنتهي بوفاة المريض اذ سبق وأن لقيت امرأة تجاوزت الأربعين من عمرها حتفها بمدينة بن قردان اثر مداواتها من طرف شخص بالرقية الشرعية.
ونشير أيضا الى حادثة كانت وقعت خلال 2016 عندما قررت مندوبية الطفولة بتطاوين فتح تحقيق في حادثة تعرض أطفال إلى عملية كي ناتجة عن التداوي بالطب الرّعواني بمنطقة نكريف بمعتمدية رمادة من ولاية تطاوين.
وأكد مندوب الطفولة وقتها أنه اتخذ هذا القرار اثر إشعاره من قبل طبيبة كانت ضمن قافلة صحية عسكرية أجرت فحوصات لأطفال في معتمدية رمادة الجمعة الماضي كانوا يحملون آثار كيّ على مستوى أجسادهم مع وجود تعفنات لدى بعضهم ناتجة عن التداوي بالطب الرعواني لدى إحدى النساء في الجهة.
وتطرح هذه الحوادث خطورة انتشار «الطب الرعواني» في بلادنا فما هي الأسباب التي تدفع بالعديد من المواطنين الى التّداوي بالطب الرعواني؟
حول هذا السؤال أجاب "الصباح" المختص في علم الاجتماع عبد الستار السحباني قائلا بأن الطب الشعبي "الرعواني" في تونس ليس بالجديد فهو يرجع لعقود مضت ومن منا لا يتذكر أزمة 69 عندما ظهرت في تونس ظاهرة اسمها صالحة تداوي بالرعواني بمنطقة مرناق وكان يتردد عليها الكثير من الناس وجعلوها كمتنفس لهم بعد أزمة التعاضد كذلك لا يمكن ان ننسى بعض الصحف التي تروج لهؤلاء الأشخاص الذين يداوون بالأعشاب أو الرقية الشرعية دون أية مراقبة متسائلا هل ان هناك جهات رسمية او صحية كانت تراقب؟ أما المسالة الثالثة وهي مهمة جدا وهي أنه في بلادنا أصبح لدينا نوعان من الطب طب للأغنياء وآخر للفقراء مشيرا أن 20 بالمائة تقريبا من التونسيين يداوون في المصحات الخاصة و80 بالمائة في المستشفيات العمومية التي لا تفي بالحاجة وكلفة الدواء أصبحت باهظة والخدمات ليست في المستوى المطلوب ومن ناحية أخرى فالمصحات الخاصة ليست ممكنة للجميع فضلا عن ذلك فإنه بعد الثورة تطور الفكر الخرافي والتردد على الزوايا ولقي ذلك الفكر الخرافي مساحة كبيرة أمامه وحضورا فلا توجد مراقبة لذلك يرى المتحدث أنه في ظل أزمة الصحة وكلفتها وغياب وسائل واليات المراقبة الفعلية وفي ظل غياب كبير للإعلام الصحي والطبي في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها مرئية، مسموعة أو مكتوبة والبحث عن "البوز" فإن ظاهرة الإقبال على الطب الرعواني ستتفشى أكثر في السنوات القادمة علما وانه طب مكلف جدا وأحيانا كلفته أكثر من الطب العادي ولكن الفرق أن الأول يعطي الأمل.
تعددت الأسباب..
وكان الباحث محمد علياني فسر في تصريح صحفي أسباب انتشار الطب الرعواني في دراسة كان نشرها بعدم توفر الرعاية الصحية بالمناطق الداخلية بالشكل المطلوب وتحديدا غياب مستشفيات بالجهات الداخلية تكون على قدر عال من الحداثة من خلال التجهيزات الضرورية المتطورة للتشخيص وللعلاج إضافة إلى توفير الإطارات والكوادر الطبية المتخصصة والعالية.
كما ذهب في تفسير الظاهرة إلى عدم الرضاء عن خدمات الطب الحديث أو الخوف من مخاطره ومضاعفاته والبحث عن أساليب طبيعية للعلاج أو عجز الطب الحديث عن تفهم ومعالجة الجوانب النفسية للمرضى وفشله في التخفيف من معاناة المصابين بأمراض مزمنة وعدم الثقة في بعض مُمارساته التي لا تتناسب مع معتقداتهم وقيمهم وفلسفتهم ونظرتهم للصحة والحياة خاصة منهم الذين يبحثون عن أسلوب علاجي للشخص ككلّ وليس كجزء.
ويعتمد هذا النوع من الطب وفق نفس الدراسة على النظريات والاعتقادات الخاطئة والخبرات المتأصلة في الثقافات المختلفة بالاستناد الى ممارسات الشعوب من طقوس ذات منشإ ديني بعضها متوارث والأخر مبتكر على مرّ التاريخ سواء كانت قابلة للتوضيح أم لا، تستخدم في الحفاظ على الصحة وتجنب المرض العضوي والنفسي.
ويتم فيها اللجوء الى وسائل الطبيعة الخام لمعالجة الحالة كالشمس والهواء والماء والمعادن والأعشاب والنباتات الطبية وكذلك العلاج بالزيوت العطرية. والطب البديل (التكميلي) يستخدم بشكل متبادل مع الطب التقليدي في بعض البلدان وهو المشاركة الرئيسية بين العلاج بالطب التقليدي المتعارف عليه والعلاج بالطب البديل(التكميلي) في حال كانت هناك دلائل عالية الكفاءة حول الأمان والتأثر.
ويشير الباحث إلى أن أغلب أعمار الشريحة العمرية الأكثر استخداما لمثل هذا النوع من العلاج تفوق سن الـ48 سنة بنسبة ٪80 ويرى أصحابها أنّها طريقة علاجية تتصف بالسهولة ولها نتائج ايجابية تشتمل جلها على الأدوية والمستحضرات والمنتجات العشبية الجاهزة التي تحتوي على عناصر نباتية فاعلة أو على مواد أو تركيبات نباتية أخرى. وتجدر الإشارة إلى ان الخطر الأكبر يتمثل خاصة في سلامة المرضى الذين يختارون استعمال مثل هذا النوع من العلاج حيث يعتقد كثير من الناس أنّ الأدوية العشبية (الطبيعية) أو التقليدية أدوية مأمونة أو أنّها لا تنطوي على أيّ خطر أو ضرر بحكم طبيعتها.
عبد الستار السحباني لـ"الصباح": غياب وسائل وآليات المراقبة الفعلية والإعلام الصحي والطبي ساعد على انتشار الظاهرة
تونس - الصباح
رغم تقدم الطب وتطوره في بلادنا وانتشار المستشفيات والمصحات الا أن العديد من لا يزالون يلجأون الى الطب الرعواني لعلاج ذويهم وعوض أن يكون الطب الرعواني سببا في شفائهم يكون سببا في وفاتهم مثلما حصل في قضية الحال.
صباح الشابّي
توفي خلال الثلاثة أيام الماضية طفل يبلغ من العمر تسع سنوات بمدينة جربة بعد معالجته بطريقة رعوانية من قبل والديه وقد أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بمدنين بفتح بحث عدلي في الموضوع.
عن تفاصيل الواقعة أفاد "الصباح " لسعد الحر الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بمدنين وممثل النيابة العمومية أن منطلق الواقعة كان اثر قبول إدارة مستشفى حومة السوق بجربة لطفل يبلغ من العمر تسع سنوات وكان بحالة صحية حرجة جدا توفي بعدها فتم اثر ذلك مراجعة الوحدة الأمنية المختصة وبعد سماع الأبوين من قبلها تبين أن الهالك تعرض الى وعكة صحية حادة خلال الأسبوع الفارط وبعد مرور ثلاثة أيام وعوض أن يتوجها به الى طبيب خاص أو المستشفى أو المصحة خيّرا مداواته رعوانيا فقاما بمعالجته بالرقية الشرعية وباستعمال تراب يقال انه لولي صالح بجهة جربة ظنا منهما انه ممسوس من الجان او مصاب بمس بسبب السحر.
وبمراجعة الوحدة المتعهدة للنيابة العمومية بمدنين في شخص ممثلها القانوني محدثنا لسعد الحر أذن بالاحتفاظ بالأب وإبقاء الأم بحالة سراح وتوجيه تهمة الموت الناتج عن الإهمال والتقصير وإهمال شؤون قاصر وتمت إحالته على الدائرة الجناحية في انتظار مقاضاته من اجل ذلك في انتظار تقرير الطب الشرعي لتحديد الأسباب التي أدت الى الوفاة والتي يرجح ان الطفل تعرض الى نزيف دموي او حالة تسمم في انتظار التشخيص الدقيق للطب الشرعي. وأشار محدثنا أنه تم إعطاء الأبوين ترخيصا بالدفن لطفلهما.
وليست هذه الحادثة الأولى التي تنتهي بوفاة المريض اذ سبق وأن لقيت امرأة تجاوزت الأربعين من عمرها حتفها بمدينة بن قردان اثر مداواتها من طرف شخص بالرقية الشرعية.
ونشير أيضا الى حادثة كانت وقعت خلال 2016 عندما قررت مندوبية الطفولة بتطاوين فتح تحقيق في حادثة تعرض أطفال إلى عملية كي ناتجة عن التداوي بالطب الرّعواني بمنطقة نكريف بمعتمدية رمادة من ولاية تطاوين.
وأكد مندوب الطفولة وقتها أنه اتخذ هذا القرار اثر إشعاره من قبل طبيبة كانت ضمن قافلة صحية عسكرية أجرت فحوصات لأطفال في معتمدية رمادة الجمعة الماضي كانوا يحملون آثار كيّ على مستوى أجسادهم مع وجود تعفنات لدى بعضهم ناتجة عن التداوي بالطب الرعواني لدى إحدى النساء في الجهة.
وتطرح هذه الحوادث خطورة انتشار «الطب الرعواني» في بلادنا فما هي الأسباب التي تدفع بالعديد من المواطنين الى التّداوي بالطب الرعواني؟
حول هذا السؤال أجاب "الصباح" المختص في علم الاجتماع عبد الستار السحباني قائلا بأن الطب الشعبي "الرعواني" في تونس ليس بالجديد فهو يرجع لعقود مضت ومن منا لا يتذكر أزمة 69 عندما ظهرت في تونس ظاهرة اسمها صالحة تداوي بالرعواني بمنطقة مرناق وكان يتردد عليها الكثير من الناس وجعلوها كمتنفس لهم بعد أزمة التعاضد كذلك لا يمكن ان ننسى بعض الصحف التي تروج لهؤلاء الأشخاص الذين يداوون بالأعشاب أو الرقية الشرعية دون أية مراقبة متسائلا هل ان هناك جهات رسمية او صحية كانت تراقب؟ أما المسالة الثالثة وهي مهمة جدا وهي أنه في بلادنا أصبح لدينا نوعان من الطب طب للأغنياء وآخر للفقراء مشيرا أن 20 بالمائة تقريبا من التونسيين يداوون في المصحات الخاصة و80 بالمائة في المستشفيات العمومية التي لا تفي بالحاجة وكلفة الدواء أصبحت باهظة والخدمات ليست في المستوى المطلوب ومن ناحية أخرى فالمصحات الخاصة ليست ممكنة للجميع فضلا عن ذلك فإنه بعد الثورة تطور الفكر الخرافي والتردد على الزوايا ولقي ذلك الفكر الخرافي مساحة كبيرة أمامه وحضورا فلا توجد مراقبة لذلك يرى المتحدث أنه في ظل أزمة الصحة وكلفتها وغياب وسائل واليات المراقبة الفعلية وفي ظل غياب كبير للإعلام الصحي والطبي في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها مرئية، مسموعة أو مكتوبة والبحث عن "البوز" فإن ظاهرة الإقبال على الطب الرعواني ستتفشى أكثر في السنوات القادمة علما وانه طب مكلف جدا وأحيانا كلفته أكثر من الطب العادي ولكن الفرق أن الأول يعطي الأمل.
تعددت الأسباب..
وكان الباحث محمد علياني فسر في تصريح صحفي أسباب انتشار الطب الرعواني في دراسة كان نشرها بعدم توفر الرعاية الصحية بالمناطق الداخلية بالشكل المطلوب وتحديدا غياب مستشفيات بالجهات الداخلية تكون على قدر عال من الحداثة من خلال التجهيزات الضرورية المتطورة للتشخيص وللعلاج إضافة إلى توفير الإطارات والكوادر الطبية المتخصصة والعالية.
كما ذهب في تفسير الظاهرة إلى عدم الرضاء عن خدمات الطب الحديث أو الخوف من مخاطره ومضاعفاته والبحث عن أساليب طبيعية للعلاج أو عجز الطب الحديث عن تفهم ومعالجة الجوانب النفسية للمرضى وفشله في التخفيف من معاناة المصابين بأمراض مزمنة وعدم الثقة في بعض مُمارساته التي لا تتناسب مع معتقداتهم وقيمهم وفلسفتهم ونظرتهم للصحة والحياة خاصة منهم الذين يبحثون عن أسلوب علاجي للشخص ككلّ وليس كجزء.
ويعتمد هذا النوع من الطب وفق نفس الدراسة على النظريات والاعتقادات الخاطئة والخبرات المتأصلة في الثقافات المختلفة بالاستناد الى ممارسات الشعوب من طقوس ذات منشإ ديني بعضها متوارث والأخر مبتكر على مرّ التاريخ سواء كانت قابلة للتوضيح أم لا، تستخدم في الحفاظ على الصحة وتجنب المرض العضوي والنفسي.
ويتم فيها اللجوء الى وسائل الطبيعة الخام لمعالجة الحالة كالشمس والهواء والماء والمعادن والأعشاب والنباتات الطبية وكذلك العلاج بالزيوت العطرية. والطب البديل (التكميلي) يستخدم بشكل متبادل مع الطب التقليدي في بعض البلدان وهو المشاركة الرئيسية بين العلاج بالطب التقليدي المتعارف عليه والعلاج بالطب البديل(التكميلي) في حال كانت هناك دلائل عالية الكفاءة حول الأمان والتأثر.
ويشير الباحث إلى أن أغلب أعمار الشريحة العمرية الأكثر استخداما لمثل هذا النوع من العلاج تفوق سن الـ48 سنة بنسبة ٪80 ويرى أصحابها أنّها طريقة علاجية تتصف بالسهولة ولها نتائج ايجابية تشتمل جلها على الأدوية والمستحضرات والمنتجات العشبية الجاهزة التي تحتوي على عناصر نباتية فاعلة أو على مواد أو تركيبات نباتية أخرى. وتجدر الإشارة إلى ان الخطر الأكبر يتمثل خاصة في سلامة المرضى الذين يختارون استعمال مثل هذا النوع من العلاج حيث يعتقد كثير من الناس أنّ الأدوية العشبية (الطبيعية) أو التقليدية أدوية مأمونة أو أنّها لا تنطوي على أيّ خطر أو ضرر بحكم طبيعتها.