إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تمويل الجمعيات.. وداديات ومنح غير قانونية.. 530 مليارا قيمة الخسائر المالية لشركة الحلفاء والورق !

 

تونس - الصباح

تحول رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس الأربعاء 31 جانفي 2024 إلى الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بمدينة القصرين واجتمع مع عدد من إطارات الشركة وأعوانها وأكد بأنه لا مجال للتفريط فيها وفي سائر المؤسسات والمنشآت الوطنية.

ووفق ما جاء على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على "الفايسبوك"، فقد تعرض سعيد إلى "العديد من ملفات الفساد وضرورة محاسبة كل من عمل على ضرب هذه المنشأة الوطنية".

إيمان عبد اللطيف

زار رئيس الجمهورية، وفق ما جاء على صفحة رئاسة الجمهورية،"كل أجنحة هذه المؤسسة وعاين العديد من الاخلالات التي ما كانت لها أن تقع لولا السياسة التي تم إتباعها بداية من السنوات الألفين للتفريط فيها، ومواصلة هذه السياسة منذ سنة 2011 حتى يتم فسح المجال للوبيات في الوقت الذي كانت فيه هذه المؤسسة لا تغطي حاجيات السوق التونسية فحسب بل تصدَر منتجاتها إلى عديد الدول. كما تحدث إلى العملة واستمع إلى مشاغلهم والإخلالات الكبرى في مستوى التصرف، مؤكدا أنه لا مجال للتسامح مع من عبث بمقدرات الشعب التونسي".

منذ سنوات بدأت المصاعب والإشكاليات التي تمرّ بها الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق تطفو على صفحات الأخبار ومرورها بصعوبات مالية كارثية دفعت بالعملة والإطارات بهذه الشركة إلى خوض سلسلة من الاحتجاجات والتحركات.

وقد توقف مصنع عجين الحلفاء والورق بالقصرين عن النشاط لمدة 3 سنوات بسبب اقتناء مرجل حراري جديد سنة 2019 من إحدى الشركات التركية بكلفة جملية قدرها 6.5 مليون دينار، تبين بعد تركيبه أنه معطب، وقد تم فتح تحقيق في الغرض.

ليس هذا فقط، فيبدو أنّ الإشكاليات والتجاوزات التي مرّت بها الشركة لا تُحصى ولا تُعد حيث يشوب أغلبها شبهات فساد، ففي تقرير أعّده "مرصد رقابة" تحت عنوان "أزمة الكراس المدعم.. الشجرة التي تُخفي الغابة"، وتمّ نشره منذ 22 سبتمبر 2023على إثر أزمة الكراس المدعم التي أثيرت بداية السنة الدراسية الحالية، بلغت الخسائر المتراكمة للشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق في حدود 530 مليون دينار إلى موفى سنة 2021، 92 بالمائة منها خسائر الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى سنة 2021".

وأضاف التقرير أنّ "هذه الخسائر ناتجة أساسا عن عدم تغطية الإيرادات لتكاليف الإنتاج ذلك أنّ نسبة تغطية إيرادات الاستغلال لأعباء الاستغلال مثلت 3 بالمائة فقط موفى سنة 2021. ولم تتجاوز هذه النسبة الـ39 بالمائة خلال الفترة الممتدة من سنة 2016 إلى سنة 2021. وهذا ما يعني تمويل أكثر من 60 بالمائة من نشاط الاستغلال بواسطة القروض طويلة وقصيرة المدى. وأغلبها قروض خزينة الدولة بقيمة جملية بلغت موفى سنة 2022 ما قدره 300 مليون دينار".

وجاء في التقرير أنّ الشركة قد تحصلت "خلال السنوات السابقة على قروض من المؤسسات البنكية مقابل رهن أراضي بقيمة 77 مليون دينار بالإضافة إلى رهن جملة من الأصول التجارية والمعدات بمبلغ جملي قدر بـ55 مليون دينار".

وأوضح التقرير أنّه "من المتوقع أن تبلغ ديون الشركة 570 مليون دينار موفى سنة 2022، منها 300 مليون دينار قروض خزينة، و65 مليون دينار ديون الشركة تجاه الصناديق الاجتماعية و100 مليون دينار ديون للشركة التونسية للكهرباء والغاز، و105 مليون دينار للمزودين والبنوك ودائنين آخرين".

وكشف التقرير  أنّ الشركة "تحصلت خلال فترة توقفها عن النشاط (2020 – 2022) على قروض خزينة لضمان صرف أجور الأعوان"، ورصد أيضا "استعمالات للموارد في تمويل الجمعيات والوداديات وتذاكر الأكل ومنح غير قانونية وخلاص مصاريف الاستقبالات والإشهار والاستشهار وتكوين الأعوان بالإضافة إلى تكفل الشركة بمصاريف المهمات النقابية".

هذه الأوضاع للشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق ساهمت بشكل كبير في أزمة الكراس المدعم، فقد "شهد الإنتاج الوطني من الورق تراجعا حادا بداية من سنة 2019 حيث بلغت نسبة التراجع 60 بالمائة مقارنة بسنة 2018 ليتواصل التراجع بأكثر حدة سنة 2020 لتسجل سنة 2021 صفر إنتاج نتيجة توقف الشركة تماما عن العمل".

وأوضح التقرير أنه "في أكتوبر 2022 استأنف معمل الحلفاء بالقصرين لإنتاج الورق بعد توقف دام أكثر من ثلاث سنوات اضطرت فيها الدولة للتكفل بفواتير الورق المستورد من الخارج بأسعار مرتفعة. واضطرت أيضا إلى تقليص الكميات المنتجة من الكراس المدعم في ظل عدم إمكان تقليص كميات الكتاب المدرسي الذي لا يمكن تعويضه بمنتوج آخر".

وأكد "مرصد رقابة" أنّ "عمليات التكفل بفواتير شراء الورق تشوبها شبهات تلاعب من قبل بعض المطابع التي تدفع إلى تضخيم الفواتير بأشكال متعددة من التحيل في ظل ضعف الرقابة وانتقائيتها".

في ذات الاتجاه، أوضح التقرير أنّ "مخزون المواد الأولية المتوفر لدى المعمل منذ سنوات، بسبب توقف الإنتاج، من إنتاج كميات كبيرة من الورق المعد للكراس والكتاب المدرسي بلغت 1240 طنا خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2022. ثم تناقص الإنتاج ليظل مرتبطا بإمكانيات توفير المواد الأولية وخاصة عجين الخشب المورد من البرازيل وفنلندا ودول أخرى. في حين تظل أكثر من 9000 طن من الحلفاء مخزنة في مخازن الشركة في انتظار صيانة وحدة "الحلكبة" التي تقوم بتحويل الحلفاء إلى عجينة قابلة للتصدير وبيعها إلى الخارج لتمويل جزء من عمليات توريد الشركة ولتوفير العملة الصعبة". 

تمويل الجمعيات.. وداديات ومنح غير قانونية..    530 مليارا قيمة الخسائر المالية لشركة الحلفاء والورق !

 

تونس - الصباح

تحول رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس الأربعاء 31 جانفي 2024 إلى الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بمدينة القصرين واجتمع مع عدد من إطارات الشركة وأعوانها وأكد بأنه لا مجال للتفريط فيها وفي سائر المؤسسات والمنشآت الوطنية.

ووفق ما جاء على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية على "الفايسبوك"، فقد تعرض سعيد إلى "العديد من ملفات الفساد وضرورة محاسبة كل من عمل على ضرب هذه المنشأة الوطنية".

إيمان عبد اللطيف

زار رئيس الجمهورية، وفق ما جاء على صفحة رئاسة الجمهورية،"كل أجنحة هذه المؤسسة وعاين العديد من الاخلالات التي ما كانت لها أن تقع لولا السياسة التي تم إتباعها بداية من السنوات الألفين للتفريط فيها، ومواصلة هذه السياسة منذ سنة 2011 حتى يتم فسح المجال للوبيات في الوقت الذي كانت فيه هذه المؤسسة لا تغطي حاجيات السوق التونسية فحسب بل تصدَر منتجاتها إلى عديد الدول. كما تحدث إلى العملة واستمع إلى مشاغلهم والإخلالات الكبرى في مستوى التصرف، مؤكدا أنه لا مجال للتسامح مع من عبث بمقدرات الشعب التونسي".

منذ سنوات بدأت المصاعب والإشكاليات التي تمرّ بها الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق تطفو على صفحات الأخبار ومرورها بصعوبات مالية كارثية دفعت بالعملة والإطارات بهذه الشركة إلى خوض سلسلة من الاحتجاجات والتحركات.

وقد توقف مصنع عجين الحلفاء والورق بالقصرين عن النشاط لمدة 3 سنوات بسبب اقتناء مرجل حراري جديد سنة 2019 من إحدى الشركات التركية بكلفة جملية قدرها 6.5 مليون دينار، تبين بعد تركيبه أنه معطب، وقد تم فتح تحقيق في الغرض.

ليس هذا فقط، فيبدو أنّ الإشكاليات والتجاوزات التي مرّت بها الشركة لا تُحصى ولا تُعد حيث يشوب أغلبها شبهات فساد، ففي تقرير أعّده "مرصد رقابة" تحت عنوان "أزمة الكراس المدعم.. الشجرة التي تُخفي الغابة"، وتمّ نشره منذ 22 سبتمبر 2023على إثر أزمة الكراس المدعم التي أثيرت بداية السنة الدراسية الحالية، بلغت الخسائر المتراكمة للشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق في حدود 530 مليون دينار إلى موفى سنة 2021، 92 بالمائة منها خسائر الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى سنة 2021".

وأضاف التقرير أنّ "هذه الخسائر ناتجة أساسا عن عدم تغطية الإيرادات لتكاليف الإنتاج ذلك أنّ نسبة تغطية إيرادات الاستغلال لأعباء الاستغلال مثلت 3 بالمائة فقط موفى سنة 2021. ولم تتجاوز هذه النسبة الـ39 بالمائة خلال الفترة الممتدة من سنة 2016 إلى سنة 2021. وهذا ما يعني تمويل أكثر من 60 بالمائة من نشاط الاستغلال بواسطة القروض طويلة وقصيرة المدى. وأغلبها قروض خزينة الدولة بقيمة جملية بلغت موفى سنة 2022 ما قدره 300 مليون دينار".

وجاء في التقرير أنّ الشركة قد تحصلت "خلال السنوات السابقة على قروض من المؤسسات البنكية مقابل رهن أراضي بقيمة 77 مليون دينار بالإضافة إلى رهن جملة من الأصول التجارية والمعدات بمبلغ جملي قدر بـ55 مليون دينار".

وأوضح التقرير أنّه "من المتوقع أن تبلغ ديون الشركة 570 مليون دينار موفى سنة 2022، منها 300 مليون دينار قروض خزينة، و65 مليون دينار ديون الشركة تجاه الصناديق الاجتماعية و100 مليون دينار ديون للشركة التونسية للكهرباء والغاز، و105 مليون دينار للمزودين والبنوك ودائنين آخرين".

وكشف التقرير  أنّ الشركة "تحصلت خلال فترة توقفها عن النشاط (2020 – 2022) على قروض خزينة لضمان صرف أجور الأعوان"، ورصد أيضا "استعمالات للموارد في تمويل الجمعيات والوداديات وتذاكر الأكل ومنح غير قانونية وخلاص مصاريف الاستقبالات والإشهار والاستشهار وتكوين الأعوان بالإضافة إلى تكفل الشركة بمصاريف المهمات النقابية".

هذه الأوضاع للشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق ساهمت بشكل كبير في أزمة الكراس المدعم، فقد "شهد الإنتاج الوطني من الورق تراجعا حادا بداية من سنة 2019 حيث بلغت نسبة التراجع 60 بالمائة مقارنة بسنة 2018 ليتواصل التراجع بأكثر حدة سنة 2020 لتسجل سنة 2021 صفر إنتاج نتيجة توقف الشركة تماما عن العمل".

وأوضح التقرير أنه "في أكتوبر 2022 استأنف معمل الحلفاء بالقصرين لإنتاج الورق بعد توقف دام أكثر من ثلاث سنوات اضطرت فيها الدولة للتكفل بفواتير الورق المستورد من الخارج بأسعار مرتفعة. واضطرت أيضا إلى تقليص الكميات المنتجة من الكراس المدعم في ظل عدم إمكان تقليص كميات الكتاب المدرسي الذي لا يمكن تعويضه بمنتوج آخر".

وأكد "مرصد رقابة" أنّ "عمليات التكفل بفواتير شراء الورق تشوبها شبهات تلاعب من قبل بعض المطابع التي تدفع إلى تضخيم الفواتير بأشكال متعددة من التحيل في ظل ضعف الرقابة وانتقائيتها".

في ذات الاتجاه، أوضح التقرير أنّ "مخزون المواد الأولية المتوفر لدى المعمل منذ سنوات، بسبب توقف الإنتاج، من إنتاج كميات كبيرة من الورق المعد للكراس والكتاب المدرسي بلغت 1240 طنا خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2022. ثم تناقص الإنتاج ليظل مرتبطا بإمكانيات توفير المواد الأولية وخاصة عجين الخشب المورد من البرازيل وفنلندا ودول أخرى. في حين تظل أكثر من 9000 طن من الحلفاء مخزنة في مخازن الشركة في انتظار صيانة وحدة "الحلكبة" التي تقوم بتحويل الحلفاء إلى عجينة قابلة للتصدير وبيعها إلى الخارج لتمويل جزء من عمليات توريد الشركة ولتوفير العملة الصعبة".