إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد فرنسا .. الايطاليون الأكثر استثمارا في تونس..

 

 

تونس- الصباح 

الحديث الثنائي الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيسة الوزراء جورجيا ميلوني أول أمس الاثنين، نص على تدعيم العلاقات الاقتصادية بين البلدين التي تعرف نموا واضحا بالأرقام خلال السنوات الأخيرة. كما لم يغب عليه موضوع الهجرة التي تبقى الملف الأكثر إحراجا للجانب التونسي أمام ما يواجهه التونسيون من انتهاكات وتجاوزات على الأراضي الايطالية داخل مراكز الإيقاف، لتخلق  موازنة غير عادلة بين الدولتين استثمارات ونمو في رقم معاملات ايطالية يقابله تهجير قسري وانتهاكات للمهاجرين التونسيين. 

ومثلت ايطاليا أحد أبرز الشركاء الاقتصاديين لتونس في الخمسين عاما الماضية، حتى أنها أصبحت الشريك الاقتصادي الأول لها سنة 2022، قبل الصين التي تحتل المرتبة الثانية وفرنسا التي تراجعت إلى المرتبة الثالثة. 

وبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين، نحو الـ 7085 مليون اورو أي ما يعادل الـ 24000 مليون دينار تونسي. في المقابل صدرت تونس سلعا بقيمة 3121 مليون يورو واستوردت سلعا إيطالية بقيمة 3964 مليون يورو أي أنّ هناك عجزا بنسبة 20% تقريبا.

وإذا ما استثنينا قطاع الطاقة يمكن القول أن الاستثمارات الايطالية حاضرة  بقوة في تونس، فهناك ما يقارب 800 شركة ضخ فيها رأسمال إيطالي إمّا بشكل كامل أو بالشراكة مع تونسيين وأجانب آخرين، وهي شركات تشغل قرابة الـ 70000 تونسي. وبذلك يكون الإيطاليون الأكثر استثمارا في تونس بعد الفرنسيين.

لكن هذا التطور في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لا يحمل في طياته معاملة بالمثل في علاقة بحرية التنقل بين البلدين أين يواجه التونسيون منذ سنوات انتهاكات وسوء معاملة وتمييز من الجانب الايطالي، رغم ما تحمله التصريحات من وعود بحصص في الهجرة المنظمة لفائدة التونسيين وما تعلن عنه الاتفاقيات من تغيير في سياسات ايطاليا الخارجية. 

ويشير رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنسق قسم الهجرة، في تصريحه لـ"الصباح"  إلى انه بالنسبة لقمة روما من حيث الشكل والتوقيت، لا تعتبر حدثا جديدا إذ تم تنظيم قمم في ما مضى جمعت دولا من إفريقيا والصين وألمانيا تهدف إلى تدعيم تواجدها في المنطقة ونفس الأمر يسحب على ايطاليا التي تريد اليوم من خلال عقدها قمة روما، الظفر بدرجة أولى بتموقع جديد داخل إطار الاتحاد الأوروبي والظهور كلاعب رئيسي في علاقته بإفريقيا وفي مستوى تأثيرها على السياسات الأوروبية. ثم بدرجة ثانية تعمل من خلال عقدها لعلاقات متقدمة مع دول إفريقيا إلى الدفاع عن موقعها في إفريقيا بعد الصراع الإيطالي الفرنسي، حول الطاقة ومصادرها في دول إفريقيا، ووجه الاختلاف هي اعتمادها لطريقة وخطاب جديد له نفس الأهداف، على حد توصيفه . 

وفيما يهم التعاون الاقتصادي وملف الهجرة، سبقت أيضا قمة روما مسارات قديمة في إطار التعاون بين الدول المشاركة على غرار مسار الخرطوم ومسار بودابست والذي جمع دولا افريقية بدول أوروبية وكانت لقاءات كرست للأسف النظرة الأحادية بين دول الشمال ودول الجنوب. 

وتبدأ هذه الرؤية الأحادية من مشروع الرؤية لبرنامج "ماتي" الذي انطلق وفق رؤية ومقاربة ايطالية للتعاون بين ايطاليا ودول إفريقيا، بمعنى أن الدول الإفريقية لم تكن طرفا في بلورة هذه الخطة وفي ضبط شكل الاتفاق أو مراحله. (وتهدف خطة ماتي، وهي مشروع إستراتيجي على المستوى الجيوسياسي، إلى النظر إلى إفريقيا على قدم المساواة، بعيدا عن منطق الخيرية أو الأبوية أو الرفاهية، وتعميق الشراكات القديمة وإقامة شراكات جديدة في إفريقيا، ومراعاة مصالح كافة الأطراف المعنية، وفق تصريحات الجانب الايطالي).

وفسر بن عمر طبيعية الخطة المعتمدة بالقول إنها تقوم على عدد من الشعارات الدعائية، رؤية جديدة للعلاقة بين أوروبا وإفريقيا، ما بعد الاستعمار ودحض المنطق الأبوي لكن هي في الحقيقة هو اتفاق بصدد تكريس نفس المنطق باعتبار انه ينبني على حاجيات ايطالية بالأساس، وهي ثنائية الطاقة والهجرة غير النظامية. 

وبالنسبة للملف الطاقي الذي أصبح مطروحا بقوة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، ومع تراجع النفوذ الفرنسي في المنطقة، دفع ايطاليا إلى البحث عن موطئ قدم في إفريقيا من خلال تدعيم تواجد شركاتها في دول إفريقيا. 

أما بالنسبة للملف الثاني الذي يهم الهجرة غير النظامية، فقال بن عمر  انه اليوم يتم فيه التسويق بطريقة غير مباشرة لأنموذج التعاون التونسي الايطالي الذي تجلى بالأساس في مذكرة التفاهم الأخيرة والتي يرى الأوروبيون أنها ساهمت في الحد من حجم التدفقات. 

وقال أيضا "نلاحظ في علاقة بالهجرة اعتماد الطرفان التونسي والايطالي لنفس المقاربات، فلم نر حديثا وعملا فعليا في علاقة بوضعية المهاجرين، وفيما يتعلق خاصة بالانتهاكات التي يتعرض لها النظاميين منهم وغير النظاميين في ايطاليا وداخل مراكز الاحتجاز ومنها حالات الانتحار وحالات الموت المستراب والترحيل القسري". 

وفي العموم يعتبر رمضان بن عمر أن ايطاليا قد نجحت اليوم في تكريس رؤيتها لقضية الهجرة في علاقتها مع تونس ومع دول إفريقيا، وهو نجاح يحسب لميلوني، نجاح ظرفي لان موجات الهجرة التي انخفضت نتيجة الظروف المناخية غير الملائمة  خاصة سرعان ما سترتفع من جديد مع تحسن الطقس عبر نفس الطرق الهجرية القديمة أو عبر طرق هجرية جديدة، وفق تعبيره .   

 

ريم سوودي

بعد فرنسا  ..   الايطاليون الأكثر استثمارا في تونس..

 

 

تونس- الصباح 

الحديث الثنائي الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيسة الوزراء جورجيا ميلوني أول أمس الاثنين، نص على تدعيم العلاقات الاقتصادية بين البلدين التي تعرف نموا واضحا بالأرقام خلال السنوات الأخيرة. كما لم يغب عليه موضوع الهجرة التي تبقى الملف الأكثر إحراجا للجانب التونسي أمام ما يواجهه التونسيون من انتهاكات وتجاوزات على الأراضي الايطالية داخل مراكز الإيقاف، لتخلق  موازنة غير عادلة بين الدولتين استثمارات ونمو في رقم معاملات ايطالية يقابله تهجير قسري وانتهاكات للمهاجرين التونسيين. 

ومثلت ايطاليا أحد أبرز الشركاء الاقتصاديين لتونس في الخمسين عاما الماضية، حتى أنها أصبحت الشريك الاقتصادي الأول لها سنة 2022، قبل الصين التي تحتل المرتبة الثانية وفرنسا التي تراجعت إلى المرتبة الثالثة. 

وبلغ حجم المبادلات التجارية بين البلدين، نحو الـ 7085 مليون اورو أي ما يعادل الـ 24000 مليون دينار تونسي. في المقابل صدرت تونس سلعا بقيمة 3121 مليون يورو واستوردت سلعا إيطالية بقيمة 3964 مليون يورو أي أنّ هناك عجزا بنسبة 20% تقريبا.

وإذا ما استثنينا قطاع الطاقة يمكن القول أن الاستثمارات الايطالية حاضرة  بقوة في تونس، فهناك ما يقارب 800 شركة ضخ فيها رأسمال إيطالي إمّا بشكل كامل أو بالشراكة مع تونسيين وأجانب آخرين، وهي شركات تشغل قرابة الـ 70000 تونسي. وبذلك يكون الإيطاليون الأكثر استثمارا في تونس بعد الفرنسيين.

لكن هذا التطور في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، لا يحمل في طياته معاملة بالمثل في علاقة بحرية التنقل بين البلدين أين يواجه التونسيون منذ سنوات انتهاكات وسوء معاملة وتمييز من الجانب الايطالي، رغم ما تحمله التصريحات من وعود بحصص في الهجرة المنظمة لفائدة التونسيين وما تعلن عنه الاتفاقيات من تغيير في سياسات ايطاليا الخارجية. 

ويشير رمضان بن عمر المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ومنسق قسم الهجرة، في تصريحه لـ"الصباح"  إلى انه بالنسبة لقمة روما من حيث الشكل والتوقيت، لا تعتبر حدثا جديدا إذ تم تنظيم قمم في ما مضى جمعت دولا من إفريقيا والصين وألمانيا تهدف إلى تدعيم تواجدها في المنطقة ونفس الأمر يسحب على ايطاليا التي تريد اليوم من خلال عقدها قمة روما، الظفر بدرجة أولى بتموقع جديد داخل إطار الاتحاد الأوروبي والظهور كلاعب رئيسي في علاقته بإفريقيا وفي مستوى تأثيرها على السياسات الأوروبية. ثم بدرجة ثانية تعمل من خلال عقدها لعلاقات متقدمة مع دول إفريقيا إلى الدفاع عن موقعها في إفريقيا بعد الصراع الإيطالي الفرنسي، حول الطاقة ومصادرها في دول إفريقيا، ووجه الاختلاف هي اعتمادها لطريقة وخطاب جديد له نفس الأهداف، على حد توصيفه . 

وفيما يهم التعاون الاقتصادي وملف الهجرة، سبقت أيضا قمة روما مسارات قديمة في إطار التعاون بين الدول المشاركة على غرار مسار الخرطوم ومسار بودابست والذي جمع دولا افريقية بدول أوروبية وكانت لقاءات كرست للأسف النظرة الأحادية بين دول الشمال ودول الجنوب. 

وتبدأ هذه الرؤية الأحادية من مشروع الرؤية لبرنامج "ماتي" الذي انطلق وفق رؤية ومقاربة ايطالية للتعاون بين ايطاليا ودول إفريقيا، بمعنى أن الدول الإفريقية لم تكن طرفا في بلورة هذه الخطة وفي ضبط شكل الاتفاق أو مراحله. (وتهدف خطة ماتي، وهي مشروع إستراتيجي على المستوى الجيوسياسي، إلى النظر إلى إفريقيا على قدم المساواة، بعيدا عن منطق الخيرية أو الأبوية أو الرفاهية، وتعميق الشراكات القديمة وإقامة شراكات جديدة في إفريقيا، ومراعاة مصالح كافة الأطراف المعنية، وفق تصريحات الجانب الايطالي).

وفسر بن عمر طبيعية الخطة المعتمدة بالقول إنها تقوم على عدد من الشعارات الدعائية، رؤية جديدة للعلاقة بين أوروبا وإفريقيا، ما بعد الاستعمار ودحض المنطق الأبوي لكن هي في الحقيقة هو اتفاق بصدد تكريس نفس المنطق باعتبار انه ينبني على حاجيات ايطالية بالأساس، وهي ثنائية الطاقة والهجرة غير النظامية. 

وبالنسبة للملف الطاقي الذي أصبح مطروحا بقوة بعد الحرب الروسية الأوكرانية، ومع تراجع النفوذ الفرنسي في المنطقة، دفع ايطاليا إلى البحث عن موطئ قدم في إفريقيا من خلال تدعيم تواجد شركاتها في دول إفريقيا. 

أما بالنسبة للملف الثاني الذي يهم الهجرة غير النظامية، فقال بن عمر  انه اليوم يتم فيه التسويق بطريقة غير مباشرة لأنموذج التعاون التونسي الايطالي الذي تجلى بالأساس في مذكرة التفاهم الأخيرة والتي يرى الأوروبيون أنها ساهمت في الحد من حجم التدفقات. 

وقال أيضا "نلاحظ في علاقة بالهجرة اعتماد الطرفان التونسي والايطالي لنفس المقاربات، فلم نر حديثا وعملا فعليا في علاقة بوضعية المهاجرين، وفيما يتعلق خاصة بالانتهاكات التي يتعرض لها النظاميين منهم وغير النظاميين في ايطاليا وداخل مراكز الاحتجاز ومنها حالات الانتحار وحالات الموت المستراب والترحيل القسري". 

وفي العموم يعتبر رمضان بن عمر أن ايطاليا قد نجحت اليوم في تكريس رؤيتها لقضية الهجرة في علاقتها مع تونس ومع دول إفريقيا، وهو نجاح يحسب لميلوني، نجاح ظرفي لان موجات الهجرة التي انخفضت نتيجة الظروف المناخية غير الملائمة  خاصة سرعان ما سترتفع من جديد مع تحسن الطقس عبر نفس الطرق الهجرية القديمة أو عبر طرق هجرية جديدة، وفق تعبيره .   

 

ريم سوودي