إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وزير الخارجية في لقاء إعلامي: الدبلوماسية الاقتصادية مفعّلة وتوجه نحو إرساء إستراتيجية موحدة بين كل هياكل الدولة

 

-  لا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد في المشهد العالمي الجديد والاقتصاد المحرك الرئيسي في طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين الدول

-   برنامج “اِبتكار” لتثمين “السمة الوطنية” وتحقيق نجاعة أكثر بالخارج

             

 تونس-الصباح

في سابقة تعد الأولى من نوعها طيلة السنوات الأخيرة، تنظم فيها وزارة الخارجية ملتقى إعلاميا حول الدبلوماسية الاقتصادية، للوقوف عند مفهومها الحقيقي وأهميتها في دفع اقتصاد البلاد وهامش تدخل كل هياكل الدولة في هذا المجال، وكذلك للإجابة عن التساؤلات التي ظلت لسنوات تحوم بين التونسيين حول ما إذا كانت مفعلة على ارض الواقع أم أنها من المجالات المجمدة ؟؟؟؟

حول هذه التساؤلات والإشكاليات التي تصاحب الدبلوماسية الاقتصادية في تونس، تحدث وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، نبيل عمار،  لعدد من ممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، المتخصصين في الشأن الاقتصادي، في خطوة وصفت بالايجابية في ظل التعتيم الإعلامي والشح الكبير في المعلومات في الآونة الأخيرة، وكان ذلك خلال لقاء إعلامي انتظم بحر الأسبوع المنقضي في مقر الأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس.

وأمام غموض مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية لدى الرأي العام، أوضح الوزير تفاصيل هذا المجال وهامش تدخل وزارته ومختلف الإشكاليات التي تواجه الدبلوماسية الاقتصادية في بلادنا، والتي على رأسها التنسيق بين مختلف مؤسسات وهياكل الدولة والأطراف المتدخلة، فضلا عن ضعف الموارد المالية المرصودة للوزارة وللإدارة العامة للدبلوماسية الاقتصادية من قبل الدولة..

بالمقابل، أكد الوزير على أهمية المجهودات المبذولة من قبل الوزارة والأولوية التي توليها للدبلوماسية الاقتصادية في برنامج عملها وفي نشاط البعثات التونسية بالخارج، مضيفا أن ضعف النتائج في هذا المجال تعود بالأساس إلى الصعوبات الهيكلية والإكراهات التي تحد من نجاعة الدبلوماسية الاقتصادية، مما رفّع في منسوب الأفكار المسبقة حول أداء الوزارة في هذا المجال...

وشدد الوزير في هذا اللقاء على أهمية دور الوزارة والدبلوماسية التونسية في دفع اقتصاد البلاد، رغم محدودية التمويلات المرصودة لميزانيتها والتي لا تتجاوز الـ 0,59 بالمائة من مجموع ميزانية الدولة العمومية،  إلى جانب ضعف الزاد البشري في العمل الدبلوماسي صلب الإدارة العامة للدبلوماسية الاقتصادية.

وفي ما يتعلق بدور الوزارة في دفع التعاون المالي الثنائي بين تونس وبلدان خارجية، فقد أكد الوزير أن نسق التشاور واللقاءات الثنائية متواصل ولم ينقطع، وقامت الوزارة بالعديد من الاجتماعات لتحصيل الدعم المالي من خلال الزيارات الميدانية والترويج لصورة تونس في الخارج وهو من صميم مشمولات عملها،حسب تعبيره.

ومن خلال إجابته عن عدد من أسئلة الصحافيين الاقتصاديين خلال الملتقى، والتي تتعلق بطريقة تعامل الوزارة مع الإعلام، فقد أوضح الوزير أهمية دور الصحافة والإعلام في إشعاع صورة تونس وفي معاضدة المجهود الوطني، مشددا على أهمية استقاء المعلومات من المصدر ويعني هنا الوزارة،  في إشارة إلى أهمية التعاون والتشارك البيني مع الإعلام ولعل هذا اللقاء ابرز داعم لهذا التوجه....

كما أكد الوزير في نفس السياق، على أهمية مزيد إحكام التنسيق بين مختلف مؤسسات الدولة وهياكلها في الداخل وفي الخارج على حد السواء من أجل إرساء إستراتيجية موحدة في مجال الدبلوماسية الاقتصادية حتى لا تتشتت كل المجهودات المبذولة في هذا المجال، وتحصل الإفادة لدفع وتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية عموما...

وكانت  هذه التوصيات التي أرادت الوزارة أن تطلقها من خلال اللقاء الإعلامي بمثابة الخطوات الايجابية التي ستلقي بضلالها في قادم الأيام بالنظر إلى أهمية دور الإعلام  في دفع الدبلوماسية الاقتصادية التي بقيت لسنوات محل جدال بين ساسة البلاد والرأي العام في تونس....

وكانت العديد من الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني قد طالبت بأهمية تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية على النحو الأمثل كما هو متعارف عليه في أنحاء دول العالم لما لها من دور مهم في دفع اقتصاد البلاد خاصة في ما يتعلق باستقطاب الاستثمارات الأجنبية وتعبئة التمويلات الخارجية...

حتى أن العديد من المراقبين في الشأن المالي والاقتصادي، دعوا إلى ضرورة إحداث وزارة خاصة بهذا المجال أو عودة تعيين خطة كاتب دولة مكلف بالدبلوماسية الاقتصادية، نظرا لأهمية هذا المجال في دفع اقتصاد البلاد والتوجه إلى إرساء خطط وبرامج عمل جديدة تساير التغيرات الجيوساسية في العالم والتي على رأسها الحروب الدائرة حاليا، والتغير الحاصل في  خارطة علاقات الدول العالمية...

فاليوم، لا يمكن للدولة أن تبقى حبيسة العلاقات الدبلوماسية القديمة والتقليدية المحصورة في تنظيم اللقاءات وجمع المعلومات، بل يتعين على بلادنا تفعيل هذه الدبلوماسية الاقتصادية باعتبارها عاملا أساسيا من عوامل النفوذ والنمو، وإقامة العلاقات بين الدول على أسس جديدة والمحافظة على مصالحها بكل اقتدار.

كما انه من المستحيل فصل السياسة عن الاقتصاد في المشهد العالمي الجديد لان الاقتصاد أصبح المحرك الرئيسي في طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين الدول، وبالتالي صارت الدبلوماسية الاقتصادية فرعا من فروع الدبلوماسية الحديثة، وأداة مهمة لتنفيذ السياسة الخارجية للدول.

"ابتكار" من أبرز برامج أنشطة الدبلوماسية الاقتصادية 

وللوقوف عند المفهوم الحقيقي للدبلوماسية الاقتصادية في تونس، فان وزارة الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج هي التي تشرف على نشاطها وتقوم بدور هام لدعم النشاط الاقتصادي بالخارج والتنسيق بين مختلف المتدخلين على المستويين الوطني والخارجي من القطاعين العام والخاص، دون أن تدخل في نشاط بقية هياكل الدولة المتدخلة في هذا المجال والمعنية أساسا بالشأن الاقتصادي، على غرار وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي ومركز النهوض بالصادرات ومنظمات الأعراف.

وتعتبر الدبلوماسية الاقتصادية، جزءا هاما من الدبلوماسية، وتتمثل في مختلف الأنشطة الرامية إلى خدمة المصالح الاقتصادية الوطنية لاسيما حماية المؤسسات التونسية العاملة بالخارج وتعزيز تواجدها وجذب الاستثمارات المباشرة الأجنبية ودعم الصادرات، من خلال ربط العلاقات المؤسساتية وبناء شبكة علاقات قوية. وفي هذا السياق، تعد وزارة الخارجية طرفا إلى جانب أطراف وهياكل أخرى تعنى بعمليات استقطاب الاستثمار الخارجي والتصدير على غرار وزارات التجارة والمالية والنقل ومصالح الديوانة ومجلس نواب الشعب، مما يتطلب أهمية بالغة في إنجاح التنسيق بين كافة المتدخلين التونسيين وتضافر جهودها.

وتساهم الدبلوماسية في بعدها الاقتصادي وكذلك الثقافي في تثمين صورة تونس الايجابية والمتميزة وذلك من خلال “السمة الوطنية“ أو “علامة البلد" (Nation Branding)، وتعتمد وزارة الخارجية في دبلوماسيتها الاقتصادية على مجهودات إدارتها المركزية، فضلا عن أكبر شبكة تمثيليات تونسية في الخارج، البعثات الدبلوماسية والدائمة والقنصلية، للترويج للسياسات العامّة والاستراتيجيات الوطنية والمؤسسات الخاصة والعامّة لدعم الاقتصاد الوطني.

واعتبارا للجانب الاقتصادي للدّبلوماسية، تمّ إحداث صلب وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج إدارة عامة تُعنى بالدبلوماسية الاقتصادية والثقافية منذ 2018، وتم تعزيز صلاحياتها ضمن التنظيم الهيكلي الجديد الصادر بمقتضى الأمر الرئاسي رقم 531 الصادر في 20 جويلية 2023.

ومن أبرز البرامج التي تطلقها وتعدها وزارة الخارجية لتنشيط وتفعيل دبلوماسيتها الاقتصادية، تعمل البعثات الدبلوماسية بالخارج باستمرار على وضع برامج عمل ترويجية سنوية للتعريف بفرص الأعمال المتصلة بالصادرات والاستثمارات وربط الصلة بين المؤسسات التونسية والشركاء المعنيين بالمنتجات والخدمات التونسية، فضلا عن تثمين “السمة الوطنية” من ذلك تم وضع برنامج خاص “اِبتكار” يقوم على مقاربة حسب الأهداف ترمي إلى توحيد وتعزيز جهود وإمكانيات جميع المتداخلين على المستوى الوطني بهدف تحقيق نجاعة أكثر بالخارج والمساهمة في إرساء إستراتيجية وطنية لدبلوماسية اقتصادية وثقافية موحدة ومتكاملة وفعالة.

وتعمل البعثات في إطار هذا البرنامج على تطوير مقاربة اندماجية شاملة مع الجالية التونسية بهدف إشراكها في الأنشطة الترويجية الاقتصادية والثقافية، ولمعاضدة المجهود التنموي الوطني وتعزيز تموقع تونس في الخارج، سعت الوزارة إلى توسيع شبكة الاتفاقيات الإطارية للتعاون والشراكة مع مؤسسات الدعم الوطنية التي لها تمثيليات بالخارج على غرار؛ مركز النهوض بالصادرات، الوكالة الوطنية للاستثمار الخارجي، الديوان الوطني للسياحة.

كما تحرص الوزارة على تكثيف اللقاءات مع منظمات الأعراف ورجال الأعمال والغرف التجارية وإرساء تفاعل مهيكل مع القطاع الخاص من خلال آلية التشاور والتنسيق لتنظيم المهمات الاقتصادية وبعثات رجال الأعمال المشتركة بهدف تأمين الحضور التونسي في الخارج، حيث تم في الغرض إمضاء اتفاقية للتعاون والشراكة مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وتكثيف التشاور والتنسيق لتنظيم بعثات كنفدرالية مؤسسات المواطنة بتونس Connect والمعهد العربي لرؤساء المؤسسات وغرف التجارة والصناعة الوطنية والجهوية.

 

وفاء بن محمد

وزير الخارجية  في لقاء إعلامي:  الدبلوماسية الاقتصادية مفعّلة وتوجه نحو إرساء إستراتيجية موحدة بين كل هياكل الدولة

 

-  لا يمكن فصل السياسة عن الاقتصاد في المشهد العالمي الجديد والاقتصاد المحرك الرئيسي في طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين الدول

-   برنامج “اِبتكار” لتثمين “السمة الوطنية” وتحقيق نجاعة أكثر بالخارج

             

 تونس-الصباح

في سابقة تعد الأولى من نوعها طيلة السنوات الأخيرة، تنظم فيها وزارة الخارجية ملتقى إعلاميا حول الدبلوماسية الاقتصادية، للوقوف عند مفهومها الحقيقي وأهميتها في دفع اقتصاد البلاد وهامش تدخل كل هياكل الدولة في هذا المجال، وكذلك للإجابة عن التساؤلات التي ظلت لسنوات تحوم بين التونسيين حول ما إذا كانت مفعلة على ارض الواقع أم أنها من المجالات المجمدة ؟؟؟؟

حول هذه التساؤلات والإشكاليات التي تصاحب الدبلوماسية الاقتصادية في تونس، تحدث وزير الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، نبيل عمار،  لعدد من ممثلي وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة، المتخصصين في الشأن الاقتصادي، في خطوة وصفت بالايجابية في ظل التعتيم الإعلامي والشح الكبير في المعلومات في الآونة الأخيرة، وكان ذلك خلال لقاء إعلامي انتظم بحر الأسبوع المنقضي في مقر الأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس.

وأمام غموض مفهوم الدبلوماسية الاقتصادية لدى الرأي العام، أوضح الوزير تفاصيل هذا المجال وهامش تدخل وزارته ومختلف الإشكاليات التي تواجه الدبلوماسية الاقتصادية في بلادنا، والتي على رأسها التنسيق بين مختلف مؤسسات وهياكل الدولة والأطراف المتدخلة، فضلا عن ضعف الموارد المالية المرصودة للوزارة وللإدارة العامة للدبلوماسية الاقتصادية من قبل الدولة..

بالمقابل، أكد الوزير على أهمية المجهودات المبذولة من قبل الوزارة والأولوية التي توليها للدبلوماسية الاقتصادية في برنامج عملها وفي نشاط البعثات التونسية بالخارج، مضيفا أن ضعف النتائج في هذا المجال تعود بالأساس إلى الصعوبات الهيكلية والإكراهات التي تحد من نجاعة الدبلوماسية الاقتصادية، مما رفّع في منسوب الأفكار المسبقة حول أداء الوزارة في هذا المجال...

وشدد الوزير في هذا اللقاء على أهمية دور الوزارة والدبلوماسية التونسية في دفع اقتصاد البلاد، رغم محدودية التمويلات المرصودة لميزانيتها والتي لا تتجاوز الـ 0,59 بالمائة من مجموع ميزانية الدولة العمومية،  إلى جانب ضعف الزاد البشري في العمل الدبلوماسي صلب الإدارة العامة للدبلوماسية الاقتصادية.

وفي ما يتعلق بدور الوزارة في دفع التعاون المالي الثنائي بين تونس وبلدان خارجية، فقد أكد الوزير أن نسق التشاور واللقاءات الثنائية متواصل ولم ينقطع، وقامت الوزارة بالعديد من الاجتماعات لتحصيل الدعم المالي من خلال الزيارات الميدانية والترويج لصورة تونس في الخارج وهو من صميم مشمولات عملها،حسب تعبيره.

ومن خلال إجابته عن عدد من أسئلة الصحافيين الاقتصاديين خلال الملتقى، والتي تتعلق بطريقة تعامل الوزارة مع الإعلام، فقد أوضح الوزير أهمية دور الصحافة والإعلام في إشعاع صورة تونس وفي معاضدة المجهود الوطني، مشددا على أهمية استقاء المعلومات من المصدر ويعني هنا الوزارة،  في إشارة إلى أهمية التعاون والتشارك البيني مع الإعلام ولعل هذا اللقاء ابرز داعم لهذا التوجه....

كما أكد الوزير في نفس السياق، على أهمية مزيد إحكام التنسيق بين مختلف مؤسسات الدولة وهياكلها في الداخل وفي الخارج على حد السواء من أجل إرساء إستراتيجية موحدة في مجال الدبلوماسية الاقتصادية حتى لا تتشتت كل المجهودات المبذولة في هذا المجال، وتحصل الإفادة لدفع وتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية عموما...

وكانت  هذه التوصيات التي أرادت الوزارة أن تطلقها من خلال اللقاء الإعلامي بمثابة الخطوات الايجابية التي ستلقي بضلالها في قادم الأيام بالنظر إلى أهمية دور الإعلام  في دفع الدبلوماسية الاقتصادية التي بقيت لسنوات محل جدال بين ساسة البلاد والرأي العام في تونس....

وكانت العديد من الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني قد طالبت بأهمية تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية على النحو الأمثل كما هو متعارف عليه في أنحاء دول العالم لما لها من دور مهم في دفع اقتصاد البلاد خاصة في ما يتعلق باستقطاب الاستثمارات الأجنبية وتعبئة التمويلات الخارجية...

حتى أن العديد من المراقبين في الشأن المالي والاقتصادي، دعوا إلى ضرورة إحداث وزارة خاصة بهذا المجال أو عودة تعيين خطة كاتب دولة مكلف بالدبلوماسية الاقتصادية، نظرا لأهمية هذا المجال في دفع اقتصاد البلاد والتوجه إلى إرساء خطط وبرامج عمل جديدة تساير التغيرات الجيوساسية في العالم والتي على رأسها الحروب الدائرة حاليا، والتغير الحاصل في  خارطة علاقات الدول العالمية...

فاليوم، لا يمكن للدولة أن تبقى حبيسة العلاقات الدبلوماسية القديمة والتقليدية المحصورة في تنظيم اللقاءات وجمع المعلومات، بل يتعين على بلادنا تفعيل هذه الدبلوماسية الاقتصادية باعتبارها عاملا أساسيا من عوامل النفوذ والنمو، وإقامة العلاقات بين الدول على أسس جديدة والمحافظة على مصالحها بكل اقتدار.

كما انه من المستحيل فصل السياسة عن الاقتصاد في المشهد العالمي الجديد لان الاقتصاد أصبح المحرك الرئيسي في طبيعة العلاقات الدبلوماسية بين الدول، وبالتالي صارت الدبلوماسية الاقتصادية فرعا من فروع الدبلوماسية الحديثة، وأداة مهمة لتنفيذ السياسة الخارجية للدول.

"ابتكار" من أبرز برامج أنشطة الدبلوماسية الاقتصادية 

وللوقوف عند المفهوم الحقيقي للدبلوماسية الاقتصادية في تونس، فان وزارة الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج هي التي تشرف على نشاطها وتقوم بدور هام لدعم النشاط الاقتصادي بالخارج والتنسيق بين مختلف المتدخلين على المستويين الوطني والخارجي من القطاعين العام والخاص، دون أن تدخل في نشاط بقية هياكل الدولة المتدخلة في هذا المجال والمعنية أساسا بالشأن الاقتصادي، على غرار وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي ومركز النهوض بالصادرات ومنظمات الأعراف.

وتعتبر الدبلوماسية الاقتصادية، جزءا هاما من الدبلوماسية، وتتمثل في مختلف الأنشطة الرامية إلى خدمة المصالح الاقتصادية الوطنية لاسيما حماية المؤسسات التونسية العاملة بالخارج وتعزيز تواجدها وجذب الاستثمارات المباشرة الأجنبية ودعم الصادرات، من خلال ربط العلاقات المؤسساتية وبناء شبكة علاقات قوية. وفي هذا السياق، تعد وزارة الخارجية طرفا إلى جانب أطراف وهياكل أخرى تعنى بعمليات استقطاب الاستثمار الخارجي والتصدير على غرار وزارات التجارة والمالية والنقل ومصالح الديوانة ومجلس نواب الشعب، مما يتطلب أهمية بالغة في إنجاح التنسيق بين كافة المتدخلين التونسيين وتضافر جهودها.

وتساهم الدبلوماسية في بعدها الاقتصادي وكذلك الثقافي في تثمين صورة تونس الايجابية والمتميزة وذلك من خلال “السمة الوطنية“ أو “علامة البلد" (Nation Branding)، وتعتمد وزارة الخارجية في دبلوماسيتها الاقتصادية على مجهودات إدارتها المركزية، فضلا عن أكبر شبكة تمثيليات تونسية في الخارج، البعثات الدبلوماسية والدائمة والقنصلية، للترويج للسياسات العامّة والاستراتيجيات الوطنية والمؤسسات الخاصة والعامّة لدعم الاقتصاد الوطني.

واعتبارا للجانب الاقتصادي للدّبلوماسية، تمّ إحداث صلب وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج إدارة عامة تُعنى بالدبلوماسية الاقتصادية والثقافية منذ 2018، وتم تعزيز صلاحياتها ضمن التنظيم الهيكلي الجديد الصادر بمقتضى الأمر الرئاسي رقم 531 الصادر في 20 جويلية 2023.

ومن أبرز البرامج التي تطلقها وتعدها وزارة الخارجية لتنشيط وتفعيل دبلوماسيتها الاقتصادية، تعمل البعثات الدبلوماسية بالخارج باستمرار على وضع برامج عمل ترويجية سنوية للتعريف بفرص الأعمال المتصلة بالصادرات والاستثمارات وربط الصلة بين المؤسسات التونسية والشركاء المعنيين بالمنتجات والخدمات التونسية، فضلا عن تثمين “السمة الوطنية” من ذلك تم وضع برنامج خاص “اِبتكار” يقوم على مقاربة حسب الأهداف ترمي إلى توحيد وتعزيز جهود وإمكانيات جميع المتداخلين على المستوى الوطني بهدف تحقيق نجاعة أكثر بالخارج والمساهمة في إرساء إستراتيجية وطنية لدبلوماسية اقتصادية وثقافية موحدة ومتكاملة وفعالة.

وتعمل البعثات في إطار هذا البرنامج على تطوير مقاربة اندماجية شاملة مع الجالية التونسية بهدف إشراكها في الأنشطة الترويجية الاقتصادية والثقافية، ولمعاضدة المجهود التنموي الوطني وتعزيز تموقع تونس في الخارج، سعت الوزارة إلى توسيع شبكة الاتفاقيات الإطارية للتعاون والشراكة مع مؤسسات الدعم الوطنية التي لها تمثيليات بالخارج على غرار؛ مركز النهوض بالصادرات، الوكالة الوطنية للاستثمار الخارجي، الديوان الوطني للسياحة.

كما تحرص الوزارة على تكثيف اللقاءات مع منظمات الأعراف ورجال الأعمال والغرف التجارية وإرساء تفاعل مهيكل مع القطاع الخاص من خلال آلية التشاور والتنسيق لتنظيم المهمات الاقتصادية وبعثات رجال الأعمال المشتركة بهدف تأمين الحضور التونسي في الخارج، حيث تم في الغرض إمضاء اتفاقية للتعاون والشراكة مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وتكثيف التشاور والتنسيق لتنظيم بعثات كنفدرالية مؤسسات المواطنة بتونس Connect والمعهد العربي لرؤساء المؤسسات وغرف التجارة والصناعة الوطنية والجهوية.

 

وفاء بن محمد