إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. ثورات بأسماء زهور ..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

   ليس من كلمة تغري وتثير فينا كلّ المشاعر والأحاسيس و تهزّ أرواحنا أكثر من كلمة " ثورة" بما تعنيه من انقلاب على الواقع و العودة على النفس. الثورة حركة إنسانية دورية تحدث بإيقاع معروف ومعترف به.

 عندما أبلغ دوق لاروشفوكو ليانكور لويس السادس عشر بسقوط الباستيل ذات يوم 14 جويلية 1789 ، قال الملك : "إنها ثورة ".

 بمجرد أن تمر لحظة الأزمة، زمن الثورة نفسها، فإنها تؤسس سلطة جديدة ونظاما جديدا ظاهريا .

 هل يمكن إرجاع حدث يعتبر بمثابة انقطاع منقطع النظير في التاريخ إلى تقليد فكري سبقه، أم أن حداثة الحدث تستدعي نظرة سياسية غير مسبوقة وموقفا جريئا في صياغتها؟، بما يصبغ عليها هذه القيمة العالمية؟.

 تم التفكير في مكانة الثورة في التاريخ من خلال مخططات مختلفة. مثل مخطط "القدوة"، أو "الأصل التاريخي" لسيادة الشعب المفقودة، أو حتى الطبيعة الإنسانية المتحررة التي آمنا باسمها .

    لقد سمحنا لأنفسنا برفض أية سابقة تاريخية أو نموذجية أو أصلية. لكن الفكر السياسي الحديث قام بإدخالها في التاريخ، بما لا يقل عن الثورة الفرنسية، وفقا لنماذج منافسة.

      في سياق الاضطرابات السياسية، تتم مناقشة حداثتها. ولكن هل تحمل في داخلها قانونها الخاص للتطور المستقل أم أن "الثورات" التي تعيشها هي خارجة عنها وكأنها مفروضة من الخارج .

الثورة الفلسطينية جعلت من تلك الكوفية شقيقة لبندقية المقاومة والتحرير رمزا لثورتها ، في فرنسا كان اقتحام سجن الباستيل: رمز الثورة في 14 جويلية .

 في أمريكا اللاتينية تحديدا الثورة الكوبية كان تشي جيفارا أيقونة الثورة والتمرد .

 في تونس كانت حادثة عربة البوعزيزي في 17 ديسمبر 2010 شرارتها .

في تاريخنا الحديث اتخذت عدة ثورات شعبية أسماء الزهور :

- ثورة القرنفل في البرتغال (1974).

 - ثورة الورد في جورجيا (2003) .

 - ثورة زهرة التوليب في قرغيزستان (2005) .

  بينما اتخذت الثورة الأوكرانية اللون البرتقالي .

   من الناحية الشعرية، يقول مراقبون بانّ «ثورة الياسمين" في تونس كانت "استثنائية" لأنها لم تقتصر على مطالب ذات جوانب اجتماعية بل كان لها بعد سياسي في البداية ثم أصبحت مشروع دولة دينية.

  للثورة التونسية خصوصية انّه ليس لها قائد محدد بوضوح.

   إن المناطق المهمشة هي التي انطلقت منها هذه الحركة الشعبية، خاصة القرى والمدن الداخلية للبلاد : سيدي بوزيد، القصرين، قفصة، الرقاب، حي التضامن، حي 5 ديسمبر الخ …

 فتح قوس الربيع العربي في تونس بموجة الثورات والانتفاضات التي عمّت بلدان عربية عدّة لكن سرعان ما أغلق هذا القوس وحل الشتاء على هذا العالم العربي، وانكشف " الثوار" الديمقراطيون وتم طردهم على يد الإسلاميين أو سحقهم .

 ابعد ما يكون اليوم الاحتفال بهذه الذكرى باعتبارها انتصارا ثوريا، فإننا نعايشها في مناخ إحباط حيث يلتقي الفشل مع الفشل، يجتمع الانحدار الاقتصادي وعدم الاستقرار الاجتماعي والشلل السياسي.

   فشلت القيادات السياسية التي تولت السلطة منذ عام 2011 في بناء دولة ما بعد الثورة ، فشلت النخب في مأسسة ثورة في العقول تمنح الإنسان بريق الفكرة التي بها تتقدم الأمم وتنهض المجتمعات، كانت السمة الأبرز الارتباك المؤسسي والفوضى العقائدية والإيديولوجية والفكرية .

 لا يعني شيئاً أن تعرف كيف تثور، فالمهم هو أن تعرف ما بإمكانك فعله بثورتك !.

 

 

 

حكاياتهم  .. ثورات بأسماء زهور ..

 

يرويها: أبو بكر الصغير

   ليس من كلمة تغري وتثير فينا كلّ المشاعر والأحاسيس و تهزّ أرواحنا أكثر من كلمة " ثورة" بما تعنيه من انقلاب على الواقع و العودة على النفس. الثورة حركة إنسانية دورية تحدث بإيقاع معروف ومعترف به.

 عندما أبلغ دوق لاروشفوكو ليانكور لويس السادس عشر بسقوط الباستيل ذات يوم 14 جويلية 1789 ، قال الملك : "إنها ثورة ".

 بمجرد أن تمر لحظة الأزمة، زمن الثورة نفسها، فإنها تؤسس سلطة جديدة ونظاما جديدا ظاهريا .

 هل يمكن إرجاع حدث يعتبر بمثابة انقطاع منقطع النظير في التاريخ إلى تقليد فكري سبقه، أم أن حداثة الحدث تستدعي نظرة سياسية غير مسبوقة وموقفا جريئا في صياغتها؟، بما يصبغ عليها هذه القيمة العالمية؟.

 تم التفكير في مكانة الثورة في التاريخ من خلال مخططات مختلفة. مثل مخطط "القدوة"، أو "الأصل التاريخي" لسيادة الشعب المفقودة، أو حتى الطبيعة الإنسانية المتحررة التي آمنا باسمها .

    لقد سمحنا لأنفسنا برفض أية سابقة تاريخية أو نموذجية أو أصلية. لكن الفكر السياسي الحديث قام بإدخالها في التاريخ، بما لا يقل عن الثورة الفرنسية، وفقا لنماذج منافسة.

      في سياق الاضطرابات السياسية، تتم مناقشة حداثتها. ولكن هل تحمل في داخلها قانونها الخاص للتطور المستقل أم أن "الثورات" التي تعيشها هي خارجة عنها وكأنها مفروضة من الخارج .

الثورة الفلسطينية جعلت من تلك الكوفية شقيقة لبندقية المقاومة والتحرير رمزا لثورتها ، في فرنسا كان اقتحام سجن الباستيل: رمز الثورة في 14 جويلية .

 في أمريكا اللاتينية تحديدا الثورة الكوبية كان تشي جيفارا أيقونة الثورة والتمرد .

 في تونس كانت حادثة عربة البوعزيزي في 17 ديسمبر 2010 شرارتها .

في تاريخنا الحديث اتخذت عدة ثورات شعبية أسماء الزهور :

- ثورة القرنفل في البرتغال (1974).

 - ثورة الورد في جورجيا (2003) .

 - ثورة زهرة التوليب في قرغيزستان (2005) .

  بينما اتخذت الثورة الأوكرانية اللون البرتقالي .

   من الناحية الشعرية، يقول مراقبون بانّ «ثورة الياسمين" في تونس كانت "استثنائية" لأنها لم تقتصر على مطالب ذات جوانب اجتماعية بل كان لها بعد سياسي في البداية ثم أصبحت مشروع دولة دينية.

  للثورة التونسية خصوصية انّه ليس لها قائد محدد بوضوح.

   إن المناطق المهمشة هي التي انطلقت منها هذه الحركة الشعبية، خاصة القرى والمدن الداخلية للبلاد : سيدي بوزيد، القصرين، قفصة، الرقاب، حي التضامن، حي 5 ديسمبر الخ …

 فتح قوس الربيع العربي في تونس بموجة الثورات والانتفاضات التي عمّت بلدان عربية عدّة لكن سرعان ما أغلق هذا القوس وحل الشتاء على هذا العالم العربي، وانكشف " الثوار" الديمقراطيون وتم طردهم على يد الإسلاميين أو سحقهم .

 ابعد ما يكون اليوم الاحتفال بهذه الذكرى باعتبارها انتصارا ثوريا، فإننا نعايشها في مناخ إحباط حيث يلتقي الفشل مع الفشل، يجتمع الانحدار الاقتصادي وعدم الاستقرار الاجتماعي والشلل السياسي.

   فشلت القيادات السياسية التي تولت السلطة منذ عام 2011 في بناء دولة ما بعد الثورة ، فشلت النخب في مأسسة ثورة في العقول تمنح الإنسان بريق الفكرة التي بها تتقدم الأمم وتنهض المجتمعات، كانت السمة الأبرز الارتباك المؤسسي والفوضى العقائدية والإيديولوجية والفكرية .

 لا يعني شيئاً أن تعرف كيف تثور، فالمهم هو أن تعرف ما بإمكانك فعله بثورتك !.