إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تخييل مخاض الدولة الوطنيّة في "ديوان المواجع" لمحمد الباردي

 

تونس-الصباح

 

"ديوان المواجع" هي رواية العمر وسأكتب مادمت أعيش" هكذا تحدّث فقيد الرواية التونسية والعربيّة " محمد الباردي"(1947/2017) عن أطول رواية كتبها بعد أن أصدر سيرته الذاتيّة في جزئين.ولعلنا لا نجانب الصوا إذا قلب إن هذه الرواية هي من أطول الروايات التونسية

 

ومحمد الباردي موؤلف "ديوان المواجع" هو روائي وأكاديميّ تونسي أصيل مدينة قابس بها وُلِدَ سنة 1947 و فيها تُوفيّ سنة2017. عاش سبعين سنة قضّى منها أكثر من نصف قرن في عالم الرواية إبداعا و نقدا ونشرا. أعماله الروائيّة:مدينةالشموش الدافئة"1981 و"الملاح والسفينة"1983 وقمح إفريقه"1988 "على نار هادئة"1996 و "حوش خريّف1998 و" الكرنفال 2003.وله سيرة ذاتية في جزئين:حنّة2010 وتقرير إلى عزيز2012 وديوان المواجع2013 ومريم2016 وشارع مارسيليا2017.ومن مؤلفاته النقديّة:"حنا مينه كاتب الكفاح والفرح"و "الرواية العربيّة والحداثة" و"عندما تتكلّم الذات".

 

ما ديوان المواجع؟

 

هي أطول رواية ألّفها "محمد الباردي". أنهى كتابتها في مارس2013.حصلت على "جائزةكومار" سنة 2014.صدرت في طبعتين:الأولى تونسيّة عن "دار ضحى للنشر" سنة2014 والثانية سوريّة عن "دار الحوار والنشر" سنة2016.قال عنها صاحبها" ديوان المواجع هي رواية العمر"

 

تقوم الرواية على سبعة "كتب" هي عصارة العقود السبعة التي عاشها الروائي الراحل"محمد الباردي"فيها جنّد كلّ حيله السرديّة وما ترسّخ عنده من تمثّل للرواية الجديدة ليرصد تخييلا أهمّالتحوّلات السياسيّة والاجتماعيّة التي عرفتها تونس زمن الاستعمار ،وعند قيام دولة الاستقلال، وصولا إلى انتفاضة 14جانفي2011وذلك من خلال ولوج عالم عائلة الحاج "عباس العمايري" وهي عائلة من أعرق عائلاتقابستحوّلت من الإقطاع إلى البورجوازيّة في سلالتها المتأخرة ومرّت بالنضال الوطني وتبنّت الاتجاه المعارض في الحزب وتوزّعت في النهاية بيت ليبراليّة وإسلاميّة

 

"الحاج عباس العمايري"

 

هو أحد أثرياء" الجنوبيّة" ووجهاؤها.أُعلِنَ عن وفاته. لكن أثناء حمله على النعش إلى المقبرة استيقظ فجأة. وتداول النّاس معجزة عودته إلى الحياة . فعَدُّوه رجلا صالحا مباركا من أصحاب الكرامات. اختار،بعد أنقسّم رزقه على أبنائه الثلاثة وزوجاته الأربع،أن ينعزل عن الناس،وأن يعتكف فياستراحته.ولمّا مات أصبحت الاستراحة مزارا يتبرّك الناس بزيارته.وعن خادمه وأبنائه، تتناسل الحكايات في الرواية. وقد تناوب على رواية كلّ "كتاب"(فصل) خدمه وأحفاده وصحفي تكفّل بكتابة سيرة "الشيخ عبّاس العمايري"

 

ديوان المواجع رواية سياسيّة

 

"ديوان المواجع" رواية سياسيّة بامتياز، حكمها خطّ زمني امتدّ من اندلاع المقاومة ضدّ الاستعمار مرورا بفترتيْ حكم الزعيم الحبيب بورقيبة 1956/1987 و"زين العابدين بن علي" 1987/2011 وصولا إلى ما بعد 14جانفي 2011.أتت على أهمّ الأحداث السياسيّة التي مرّت بها البلاد التونسية.ومن أهمّ هذه الهزّات الاجتماعيّة والسياسيّةالتي شكّلت نسيج الروايىة السرديّ:

 

-الصراع اليوسفي-البورقيبيالذي تجلّى من خلال الاختلاف بين ابنيْ الحاج "عبّاس العمايري" إذ اختار " الشيخ إبراهيم" شقّ "صالح بن يوسف" فانتهى سجينا. و آثر شقيقه "شكري"أن يكون بورقيبيّا"صالح بن يوسف غادر البلد ولم يعد أحد يذكره. في هذا البلد لا يغلب إلا منطق الربح والخسارة وعندما انتصر الزعيم أصبح كلّ الناس من أنصاره(ديوان المواجع) وثورة الخبز في جانفي 1984 التي خلخلت نظام الزعيم "الحبيب بورقيبة وعجّلت بسقوطه" أذكر ذاك اليوم الثالث من شهر جانفي عام ألف وتسعمائة وأربع وثمانين كانت العاصمة تغلي وكان البلد يغلي"(ديوان المواجع)،والإطاحة بالزعيم بورقيبة في نوفمبر 1987،ومغادرة الرئيس "زين العابدين بن علي" البلاد في 14جانفي2011"انتابني فرح جنونيّ وأنا أرى الجنرال يرحل مع عائلته ويترك هذا البلد(المواجع ص370"وفاجعة اغتيال الزعيم السياسيّ اليساريّ شكري بلعيد":"لقد هزّت حادثة الاغتيال كياني كله إلى أين يذهب البلد لم يعد التهديد كلاما بل أضحى حقيقة"(ص387

 

إذا كان لا بد من اختيار عشرة روايات تونسية فديوان المواجع من ضمنها وإذا ما حُصِر العدد في خمسة فمن الأكيد أنها ستكون حاضرة.

 

محمد صالح مجيّد

 

 

 

 

تخييل مخاض الدولة الوطنيّة في "ديوان المواجع" لمحمد الباردي

 

تونس-الصباح

 

"ديوان المواجع" هي رواية العمر وسأكتب مادمت أعيش" هكذا تحدّث فقيد الرواية التونسية والعربيّة " محمد الباردي"(1947/2017) عن أطول رواية كتبها بعد أن أصدر سيرته الذاتيّة في جزئين.ولعلنا لا نجانب الصوا إذا قلب إن هذه الرواية هي من أطول الروايات التونسية

 

ومحمد الباردي موؤلف "ديوان المواجع" هو روائي وأكاديميّ تونسي أصيل مدينة قابس بها وُلِدَ سنة 1947 و فيها تُوفيّ سنة2017. عاش سبعين سنة قضّى منها أكثر من نصف قرن في عالم الرواية إبداعا و نقدا ونشرا. أعماله الروائيّة:مدينةالشموش الدافئة"1981 و"الملاح والسفينة"1983 وقمح إفريقه"1988 "على نار هادئة"1996 و "حوش خريّف1998 و" الكرنفال 2003.وله سيرة ذاتية في جزئين:حنّة2010 وتقرير إلى عزيز2012 وديوان المواجع2013 ومريم2016 وشارع مارسيليا2017.ومن مؤلفاته النقديّة:"حنا مينه كاتب الكفاح والفرح"و "الرواية العربيّة والحداثة" و"عندما تتكلّم الذات".

 

ما ديوان المواجع؟

 

هي أطول رواية ألّفها "محمد الباردي". أنهى كتابتها في مارس2013.حصلت على "جائزةكومار" سنة 2014.صدرت في طبعتين:الأولى تونسيّة عن "دار ضحى للنشر" سنة2014 والثانية سوريّة عن "دار الحوار والنشر" سنة2016.قال عنها صاحبها" ديوان المواجع هي رواية العمر"

 

تقوم الرواية على سبعة "كتب" هي عصارة العقود السبعة التي عاشها الروائي الراحل"محمد الباردي"فيها جنّد كلّ حيله السرديّة وما ترسّخ عنده من تمثّل للرواية الجديدة ليرصد تخييلا أهمّالتحوّلات السياسيّة والاجتماعيّة التي عرفتها تونس زمن الاستعمار ،وعند قيام دولة الاستقلال، وصولا إلى انتفاضة 14جانفي2011وذلك من خلال ولوج عالم عائلة الحاج "عباس العمايري" وهي عائلة من أعرق عائلاتقابستحوّلت من الإقطاع إلى البورجوازيّة في سلالتها المتأخرة ومرّت بالنضال الوطني وتبنّت الاتجاه المعارض في الحزب وتوزّعت في النهاية بيت ليبراليّة وإسلاميّة

 

"الحاج عباس العمايري"

 

هو أحد أثرياء" الجنوبيّة" ووجهاؤها.أُعلِنَ عن وفاته. لكن أثناء حمله على النعش إلى المقبرة استيقظ فجأة. وتداول النّاس معجزة عودته إلى الحياة . فعَدُّوه رجلا صالحا مباركا من أصحاب الكرامات. اختار،بعد أنقسّم رزقه على أبنائه الثلاثة وزوجاته الأربع،أن ينعزل عن الناس،وأن يعتكف فياستراحته.ولمّا مات أصبحت الاستراحة مزارا يتبرّك الناس بزيارته.وعن خادمه وأبنائه، تتناسل الحكايات في الرواية. وقد تناوب على رواية كلّ "كتاب"(فصل) خدمه وأحفاده وصحفي تكفّل بكتابة سيرة "الشيخ عبّاس العمايري"

 

ديوان المواجع رواية سياسيّة

 

"ديوان المواجع" رواية سياسيّة بامتياز، حكمها خطّ زمني امتدّ من اندلاع المقاومة ضدّ الاستعمار مرورا بفترتيْ حكم الزعيم الحبيب بورقيبة 1956/1987 و"زين العابدين بن علي" 1987/2011 وصولا إلى ما بعد 14جانفي 2011.أتت على أهمّ الأحداث السياسيّة التي مرّت بها البلاد التونسية.ومن أهمّ هذه الهزّات الاجتماعيّة والسياسيّةالتي شكّلت نسيج الروايىة السرديّ:

 

-الصراع اليوسفي-البورقيبيالذي تجلّى من خلال الاختلاف بين ابنيْ الحاج "عبّاس العمايري" إذ اختار " الشيخ إبراهيم" شقّ "صالح بن يوسف" فانتهى سجينا. و آثر شقيقه "شكري"أن يكون بورقيبيّا"صالح بن يوسف غادر البلد ولم يعد أحد يذكره. في هذا البلد لا يغلب إلا منطق الربح والخسارة وعندما انتصر الزعيم أصبح كلّ الناس من أنصاره(ديوان المواجع) وثورة الخبز في جانفي 1984 التي خلخلت نظام الزعيم "الحبيب بورقيبة وعجّلت بسقوطه" أذكر ذاك اليوم الثالث من شهر جانفي عام ألف وتسعمائة وأربع وثمانين كانت العاصمة تغلي وكان البلد يغلي"(ديوان المواجع)،والإطاحة بالزعيم بورقيبة في نوفمبر 1987،ومغادرة الرئيس "زين العابدين بن علي" البلاد في 14جانفي2011"انتابني فرح جنونيّ وأنا أرى الجنرال يرحل مع عائلته ويترك هذا البلد(المواجع ص370"وفاجعة اغتيال الزعيم السياسيّ اليساريّ شكري بلعيد":"لقد هزّت حادثة الاغتيال كياني كله إلى أين يذهب البلد لم يعد التهديد كلاما بل أضحى حقيقة"(ص387

 

إذا كان لا بد من اختيار عشرة روايات تونسية فديوان المواجع من ضمنها وإذا ما حُصِر العدد في خمسة فمن الأكيد أنها ستكون حاضرة.

 

محمد صالح مجيّد