يبرز موقف النقد الدائم للتعارض بين المثقف ورجل السياسة الذي يجمع بين موضوع العاطفة، وهو بعد يشارك في الإنتاج النظري من جانب صانعه وفي انعكاساته على "رجل السياسة"، الذي يريد أن يتم إضفاء الشرعية على عمله الملموس من خلال هذا الحضور "للمثقف" وهذه الأفكار التي يحملها، في صدى لدى "جماهير" تتبعه.
إن التعارض بين رجل السياسة والمثقف ليس ذا صلة، لأن الأمر لا يتعلق باستبدال الفكر بالسياسة، بل بإزاحة السياسة من مجال يمكن أن يمارس فيه المثقف بحرية، كطفل يلعب أو عاشق يتأمل .
إن المثقفين، باعتبارهم مستودعات معرفة معينة ذات طبيعة كونية، ومع السمعة العامة التي تمنحهم إياها معرفتهم، يشكلون فئة محددة مؤثرة في المجتمع .
فالالتزام السياسي للمثقفين حجر الأساس لأي مشروع لحركة أو حزب وحتى لمنظومة ديمقراطية، خاصة تلك الناشئة .
من هذا التقدير للموقف تبرز الحاجة الى إعادة النظر في مفاهيم المثقف والأكاديمي، وخاصة مفهوم الالتزام السياسي.
إذا كان دور رجال الفكر في المناقشات العامة واضحًا وجليا في المجتمعات المتقدمة، تحديدًا في إنتاج فكرها السياسي، فإنه يبقى عندنا، أي في البلدان الناشئة، بشكل عام وفي العربية بشكل خاص مهمشا وغير ذي أهمية .
إنّ إشراك المثقف في السياسة أمر مهم للغاية .
موضوع مثير للجدل، رغم أنه وفي الواقع، فإن المثقفين المنضوين سياسيا متهمون بالتصالح مع مجالات تقوض حريتهم .
عجزت "النهضة"، حتى والحكم بيدها، عن استقطاب شريحة من النخبة التونسية المثقفة، لم نر مفكرين كبار أو فلاسفة أو مبدعين أو كتابا أو مسرحيين أو رسامين الخ.. يلتحقون بصفوفها وينخرطون في مشروعها .
لكن الأخطر أنّ الحركة عرفت حالة قطيعة كاملة، لكي لا أقول وضعية تصادم مع سلطتين مهمتين الرابعة والخامسة، أي سلطة الإعلام والمجتمع المدني الذي يعدّ اليوم سلطة خامسة بذاتها، خاصة تلك المكونات البارزة لهذا المجتمع من منظمات وهيئات مهنية وجمعيات على غرار اتحاد الشغل ورابطة حقوق الإنسان وجمعيات نساء ديمقراطيات ونقابات الصحافيين و مادات المحامين والمهندسين والأطباء الخ .
كان الهم الرّئيسي التركيز على "الخزان الانتخابي" للحركة بمعنى أصوات المواطنين واستقطابهم بأية وسيلة كانت، كأن في وعي قيادة الحركة يكفي أن تفوز بصندوق الاقتراع لتسيطر على كلّ شيء..
يعدّ هذا النمشي خطأ استراتيجيا، فالإعلاميون والمثقفون هم وحدهم القادرون على لعب الأدوار المحورية في الحياة السياسية والاجتماعية علاوة على الفكرية والأدبية، هم صانعو الرأي العام، هم الصفوة التي عليها التصدر وقيادة العوام .
يتّجه اليوم السؤال الخارق حول الخلفيات الحقيقية من تبديل الاسم .
الأمر بلا شك موصول بحدث محكوم بالمناورة في اتجاهين: بدءا بتخفيف الضغط من قبل السلطة ووسائل الإعلام وفئات واسعة من الشعب التي لا تزال تحمّل الحركة مسؤولية الوضع الاقتصادي الكارثي الصعب .
والثاني بغية الإيهام بأن معركة داخلية بين تيار عقلاني براغماتي يرغب في مد جسور مع السلطة بكل الطرق وتجنب أي شكل من أشكال المواجهة الأمنية والقضائية و آخر ممثل في صقور الحركة يدعو إلى مزيد التصعيد وهو محسوب على راشد الغنوشي، رئيس الحركة قد حسمت لفائدة الأول، وأكبر دليل على ذلك قرار تغيير "وعاء" الحركة، وهو أمر مهم كان كشف عنه السيد عبد اللطيف المكي عندما قال: "أفكار "النهضة" مازالت صالحة لكن يجب تغيير الوعاء " !!.
إن أيّ مراجعات لا يمكن أن تأتي من دون أن نتجرع مرارة الفشل، لأنّ المصيبة أننا قد ننسى بسهولة أخطاءنا حين لا يعرفها غيرنا.
(للحديث صلة)
يرويها: أبوبكر الصغير
يبرز موقف النقد الدائم للتعارض بين المثقف ورجل السياسة الذي يجمع بين موضوع العاطفة، وهو بعد يشارك في الإنتاج النظري من جانب صانعه وفي انعكاساته على "رجل السياسة"، الذي يريد أن يتم إضفاء الشرعية على عمله الملموس من خلال هذا الحضور "للمثقف" وهذه الأفكار التي يحملها، في صدى لدى "جماهير" تتبعه.
إن التعارض بين رجل السياسة والمثقف ليس ذا صلة، لأن الأمر لا يتعلق باستبدال الفكر بالسياسة، بل بإزاحة السياسة من مجال يمكن أن يمارس فيه المثقف بحرية، كطفل يلعب أو عاشق يتأمل .
إن المثقفين، باعتبارهم مستودعات معرفة معينة ذات طبيعة كونية، ومع السمعة العامة التي تمنحهم إياها معرفتهم، يشكلون فئة محددة مؤثرة في المجتمع .
فالالتزام السياسي للمثقفين حجر الأساس لأي مشروع لحركة أو حزب وحتى لمنظومة ديمقراطية، خاصة تلك الناشئة .
من هذا التقدير للموقف تبرز الحاجة الى إعادة النظر في مفاهيم المثقف والأكاديمي، وخاصة مفهوم الالتزام السياسي.
إذا كان دور رجال الفكر في المناقشات العامة واضحًا وجليا في المجتمعات المتقدمة، تحديدًا في إنتاج فكرها السياسي، فإنه يبقى عندنا، أي في البلدان الناشئة، بشكل عام وفي العربية بشكل خاص مهمشا وغير ذي أهمية .
إنّ إشراك المثقف في السياسة أمر مهم للغاية .
موضوع مثير للجدل، رغم أنه وفي الواقع، فإن المثقفين المنضوين سياسيا متهمون بالتصالح مع مجالات تقوض حريتهم .
عجزت "النهضة"، حتى والحكم بيدها، عن استقطاب شريحة من النخبة التونسية المثقفة، لم نر مفكرين كبار أو فلاسفة أو مبدعين أو كتابا أو مسرحيين أو رسامين الخ.. يلتحقون بصفوفها وينخرطون في مشروعها .
لكن الأخطر أنّ الحركة عرفت حالة قطيعة كاملة، لكي لا أقول وضعية تصادم مع سلطتين مهمتين الرابعة والخامسة، أي سلطة الإعلام والمجتمع المدني الذي يعدّ اليوم سلطة خامسة بذاتها، خاصة تلك المكونات البارزة لهذا المجتمع من منظمات وهيئات مهنية وجمعيات على غرار اتحاد الشغل ورابطة حقوق الإنسان وجمعيات نساء ديمقراطيات ونقابات الصحافيين و مادات المحامين والمهندسين والأطباء الخ .
كان الهم الرّئيسي التركيز على "الخزان الانتخابي" للحركة بمعنى أصوات المواطنين واستقطابهم بأية وسيلة كانت، كأن في وعي قيادة الحركة يكفي أن تفوز بصندوق الاقتراع لتسيطر على كلّ شيء..
يعدّ هذا النمشي خطأ استراتيجيا، فالإعلاميون والمثقفون هم وحدهم القادرون على لعب الأدوار المحورية في الحياة السياسية والاجتماعية علاوة على الفكرية والأدبية، هم صانعو الرأي العام، هم الصفوة التي عليها التصدر وقيادة العوام .
يتّجه اليوم السؤال الخارق حول الخلفيات الحقيقية من تبديل الاسم .
الأمر بلا شك موصول بحدث محكوم بالمناورة في اتجاهين: بدءا بتخفيف الضغط من قبل السلطة ووسائل الإعلام وفئات واسعة من الشعب التي لا تزال تحمّل الحركة مسؤولية الوضع الاقتصادي الكارثي الصعب .
والثاني بغية الإيهام بأن معركة داخلية بين تيار عقلاني براغماتي يرغب في مد جسور مع السلطة بكل الطرق وتجنب أي شكل من أشكال المواجهة الأمنية والقضائية و آخر ممثل في صقور الحركة يدعو إلى مزيد التصعيد وهو محسوب على راشد الغنوشي، رئيس الحركة قد حسمت لفائدة الأول، وأكبر دليل على ذلك قرار تغيير "وعاء" الحركة، وهو أمر مهم كان كشف عنه السيد عبد اللطيف المكي عندما قال: "أفكار "النهضة" مازالت صالحة لكن يجب تغيير الوعاء " !!.
إن أيّ مراجعات لا يمكن أن تأتي من دون أن نتجرع مرارة الفشل، لأنّ المصيبة أننا قد ننسى بسهولة أخطاءنا حين لا يعرفها غيرنا.