يتم تفكيك البيوت السياسية القائمة من قبل حركات تغيير إلى حد ما، والتي تحيي بقدر ما تستطيع وعد التجديد المطلوب والمرغوب.
الأحزاب والحركات والتنظيمات السياسية، كالبشر، تتقدم عمرا تشيخ ثم تموت.
أصبحت نهاية الأحزاب أمرا مألوفا في تحليل الحياة السياسية. ويرتبط بشكل عام بالفشل والخيبة والعجز عن تحقيق انجاز يضمن ديمومة وشعبية .
تواجه حركة "النهضة" أصعب مراحل تاريخ وجودها منذ تأسيسها، تعيش وضعا غامضا يهدد بقاءها ضمن المشهدية السياسية .
لم تعرف "النهضة" ظرفا كما هو الحال اليوم بعد أن تم سجن كلّ قياداتها في نفس الوقت من رئيس الحركة الى رئيس مجلس الشورى وأعضاء المكتب التنفيذي .
إضافة الى ترسانة القضايا والملفات المتهمة فيها والتي قد ترتقي الى محاكمات القرن التي يشهدها تنظيم سياسي باعتبار خطورة التهم .
قبل يوم 25 جويلية 2021، لا احد بما في ذلك قيادات الحركة كان يتصوّر أو تخيّل أن تعيش الحركة مثل هذه الحالة التي تواجهها اليوم .
يمكن القول إن الأزمة السياسية التي شهدتها تونس تجد تفسيرا لها في عدد من المحددات التي يتّجه إجمالها في عجز حركة سياسية تمكنت من الحكم من التعاطي مع مرحلة، لغباء قيادات داخلها تمّ توريطها في مسائل كلفتها وكلفت البلاد فاتورة باهظة جدا .
من بين الأخطاء وكما اعترف وأقرّ بذلك الأستاذ عياض بن عاشور فكرة إحداث المجلس الوطني التأسيسي بعنوان حماية الثورة ووضع دستور جديد والاختيار على الرئيس منصف المرزوقي والذي يعلم الجميع طبيعته الإقصائية وتفضيل سهام بن سدرين على شخصيات توافقية أخرى من بينها المناضل المرحوم خميس الشماري على رأس هيئة الحقيقة والكرامة ، والأخطر من كلّ ذلك ملف التعويضات والذي كان الرصاصة الأخيرة في جسد "النهضة" المتآكل .
لا يعلم الكثيرون، لماذا سمّيت الجماعة بالاتجاه الإسلامي في البداية ومن اختار وقرّر ذلك.
من المفارقات التاريخية أنّ الأمر تمّ بالصدفة، في لحظة ما من تاريخ تونس.
إذ بعد عملية قفصة وما عاشته المدينة المناضلة من هجوم من قبل عناصر مسلحة قدمت من ليبيا، أراد القصر زمن حكم بورقيبة يومها أن يظهر للعالم تماسك الجبهة الداخلية ورفض الشعب بكلّ فئاته، لهذا العدوان أو أيّ مسّ من سيادة تونس ووحدة أراضيها، ولم تكن من وسيلة إعلام قادرة على تمرير وأن تبلغ مثل هذه الرسالة غير جريدة "الرأي" التي كنت ارأس تحريرها يومها، فتمّ الاتصال بي شخصيا لإعداد الملف، وكان لي يومها أي في بداية ثمانينات القرن الماضي نقاش مستفيض مع صاحب "الرأي" المدير المسؤول حسيب بن عمار حول إمكانية انجاز مثل هذا الملف خاصة وأنّ البلاد تعيش في ظلّ نظام الحزب الواحد والمعارضة مقموعة وأبرز الشخصيات السياسية مطاردة .
رغم كل ذلك، تم الاتفاق أن أعدّ مثل هذا الملف، اتصلت بالمرحوم محمد النافع عن الحزب الشيوعي التونسي الممنوع منذ ستينات القرن الماضي وجماعات حركة الوحدة الشعبية والتيارات القومية والعروبية والبعثية وكذلك هذه القوى الجديدة الصاعدة والتي تملأ مساجد العاصمة. وكانت مجلّة "جون افريك" أعدت حولها ملفا كاملا وشحته بصورة غلاف ضخمة للأستاذ حسن الغضباني وهو يلقي درسا في جامع مكتظ بالمريدين .
اتصلت بوجوه عديدة من المحسوبين على هذه الجماعة من بينهم الشيخ عبد الفتاح مورو لسؤالهم عن موقفهم من عملية قفصة، فكانت الإدانة بالإجماع. لم أجد من عنوان لهذا التيار باعتبار أنني وضعت مواقف بقية القوى السياسية بعناوينها الحزبية إلاّ صفة "حركة الاتجاه الإسلامي" لتنقل هذا الاسم ومن ورائه موقف الإدانة كلّ وسائل الإعلام العالمية، بالتالي تتبنى الحركة التسمية المذكورة وتعلن ذلك رسميا في 6 جوان 1981، رغم ذلك لم يُعترف بالحركة رسميا كحزب سياسي في تونس إلا في 1 مارس 2011 من قبل حكومة محمد الغنوشي الثانية .
أعلن الأمين العام الجديد للحركة، العجمي الوريمي، أن تغيير اسمها مرة أخرى أمر وارد، من الواضح أنه موقف رسالة إلى السلطة وإلى جمهور الحركة الذي يعيش حالة من الترقب ومن الانتظار، خاصة بعد الإيقافات والغلق للمقرات والانسحابات الفردية والانشقاقات الجماعية.
فماذا يعني مثل هذا الموقف؟ وهل يعكس توجها بتغيير في مضامين وأيديولوجية الحركة ؟
)للحديث صلة)
يرويها: أبوبكر الصغير
يتم تفكيك البيوت السياسية القائمة من قبل حركات تغيير إلى حد ما، والتي تحيي بقدر ما تستطيع وعد التجديد المطلوب والمرغوب.
الأحزاب والحركات والتنظيمات السياسية، كالبشر، تتقدم عمرا تشيخ ثم تموت.
أصبحت نهاية الأحزاب أمرا مألوفا في تحليل الحياة السياسية. ويرتبط بشكل عام بالفشل والخيبة والعجز عن تحقيق انجاز يضمن ديمومة وشعبية .
تواجه حركة "النهضة" أصعب مراحل تاريخ وجودها منذ تأسيسها، تعيش وضعا غامضا يهدد بقاءها ضمن المشهدية السياسية .
لم تعرف "النهضة" ظرفا كما هو الحال اليوم بعد أن تم سجن كلّ قياداتها في نفس الوقت من رئيس الحركة الى رئيس مجلس الشورى وأعضاء المكتب التنفيذي .
إضافة الى ترسانة القضايا والملفات المتهمة فيها والتي قد ترتقي الى محاكمات القرن التي يشهدها تنظيم سياسي باعتبار خطورة التهم .
قبل يوم 25 جويلية 2021، لا احد بما في ذلك قيادات الحركة كان يتصوّر أو تخيّل أن تعيش الحركة مثل هذه الحالة التي تواجهها اليوم .
يمكن القول إن الأزمة السياسية التي شهدتها تونس تجد تفسيرا لها في عدد من المحددات التي يتّجه إجمالها في عجز حركة سياسية تمكنت من الحكم من التعاطي مع مرحلة، لغباء قيادات داخلها تمّ توريطها في مسائل كلفتها وكلفت البلاد فاتورة باهظة جدا .
من بين الأخطاء وكما اعترف وأقرّ بذلك الأستاذ عياض بن عاشور فكرة إحداث المجلس الوطني التأسيسي بعنوان حماية الثورة ووضع دستور جديد والاختيار على الرئيس منصف المرزوقي والذي يعلم الجميع طبيعته الإقصائية وتفضيل سهام بن سدرين على شخصيات توافقية أخرى من بينها المناضل المرحوم خميس الشماري على رأس هيئة الحقيقة والكرامة ، والأخطر من كلّ ذلك ملف التعويضات والذي كان الرصاصة الأخيرة في جسد "النهضة" المتآكل .
لا يعلم الكثيرون، لماذا سمّيت الجماعة بالاتجاه الإسلامي في البداية ومن اختار وقرّر ذلك.
من المفارقات التاريخية أنّ الأمر تمّ بالصدفة، في لحظة ما من تاريخ تونس.
إذ بعد عملية قفصة وما عاشته المدينة المناضلة من هجوم من قبل عناصر مسلحة قدمت من ليبيا، أراد القصر زمن حكم بورقيبة يومها أن يظهر للعالم تماسك الجبهة الداخلية ورفض الشعب بكلّ فئاته، لهذا العدوان أو أيّ مسّ من سيادة تونس ووحدة أراضيها، ولم تكن من وسيلة إعلام قادرة على تمرير وأن تبلغ مثل هذه الرسالة غير جريدة "الرأي" التي كنت ارأس تحريرها يومها، فتمّ الاتصال بي شخصيا لإعداد الملف، وكان لي يومها أي في بداية ثمانينات القرن الماضي نقاش مستفيض مع صاحب "الرأي" المدير المسؤول حسيب بن عمار حول إمكانية انجاز مثل هذا الملف خاصة وأنّ البلاد تعيش في ظلّ نظام الحزب الواحد والمعارضة مقموعة وأبرز الشخصيات السياسية مطاردة .
رغم كل ذلك، تم الاتفاق أن أعدّ مثل هذا الملف، اتصلت بالمرحوم محمد النافع عن الحزب الشيوعي التونسي الممنوع منذ ستينات القرن الماضي وجماعات حركة الوحدة الشعبية والتيارات القومية والعروبية والبعثية وكذلك هذه القوى الجديدة الصاعدة والتي تملأ مساجد العاصمة. وكانت مجلّة "جون افريك" أعدت حولها ملفا كاملا وشحته بصورة غلاف ضخمة للأستاذ حسن الغضباني وهو يلقي درسا في جامع مكتظ بالمريدين .
اتصلت بوجوه عديدة من المحسوبين على هذه الجماعة من بينهم الشيخ عبد الفتاح مورو لسؤالهم عن موقفهم من عملية قفصة، فكانت الإدانة بالإجماع. لم أجد من عنوان لهذا التيار باعتبار أنني وضعت مواقف بقية القوى السياسية بعناوينها الحزبية إلاّ صفة "حركة الاتجاه الإسلامي" لتنقل هذا الاسم ومن ورائه موقف الإدانة كلّ وسائل الإعلام العالمية، بالتالي تتبنى الحركة التسمية المذكورة وتعلن ذلك رسميا في 6 جوان 1981، رغم ذلك لم يُعترف بالحركة رسميا كحزب سياسي في تونس إلا في 1 مارس 2011 من قبل حكومة محمد الغنوشي الثانية .
أعلن الأمين العام الجديد للحركة، العجمي الوريمي، أن تغيير اسمها مرة أخرى أمر وارد، من الواضح أنه موقف رسالة إلى السلطة وإلى جمهور الحركة الذي يعيش حالة من الترقب ومن الانتظار، خاصة بعد الإيقافات والغلق للمقرات والانسحابات الفردية والانشقاقات الجماعية.
فماذا يعني مثل هذا الموقف؟ وهل يعكس توجها بتغيير في مضامين وأيديولوجية الحركة ؟