إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كلفة المفاعلات متوافقة مع احتياجات بلادنا.. تونس تضع أسس تطوير برنامج لاستخدام الطاقة النووية

 

- مدير عام المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية لـ"الصباح":

الطاقة النووية توفر حلا مستداما للأمن الطاقي

تونس- الصباح

طفت فكرة إحداث مشروع مفاعل نووي في تونس لإنتاج الطاقة الكهربائية على السطح مجددا، بعد انطلاق مسار استكمال الإجراءات التقنية والتشريعية والسياسية التي من شانها أن تفضي إلى وضع إستراتيجية وطنية للاستعمالات السلمية للطاقة النووية طالما تأخر النظر فيها لسنوات لأسباب مختلفة.

ويبدو أن إحياء المشروع الذي يعود التفكير فيه منذ بداية الثمانيات، بدأ يؤتى أكله وقد يرى النور في السنوات القليلة المقبلة، وهو الذي قطعت فيه تونس أشواطا متقدمة على مستوى المشاورات السياسية والتقنية سواء مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو مع شركائها من الدول النووية التي لها تجارب متقدمة في مجال توظيف الطاقة النووية في المجال السلمي كالبحوث العلمية والفلاحية والطبية، وخاصة في مجال صنع وتطوير مفاعلات نووية معدة لإنتاج الكهرباء.. مثل روسيا وفرنسا..

ومثّل في هذا السياق الاجتماع الثامن والثلاثين للجنة الوطنية للطاقة الذرية، الذي انعقد قبل يومين، وأشرف عليه وزير التعليم العالي والبحث العلمي بوصفه رئيسا للجنة، إطارا لمتابعة مشروع القانون الإطاري للاستخدامات السلمية للطاقة والتقنيات النووية بهدف توفير الإطار التشريعي والرقابي المتكامل للوفاء بتعهّدات الجمهورية التونسية ولحماية الأشخاص والممتلكات والبيئة.

ووفق بلاغ صادر عن الوزارة، تولى فريق خبراء منبثق عن اللجنة إعداد المكونات الأساسية لمنظومة تشريعية ورقابية للأنشطة النووية تستجيب للمعايير والاتفاقيات الدولية، قبل إحالة مشروع القانون الإطاري إلى مصالح رئاسة الحكومة.

وتم خلال الاجتماع عرض وتدارس محتوى اتفاق تعاون بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة روسيا الفدرالية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية الذي يوفر الإطار المناسب للتعاون والتبادل العلمي والتكنولوجي وإدارة ونقل المعرفة وبناء القدرات.

ووفق ذات البلاغ، سيسمح اتفاق التعاون بتنمية الشراكة والتبادل التكنولوجي والبحوث في مجالات العلوم والتكنولوجيا النووية المستخدمة في الطبّ والصناعة والفلاحة وغيرها من المجالات وتوفير الأجهزة والمعدّات العلمية اللازمة.

نحو تركيز مشروع إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية

وفي هذا السياق، أكد مدير عام المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية عادل الطرابلسي أن الحديث عن التوجه رسميا لتركيز مشروع لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية في تونس أمر سابق لأوانه، باعتباره يحتاج إجراءات تمهيدية ومنها المصادقة على إستراتيجية وطنية للاستعمالات السلمية والتقنية للطاقة النووية مطابقة للمعايير الدولية.. لكنه أشار في نفس الوقت إلى أن الظروف باتت مهيأة في تونس للاعتماد على الطاقة النووية كحل مستدام في مختلف الاستعمالات السلمية والعلمية والتقنية وأبرزها إنتاج الكهرباء.

وأوضح في تصريح لـ"الصباح" أن اجتماع اللجنة الوطنية للطاقة الذرية، كان الهدف منه المداولة التقنية في مشروع القانون الإطاري للاستخدامات السلمية للطاقة والتقنيات النووية، الذي سيحال على مجلس الوزراء، فضلا عن المصادقة على مستوى حكومي وبرلماني على اتفاق تعاون بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة روسيا الفدرالية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، والذي يعود توقيعه مذكرات تفاهم في شأنه إلى سنة 2016، حتى تدخل حيز التنفيذ..

وقال الطرابلسي إن الظروف اليوم مهيأة أكثر من أي وقت مضى لوضع إستراتيجية وطنية للاستعمالات السلمية للطاقة النووية بما فيها إنتاج الكهرباء، مؤكدا أن الأمن الطاقي لا يمكن تحقيقه فقط عبر تطوير مشاريع الطاقات المتجددة والأحفورية، بل أيضا عبر الاستثمار في الطاقة النووية.

وقال إن نسبة كبيرة من إنتاج الطاقة في العالم تأتي من الطاقة النووية، وهي طاقة متطورة ليس لها انبعاثات غازية، وتؤمن إنتاجا طاقيا من الكهرباء مستداما ومستقرا دون توقف، فضلا عن أن عمر محطات الطاقات النووية من الجيل الجديد يمكن أن يدوم بين 60 و80 عاما، كما أن كلفة إنجازها في انخفاض مستمر ولم تعد تتطلب إجراءات معقدة أو أسسا تمهيدية مثل وضع مفاعل نووي تجريبي مثلما كان يتم في السابق وأحسن مثال على ذلك تجربة الإمارات العربية المتحدة..

وأوضح أنه في السنوات الأخيرة برز جيل جديد من المفاعلات النووية متناسب مع شبكة الكهرباء في تونس، ويمكن أن تكون حلا مستداما لحل العجز الطاقي، وهي متوافقة ماليا مع احتياجات تونس وذات كلفة منخفضة..

وشدد مدير عام المركز الوطني للتكنولوجيا النووية، على أن الظروف ملائمة لتطوير برامج ومشاريع قائمة على الاستعمالات السلمية للطاقة النووية، وخاصة أن تونس تتوفر على موارد بشرية متخصصة في المجال، والدراسات الأولية أجريت وتحتاج فقط إلى تحيين، مع توفر الهياكل الإدارية والتقنية المساندة مثل المركز الوطني للتكنولوجيا النووية، والمركز الوطني للحماية من الأشعة، والشركة التونسية للكهرباء والغاز.. وهي قادرة على إسناد أي توجه استراتيجي في هذا القطاع..

وبين أن تونس مرت بظروف استثنائية أخرت وضع إستراتيجية وطنية للاستعمالات السلمية للطاقة النووية، وقال:" اليوم هناك عودة قوية على مستوى العالم إلى مواصلة اعتماد الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء، حتى من الدول التي حاولت التخلي عنها، تراجعت وعادت إلى استعمالها، نظرا لما يمكن أن ينتج عنه من توفير للأمن الطاقي.."

عربيا، أشار الطرابلسي إلى أن هناك تجارب ناجحة في تنفيذ مشاريع لإنتاج الطاقة الكهربائية عبر الطاقة النووية مثل مصر والإمارات العربية المتحدة التي تمكنت من إنجاز أربع مفاعلات نووية تنتج ما يعادل الإنتاج الطاقي الجملي للكهرباء في تونس.

وعن إمكانية أن تسمح الاتفاقية التونسية الروسية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية بإحداث مشروع للطاقة النووية في تونس، أوضح أن الاتفاقية لا تعني بالضرورة التوجه إلى اقتناء مفاعل نووي من روسيا، بل هي تسمح بتطوير التعاون في عدة مجالات كالفلاحة والصناعة، والتبادل العلمي والتكنولوجي..، ويبقى القرار التونسي مفتوح على كل التكنولوجيات المناسبة، وعلى التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، علما أن تونس لديها اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى مثل فرنسا.

يذكر أن العلاقات التونسية الروسية تشهد في الفترة الأخيرة تطورات ايجابية في عدة مستويات ساهمت في دعم التعاون بين البلدين في عدة مستويات، علما أن وزير الخارجية الروسي زار مؤخرا تونس وكان له لقاء مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، ووزير الخارجية نبيل عمار..

توجه إستراتيجي

تجدر الإشارة إلى أن المركز الوطني للتكنولوجيا النووية احتفل مؤخرا وتحديدا يوم 25 نوفمبر 20233 بمرور 30 سنة على تأسيسه.

وصرح وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ورئيس اللجنة العلمية للتكنولوجيا النووية، منصف بوكثير بالمناسبة أن تونس أضاعت عديد الفرص المهمة للاستفادة من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعدم وجود قانون إطاري في هذا المجال..

وقال إن برنامج تونس النووي تضمّن بناء مفاعل نووي لإنتاج الطاقة الكهربائية، ولكن هذا البرنامج لم يستكمل خطوات إنشائه. ودعا إلى إحياء مشروع إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية، الذي انطلقت دراسات إنجازه في ثمانينات القرن الماضي، قبل أن يتوقف في مستوى الدراسات، رغم أهميته في ظل غلاء أسعار الطاقة..

وأكد بوكثير، أن مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعددًا من مسؤوليها، أبلغوه استعداد الوكالة خلال نقاشات على هامش مؤتمر فيينا للطاقة الذرية، لاستئناف العمل بالشراكة مع بلاده، لتنفيذ برنامج تونس النووي، من خلال إنشاء مفاعل لإنتاج الكهرباء.

ولفت إلى ضرورة أن يكون المشروع في إطار توجه إستراتيجي للدولة التونسية، لا سيما أن لديها عديدا من الكفاءات، بالإضافة إلى الخبرات المطلوبة واللازمة للانطلاق في تنفيذ المشروع، لافتًا إلى أن وجود إمكانات لدى الدولة، من بينها المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية في سيدي ثابت، الذي تم إطلاقه عام 1993.

وكانت تونس قد أمضت سنة 2009 على بروتوكول مبدئي مع فرنسا للتعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، خلال زيارة فرانسوا فيون الوزير الأول إلى تونس، ونشأ في ذلك الوقت حديث عن إمكانية فوز شركات فرنسية بمناقصة دولية لإحداث مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء في تونس، على أن يكون المشروع جاهزا مطلع سنة 2020.

وفي غرة جوان 2015 وقعت تونس مع روسيا مذكرة تعاون في المجال النووي وذلك خلال معرض "الطاقة الذرية 2015"، في العاصمة موسكو بحضور الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتمهد المذكرة لتعاون بين البلدين يتيح تطوير البنية التحتية النووية في تونس وبناء مفاعل نووي في تونس لغايات سلمية.

وفي 27 سبتمبر 2016 تولى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، سليم خلبوس، على هامش مشاركة تونس بالعاصمة النمساوية فيينا، في أشغال المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التوقيع على اتفاقية تعاون إطارية مع روسيا في مجال إستعمال العلوم والتكنولوجيات النووية، وإمضاء مذكرة تعاون بين المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيات النووية ومفوضية الطاقة النووية الفرنسية.

يذكر أن عددا من الدول العربية شرعت في تنفيذ مشاريع لاستخدام المفاعلات النووية لتوليد الطاقة منها الإمارات التي أنجزت أربع مفاعلات، ومصر، والسعودية ودول بصدد وضع خطط لاستخدام الطاقة النووية مثل والأردن والمغرب والجزائر..

رفيق بن عبد الله

كلفة المفاعلات متوافقة مع احتياجات بلادنا..   تونس تضع أسس تطوير برنامج لاستخدام الطاقة النووية

 

- مدير عام المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية لـ"الصباح":

الطاقة النووية توفر حلا مستداما للأمن الطاقي

تونس- الصباح

طفت فكرة إحداث مشروع مفاعل نووي في تونس لإنتاج الطاقة الكهربائية على السطح مجددا، بعد انطلاق مسار استكمال الإجراءات التقنية والتشريعية والسياسية التي من شانها أن تفضي إلى وضع إستراتيجية وطنية للاستعمالات السلمية للطاقة النووية طالما تأخر النظر فيها لسنوات لأسباب مختلفة.

ويبدو أن إحياء المشروع الذي يعود التفكير فيه منذ بداية الثمانيات، بدأ يؤتى أكله وقد يرى النور في السنوات القليلة المقبلة، وهو الذي قطعت فيه تونس أشواطا متقدمة على مستوى المشاورات السياسية والتقنية سواء مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو مع شركائها من الدول النووية التي لها تجارب متقدمة في مجال توظيف الطاقة النووية في المجال السلمي كالبحوث العلمية والفلاحية والطبية، وخاصة في مجال صنع وتطوير مفاعلات نووية معدة لإنتاج الكهرباء.. مثل روسيا وفرنسا..

ومثّل في هذا السياق الاجتماع الثامن والثلاثين للجنة الوطنية للطاقة الذرية، الذي انعقد قبل يومين، وأشرف عليه وزير التعليم العالي والبحث العلمي بوصفه رئيسا للجنة، إطارا لمتابعة مشروع القانون الإطاري للاستخدامات السلمية للطاقة والتقنيات النووية بهدف توفير الإطار التشريعي والرقابي المتكامل للوفاء بتعهّدات الجمهورية التونسية ولحماية الأشخاص والممتلكات والبيئة.

ووفق بلاغ صادر عن الوزارة، تولى فريق خبراء منبثق عن اللجنة إعداد المكونات الأساسية لمنظومة تشريعية ورقابية للأنشطة النووية تستجيب للمعايير والاتفاقيات الدولية، قبل إحالة مشروع القانون الإطاري إلى مصالح رئاسة الحكومة.

وتم خلال الاجتماع عرض وتدارس محتوى اتفاق تعاون بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة روسيا الفدرالية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية الذي يوفر الإطار المناسب للتعاون والتبادل العلمي والتكنولوجي وإدارة ونقل المعرفة وبناء القدرات.

ووفق ذات البلاغ، سيسمح اتفاق التعاون بتنمية الشراكة والتبادل التكنولوجي والبحوث في مجالات العلوم والتكنولوجيا النووية المستخدمة في الطبّ والصناعة والفلاحة وغيرها من المجالات وتوفير الأجهزة والمعدّات العلمية اللازمة.

نحو تركيز مشروع إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية

وفي هذا السياق، أكد مدير عام المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية عادل الطرابلسي أن الحديث عن التوجه رسميا لتركيز مشروع لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية في تونس أمر سابق لأوانه، باعتباره يحتاج إجراءات تمهيدية ومنها المصادقة على إستراتيجية وطنية للاستعمالات السلمية والتقنية للطاقة النووية مطابقة للمعايير الدولية.. لكنه أشار في نفس الوقت إلى أن الظروف باتت مهيأة في تونس للاعتماد على الطاقة النووية كحل مستدام في مختلف الاستعمالات السلمية والعلمية والتقنية وأبرزها إنتاج الكهرباء.

وأوضح في تصريح لـ"الصباح" أن اجتماع اللجنة الوطنية للطاقة الذرية، كان الهدف منه المداولة التقنية في مشروع القانون الإطاري للاستخدامات السلمية للطاقة والتقنيات النووية، الذي سيحال على مجلس الوزراء، فضلا عن المصادقة على مستوى حكومي وبرلماني على اتفاق تعاون بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة روسيا الفدرالية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، والذي يعود توقيعه مذكرات تفاهم في شأنه إلى سنة 2016، حتى تدخل حيز التنفيذ..

وقال الطرابلسي إن الظروف اليوم مهيأة أكثر من أي وقت مضى لوضع إستراتيجية وطنية للاستعمالات السلمية للطاقة النووية بما فيها إنتاج الكهرباء، مؤكدا أن الأمن الطاقي لا يمكن تحقيقه فقط عبر تطوير مشاريع الطاقات المتجددة والأحفورية، بل أيضا عبر الاستثمار في الطاقة النووية.

وقال إن نسبة كبيرة من إنتاج الطاقة في العالم تأتي من الطاقة النووية، وهي طاقة متطورة ليس لها انبعاثات غازية، وتؤمن إنتاجا طاقيا من الكهرباء مستداما ومستقرا دون توقف، فضلا عن أن عمر محطات الطاقات النووية من الجيل الجديد يمكن أن يدوم بين 60 و80 عاما، كما أن كلفة إنجازها في انخفاض مستمر ولم تعد تتطلب إجراءات معقدة أو أسسا تمهيدية مثل وضع مفاعل نووي تجريبي مثلما كان يتم في السابق وأحسن مثال على ذلك تجربة الإمارات العربية المتحدة..

وأوضح أنه في السنوات الأخيرة برز جيل جديد من المفاعلات النووية متناسب مع شبكة الكهرباء في تونس، ويمكن أن تكون حلا مستداما لحل العجز الطاقي، وهي متوافقة ماليا مع احتياجات تونس وذات كلفة منخفضة..

وشدد مدير عام المركز الوطني للتكنولوجيا النووية، على أن الظروف ملائمة لتطوير برامج ومشاريع قائمة على الاستعمالات السلمية للطاقة النووية، وخاصة أن تونس تتوفر على موارد بشرية متخصصة في المجال، والدراسات الأولية أجريت وتحتاج فقط إلى تحيين، مع توفر الهياكل الإدارية والتقنية المساندة مثل المركز الوطني للتكنولوجيا النووية، والمركز الوطني للحماية من الأشعة، والشركة التونسية للكهرباء والغاز.. وهي قادرة على إسناد أي توجه استراتيجي في هذا القطاع..

وبين أن تونس مرت بظروف استثنائية أخرت وضع إستراتيجية وطنية للاستعمالات السلمية للطاقة النووية، وقال:" اليوم هناك عودة قوية على مستوى العالم إلى مواصلة اعتماد الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء، حتى من الدول التي حاولت التخلي عنها، تراجعت وعادت إلى استعمالها، نظرا لما يمكن أن ينتج عنه من توفير للأمن الطاقي.."

عربيا، أشار الطرابلسي إلى أن هناك تجارب ناجحة في تنفيذ مشاريع لإنتاج الطاقة الكهربائية عبر الطاقة النووية مثل مصر والإمارات العربية المتحدة التي تمكنت من إنجاز أربع مفاعلات نووية تنتج ما يعادل الإنتاج الطاقي الجملي للكهرباء في تونس.

وعن إمكانية أن تسمح الاتفاقية التونسية الروسية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية بإحداث مشروع للطاقة النووية في تونس، أوضح أن الاتفاقية لا تعني بالضرورة التوجه إلى اقتناء مفاعل نووي من روسيا، بل هي تسمح بتطوير التعاون في عدة مجالات كالفلاحة والصناعة، والتبادل العلمي والتكنولوجي..، ويبقى القرار التونسي مفتوح على كل التكنولوجيات المناسبة، وعلى التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف، علما أن تونس لديها اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى مثل فرنسا.

يذكر أن العلاقات التونسية الروسية تشهد في الفترة الأخيرة تطورات ايجابية في عدة مستويات ساهمت في دعم التعاون بين البلدين في عدة مستويات، علما أن وزير الخارجية الروسي زار مؤخرا تونس وكان له لقاء مع رئيس الجمهورية قيس سعيد، ووزير الخارجية نبيل عمار..

توجه إستراتيجي

تجدر الإشارة إلى أن المركز الوطني للتكنولوجيا النووية احتفل مؤخرا وتحديدا يوم 25 نوفمبر 20233 بمرور 30 سنة على تأسيسه.

وصرح وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ورئيس اللجنة العلمية للتكنولوجيا النووية، منصف بوكثير بالمناسبة أن تونس أضاعت عديد الفرص المهمة للاستفادة من التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لعدم وجود قانون إطاري في هذا المجال..

وقال إن برنامج تونس النووي تضمّن بناء مفاعل نووي لإنتاج الطاقة الكهربائية، ولكن هذا البرنامج لم يستكمل خطوات إنشائه. ودعا إلى إحياء مشروع إنتاج الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية، الذي انطلقت دراسات إنجازه في ثمانينات القرن الماضي، قبل أن يتوقف في مستوى الدراسات، رغم أهميته في ظل غلاء أسعار الطاقة..

وأكد بوكثير، أن مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعددًا من مسؤوليها، أبلغوه استعداد الوكالة خلال نقاشات على هامش مؤتمر فيينا للطاقة الذرية، لاستئناف العمل بالشراكة مع بلاده، لتنفيذ برنامج تونس النووي، من خلال إنشاء مفاعل لإنتاج الكهرباء.

ولفت إلى ضرورة أن يكون المشروع في إطار توجه إستراتيجي للدولة التونسية، لا سيما أن لديها عديدا من الكفاءات، بالإضافة إلى الخبرات المطلوبة واللازمة للانطلاق في تنفيذ المشروع، لافتًا إلى أن وجود إمكانات لدى الدولة، من بينها المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا النووية في سيدي ثابت، الذي تم إطلاقه عام 1993.

وكانت تونس قد أمضت سنة 2009 على بروتوكول مبدئي مع فرنسا للتعاون في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية، خلال زيارة فرانسوا فيون الوزير الأول إلى تونس، ونشأ في ذلك الوقت حديث عن إمكانية فوز شركات فرنسية بمناقصة دولية لإحداث مفاعل نووي لإنتاج الكهرباء في تونس، على أن يكون المشروع جاهزا مطلع سنة 2020.

وفي غرة جوان 2015 وقعت تونس مع روسيا مذكرة تعاون في المجال النووي وذلك خلال معرض "الطاقة الذرية 2015"، في العاصمة موسكو بحضور الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وتمهد المذكرة لتعاون بين البلدين يتيح تطوير البنية التحتية النووية في تونس وبناء مفاعل نووي في تونس لغايات سلمية.

وفي 27 سبتمبر 2016 تولى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، سليم خلبوس، على هامش مشاركة تونس بالعاصمة النمساوية فيينا، في أشغال المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التوقيع على اتفاقية تعاون إطارية مع روسيا في مجال إستعمال العلوم والتكنولوجيات النووية، وإمضاء مذكرة تعاون بين المركز الوطني للعلوم والتكنولوجيات النووية ومفوضية الطاقة النووية الفرنسية.

يذكر أن عددا من الدول العربية شرعت في تنفيذ مشاريع لاستخدام المفاعلات النووية لتوليد الطاقة منها الإمارات التي أنجزت أربع مفاعلات، ومصر، والسعودية ودول بصدد وضع خطط لاستخدام الطاقة النووية مثل والأردن والمغرب والجزائر..

رفيق بن عبد الله