على الرغم من مرور أكثر من خمس سنوات على انطلاق أعمالها لا زالت قضايا العدالة الانتقالية تثير الكثير من الجدل ففي الوقت الذي يعتبر فيه ضحايا الانتهاكات ان مسار العدالة الانتقالية لا يزال معطلا وان الضحايا انتهكت حقوقهم وظلموا في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وتعرضوا إلى تعذيب ممنهج لم يتم انصافهم لا بل اكثر من ذلك فإن الجلادين على حد تعبيرهم افلتوا من العقاب وضربوا عرض الحائط بدوائر العدالة الانتقالية ولم يحضروا جلسات المحاكمة ومنهم من توفي قبل أن يقول القضاء كلمته.
صباح الشابي
في المقابل يرى البعض الآخر من المنسوب إليهم الانتهاك او غيرهم ان منظومة العدالة الانتقالية انتهت بانتهاء أعمال هيئة الحقيقة والكرامة وان المنسوب إليهم الانتهاك كانوا بدورهم ضحايا.
وقال في هذا السياق رئيس جمعية أمل واستشراف متقاعدي الأمن التونسي عبد المجيد بلومي الذي اعتبر ان عددا من الامنيين المتقاعدين من مختلف الاسلاك الأمنية " شرطة - حرس - سجون واصلاح " المنسوب إليهم الانتهاك يشعرون بالضيم والغبن جراء منظومة العدالة الانتقالية ، وفيهم حتى من توفوا بسبب ما اصابهم من امراض وشعور بالاحباط مثل " حسن عبيد " و" محمد الصالحي " وغيرهما ممن قدموا الكثير للوطن ، ومنهم حتى من عجزوا على استخراج جوازات سفر وهم في سن متقدمة لأداء مناسك العمرة وفريضة الحج أو زيارة أبنائهم المقيمين والعاملين بالخارج نظرا لكونهم محل اجراءات حدودية تقضي بمنعهم من مغادرة أرض الوطن، ومنهم من أصبحت مكاسبه الخاصة التي كونها بعرق جبينه مهددة بالائتمان.
وأضاف في تصريح لـ"الصباح" أن هؤلاء الأمنيين المتقاعدين ليسوا أجانب أو غرباء وإنما هم تونسيون لحما ودما وأبا عن جد ، ودرسوا بالمعاهد والجامعات التونسية مثل غيرهم وتحصلوا على شهائد ومؤهلات علمية ثم ساقتهم الاقدار للانتداب بالاسلاك الأمنية وان يتقلدوا بالاعتماد على مقاييس موضوعية للجدارة في مجالات واختصاصات مختلفة مثلما هو معتمد بكل دول العالم، وان هؤلاء الأمنيين المتقاعدين هم بالأساس موظفون في الدولة وليسوا سياسيين أو أصحاب قرار، وهم يطبقون القوانين النافذة والقرارات وفقا لما يقتضيه القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي.
مسار مشوه
وتابع بالقول إن مسار العدالة الانتقالية ولد منذ بدايته مشوها و"مشلولا" وكذلك نفس الشيء بالنسبة لهيئة الحقيقة والكرامة، فالقانون الذي يخول إعادة محاكمات لما سبق أن بت فيها القضاء حتى بعد 14 جانفي 2011 في ظل استقلال القضاء عن أية تاثيرات، والقانون الذي لم يضمن مبدأ " التقاضي على درجتين هو مخالف لمقومات وشروط المحاكمات العادلة المعتمدة عالميا لا يمكن وصفه حسب تقديره إلا بالقانون المنحاز لشق للتشفي من الشق المقابل. وهيئة " الحقيقة والكرامة " التي تم تشكيلها من قبل نفس المنظومة التي صاغت القانون وصادقت عليه ، وعوض اختيار شخصية أكاديمية محايدة على رأسها ، تم اختيار شخصية تصنف نفسها من ضحايا النظام السابق ، وهذا من شأنه أن يفقدها شرط الحياد المنصوص عليه في اكثر من موقع بنص القانون ذاته.
وأضاف البلومي أنه لعل هذا من الاسباب الرئيسية والأساسية التي جعلت الاغلبية المطلقة من " المنسوبة اليهم الانتهاكات " يرفضون المثول أمام الهيئة للادلاء بتصريحاتهم وكشف الحقائق في مأمن لأنهم والحالة تلك يعتبرون رئيسة الهيئة " خصما وحكما " في نفس الوقت وهو ما لا يستقيم من منظور " العدالة " .. فالحقيقة ليست بالضرورة كل ما يقال من طرف واحد ، وقد استمعنا إلى الكثير من التصريحات الواردة على لسان بعض المصنفين كضحايا وهي في الحقيقة لا تمت بأية صلة للحقيقة ولا يقبلها أي عاقل.
وأضاف "ومن الغرائب أن أحد زملائنا بجندوبة تعرض للاعتداء بماء الفرق من قبل أحد عناصر " الاتجاه الاسلامي " وهو يعيش اليوم فاقدا للبصر، وعوض أن يكون ضحية فهو اليوم ملاحق لدى الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية.
ومن ضمن الاعتداءات الاخرى بالإضافة إلى عون الأمن بجندوبة الذي أصبح كفيفا ، تم الاعتداء بماء الفرق على امام جامع الكرم الاستاذ المرحوم " ابراهيم الورغي " والاعتداء على القاضي " كيدار " بالمنستير .
ولم ينف او يؤكد بعض التجاوزات والوقائع المنسوبة لبعض الامنيين سابقا ، مشيرا الى أنه لا بد ان توضع الأمور في إطارها وسياقها ، لأن بلادنا لها حدود مع جارتنا الجزائر، وقد عانت هذه الأخيرة من ويلات الارهاب والذبح وسفك الدماء ليلا نهارا.. ومثل هذه الاحداث تهدد أمننا القومي وكان لا بد من التعامل مع المسألة بصرامة لمصلحة الأمن القومي وفق قوله.
وأكد محدثنا أنه "لا يجب أن ننسى حادثة لجنة التنسيق بباب سويقة وحادثة تفجير النزل بالساحل وحادثة إمام جامع الكرم وغيرها من الحوادث، ولا يجب أن نتغافل عما قام به من تمتعوا بالعفو العام سنة 2011 من سفك للدماء وصناعة للارهاب وتصدير شبابنا إلى بؤر التوتر، وما حصل من اغتيالات لناشطين سياسيين .. بمعنى انه يجب المصارحة وطرح السؤال التالي : ( qui a fait quoi et au profit de qui ? ) للتوصل إلى الحقيقة كاملة "
واعتبر انه حسب تقديره وحسبما خبره في مجال البحث حتى في القضايا العادية ، يصعب كشف الحقيقة كلما طالت المدة ، ولا بد من التفاعل مع الحدث في وقته.
أما الآن فالدوائر المتخصصة تبحث عن حقيقة تتعلق بوقائع مر على حصولها عشرات السنوات ، وعمر هذا المسار تجاوز 10 سنوات ، واستبعد أنه ثمة مجال اليوم لكشف الحقيقة بالإضافة إلى أن مسار العدالة الانتقالية انبثق عن دستور 2014 ، وهذا الدستور تحدث عما سماه ( منظومة العدالة الانتقالية ) ومصطلح منظومة يحيلنا بالضرورة إلى جملة الآليات المكونة لها بما فيها آلية هيئة الحقيقة والكرامة، كما تضمن الدستور أن هذه المنظومة محددة بـ" المدة الزمنية المخصصة لها " وهذه المدة انتهت موفى شهر ماي 2018 ، والهيئة قدمت تقريرها النهائي للجهات المعنية " ولو أن موضوع التقرير " محل تحقيق جاري إلى الآن " وحسب رأيه ورأي الكثيرين فإن الدوائر المتخصصة وهي من مكونات " منظومة العدالة الانتقالية " يفترض أن تكون انتهت مدتها بانتهاء بقية آليات المنظومة.. وبعد أن صدر عفو عن الاطراف الادارية المشمولة بالعدالة الانتقالية في عهد المرحوم "الباجي قائد السبسي" ثم صدر لفائدة رجال الأعمال " قانون الصلح الجزائي".
وقال أيضا إنه بالنسبة للملفات المنشورة بالدوائر المتخصصة لوائحها أعدت بدون نصاب قانوني حسب تصريحات من اشتغلوا كأعضاء بالهيئة.
إيجاد آلية لطي صفحة الماضي
واعتبر أنه آن الأوان لإيجاد آلية لطي صفحة الماضي بعد وفاة الكثيرين من المشمولين بالقضايا المنشورة لدى الدوائر المتخصصة وفي مقدمتهم رئيسي الدولة "بورقيبة " و" بن علي": وان تعتذر الدولة في حق أعوانها بالنسبة لمن ثبت انهم فعلا ضحايا ولننصرف لبناء تونس من جديد.
تونس-الصباح
على الرغم من مرور أكثر من خمس سنوات على انطلاق أعمالها لا زالت قضايا العدالة الانتقالية تثير الكثير من الجدل ففي الوقت الذي يعتبر فيه ضحايا الانتهاكات ان مسار العدالة الانتقالية لا يزال معطلا وان الضحايا انتهكت حقوقهم وظلموا في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وتعرضوا إلى تعذيب ممنهج لم يتم انصافهم لا بل اكثر من ذلك فإن الجلادين على حد تعبيرهم افلتوا من العقاب وضربوا عرض الحائط بدوائر العدالة الانتقالية ولم يحضروا جلسات المحاكمة ومنهم من توفي قبل أن يقول القضاء كلمته.
صباح الشابي
في المقابل يرى البعض الآخر من المنسوب إليهم الانتهاك او غيرهم ان منظومة العدالة الانتقالية انتهت بانتهاء أعمال هيئة الحقيقة والكرامة وان المنسوب إليهم الانتهاك كانوا بدورهم ضحايا.
وقال في هذا السياق رئيس جمعية أمل واستشراف متقاعدي الأمن التونسي عبد المجيد بلومي الذي اعتبر ان عددا من الامنيين المتقاعدين من مختلف الاسلاك الأمنية " شرطة - حرس - سجون واصلاح " المنسوب إليهم الانتهاك يشعرون بالضيم والغبن جراء منظومة العدالة الانتقالية ، وفيهم حتى من توفوا بسبب ما اصابهم من امراض وشعور بالاحباط مثل " حسن عبيد " و" محمد الصالحي " وغيرهما ممن قدموا الكثير للوطن ، ومنهم حتى من عجزوا على استخراج جوازات سفر وهم في سن متقدمة لأداء مناسك العمرة وفريضة الحج أو زيارة أبنائهم المقيمين والعاملين بالخارج نظرا لكونهم محل اجراءات حدودية تقضي بمنعهم من مغادرة أرض الوطن، ومنهم من أصبحت مكاسبه الخاصة التي كونها بعرق جبينه مهددة بالائتمان.
وأضاف في تصريح لـ"الصباح" أن هؤلاء الأمنيين المتقاعدين ليسوا أجانب أو غرباء وإنما هم تونسيون لحما ودما وأبا عن جد ، ودرسوا بالمعاهد والجامعات التونسية مثل غيرهم وتحصلوا على شهائد ومؤهلات علمية ثم ساقتهم الاقدار للانتداب بالاسلاك الأمنية وان يتقلدوا بالاعتماد على مقاييس موضوعية للجدارة في مجالات واختصاصات مختلفة مثلما هو معتمد بكل دول العالم، وان هؤلاء الأمنيين المتقاعدين هم بالأساس موظفون في الدولة وليسوا سياسيين أو أصحاب قرار، وهم يطبقون القوانين النافذة والقرارات وفقا لما يقتضيه القانون الأساسي العام لقوات الأمن الداخلي.
مسار مشوه
وتابع بالقول إن مسار العدالة الانتقالية ولد منذ بدايته مشوها و"مشلولا" وكذلك نفس الشيء بالنسبة لهيئة الحقيقة والكرامة، فالقانون الذي يخول إعادة محاكمات لما سبق أن بت فيها القضاء حتى بعد 14 جانفي 2011 في ظل استقلال القضاء عن أية تاثيرات، والقانون الذي لم يضمن مبدأ " التقاضي على درجتين هو مخالف لمقومات وشروط المحاكمات العادلة المعتمدة عالميا لا يمكن وصفه حسب تقديره إلا بالقانون المنحاز لشق للتشفي من الشق المقابل. وهيئة " الحقيقة والكرامة " التي تم تشكيلها من قبل نفس المنظومة التي صاغت القانون وصادقت عليه ، وعوض اختيار شخصية أكاديمية محايدة على رأسها ، تم اختيار شخصية تصنف نفسها من ضحايا النظام السابق ، وهذا من شأنه أن يفقدها شرط الحياد المنصوص عليه في اكثر من موقع بنص القانون ذاته.
وأضاف البلومي أنه لعل هذا من الاسباب الرئيسية والأساسية التي جعلت الاغلبية المطلقة من " المنسوبة اليهم الانتهاكات " يرفضون المثول أمام الهيئة للادلاء بتصريحاتهم وكشف الحقائق في مأمن لأنهم والحالة تلك يعتبرون رئيسة الهيئة " خصما وحكما " في نفس الوقت وهو ما لا يستقيم من منظور " العدالة " .. فالحقيقة ليست بالضرورة كل ما يقال من طرف واحد ، وقد استمعنا إلى الكثير من التصريحات الواردة على لسان بعض المصنفين كضحايا وهي في الحقيقة لا تمت بأية صلة للحقيقة ولا يقبلها أي عاقل.
وأضاف "ومن الغرائب أن أحد زملائنا بجندوبة تعرض للاعتداء بماء الفرق من قبل أحد عناصر " الاتجاه الاسلامي " وهو يعيش اليوم فاقدا للبصر، وعوض أن يكون ضحية فهو اليوم ملاحق لدى الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية.
ومن ضمن الاعتداءات الاخرى بالإضافة إلى عون الأمن بجندوبة الذي أصبح كفيفا ، تم الاعتداء بماء الفرق على امام جامع الكرم الاستاذ المرحوم " ابراهيم الورغي " والاعتداء على القاضي " كيدار " بالمنستير .
ولم ينف او يؤكد بعض التجاوزات والوقائع المنسوبة لبعض الامنيين سابقا ، مشيرا الى أنه لا بد ان توضع الأمور في إطارها وسياقها ، لأن بلادنا لها حدود مع جارتنا الجزائر، وقد عانت هذه الأخيرة من ويلات الارهاب والذبح وسفك الدماء ليلا نهارا.. ومثل هذه الاحداث تهدد أمننا القومي وكان لا بد من التعامل مع المسألة بصرامة لمصلحة الأمن القومي وفق قوله.
وأكد محدثنا أنه "لا يجب أن ننسى حادثة لجنة التنسيق بباب سويقة وحادثة تفجير النزل بالساحل وحادثة إمام جامع الكرم وغيرها من الحوادث، ولا يجب أن نتغافل عما قام به من تمتعوا بالعفو العام سنة 2011 من سفك للدماء وصناعة للارهاب وتصدير شبابنا إلى بؤر التوتر، وما حصل من اغتيالات لناشطين سياسيين .. بمعنى انه يجب المصارحة وطرح السؤال التالي : ( qui a fait quoi et au profit de qui ? ) للتوصل إلى الحقيقة كاملة "
واعتبر انه حسب تقديره وحسبما خبره في مجال البحث حتى في القضايا العادية ، يصعب كشف الحقيقة كلما طالت المدة ، ولا بد من التفاعل مع الحدث في وقته.
أما الآن فالدوائر المتخصصة تبحث عن حقيقة تتعلق بوقائع مر على حصولها عشرات السنوات ، وعمر هذا المسار تجاوز 10 سنوات ، واستبعد أنه ثمة مجال اليوم لكشف الحقيقة بالإضافة إلى أن مسار العدالة الانتقالية انبثق عن دستور 2014 ، وهذا الدستور تحدث عما سماه ( منظومة العدالة الانتقالية ) ومصطلح منظومة يحيلنا بالضرورة إلى جملة الآليات المكونة لها بما فيها آلية هيئة الحقيقة والكرامة، كما تضمن الدستور أن هذه المنظومة محددة بـ" المدة الزمنية المخصصة لها " وهذه المدة انتهت موفى شهر ماي 2018 ، والهيئة قدمت تقريرها النهائي للجهات المعنية " ولو أن موضوع التقرير " محل تحقيق جاري إلى الآن " وحسب رأيه ورأي الكثيرين فإن الدوائر المتخصصة وهي من مكونات " منظومة العدالة الانتقالية " يفترض أن تكون انتهت مدتها بانتهاء بقية آليات المنظومة.. وبعد أن صدر عفو عن الاطراف الادارية المشمولة بالعدالة الانتقالية في عهد المرحوم "الباجي قائد السبسي" ثم صدر لفائدة رجال الأعمال " قانون الصلح الجزائي".
وقال أيضا إنه بالنسبة للملفات المنشورة بالدوائر المتخصصة لوائحها أعدت بدون نصاب قانوني حسب تصريحات من اشتغلوا كأعضاء بالهيئة.
إيجاد آلية لطي صفحة الماضي
واعتبر أنه آن الأوان لإيجاد آلية لطي صفحة الماضي بعد وفاة الكثيرين من المشمولين بالقضايا المنشورة لدى الدوائر المتخصصة وفي مقدمتهم رئيسي الدولة "بورقيبة " و" بن علي": وان تعتذر الدولة في حق أعوانها بالنسبة لمن ثبت انهم فعلا ضحايا ولننصرف لبناء تونس من جديد.