تزامنا مع عرض كل من فيلم "المابين" للمخرجة ندى المازني و"إبرة" للمخرج عبد الحميد بوشناق بقاعات السينما يتواصل تبادل التهم بين المخرجين، باعتبار أن صاحبة "البنين" اتهمت زميلها بوشناق بالسطو على الفكرة التي تطرح لأول مرة في تونس إشكالية تجاوزت –حسب البعض- عتبات المحظور.
ولئن بينت ندى المازني سواء في وسائل الاعلام أو على حسابها الخاص بمواقع التواصل الاجتماعي في أكثر من مناسبة "عملية التحيل" التي تعرضت لها، على أساس أنها التقت المخرج عبد الحميد بوشناق أواخر العام الماضي بمهرجان البحر الأحمر بالسعودية وتحدثا على العمل الذي كان في آخر مراحل إنجازه آنذاك..لتتفاجأ مؤخرا بفيلم "إبرة" المتناول لنفس الموضوع (ثنائية الجنس intersexualité ) وهي أقليات حاملة لتشوه خلقي أو جنسي ..
من جهته أعرب المخرج الشاب عبد الحميد بوشناق عن تعجبه من ردة فعل ندى المازني مخرجة فيلم "البابين" حال الحديث والإعلان عن "الإبرة"، باعتبار أنها اتهمته بالسطو على الفكرة وأنه مخرج غالبا ما كانت اختياراته تنزاح الى مواضيع أخرى..
لكن بين هذا وذاك ثمة ملاحظة تستدعي الانتباه وهي أن جرأة طرح المخرجين لـ"ثنائية الجنس" المحظور –حتى وإن ثبت تبني أحدهما نفس فكرة زميله- كانت أعمق من الاتهامات بين الطرفين، خاصة وأن كلا منهما تناول تفاصيل الإشكالية من زاوية مختلفة، فضلا عن أن العديد من الأعمال السينمائية في العالم كانت تمثل توسعا في مضامين أفلام سينمائية أو وثائقية سابقة، إذ لا يمكن الحديث عن عمل فني واحد قادر على حصر كل الجزئيات..
والمتمعن في تفاصيل "مابين" و"إبرة" يدرك ذلك جيدا، لا سيما أن "شمس" في فيلم "مابين" وهو اسم يطلق على الانثى كما الذكر، تعاني من تشوه خلقي منذ الولادة جعلها تعيش صراعا بين الجنسين هرمونيا ونفسانيا، قبل أن يفتضح أمرها بين أهالي الحي الذي تقطنه..مما ساهم في تعمق معاناتها.. معاناة تجسدت بين علاقاتها الاجتماعية والعاطفية وعلاجها الهرموني لتظل ممزقة بين ميولات مختلفة..ليكون العالم الروحاني أو الصوفي من خلال "الحضرة" أحد سبل النجاة من "الشرخ النفسي" والتفكير في وضع حد للحياة عبر الانتحار.. فالفيلم في مجمل أحداثه يدعو للتفكير ومساءلة المصادرات الاخلاقية.. كانت لقطة الدخول الى البحر انعكاسا لذلك ولفكرة ضرورة الانتفتاح عن مثل هذه المواضيع..
أما فيلم "إبرة" لعبد الحميد بوشناق فيسرد قصة زوجين ينتظران بفارغ الصبر مولودهماالأول لتعلمعها الطبيبة بأن الرضيع يحمل الجنسين الذكر والأنثى..
وهو ما جعل الوالدان يدخلان في صراعات يومية نتيجة رفض الأب لهذا الرضيع مقابل تشبث الام بابنها، لتتحول العلاقة الى "حرب باردة" كانت وراء تخييم الحزن والصمت والتوتر ..
كأن المخرج أراد من خلال نظرات الزوجين والبرود الذي خيم على المنزل أن يكشف "وجيعة" الزوجين والتي من الممكن أن تبتلى بها أي عائلة، لدرجة أن المتفرج سيجد نفسه أما العديد من التساؤلات إزاء وضعية مجانبة عن إرادة الزوجين..
وبعد الكشف عن جرأة المخرجين في تناول مسالة "ثنائية الجنس" بمضامين وأساليب طرح مختلفة، اليس لنا أن نؤكد أن قيمة العملين أعمق من التهامات؟ !!
وليد عبداللاوي
تونس-الصباح
تزامنا مع عرض كل من فيلم "المابين" للمخرجة ندى المازني و"إبرة" للمخرج عبد الحميد بوشناق بقاعات السينما يتواصل تبادل التهم بين المخرجين، باعتبار أن صاحبة "البنين" اتهمت زميلها بوشناق بالسطو على الفكرة التي تطرح لأول مرة في تونس إشكالية تجاوزت –حسب البعض- عتبات المحظور.
ولئن بينت ندى المازني سواء في وسائل الاعلام أو على حسابها الخاص بمواقع التواصل الاجتماعي في أكثر من مناسبة "عملية التحيل" التي تعرضت لها، على أساس أنها التقت المخرج عبد الحميد بوشناق أواخر العام الماضي بمهرجان البحر الأحمر بالسعودية وتحدثا على العمل الذي كان في آخر مراحل إنجازه آنذاك..لتتفاجأ مؤخرا بفيلم "إبرة" المتناول لنفس الموضوع (ثنائية الجنس intersexualité ) وهي أقليات حاملة لتشوه خلقي أو جنسي ..
من جهته أعرب المخرج الشاب عبد الحميد بوشناق عن تعجبه من ردة فعل ندى المازني مخرجة فيلم "البابين" حال الحديث والإعلان عن "الإبرة"، باعتبار أنها اتهمته بالسطو على الفكرة وأنه مخرج غالبا ما كانت اختياراته تنزاح الى مواضيع أخرى..
لكن بين هذا وذاك ثمة ملاحظة تستدعي الانتباه وهي أن جرأة طرح المخرجين لـ"ثنائية الجنس" المحظور –حتى وإن ثبت تبني أحدهما نفس فكرة زميله- كانت أعمق من الاتهامات بين الطرفين، خاصة وأن كلا منهما تناول تفاصيل الإشكالية من زاوية مختلفة، فضلا عن أن العديد من الأعمال السينمائية في العالم كانت تمثل توسعا في مضامين أفلام سينمائية أو وثائقية سابقة، إذ لا يمكن الحديث عن عمل فني واحد قادر على حصر كل الجزئيات..
والمتمعن في تفاصيل "مابين" و"إبرة" يدرك ذلك جيدا، لا سيما أن "شمس" في فيلم "مابين" وهو اسم يطلق على الانثى كما الذكر، تعاني من تشوه خلقي منذ الولادة جعلها تعيش صراعا بين الجنسين هرمونيا ونفسانيا، قبل أن يفتضح أمرها بين أهالي الحي الذي تقطنه..مما ساهم في تعمق معاناتها.. معاناة تجسدت بين علاقاتها الاجتماعية والعاطفية وعلاجها الهرموني لتظل ممزقة بين ميولات مختلفة..ليكون العالم الروحاني أو الصوفي من خلال "الحضرة" أحد سبل النجاة من "الشرخ النفسي" والتفكير في وضع حد للحياة عبر الانتحار.. فالفيلم في مجمل أحداثه يدعو للتفكير ومساءلة المصادرات الاخلاقية.. كانت لقطة الدخول الى البحر انعكاسا لذلك ولفكرة ضرورة الانتفتاح عن مثل هذه المواضيع..
أما فيلم "إبرة" لعبد الحميد بوشناق فيسرد قصة زوجين ينتظران بفارغ الصبر مولودهماالأول لتعلمعها الطبيبة بأن الرضيع يحمل الجنسين الذكر والأنثى..
وهو ما جعل الوالدان يدخلان في صراعات يومية نتيجة رفض الأب لهذا الرضيع مقابل تشبث الام بابنها، لتتحول العلاقة الى "حرب باردة" كانت وراء تخييم الحزن والصمت والتوتر ..
كأن المخرج أراد من خلال نظرات الزوجين والبرود الذي خيم على المنزل أن يكشف "وجيعة" الزوجين والتي من الممكن أن تبتلى بها أي عائلة، لدرجة أن المتفرج سيجد نفسه أما العديد من التساؤلات إزاء وضعية مجانبة عن إرادة الزوجين..
وبعد الكشف عن جرأة المخرجين في تناول مسالة "ثنائية الجنس" بمضامين وأساليب طرح مختلفة، اليس لنا أن نؤكد أن قيمة العملين أعمق من التهامات؟ !!