أعاد المؤتمر الأخير لآفاق تونس وانتخاب ريم محجوب رئيسة للحزب،الجدل من جديد حول واقع الأحزاب التونسية اليوم لا فقط تلك المعارضة لمسار25 جويلية والمتواجدة حاليا في موقع "رد الفعل" بل أيضا المساندة لـ25 جويلية والتي "تساير" خيارات الرئيس دون المشاركة فيها، رغم تململها المستمر والمطالبة بتشريكها في الحكم.
يعود الجدل أيضا في علاقة بالتواجد الفعلي لبعض الأحزاب نشاطا وتأثيرا وحقيقة اندثار الكثير منها ومصير "الحل" المتربص بالبعض الآخر.
رغم نجاح بعض الأحزاب في البقاء إلى حد الآن لا سيما بعد 25 جويلية إلا أن هذا الوجود لا يكاد يذكر في ظل عدم تمكن الكثير منها من انجاز مؤتمراتها، ومن نجح في تجاوز هذه العتبة على غرار آفاق تونس مؤخرا فلن يغير ذلك كثيرا من حقيقة الوجود "الميت" لأحزاب أصبحت أكثر فأكثر تختزل في شخص رئيسها.
فآفاق تونس واثر إعلان رئيسه السابق محمد الفاضل عبد الكافي استقالته في 19 أكتوبر الفارط وإن تمكن اليوم من اختيار رئيس جديد فإن فعله في الشأن السياسي والمشهد العام سيتلخص في وجود ريم محجوب على رأسه بعد انسحاب أغلب وجوهه المعروفة تباعا.
أحزاب اندثرت..
إلى جانب أحزاب "الواجهة الصورية" فإن بعض الأحزاب الأخرى اختفت أو تكاد من المشهد خاصة بعد "التخلي القصري" لرؤسائها الملاحقين والمتواجدين خارج حدود الوطن.
وهنا يتساءل كثيرون عن حزب" تحيا تونس" حيث تشير المعطيات إلى أن آخر اجتماع للحزب كان حول تنظيم مؤتمر استثنائي في مارس 2022. دون أن يتم المؤتمر واختفت نشاطات الحزب اثر التتبعات القضائية لبعض قياداته على غرار رياض المؤخر ولطفي بن ساسي وسمير الطيب. بالإضافة إلى الإعلان في وقت لاحق عن تتبعات في حق رئيس الحزب يوسف الشاهد أمام القضاء الفرنسي في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة.
المصير ذاته عاشه حزب قلب تونس الذي اختفى من المشهد تماما اثر فرار رئيسه نبيل القروي.
وبعد الطفرة غير المسبوقة لتكوين الأحزاب التي عرفتها تونس منذ 2011 ببلوغ حوالي 240 حزبا سياسيا، فإن واقع الحال يؤكد أن عديد الأحزاب "اختفت من الميدان وظلت فقط على الورق".
وأخرى مهددة ..
تواجه أيضا عديد الأحزاب اليوم مصير "الحل" بعد أن أقدم البعض منها على حل نفسه. وقد كشفت مؤخرا مديرة ديوان رئيس الحكومة، سامية الشرفي قدور، على هامش مناقشة مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 أمام البرلمان، أن رئاسة الحكومة شرعت منذ سنة 2018 في تتبع الأحزاب السياسية التي لم تقدم تقاريرها المالية وأن الإدارة بادرت بالتنبيه على 150 حزبا، بخصوص توضيح أوضاعها المالية، في حين أصدرت الجهات القضائية أحكاما بتعليق نشاط 97 حزبا بعد الشروع في تتبع الأحزاب السياسية التي لم تقدم تقاريرها المالية منذ 2018.
وبينت مديرة ديوان رئيس الحكومة، أن أحكاما صدرت تتعلق بحل 15 حزبا، في حين حل 14 حزبا نفسه بنفسه بين 2020 و2022 .
تجدر الإشارة أيضا إلى أنه في سنة 2021 فتح القضاء تحقيقاً في حق أحزاب سياسية، من بينها "حزب النهضة" و"قلب تونس" للاشتباه في تلقيهما أموالاً أجنبية خلال الحملة الانتخابية لعام 2019.
قراءات ومسؤوليات
قد يسارع كثيرون إلى تحميل منظومة 25 جويلية وزر مصير الأحزاب وواقعهم اليوم إلا أن الكثير من القراءات تعتبر أن الحياة الحزبية في تونس لم تكن صلبة بل كانت تحمل أسباب فشلها واندثارها من داخلها قبل تدخل أي عوامل خارجية.
ويعتبر محللون أن أغلب الأحزاب لم تنجح إلى حد الآن في تجاوز صدمة 25 جويلية وهي مازلت تتحسس طريقها بحثا عن وجود جديد فاعل لكنها تبدو في مواجهة واقع مشهد سياسي رسم على قاعدة رفض كل الأجسام الوسيطة وأيضا واقع شعبي يؤكد حقيقة أن شريحة واسعة من الشعب التونسي تعتبر هذه الأحزاب فشلت سياسيا وجماهيريا في قيادة البلاد وفي كسب ثقة المواطن.
م.ي
تونس-الصباح
أعاد المؤتمر الأخير لآفاق تونس وانتخاب ريم محجوب رئيسة للحزب،الجدل من جديد حول واقع الأحزاب التونسية اليوم لا فقط تلك المعارضة لمسار25 جويلية والمتواجدة حاليا في موقع "رد الفعل" بل أيضا المساندة لـ25 جويلية والتي "تساير" خيارات الرئيس دون المشاركة فيها، رغم تململها المستمر والمطالبة بتشريكها في الحكم.
يعود الجدل أيضا في علاقة بالتواجد الفعلي لبعض الأحزاب نشاطا وتأثيرا وحقيقة اندثار الكثير منها ومصير "الحل" المتربص بالبعض الآخر.
رغم نجاح بعض الأحزاب في البقاء إلى حد الآن لا سيما بعد 25 جويلية إلا أن هذا الوجود لا يكاد يذكر في ظل عدم تمكن الكثير منها من انجاز مؤتمراتها، ومن نجح في تجاوز هذه العتبة على غرار آفاق تونس مؤخرا فلن يغير ذلك كثيرا من حقيقة الوجود "الميت" لأحزاب أصبحت أكثر فأكثر تختزل في شخص رئيسها.
فآفاق تونس واثر إعلان رئيسه السابق محمد الفاضل عبد الكافي استقالته في 19 أكتوبر الفارط وإن تمكن اليوم من اختيار رئيس جديد فإن فعله في الشأن السياسي والمشهد العام سيتلخص في وجود ريم محجوب على رأسه بعد انسحاب أغلب وجوهه المعروفة تباعا.
أحزاب اندثرت..
إلى جانب أحزاب "الواجهة الصورية" فإن بعض الأحزاب الأخرى اختفت أو تكاد من المشهد خاصة بعد "التخلي القصري" لرؤسائها الملاحقين والمتواجدين خارج حدود الوطن.
وهنا يتساءل كثيرون عن حزب" تحيا تونس" حيث تشير المعطيات إلى أن آخر اجتماع للحزب كان حول تنظيم مؤتمر استثنائي في مارس 2022. دون أن يتم المؤتمر واختفت نشاطات الحزب اثر التتبعات القضائية لبعض قياداته على غرار رياض المؤخر ولطفي بن ساسي وسمير الطيب. بالإضافة إلى الإعلان في وقت لاحق عن تتبعات في حق رئيس الحزب يوسف الشاهد أمام القضاء الفرنسي في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة.
المصير ذاته عاشه حزب قلب تونس الذي اختفى من المشهد تماما اثر فرار رئيسه نبيل القروي.
وبعد الطفرة غير المسبوقة لتكوين الأحزاب التي عرفتها تونس منذ 2011 ببلوغ حوالي 240 حزبا سياسيا، فإن واقع الحال يؤكد أن عديد الأحزاب "اختفت من الميدان وظلت فقط على الورق".
وأخرى مهددة ..
تواجه أيضا عديد الأحزاب اليوم مصير "الحل" بعد أن أقدم البعض منها على حل نفسه. وقد كشفت مؤخرا مديرة ديوان رئيس الحكومة، سامية الشرفي قدور، على هامش مناقشة مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 أمام البرلمان، أن رئاسة الحكومة شرعت منذ سنة 2018 في تتبع الأحزاب السياسية التي لم تقدم تقاريرها المالية وأن الإدارة بادرت بالتنبيه على 150 حزبا، بخصوص توضيح أوضاعها المالية، في حين أصدرت الجهات القضائية أحكاما بتعليق نشاط 97 حزبا بعد الشروع في تتبع الأحزاب السياسية التي لم تقدم تقاريرها المالية منذ 2018.
وبينت مديرة ديوان رئيس الحكومة، أن أحكاما صدرت تتعلق بحل 15 حزبا، في حين حل 14 حزبا نفسه بنفسه بين 2020 و2022 .
تجدر الإشارة أيضا إلى أنه في سنة 2021 فتح القضاء تحقيقاً في حق أحزاب سياسية، من بينها "حزب النهضة" و"قلب تونس" للاشتباه في تلقيهما أموالاً أجنبية خلال الحملة الانتخابية لعام 2019.
قراءات ومسؤوليات
قد يسارع كثيرون إلى تحميل منظومة 25 جويلية وزر مصير الأحزاب وواقعهم اليوم إلا أن الكثير من القراءات تعتبر أن الحياة الحزبية في تونس لم تكن صلبة بل كانت تحمل أسباب فشلها واندثارها من داخلها قبل تدخل أي عوامل خارجية.
ويعتبر محللون أن أغلب الأحزاب لم تنجح إلى حد الآن في تجاوز صدمة 25 جويلية وهي مازلت تتحسس طريقها بحثا عن وجود جديد فاعل لكنها تبدو في مواجهة واقع مشهد سياسي رسم على قاعدة رفض كل الأجسام الوسيطة وأيضا واقع شعبي يؤكد حقيقة أن شريحة واسعة من الشعب التونسي تعتبر هذه الأحزاب فشلت سياسيا وجماهيريا في قيادة البلاد وفي كسب ثقة المواطن.