إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم.. بشاعة المثقفين !! ..

 

يرويها: أبوبكر الصغير

الشمولية هي الرغبة السرية للمثقفين .

ما يخيفني بشأن المثقفين المعاصرين هو عدم قدرتهم على إدراك أن المجتمع البشري يجب أن يقوم على الصدق المشترك .

إن السؤال الحاسم هو كيف يمكن لأي شخص، في العالم الحديث، حتى لو كان مثقفا، أن يظل رجلا عاديا؟ كيف يمكنه الاحتفاظ بقدرته على الثقة في تجربته وحكمه؟ ، كيف يمكنه الحفاظ على إحساس المرء بالواقع بما يتّجه معه الشعور الأخلاقي للمرء .

السؤال الحقيقي ليس ما إذا كنا نمتلك النظرية الحقيقية: فمثل كل النظريات، النظريات الفكرية والمقاربات الثقافية غير معصومة من الخطأ، ولأنها كذلك، فإنها يمكن أن تصبح بسهولة أدوات للسلطة والسيطرة.

لقد قطع المثقفون المعاصرون أنفسهم عن هذا الأساس، التاريخي والإنساني، وهو الصدق المشترك. وبسبب افتتانهم بسياسة الظهور وحب الذات، أصبحوا في حال عداء للمجتمع بما يقصد به عامة الناس .

هزت نخبة فرنسا فضيحة توقيف احد ابرز الوجوه المثقفة مدير جامعة "سيانس بو - باريس" (علوم سياسية - باريس ) ماتياس فيشرا وهو صديق شخصي للرئيس ايمانويل ماكرون في قضية عنف منزلي بما شكّل فصلاً جديداً من سلسلة الهزّات التي تعرّضت لها في السنوات الأخيرة هذه المؤسسة التعليمية الأكاديمية الرائدة عالميا .

من المفارقات أن الثقافة الكاملة رصيد كبير، لكنها ليست كافية للإنسان وحياته. في بعض الأحيان، عندما لا تنجح العقول اللامعة كما تريد، فذلك ببساطة لأنهم أنفسهم، دون وعي، يضعون العقبات في طريقهم. إذا كنت أنت هذا، فالخبر السار هو أنه بمجرد تحديد نقاط الضعف لديك، يمكنك تصحيحها.

إذ يميل الأفراد الأذكياء إلى التقليل من قيمة مهارات معينة مثل حسن السلوك وتكريس مبدأ الاحترام وتجنب العنف والقدرة على العيش والتواصل مع الآخرين والإفراط في الاستثمار في أي شيء متعلق بالذكاء. في بعض الأحيان، مع الأخذ في الاعتبار أن النجاح لا يمكن تحقيقه إلا من خلال قدراتهم الفكرية، فإن الأشخاص الأذكياء يقللون من أهمية القدرات الأخرى.

يعدّ معهد العلوم السياسية في باريس في كثير من الأحيان على أنه مصنع النخب الفرنسية، وهو أفضل وأرقى مكان معرفي بفرنسا، عرف في السنوات الأخيرة نكسات وفضائح حول قادته لمدة عشر سنوات تقريبًا دون أن تتلوث هيبته الأكاديمية في الوقت الحالي.

تولى ماتياس فيشرا منصب رئيس المعهد في 2021 خلفًا لفريديريك ميون، الذي أُجبر على الاستقالة لإخفائه شبهات سفاح القربى التي استهدفت العالم السياسي أوليفييه دوهاميل والذي كان هو نفسه رئيسا للمؤسسة الوطنية للعلوم السياسية (FNSP) التي تشرف على المعهد .

في أعقاب فضيحة دوهاميل، ظهرت حركة تدين العنف الجنسي في معاهد الدراسات السياسية (IEP)، لأول مرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

بما فرض نقاشا حول كيفية مواجهة هذه التحديات والأسئلة الملحة الموصولة بسلوك الفرد، بمعنى من الضروري إعادة تحديد دور العقول المستنيرة (المثقفون) اليوم وغدا .

فالمثقف الحقيقي ليس الشخص الذي كسب معرفة وقدرا كبيرا من المعلومات ويعتمد نشاطه على تمرين العقل، والذي ينخرط في المجال العام لمشاركة تحليلاته ووجهات نظره حول الموضوعات الأكثر تنوعًا أو للدفاع عن القيم، بل أساسا هو ذلك العارف من يستطيع عقله مراقبة نفسه، فالخوَر في هذه الحياة يُصيب المثقفين أكثر من غيرهم، لا لأنّهم أقل شجاعة، بل أكثر خيالا .

 

 

 

 

حكاياتهم..   بشاعة المثقفين !! ..

 

يرويها: أبوبكر الصغير

الشمولية هي الرغبة السرية للمثقفين .

ما يخيفني بشأن المثقفين المعاصرين هو عدم قدرتهم على إدراك أن المجتمع البشري يجب أن يقوم على الصدق المشترك .

إن السؤال الحاسم هو كيف يمكن لأي شخص، في العالم الحديث، حتى لو كان مثقفا، أن يظل رجلا عاديا؟ كيف يمكنه الاحتفاظ بقدرته على الثقة في تجربته وحكمه؟ ، كيف يمكنه الحفاظ على إحساس المرء بالواقع بما يتّجه معه الشعور الأخلاقي للمرء .

السؤال الحقيقي ليس ما إذا كنا نمتلك النظرية الحقيقية: فمثل كل النظريات، النظريات الفكرية والمقاربات الثقافية غير معصومة من الخطأ، ولأنها كذلك، فإنها يمكن أن تصبح بسهولة أدوات للسلطة والسيطرة.

لقد قطع المثقفون المعاصرون أنفسهم عن هذا الأساس، التاريخي والإنساني، وهو الصدق المشترك. وبسبب افتتانهم بسياسة الظهور وحب الذات، أصبحوا في حال عداء للمجتمع بما يقصد به عامة الناس .

هزت نخبة فرنسا فضيحة توقيف احد ابرز الوجوه المثقفة مدير جامعة "سيانس بو - باريس" (علوم سياسية - باريس ) ماتياس فيشرا وهو صديق شخصي للرئيس ايمانويل ماكرون في قضية عنف منزلي بما شكّل فصلاً جديداً من سلسلة الهزّات التي تعرّضت لها في السنوات الأخيرة هذه المؤسسة التعليمية الأكاديمية الرائدة عالميا .

من المفارقات أن الثقافة الكاملة رصيد كبير، لكنها ليست كافية للإنسان وحياته. في بعض الأحيان، عندما لا تنجح العقول اللامعة كما تريد، فذلك ببساطة لأنهم أنفسهم، دون وعي، يضعون العقبات في طريقهم. إذا كنت أنت هذا، فالخبر السار هو أنه بمجرد تحديد نقاط الضعف لديك، يمكنك تصحيحها.

إذ يميل الأفراد الأذكياء إلى التقليل من قيمة مهارات معينة مثل حسن السلوك وتكريس مبدأ الاحترام وتجنب العنف والقدرة على العيش والتواصل مع الآخرين والإفراط في الاستثمار في أي شيء متعلق بالذكاء. في بعض الأحيان، مع الأخذ في الاعتبار أن النجاح لا يمكن تحقيقه إلا من خلال قدراتهم الفكرية، فإن الأشخاص الأذكياء يقللون من أهمية القدرات الأخرى.

يعدّ معهد العلوم السياسية في باريس في كثير من الأحيان على أنه مصنع النخب الفرنسية، وهو أفضل وأرقى مكان معرفي بفرنسا، عرف في السنوات الأخيرة نكسات وفضائح حول قادته لمدة عشر سنوات تقريبًا دون أن تتلوث هيبته الأكاديمية في الوقت الحالي.

تولى ماتياس فيشرا منصب رئيس المعهد في 2021 خلفًا لفريديريك ميون، الذي أُجبر على الاستقالة لإخفائه شبهات سفاح القربى التي استهدفت العالم السياسي أوليفييه دوهاميل والذي كان هو نفسه رئيسا للمؤسسة الوطنية للعلوم السياسية (FNSP) التي تشرف على المعهد .

في أعقاب فضيحة دوهاميل، ظهرت حركة تدين العنف الجنسي في معاهد الدراسات السياسية (IEP)، لأول مرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

بما فرض نقاشا حول كيفية مواجهة هذه التحديات والأسئلة الملحة الموصولة بسلوك الفرد، بمعنى من الضروري إعادة تحديد دور العقول المستنيرة (المثقفون) اليوم وغدا .

فالمثقف الحقيقي ليس الشخص الذي كسب معرفة وقدرا كبيرا من المعلومات ويعتمد نشاطه على تمرين العقل، والذي ينخرط في المجال العام لمشاركة تحليلاته ووجهات نظره حول الموضوعات الأكثر تنوعًا أو للدفاع عن القيم، بل أساسا هو ذلك العارف من يستطيع عقله مراقبة نفسه، فالخوَر في هذه الحياة يُصيب المثقفين أكثر من غيرهم، لا لأنّهم أقل شجاعة، بل أكثر خيالا .