مؤسف جدا ما تعيش على وقعه يوميا مصحات الضمان الاجتماعي في كل من العمران وصفاقس وسوسة..ساعات من الانتظار..أنهاك جسدي ونفسي يعقبهما في غالب الأحيان إحباط يعمق من مأساة المرضى وعائلاتهم الذين يسابقون الوقت في مواجهة المرض الخبيث الذي كل ما تأخر علاجه كل ما تمكن بالأجساد المنهكة ليفتك بها.
صراع المرضى وتغلبهم على هذا الخبيث لا يكون إلا بالحصول على جرعات الدواء في وقته لكن ان وجد طبعا وهنا مربط الفرس، ففي شهادات رصدها مراسلو " الصباح" بهذه المصحات اجمع اغلبهم على عدم توفر الأدوية الخصوصية في غالب الأحيان ما زاد من إنهاكهم وحطم معناوياتهم، خاصة بعد طول إجراءات الحصول عليه.
ومن بين المشاكل التي تعاني منها مصحات الضمان الاجتماعي أيضا محدودية عدد الإطارات ما أدى إلى ساعات الانتظار لا يتحمل تبعاتها في كل الحالات سوى المريض الذي قد يدفع حياة وهو ينتظر جرعة الدواء جرعة الأمل.
مصحة الضمان الاجتماعي بالعمران .. نقص حاد.. ومطالب بتفهم حالة المرضى وإمكانياتهم
صعوبات متعددة تواجه عددا كبيرا من المرضى للحصول على الأدوية الخصوصية وهي أدوية على غاية من الأهمية لارتباطها ارتباطا وثيقا بحياتهم وبنجاح العلاج والشفاء بشكل كلي أو نسبي من أمراض خطيرة على رأسها السرطانات.
وقد أخذت الدولة على عاتقها مسؤولية توفير هذه الأدوية للمرضى دون اعتبار إمكانياتهم المادية أو وضعياتهم الاجتماعية وذلك عبر الصندوق الوطني للتأمين على المرض غير أنه وخلال السنوات الأخيرة أصبح توفير كل أنواع الأدوية بالصيدليات العمومية المعنية بها أمرا مستحيلا ليتواصل غياب بعض الأدوية الخصوصية بشكل تام منذ أشهر أو بشكل مضطرب متذبذب ما أضر ببروتوكول العلاج وعكر الإصابات التي انتهى بعضها إلى الموت، دون نسيان طول الإجراءات واختلاف صيغ تعامل " الكنام" مع هذه الأدوية الخصوصية ونظم استرجاع المصاريف المرتبطة بمختلف مراحل العلاج والتداوي.
صيدلية العمران.. تنظيم محكم.. إطار كفء وغياب أنواع كثيرة من الأدوية !
تتميز صيدلية الأدوية الخصوصية التابعة لمصحة العمران بتونس العاصمة باتساع فضائها الداخلي وحسن استغلاله وتوظيفه بشكل يخفف على المرضى أو أهاليهم عناء وأعباء الانتظار ثم الحصول على الدواء وذلك بتوفر كل التجهيزات ووضوح المكاتب وشبابيك توزيع الأدوية وهو أمر يدعو للفخر بهذا المنجز الذي يتوفر على موارد بشرية ذات كفاءة عالية من ممرضين وأعوان صحة بشهادة الجميع ، غير أن حنكة الإطارات وتفهمهم يتزعزع أمام تواصل غياب عديد الأدوية الخصوصية بشكل تام منذ أشهر وتذبذب توفر البعض الآخر من فترة لأخرى وهي أدوية يستوجب تناولها بشكل يومي أو دوري خلال أسابيع أو أشهر، حيث اشتكت ( س، م) من غياب كلي و متواصل ل tamoxifen 20mg وبديله tamoxifen 10mg لأشهر عديدة حيث لم تتحصل على هذا الدواء من هذه الصيدلية منذ قرابة العام وهو دواء ضروري لاستكمال علاج سرطان الثدي اثر مرحلة الكيميائي والأشعة ما يضطرها للبحث بكل الطرق للحصول عليه بما في ذلك جلبه من دول أخرى على غرار الجزائر وفرنسا ما جعلها في إحراج دائم وانتظار مؤرق إلى حين وصول الدواء، إضافة لارتفاع تكلفة جلبه رغم سعره العادي وغير الباهظ إلا أن الإشكال يتعلق أساسا بالصيدلية المركزية الغير قادرة على توفير الدواء. نفس الوضع تحدثت عنه ( ا.ع) التي اضطرت إلى اقتناء kisqali 200mg و ثمنه 8 آلاف.د وجلبه من فرنسا اثر فقدانه في تونس وعدم توفره بصيدلية العمران وهو عبارة عن حبات تؤخذ يوميا كل 21 يوما تعقبها راحة بأسبوع بحساب 3 حبات يوميا .
تذبذب توفر الأدوية الخصوصية بهذه الصيدلية العمومية تحدث عنه أيضا ( ر. م) مبديا امتعاضه من عدم توفير حتى الأدوية التي يتم صنعها في تونس من قبيل BCG 75mg حيث يضطر المرضى من وقت لآخر لتكبد مصاريف اقتناء أدوية جنيسة بديلة له وهو أمر غير ممكن لجميع المرضى اعتبارا لقدراتهم المادية المحدودة، وأشار الى ان أسباب ارتفاع تكلفة إنتاج وبيع الدواء دائما وابدا إلى عدم قدرة الدولة على توفير المادة الأولية باهظة الثمن لصنع هذا الدواء والتي تورد من الخارج.
تعقيدات الإجراءات يعطل الحصول على عدد من الأدوية الخصوصية !
وان كان تذبذب توفر الأدوية الخصوصية يؤرق عدد كبير من المرضى رغم تغطية الكنام لمصاريف علاجه فإن عدد آخر من يتعرض لصعوبات أكثر حدة تجعل من تكفل الدولة بتلك الأدوية ومصاريف العلاج تصبح عسيرة للغاية وتستنزف من الوقت الكثير في وضعيات يكون فيها عامل الوقت مهما جدا في العلاج وإنقاذ حياة المريض.
( ن.س) اعياه التنقل بين إدارات الكنام الجهوية والمركزية ومصالح وزارة الشؤون الاجتماعية لتكوين ملف للحصول على دواء tagrisso 80mg لعلاج زوجته ويتحدث عن ما يزيد عن 3 أشهر من الجري المتواصل بين هذه الإدارات لتوفير هذا النوع من الدواء و ثمنه 26 ألف.د، منتقدا عدم الاهتمام بعامل الوقت لإنقاذ حياة المريض إذ اضطر أمام عدم قدرته على اقتناء الدواء إلى طلب المساعدة من الغير عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتبرع ببقايا من هذا النوع لدى مستعمله لان حالة زوجته لا تتحمل الانتظار محملا الدولة المسؤولية في حال تعرض المريضة للخطر وهو الموت بعبارة أخرى.
من جهته اعتبر ( ح.م) ان تكوين ملف للحصول على الدواء يعتبر مخالفا لقانون والتكفل الكامل للدولة بالأدوية الخصوصية هو مبدأ كذلك الشأن لمختلف تكاليف مراحل العلاج للمرضى المصابين بنوعية خاصة وخطيرة من الأمراض. واستغرب من تمكينه من نصف الدواء الموصوف له لعلاج ورم في الرأس بشكل عادي و يخص ibrance 125mg وضرورة تكوين ملف للحصول على بقية الدواء المطلوب في نفس الوصفة ويخص faslodex , هذا إضافة الى عدم الاعتراف بمصاريف القيام بعملية استئصال الورم من الرأس في حين يتم التعويض وفي نفس مراحل العلاج عن مصاريف التصوير بالأشعة بما فيها IRM ومختلف التحاليل، مشيرا في هذا السياق الى انه أجرى عمليتين على الرأس تكلفة كل منها 11 ألف.د دون أن يتمكن من استرجاع مليم واحد وقد قام برفع قضية في الغرض باعتبار أن الدولة مطالبة بالتكفل بالأدوية الخصوصية ومصاريف العلاج والتداوي بشكل كامل عبر الصندوق الوطني للتأمين على المرض " الكنام" وهو ما لا يحصل في كثير من الاحيان ..
عادل عونلي
صفاقس.. بين ضغط الإقبال.. وتعقيدات إجراءات الانتفاع بالأدوية
صفاقس - الصباح
يشكل موضوع الأدوية الخصوصية في تونس هاجسا للمرضى المضمونين الاجتماعيين المنخرطين بأنظمة الضمان الاجتماعي "الكنام" الذين يعانون من أمراض مزمنة أو مستعصية وهو موضوع يمس قضية حيوية وحساسة وهي صحة المريض ،في ظل عدة إشكاليات أهمها نقص أو فقدان الأدوية الخصوصية بمصحات الضمان الاجتماعي.
نقص وفقدان الأدوية
تقول فاطمة وهي تبلغ (حوالي 35 سنة) أصيلة جهة صفاقس وهي أم لرضيع مريض" اليوم أتيت للحصول على دواء لأبني يتمثل في نوع من الحليب للمرضى الرضع ولم أتمكن من اقتنائه ومثل هذه الأدوية تتوفر بصعوبة في هذه المصحة وأنا غير قادرة على اقتنائه بطرق أخرى ."
ومن جهته يقول أحمد متزوج أربعيني يعيش بمدينة صفاقس أن زوجته تعاني من ورم في الرأس وتتعاطى أدوية خصوصية مبينا انه يجد صعوبة في الحصول عليها من مصحات الضمان الاجتماعي بسبب طول ٱجال الانتفاع بالدواء أو بسبب عدم توفر بعض الأدوية فيضطر إلى شرائها من دولة أجنبية بأثمان بناهضة.
ضغط ..ونقص في الأعوان
كما يؤكد أحد أعوان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بصفاقس (تحفظ عن ذكر أسمه) أنه من بين أهم المشاكل في مصحة الأدوية الخصوصية هي النقص في عدد الأعوان والضغط الكبير على المصحة التي ينتفع منها مرضى جهة صفاقس وإقليم الجنوب عامة، ويرجح أن تكون الأسباب الرئيسية لفقدان بعض الأدوية الخصوصية هو مشكل التوريد والصعوبات المالية التي تمر بها مصحات الضمان الاجتماعي.
كما يعتبر بعض المضمونين الاجتماعيين المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في جهة صفاقس ان الإجراءات في تقديم ملف للانتفاع بالأدوية الخصوصية في إطار أنظمة الضمان الاجتماعي تتطلب طول ٱجال وعدة مراحل من أجل الانتفاع بالدواء الخصوصي من عدمه.
أكثر من 50 مليارا ميزانية الأدوية
وتبلغ ميزانية الأدوية ما بين خصوصية وعامة التي تتكفل بها مصحة الضمان الاجتماعي بصفاقس أكثر من 50 مليارا في السنة ونسبة توفر الأدوية الخصوصية في المصحة تتراوح مابين 90 و 95% ، وفق تصريح إعلامي لمدير مصحة الضمان الاجتماعي بصفاقس"نعمان بن باي" ، الذي أشار إلى أن ال 5% من الأدوية غير المتوفرة تعود إلى عدة أسباب أهمها عدم توفرها في مدونة الصحة العمومية أو بسبب خلل في التزود لأن المعاملات المالية تكون بالتنسيق مع الصيدلية المركزية.
كما أوضح ذات المصدر أن عامل الاكتظاظ يعود إلى حجم الإقبال الكبير حيث يستقبل الصندوق الوطني للتأمين على المرض مابين 500 و1000 مواطن يوميا في التوقيت الإداري انطلاقا من الساعة 07:45 دقيقة .
وأضاف ذات المصدر أن أغلب الأدوية متوفرة فقط نوع أو اثنين من الأدوية الخصوصية والإمراض الثقيلة ومنها الخبيثة.
عتيقة العامري
سوسة .. إطار مُستنزف.. ومنظومة تحتاج إلى مُراجعات
طابور طويل يتشكّل مع أولى ساعات الفجر يمتدّ على نحو مائتيْ متر من الباب الخارجي لمصحة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي "سبيطار خزامة " يُشكّل مساره مرضى أو أحد أفراد عائلاتهم الذين يعيشون رحلة معاناة مُضنية معقّدة التفاصيل تجعلهم يعيشون حربا نفسيّة قد تنتهي أمام شبّاك الاستقبال المخصّص لدفع الوصفة الطبيّة بجواب سلبيّ صادم يعصف بما تبقّى من معنويّات ممسوسة لمريض أو قريب يعلمه بكثير من الأسف والتّضامن بعدم توفّر الدواء رغم كل العناء وتحمّل أعباء.
رحلة مُضنية وغير مضمونة للحصول على الأدوية الخصوصية
رحلة شاقة قد تكون انطلقت من ولايات سيدي بوزيد أو القصرين أو غيرها من مجموع 14 ولاية يقصد مرضاها هذه المصحة للتزوّد بأدوية حياتيّة قد يُعجّل فقدانها واحتجابها عن صيدلية المؤسّسة الاستشفائية بتعقيدات أو مشاكل صحية لمرضى الأعصاب أو بالرحيل لمن يعانون من أمراض الدم والسرطانات في حين يُدعى من قُوبلت وصفته إلى الانتظار معدّل أكثر من ثلاث ساعات لتسلّم الدواء.
استنزاف الإطار الصحي
هذا وتزايد حجم العمل اليومي بمصحّة الضمان الاجتماعي بخزامة ما أرهق بل استنزف الإطار الصحي والإداري العامل بالمؤسّسة خاصة في ظلّ النقص في الموارد البشريّة وعدم تعويض من يُحال على شرف المهنة ما اضطرّ عدد من الأعوان إلى الاستنجاد بالرخص المرضية والنفسية للهروب من حرب الاستنزاف اليومي والمواجهات والتهجّمات التي تطال عددا منهم من قبل مرضى لم يتمتعوا بأدويتهم في عديد المناسبات رغم ما يقدمه المشرفون على الصيدلية من تضحيّات واجتهادات تجسّمت فيها عديد القيم الإنسانيّة للتّخفيف من حجم الآلام والخيبات والحدّ من تداعيات منظومة دوائية عليلة تستوجب الكثير من المراجعات.
نقص فادح
وتُعاني عديد المؤسّسات الصحيّة والإستشفائيّة العمومية بمختلف معتمديات ولاية سوسة نقصا فادحا في عديد أنواع الأدوية بما في ذلك البسيطة منها وفق ما عاينته "الصباح " من خلال شهادات عدد من المرضى وخاصة منهم الذين يُعانون من أمراض مُزمنة هدّت أجسادهم ونالت من قدراتهم على غرار مرض السكري وضغط الدم والغدد وغيرها حيث يضطر عدد منهم إلى تعويض غياب هذه الأدوية عن صيدليات المؤسّسات الصحيّة والإستشفائيّة العمومية بالتّعويل على مواردهم الذاتية أو الاستنجاد بمدد قد يُقدّمه قريب أو صديق مستقرّ في إحدى الدول الأجنبية، في حين يُجبر آخرون على الانقطاع عن تناول ما تفرضه وصفات أطبّائهم المباشرين لقلّة ذات اليد وانقطاع السّبل فيُسلّمون أمرهم بيد الله بعد أن كونوا قد ملّوا من الشكوى والتذمّر من سوء أداء المنظومة الدوائية وعجْز أولي الأمر عن ضمان حقهم في التداوي والعلاج بعد قضاء سنوات مهنيّة في البذل والعطاء .
منظومة دوائية تستوجب المراجعة
وعبّر عدد من المرضى عن تذمّراتهم واستيائهم الشديد من النّقص الفادح الذي تعيشه صيدلية المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة والتي طالت عناوين مختلفة من الأدوية بما في ذلك الأنواع البسيطة فضلا عن أدوية الأمراض المزمنة باختلاف أنواعها. كما أكّد عدد من المرضى لـ"الصباح " فقدانهم لأحبابهم جرّاء فقدان أدوية في علاقة مباشرة بسرطانات الدم الحادّة ما يجعل المرضى يعيشون وعائلاتهم والطاقم الطبي بقسم أمراض الدم بالمؤسسة ضغوطا وأعباء نفسيّة فقد يدفع المريض حياته في أحيان كثيرة ضريبة لفقدان الدواء أو لتسجيل اضطراب ظرفي في التزوّد بالأدوية الحياتية والذي أرجعه بعض المنتسبين لقطاع الصحة إلى وجود خلل في المنظومة الدوائية وخاصة في سلسلة الإنتاج وعدم تخصيص مخزون احتياطي من الأدوية يُعبّر عنه بمخزون الأمان يتمّ تأمينه من خلال اعتماد منظومة معلوماتية دقيقة وذكية ما يجعل تسجيل نقص في أدوية حياتية دون سابق إعلام ودون أخذ التدابير والاحتياطات اللازمة على غرار ما عاشته وتعيشه الصيدلية المركزية التونسية في السّنوات الأخيرة. استهتارا بأرواح البشر وسوء تصرّف لأن المريض في نهاية الأمر لا يهتم بالأسباب بقدر ما تهمّه النتيجة فالتّخطيط والتسيير والتوقّع والاستشراف ليس من مشمولاته، كما أنّ تراكم ديون الصيدلية المركزية تجاه المزوّدين لا يعني شيئا بالنسبة لشخص فقد عزيزا جراء عدم توفّر العلاج وهو ما يدعم بقوّة الأصوات الداعية إلى الانفتاح على أسواق جديدة كالسّوق الهندية والصينية والتركية ...التي أظهرت تطوّرا واضحا وجودة عالية في تصنيع الأدوية الخصوصية الحياتية وفق شهادة أحد المختصين مع العمل على اتخاذ كل الإجراءات والتدابير الضامنة لإنجاح تجربة تحرير توريد الأدوية وإعادة الهيكلة.
أنور قلالة
تونس - الصباح
مؤسف جدا ما تعيش على وقعه يوميا مصحات الضمان الاجتماعي في كل من العمران وصفاقس وسوسة..ساعات من الانتظار..أنهاك جسدي ونفسي يعقبهما في غالب الأحيان إحباط يعمق من مأساة المرضى وعائلاتهم الذين يسابقون الوقت في مواجهة المرض الخبيث الذي كل ما تأخر علاجه كل ما تمكن بالأجساد المنهكة ليفتك بها.
صراع المرضى وتغلبهم على هذا الخبيث لا يكون إلا بالحصول على جرعات الدواء في وقته لكن ان وجد طبعا وهنا مربط الفرس، ففي شهادات رصدها مراسلو " الصباح" بهذه المصحات اجمع اغلبهم على عدم توفر الأدوية الخصوصية في غالب الأحيان ما زاد من إنهاكهم وحطم معناوياتهم، خاصة بعد طول إجراءات الحصول عليه.
ومن بين المشاكل التي تعاني منها مصحات الضمان الاجتماعي أيضا محدودية عدد الإطارات ما أدى إلى ساعات الانتظار لا يتحمل تبعاتها في كل الحالات سوى المريض الذي قد يدفع حياة وهو ينتظر جرعة الدواء جرعة الأمل.
مصحة الضمان الاجتماعي بالعمران .. نقص حاد.. ومطالب بتفهم حالة المرضى وإمكانياتهم
صعوبات متعددة تواجه عددا كبيرا من المرضى للحصول على الأدوية الخصوصية وهي أدوية على غاية من الأهمية لارتباطها ارتباطا وثيقا بحياتهم وبنجاح العلاج والشفاء بشكل كلي أو نسبي من أمراض خطيرة على رأسها السرطانات.
وقد أخذت الدولة على عاتقها مسؤولية توفير هذه الأدوية للمرضى دون اعتبار إمكانياتهم المادية أو وضعياتهم الاجتماعية وذلك عبر الصندوق الوطني للتأمين على المرض غير أنه وخلال السنوات الأخيرة أصبح توفير كل أنواع الأدوية بالصيدليات العمومية المعنية بها أمرا مستحيلا ليتواصل غياب بعض الأدوية الخصوصية بشكل تام منذ أشهر أو بشكل مضطرب متذبذب ما أضر ببروتوكول العلاج وعكر الإصابات التي انتهى بعضها إلى الموت، دون نسيان طول الإجراءات واختلاف صيغ تعامل " الكنام" مع هذه الأدوية الخصوصية ونظم استرجاع المصاريف المرتبطة بمختلف مراحل العلاج والتداوي.
صيدلية العمران.. تنظيم محكم.. إطار كفء وغياب أنواع كثيرة من الأدوية !
تتميز صيدلية الأدوية الخصوصية التابعة لمصحة العمران بتونس العاصمة باتساع فضائها الداخلي وحسن استغلاله وتوظيفه بشكل يخفف على المرضى أو أهاليهم عناء وأعباء الانتظار ثم الحصول على الدواء وذلك بتوفر كل التجهيزات ووضوح المكاتب وشبابيك توزيع الأدوية وهو أمر يدعو للفخر بهذا المنجز الذي يتوفر على موارد بشرية ذات كفاءة عالية من ممرضين وأعوان صحة بشهادة الجميع ، غير أن حنكة الإطارات وتفهمهم يتزعزع أمام تواصل غياب عديد الأدوية الخصوصية بشكل تام منذ أشهر وتذبذب توفر البعض الآخر من فترة لأخرى وهي أدوية يستوجب تناولها بشكل يومي أو دوري خلال أسابيع أو أشهر، حيث اشتكت ( س، م) من غياب كلي و متواصل ل tamoxifen 20mg وبديله tamoxifen 10mg لأشهر عديدة حيث لم تتحصل على هذا الدواء من هذه الصيدلية منذ قرابة العام وهو دواء ضروري لاستكمال علاج سرطان الثدي اثر مرحلة الكيميائي والأشعة ما يضطرها للبحث بكل الطرق للحصول عليه بما في ذلك جلبه من دول أخرى على غرار الجزائر وفرنسا ما جعلها في إحراج دائم وانتظار مؤرق إلى حين وصول الدواء، إضافة لارتفاع تكلفة جلبه رغم سعره العادي وغير الباهظ إلا أن الإشكال يتعلق أساسا بالصيدلية المركزية الغير قادرة على توفير الدواء. نفس الوضع تحدثت عنه ( ا.ع) التي اضطرت إلى اقتناء kisqali 200mg و ثمنه 8 آلاف.د وجلبه من فرنسا اثر فقدانه في تونس وعدم توفره بصيدلية العمران وهو عبارة عن حبات تؤخذ يوميا كل 21 يوما تعقبها راحة بأسبوع بحساب 3 حبات يوميا .
تذبذب توفر الأدوية الخصوصية بهذه الصيدلية العمومية تحدث عنه أيضا ( ر. م) مبديا امتعاضه من عدم توفير حتى الأدوية التي يتم صنعها في تونس من قبيل BCG 75mg حيث يضطر المرضى من وقت لآخر لتكبد مصاريف اقتناء أدوية جنيسة بديلة له وهو أمر غير ممكن لجميع المرضى اعتبارا لقدراتهم المادية المحدودة، وأشار الى ان أسباب ارتفاع تكلفة إنتاج وبيع الدواء دائما وابدا إلى عدم قدرة الدولة على توفير المادة الأولية باهظة الثمن لصنع هذا الدواء والتي تورد من الخارج.
تعقيدات الإجراءات يعطل الحصول على عدد من الأدوية الخصوصية !
وان كان تذبذب توفر الأدوية الخصوصية يؤرق عدد كبير من المرضى رغم تغطية الكنام لمصاريف علاجه فإن عدد آخر من يتعرض لصعوبات أكثر حدة تجعل من تكفل الدولة بتلك الأدوية ومصاريف العلاج تصبح عسيرة للغاية وتستنزف من الوقت الكثير في وضعيات يكون فيها عامل الوقت مهما جدا في العلاج وإنقاذ حياة المريض.
( ن.س) اعياه التنقل بين إدارات الكنام الجهوية والمركزية ومصالح وزارة الشؤون الاجتماعية لتكوين ملف للحصول على دواء tagrisso 80mg لعلاج زوجته ويتحدث عن ما يزيد عن 3 أشهر من الجري المتواصل بين هذه الإدارات لتوفير هذا النوع من الدواء و ثمنه 26 ألف.د، منتقدا عدم الاهتمام بعامل الوقت لإنقاذ حياة المريض إذ اضطر أمام عدم قدرته على اقتناء الدواء إلى طلب المساعدة من الغير عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتبرع ببقايا من هذا النوع لدى مستعمله لان حالة زوجته لا تتحمل الانتظار محملا الدولة المسؤولية في حال تعرض المريضة للخطر وهو الموت بعبارة أخرى.
من جهته اعتبر ( ح.م) ان تكوين ملف للحصول على الدواء يعتبر مخالفا لقانون والتكفل الكامل للدولة بالأدوية الخصوصية هو مبدأ كذلك الشأن لمختلف تكاليف مراحل العلاج للمرضى المصابين بنوعية خاصة وخطيرة من الأمراض. واستغرب من تمكينه من نصف الدواء الموصوف له لعلاج ورم في الرأس بشكل عادي و يخص ibrance 125mg وضرورة تكوين ملف للحصول على بقية الدواء المطلوب في نفس الوصفة ويخص faslodex , هذا إضافة الى عدم الاعتراف بمصاريف القيام بعملية استئصال الورم من الرأس في حين يتم التعويض وفي نفس مراحل العلاج عن مصاريف التصوير بالأشعة بما فيها IRM ومختلف التحاليل، مشيرا في هذا السياق الى انه أجرى عمليتين على الرأس تكلفة كل منها 11 ألف.د دون أن يتمكن من استرجاع مليم واحد وقد قام برفع قضية في الغرض باعتبار أن الدولة مطالبة بالتكفل بالأدوية الخصوصية ومصاريف العلاج والتداوي بشكل كامل عبر الصندوق الوطني للتأمين على المرض " الكنام" وهو ما لا يحصل في كثير من الاحيان ..
عادل عونلي
صفاقس.. بين ضغط الإقبال.. وتعقيدات إجراءات الانتفاع بالأدوية
صفاقس - الصباح
يشكل موضوع الأدوية الخصوصية في تونس هاجسا للمرضى المضمونين الاجتماعيين المنخرطين بأنظمة الضمان الاجتماعي "الكنام" الذين يعانون من أمراض مزمنة أو مستعصية وهو موضوع يمس قضية حيوية وحساسة وهي صحة المريض ،في ظل عدة إشكاليات أهمها نقص أو فقدان الأدوية الخصوصية بمصحات الضمان الاجتماعي.
نقص وفقدان الأدوية
تقول فاطمة وهي تبلغ (حوالي 35 سنة) أصيلة جهة صفاقس وهي أم لرضيع مريض" اليوم أتيت للحصول على دواء لأبني يتمثل في نوع من الحليب للمرضى الرضع ولم أتمكن من اقتنائه ومثل هذه الأدوية تتوفر بصعوبة في هذه المصحة وأنا غير قادرة على اقتنائه بطرق أخرى ."
ومن جهته يقول أحمد متزوج أربعيني يعيش بمدينة صفاقس أن زوجته تعاني من ورم في الرأس وتتعاطى أدوية خصوصية مبينا انه يجد صعوبة في الحصول عليها من مصحات الضمان الاجتماعي بسبب طول ٱجال الانتفاع بالدواء أو بسبب عدم توفر بعض الأدوية فيضطر إلى شرائها من دولة أجنبية بأثمان بناهضة.
ضغط ..ونقص في الأعوان
كما يؤكد أحد أعوان الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بصفاقس (تحفظ عن ذكر أسمه) أنه من بين أهم المشاكل في مصحة الأدوية الخصوصية هي النقص في عدد الأعوان والضغط الكبير على المصحة التي ينتفع منها مرضى جهة صفاقس وإقليم الجنوب عامة، ويرجح أن تكون الأسباب الرئيسية لفقدان بعض الأدوية الخصوصية هو مشكل التوريد والصعوبات المالية التي تمر بها مصحات الضمان الاجتماعي.
كما يعتبر بعض المضمونين الاجتماعيين المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في جهة صفاقس ان الإجراءات في تقديم ملف للانتفاع بالأدوية الخصوصية في إطار أنظمة الضمان الاجتماعي تتطلب طول ٱجال وعدة مراحل من أجل الانتفاع بالدواء الخصوصي من عدمه.
أكثر من 50 مليارا ميزانية الأدوية
وتبلغ ميزانية الأدوية ما بين خصوصية وعامة التي تتكفل بها مصحة الضمان الاجتماعي بصفاقس أكثر من 50 مليارا في السنة ونسبة توفر الأدوية الخصوصية في المصحة تتراوح مابين 90 و 95% ، وفق تصريح إعلامي لمدير مصحة الضمان الاجتماعي بصفاقس"نعمان بن باي" ، الذي أشار إلى أن ال 5% من الأدوية غير المتوفرة تعود إلى عدة أسباب أهمها عدم توفرها في مدونة الصحة العمومية أو بسبب خلل في التزود لأن المعاملات المالية تكون بالتنسيق مع الصيدلية المركزية.
كما أوضح ذات المصدر أن عامل الاكتظاظ يعود إلى حجم الإقبال الكبير حيث يستقبل الصندوق الوطني للتأمين على المرض مابين 500 و1000 مواطن يوميا في التوقيت الإداري انطلاقا من الساعة 07:45 دقيقة .
وأضاف ذات المصدر أن أغلب الأدوية متوفرة فقط نوع أو اثنين من الأدوية الخصوصية والإمراض الثقيلة ومنها الخبيثة.
عتيقة العامري
سوسة .. إطار مُستنزف.. ومنظومة تحتاج إلى مُراجعات
طابور طويل يتشكّل مع أولى ساعات الفجر يمتدّ على نحو مائتيْ متر من الباب الخارجي لمصحة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي "سبيطار خزامة " يُشكّل مساره مرضى أو أحد أفراد عائلاتهم الذين يعيشون رحلة معاناة مُضنية معقّدة التفاصيل تجعلهم يعيشون حربا نفسيّة قد تنتهي أمام شبّاك الاستقبال المخصّص لدفع الوصفة الطبيّة بجواب سلبيّ صادم يعصف بما تبقّى من معنويّات ممسوسة لمريض أو قريب يعلمه بكثير من الأسف والتّضامن بعدم توفّر الدواء رغم كل العناء وتحمّل أعباء.
رحلة مُضنية وغير مضمونة للحصول على الأدوية الخصوصية
رحلة شاقة قد تكون انطلقت من ولايات سيدي بوزيد أو القصرين أو غيرها من مجموع 14 ولاية يقصد مرضاها هذه المصحة للتزوّد بأدوية حياتيّة قد يُعجّل فقدانها واحتجابها عن صيدلية المؤسّسة الاستشفائية بتعقيدات أو مشاكل صحية لمرضى الأعصاب أو بالرحيل لمن يعانون من أمراض الدم والسرطانات في حين يُدعى من قُوبلت وصفته إلى الانتظار معدّل أكثر من ثلاث ساعات لتسلّم الدواء.
استنزاف الإطار الصحي
هذا وتزايد حجم العمل اليومي بمصحّة الضمان الاجتماعي بخزامة ما أرهق بل استنزف الإطار الصحي والإداري العامل بالمؤسّسة خاصة في ظلّ النقص في الموارد البشريّة وعدم تعويض من يُحال على شرف المهنة ما اضطرّ عدد من الأعوان إلى الاستنجاد بالرخص المرضية والنفسية للهروب من حرب الاستنزاف اليومي والمواجهات والتهجّمات التي تطال عددا منهم من قبل مرضى لم يتمتعوا بأدويتهم في عديد المناسبات رغم ما يقدمه المشرفون على الصيدلية من تضحيّات واجتهادات تجسّمت فيها عديد القيم الإنسانيّة للتّخفيف من حجم الآلام والخيبات والحدّ من تداعيات منظومة دوائية عليلة تستوجب الكثير من المراجعات.
نقص فادح
وتُعاني عديد المؤسّسات الصحيّة والإستشفائيّة العمومية بمختلف معتمديات ولاية سوسة نقصا فادحا في عديد أنواع الأدوية بما في ذلك البسيطة منها وفق ما عاينته "الصباح " من خلال شهادات عدد من المرضى وخاصة منهم الذين يُعانون من أمراض مُزمنة هدّت أجسادهم ونالت من قدراتهم على غرار مرض السكري وضغط الدم والغدد وغيرها حيث يضطر عدد منهم إلى تعويض غياب هذه الأدوية عن صيدليات المؤسّسات الصحيّة والإستشفائيّة العمومية بالتّعويل على مواردهم الذاتية أو الاستنجاد بمدد قد يُقدّمه قريب أو صديق مستقرّ في إحدى الدول الأجنبية، في حين يُجبر آخرون على الانقطاع عن تناول ما تفرضه وصفات أطبّائهم المباشرين لقلّة ذات اليد وانقطاع السّبل فيُسلّمون أمرهم بيد الله بعد أن كونوا قد ملّوا من الشكوى والتذمّر من سوء أداء المنظومة الدوائية وعجْز أولي الأمر عن ضمان حقهم في التداوي والعلاج بعد قضاء سنوات مهنيّة في البذل والعطاء .
منظومة دوائية تستوجب المراجعة
وعبّر عدد من المرضى عن تذمّراتهم واستيائهم الشديد من النّقص الفادح الذي تعيشه صيدلية المستشفى الجامعي فرحات حشاد بسوسة والتي طالت عناوين مختلفة من الأدوية بما في ذلك الأنواع البسيطة فضلا عن أدوية الأمراض المزمنة باختلاف أنواعها. كما أكّد عدد من المرضى لـ"الصباح " فقدانهم لأحبابهم جرّاء فقدان أدوية في علاقة مباشرة بسرطانات الدم الحادّة ما يجعل المرضى يعيشون وعائلاتهم والطاقم الطبي بقسم أمراض الدم بالمؤسسة ضغوطا وأعباء نفسيّة فقد يدفع المريض حياته في أحيان كثيرة ضريبة لفقدان الدواء أو لتسجيل اضطراب ظرفي في التزوّد بالأدوية الحياتية والذي أرجعه بعض المنتسبين لقطاع الصحة إلى وجود خلل في المنظومة الدوائية وخاصة في سلسلة الإنتاج وعدم تخصيص مخزون احتياطي من الأدوية يُعبّر عنه بمخزون الأمان يتمّ تأمينه من خلال اعتماد منظومة معلوماتية دقيقة وذكية ما يجعل تسجيل نقص في أدوية حياتية دون سابق إعلام ودون أخذ التدابير والاحتياطات اللازمة على غرار ما عاشته وتعيشه الصيدلية المركزية التونسية في السّنوات الأخيرة. استهتارا بأرواح البشر وسوء تصرّف لأن المريض في نهاية الأمر لا يهتم بالأسباب بقدر ما تهمّه النتيجة فالتّخطيط والتسيير والتوقّع والاستشراف ليس من مشمولاته، كما أنّ تراكم ديون الصيدلية المركزية تجاه المزوّدين لا يعني شيئا بالنسبة لشخص فقد عزيزا جراء عدم توفّر العلاج وهو ما يدعم بقوّة الأصوات الداعية إلى الانفتاح على أسواق جديدة كالسّوق الهندية والصينية والتركية ...التي أظهرت تطوّرا واضحا وجودة عالية في تصنيع الأدوية الخصوصية الحياتية وفق شهادة أحد المختصين مع العمل على اتخاذ كل الإجراءات والتدابير الضامنة لإنجاح تجربة تحرير توريد الأدوية وإعادة الهيكلة.