إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المصادقة على ميزانيتي المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء لسنة 2024

ـ النواب يطالبون بإرساء دعائم قضاء عادل ومستقل وناجز

تونس- الصباح

صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو على مشروع ميزانية المحكمة الدستورية وقبلها صادق على مشروع ميزانية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء لسنة 2024 وذلك بعد الاستماع إلى عبد السلام مهدي قريصيعة النائب الأول لرئيس المجلس وكانت نتيجة التصويت كما يلي: 125 نعم و3 محتفظ و1 لا.

وفي تقرير للجنة التشريع العام التي يرأسها النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي ياسر قراري جاء أنه استنادا إلى نتائج الميزانية لسنتي 2021 و 2022 ولنتائج تنفيذ الميزانية للسداسي الأول من سنة 2023 ونظرا لوضعية المالية العمومية ولتفاقم عجز الميزانية خلال السنوات الأخيرة وبناء على التوجهات العامة لمنشور إعداد الميزانية، قرر المجلس الأعلى المؤقت للقضاء التخفيض في ميزانيته المقترحة لسنة 2024 بنسبة 50 بالمائة مقارنة بميزانية سنة 2023، حيث قدرت بـ2.207.000 د مقابل 4.051.000 د لسنة 2023 وهي تتوزع بين نفقات التأجير والتسيير والتدخل.

ولا تشمل نفقات التأجير حسب ما أشار إليه قراري تأجير أعضاء المجلس لأنه تم التخلي عن المنح المسندة إليهم فهم يباشرون مهامهم بشكل تطوعي لأن المرسوم المتعلق بالمجلس وضع حدّا للمنح والامتيازات المخولة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء بمقتضى القرار الترتيبي الصادر عنه وهو القرار عدد 1 لسنة 2018 المؤرخ في 30 مارس 2018.

ولاحظ قراري أن من أهم المهام المناطة بعهدة مجلس نواب الشعب اليوم، هي تركيز مجلس أعلى للقضاء دائم وفق ما نص عليه الدستور 2022 إذ جاء في الدستور أن القضاء ينقسم إلى قضاء عدلي وقضاء إداري وقضاء مالي ويشرف على كلّ صنف من هذه الأقضية مجلس أعلى يتولى القانون ضبط تركيبته واختصاصاته. وعبر رئيس لجنة التشريع العام المتعهدة بدراسة مشروع ميزانية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء عن استعداد اللجنة للانكباب على دراسة مشاريع القوانين التي من شأنها أن تساعد على استكمال تركيز مؤسسات الدولة ومنها مجلس القضاء وأبدى رغبته في أن يكون هناك عمل مشترك مع ممثلي المجلس الأعلى المؤقت للقضاء للاستفادة من درايتهم وكل ما راكمه هؤلاء من تجربة في هذا المجال.

أما إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب فبين أنه منذ الاستقلال تم في تونس بخصوص القضاء العدلي الاختيار على نظام قضائي استقرائي بالنسبة للمادة الجزائية في حين أنه يوجد في أنظمة أخرى مثل النظام الانقلوسكسوني نظام اتهامي، وفسر أن النظام الاستقرائي مفاده أن القضاء يتدخل في إقامة الحجة والتفتيش عن الأدلة والتمحيص في كل الوقائع بكل دقة في حين أن النظام الاتهامي يرتكز على أن كل طرف يقدم مؤيداته والقضاء يفصل في الأمر ولا توجد في هذا النظام مؤسسة تحقيق بل هناك نيابة عمومية ودفاع والقضاء هو الفيصل أما في النظام الاستقرائي فهناك مؤسسة تحقيق ودائرة اتهام وحتى من اتبعوا هذا النظام فكروا في إلغائه على غرار فرنسا التي اتجهت إلى إلغاء مؤسسة التحقيق لكن هذا الأمر جوبه بالرفض. وأضاف رئيس المجلس أنه بخصوص دور النيابة العمومية في إثارة الدعوى فإنها هي التي تحرك الدعوى العمومية وهي التي تمارس الدعوى العمومية وبالتالي هي التي تثير الدعوى العمومية سواء بالتشكي المباشر أو بمجرد العلم وهو ما يدعو للتساؤل هل بالإمكان مراجعة هذا الخيار بإقرار استقلالية النيابة العمومية والتي تعتبر من القضاء الواقف في حين أن القضاة المنتصبين للحكم هم القضاة الجالسون وتساءل هل أن خيار الاستقلالية المطلقة للنيابة العمومية مسألة تحتاج إلى إعادة الدرس وإعادة البحث في الخيارات التي من شأنها أن تصلح المؤسسة القضائية ككل، كما توجد على حد قوله مسألة هامة أخرى تسترعي الاهتمام وهي استقلال الأقضية إذ هناك في تونس قضاء عدلي وقضاء إداري وقضاء مالي في حين نجد في أنظمة أخرى وحدة القضاء والمجلس الأعلى للقضاء هو الذي يترأس تلك الأقضية حيث لا يوجد فصل بينها لكن في تونس تم الاختيار على الفصل بين الأقضية الثلاثة وتساءل بودربالة هل بالإمكان التفكير اليوم في توحيد الأقضية وجعل القضاء فعلا مستقلا ويجسم وحدة القضاء.. وأضاف أن تونس تعيس مرحلة انتقال ديمقراطي ودستور البلاد جاء فيه أن الدولة لها ثلاث وظائف وهي الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية والوظيفة القضائية وحان الوقت لكي يقوم البرلمان بطرح هده المسائل ونقاشها بعمق بمشاركة قضاة من الأقضية الثلاثة وكذلك النيابة العمومية لما لها من دور في مراقبة كل الاخلالات القانونية نظرا لما يتوفر لديها من وسائل للبحث في الجريمة وللقيام بدورها الاستقرائي رغم أنها وسائل محدودة جدا لذلك هي ربما لا تستطيع القيام بدورها في الدفاع عن الهيئة الاجتماعية كما يجب. واقترح رئيس مجلس نواب الشعب على المجلس الأعلى المؤقت للقضاء تنظيم ندوات علمية من أجل إعادة النظر في المنظومة القضائية ككل وكيفية دعم المؤسسة القضائية وأكد أن سلامة المجتمع هي في قضاء نزيه ومستقل وقضاء يقوم بدوره على أحسن وجه. وعبر عن ارتياحه لأن القضاء في تونس رغم الصعوبات والإمكانيات المحدودة المتوفرة له قام بدوره على أحسن ما يرام فحتى خلال الهزات التي عرفها المجتمع التونسي ظل القضاء يقوم بدوره و لم يتخلف القضاء خلال أزمات 1978 أو 1984 وما تلتها من أحداث عن عقد أي جلسة واليوم حان الوقت لدعم هذا التوجه الذي قامت عليه الدولة الحديثة بعد الاستقلال والنظر في كيفية إقرار السبل التي من شأنها إعادة تقييم دور القضاء بما يجعل المؤسسة القضائية تقوم به على أحسن وجه.

وخلال نقاش مشروع ميزانية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء هناك من النواب ومنهم رضا دلاعي النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي من دعا إلى تركيز المحكمة الدستورية في حين طالب آخرون بالعمل المشترك بين الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء على سن قانون أساسي يهدف إلى تركيز مجلس أعلى دائم وغير مؤقت للقضاء تنزيلا لأحكام دستور 25 جويلية 2022. وتحدث عدد من النواب عن المهام الموكولة للمجلس المؤقت والمتمثلة في اقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته وإبداء الرأي بخصوص التشريعات المتعلقة بتنظيم العدالة وإدارة القضاء واختصاصات المحاكم والإجراءات المتبعة لديها والأنظمة الخاصة بالقضاة. وتساءلوا عن الحركة القضائية الأخيرة وعن معضلة عدم تطبيق أحكام المحكمة الإدارية ومنها المتعلقة بالقضاة المعزولين وعن دور المجلس في فرض تطبيق الأحكام القضائية حماية للمتقاضين من التجاوزات..

صوت الأم الملتاعة

عادل ضياف النائب عن كتلة صوت الجمهورية بين أن العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه وأن العلامة ابن خلدون قال إن العدل أساس العمران، وذكر أن السبب الأساسي لكل انفجار اجتماعي يمكن في اختلال التوازن بين حاجيات المجتمع من ناحية وسلوك السلطة السياسية من ناحية ثانية والمتمثلة في انعدام العدل وانخرام منظومة القوانين الضامنة لحقوق المواطنين. وعبر النائب عن رغبته في إيصال صوت مريم المجدوب القاطنة بحي 20 مارس سيدي حسين وهي أم ملتاعة لأنها إلى حد الآن لم تتمكن من الحصول على نسخة قانونية من حكم صدر سنة 2019 وذلك إثر مقتل ابنها أيمن بن عثمان بطلقة عشوائية من طرف أعوان الديوانة في شهر أكتوبر 2018 أثناء مداهمة مستودع للسلع المهربة وذكر أنه لم يقع إسعافه وتوفي خلال العملية الجراحية.

فوضى في المحاكم

أما بسمة الهمامي النائبة غير المنتمية إلى كتل فقالت إنها لا تريد للقضاء أن يكون مؤقتا بل دائما وحاضرا ولا يخشى في الحق لومة لائم، وأضافت أنه حين تعم الفوضى في المحاكم يجب أن يبقى المجلس الأعلى للقضاء صمام أمان وينصف المظلومين وتحدثت النائبة عن وضعية موجودة في إحدى محاكم تونس حيث هناك كاتبة بالمحكمة لها من الجرأة التي تجعلها تتلاعب بالملفات والوثائق وكل الأحكام وتتحالف مع أصحاب القوة والنفوذ من أجل ترويع الناس والحكم عليهم وإيقاف أصحاب الحق بل بلغ بها الأمر أن تحتفظ في منزلها بملفات مطابقة لنفس الملفات الموجودة في المحكمة وزوجها في الشارع "سمسار قضائي" فهذه الكاتبة فعلت بحرمة المحكمة ما لم يتجرأ أحد على فعله حسب وصف بسمة الهمامي إذ أنها تطاولت على القضاء وعلى أمن المواطنين وقد قدم هؤلاء شكوى للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء لكن للأسف لم يقع إنصافهم.

النيابة العمومية

ثابت العابد النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة بين أنه لا يمكن تحقيق غايات ميزانية الدولة من استثمار وتنمية وتشغيل وأمن دون أن يكون هناك قضاء مستقل وعادل، فالقضاء حسب رأيه هو أساس البناء وتترجم استقلالية القضاء في المجلس الأعلى للقضاء لأنه هو الذي ينظر في النقل والتعيينات والمنح وكل ما يهم القضاة وكل ما من شأنه أن يمس باستقلالية القضاء أو أن يكون مؤثرا على أحد القضاة في تناوله لأحد الملفات القضائية. ولاحظ أن قضاء الأحكام هو ما يقتنع به وجدان القاضي ولا سلطان آخر على قضاء الأحكام. وتساءل النائب عمن يحرك النيابة العمومية لأنه عند الحديث عن منظومة قضائية عادلة من المفروض فهم مدى علاقة مجلس القضاء بالنيابة العمومية وبتحريك الدعوى لأن الدعوى لم يعد تحريكها يتم بمكالمة هاتفية فالقضاء في تونس تجاوز تلك المرحلة وذكر أنه لكي يكون القضاء عادلا فلا بد أن تحرك الدعاوى بقرارات كتابية من المشرف على النيابة العمومية واستفسر عن العلاقة القانونية بين المجلس الأعلى المؤقت للقضاء والنيابة العمومية وتحريك الدعاوى القضائية. وقال إنه مثلما لا يمكن تحقيق التنمية والاستثمار دون قضاء عادل لا يمكن أيضا ضمان احترام الحريات الفردية والعامة دون قضاء عادل. ولاحظ العابد أن هناك جملة من القوانين التي أثارت جدلا كبيرا في البرلمان وقد يكون لها وقع على البلاد وتساءل هل من المفروض أن تعرض المشاريع التي لها علاقة بالشأن العام على المجلس الأعلى للقضاء لإبداء الرأي فيها لأنها تتعلق بمسائل مفصلية من شأنها أن تمس عموم الشعب التونسي.

نظام أساسي

أما النائب ماهر الكتاري عن كتلة الأحرار فبين أن عبارة المؤقت الواردة في تسمية المجلس الأعلى للقضاء تثير قلقه وأضاف أن هذا المجلس تم إحداثه بمرسوم صدر في فيفري 2022 وهو يتكون من مجلس مؤقت للقضاء المالي ومجلس مؤقت للقضاء الإداري ومجلس مؤقت للقضاء العدلي، وذكر أنه لا بد من تمرير المرسوم على البرلمان لكي يصبح قانونا ولكن في تركيبة المجلس هناك قضاة معينين وهو ما سيطرح مشكلا عند تركيز المحكمة الدستورية. وبين أنه يوجد مشكل آخر في القضاء الإداري لأنه مازال تابعا لرئاسة الحكومة ويجب تمكينه من نظام أساسي خاص به وأضاف أنه نائب في لجنة المالية ويعرف جيدا أنه يوجد مشكل في تمويل المحكمة الإدارية لذلك فهو يطالب بتمرير القانون الأساسي الخاص بالقضاة الإداريين في أقرب وقت. ولاحظ النائب أن المجلس الأعلى المؤقت للقضاء يعد من أهم المؤسسات الموجودة في البلاد فدون قضاء عادل لا يمكن دعم الاستثمار لأن المستثمر قبل أن يبعث مشروعه الخاص ينظر إلى القضاء إن كان عادلا أم لا. وأضاف النائب انه يدرك أن هناك حملة كبيرة ضد المجلس الأعلى للقضاء والقضاة وهو يؤكد أن كتلة الأحرار تقدم لهم دعمها اللامشروط..

نقص في عدد القضاة

وتحدث النائب حاتم اللباوي عن كتلة صوت الجمهورية عن مرفق القضاء في القصرين التي تعاني من نقص كبير في عدد القضاة مما أدى تراكم الملفات وتسبب في طول مدة الإيقاف وهناك من يقع إيقافهم ويتضح لاحقا أنهم أبرياء كما أن القاضي وحيال تراكم الملفات لا خيار أمامه سوى العمل ليلا ونهارا والجري من محكمة أخرى كما يوجد حسب قول اللباوي نقص في عدد مساعدي وكيل الجمهورية، وذكر النائب أنه يعول على المجلس الأعلى المؤقت للقضاء للتعجيل بتوفير العدد الكافي من القضاة ومساعدي وكيل الجمهورية.

محكمة دستورية

أما النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي رضا دلاعي فأشار إلى أن من أهداف مسار 25 جويلية السعي إلى إصلاح المرفق القضائي ومزيد دعم استقلاليته لكن هناك بون شاسع بين هذه الغاية والواقع. وأضاف أن المجلس الأعلى للقضاء هو مؤسسة نص عليها الدستور ويقع ضبط تركيبته بقانون لكن تركيبة المجلس المؤقت تم ضبطها بمرسوم وهو يتساءل ما مدى الاستقلالية التي يتمتع بها المجلس الحالي المؤقت لأن هناك تشكيك في استقلاليته، وأضاف أنه يجب الإسراع في سن قانون يضبط تركيبة المجلس الأعلى للقضاء ودوره ويجب أن لا يقع إعداد الأحكام المتعلقة بتركيبة المجلس بشكل أحادي واستفسر دلاعي عن علاقة المجلس المؤقت بجمعية القضاة التونسيين ونقابتهم وعن مدى صحة ما تم تداوله من أخبار بشأن الحركة القضائية وموقف المجلس من القضاة المعفيين الذين حكمت المحكمة الإدارية لصالحهم وكيف تعامل المجلس مع ملفهم وذكر أنه يريد إجابة عن هذا السؤال من أجل فهم مدى استقلالية المجلس. وأضاف النائب أن كتلة الخط الوطني السيادي تعتبر أنه لا يمكن ضمان استقلالية القضاء وتكامل الوظائف دون محكمة دستورية، ودعا رئيس الجمهورية إلى التسريع في إحداث هذه المحكمة في أقرب الآجال لأنها هي الضامن لتأويل صحيح للدستور حتى لا يظل تأويل الدستور حكرا على رئاسة الجمهورية.

وفي علاقة بالمحكمة الدستورية تجدر الإشارة إلى أنه بعد مصادقة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب أمس على ميزانية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء تم تمرير مهمة المحكمة الدستورية من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 على التصويت وكانت نتيجة التصويت 127 نعم و1 محتفظ و1 لا أي أن البرلمان صادق على اعتمادات مهمة المحكمة الدستورية تعهدا ودفها وقدرها لا شيء لأنه وقع إدارج المحكمة الدستورية في قائمة المهمات الموجودة في القانون الأساسي للميزانية وفي مشروع قانون المالية لسنة 2024 دون رصد اعتمادات لها فعندما يتم إرساء المحكمة يقع تضمين الاعتمادات المخصصة لها في قانون مالية تعديلي.

 

عبد السلام مهدي قريصيعة: المجلس الأعلى المؤقت للقضاء مستقل ويعمل في حدود الاختصاصات الموكولة له

تعقيبا على مداخلات النواب طالب عبد السلام مهدي قريصيعة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء بأن يتم إعداد مشروع القانون المنظم للمجلس الأعلى للقضاء بصفة تشاركية وبين أنه يجب أخذ رأي المتدخلين في العدالة. وأضاف أمس خلال الجلسة العامة البرلمانية المخصصة للنظر في مشروع ميزانية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء أن المجلس مستقل ويعمل في حدود الاختصاصات الموكولة له فهذا المجلس هو مؤسسة محدثة بمقتضى المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرخ في 12 فيفري 2022، وهو يتمتع بالاستقلالية الوظيفية والإدارية والمالية ويشرف على شؤون القضاء العدلي والإداري والمالي كما أنه مجلس مؤقت إلى حين إرساء مجلس دائم، وقد النص الدستور على إحداث مجالس عليا للقضاء وهي مجلس للقضاء العدلي ومجلس للقضاء الإداري ومجلس للقضاء المالي. وأضاف أن مهام المجلس الأعلى المؤقت للقضاء تنحصر بالأساس في مجال المسار المهني للقضاة والتأديب ورفع الحصانة لكن المجلس يتولى أيضا اقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء وضمان احترام استقلاليته وكذلك إبداء الرأي بخصوص التشريعات المتعلقة بتنظيم العدالة وإدارة القضاء واختصاصات المحاكم والإجراءات المتبعة لديها والأنظمة الخاصة بالقضاة وفي وقاع الحال ورغم أن النظام الداخلي للمجلس نص على لجنة لإبداء الرأي ولجنة للنظر في الإصلاحات الضرورية التي يبدي فيها المجلس رأيه إلا أن المحكمة الإدارية فقط من هي بصدد إعداد مشروع جديد للقضاء الإداري وهو مشروع مجلة القضاء الإداري وقد تم الانتهاء من إعداده ويجري العمل حاليا على القيام ببعض التعديلات لكي تقع إحالة مشروع المجلة على الجهات المختصة في أقرب الآجال.

وأقر قريصيعة بأن المجلس المؤقت فعلا لم يقترح الإصلاحات بحكم انشغال مجلس القضاء العدلي بالنظر في الكثير من الملفات التأديبية والمسار المهني للقضاة مما حال دون تفرغه من أجل اقتراح الإصلاحات الضرورية وعبر عن أمله في أن يقع إرساء المجلس الدائم وتوزيع اختصاصاته حتى يتمكن من أداء دوره في ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته.

وتعقيبا على الملاحظات التي أبداها رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة أشار إلى أنه عند النظر في الفصل 119 من الدستور فإن مسألة وحدة القضاء أو ازدواجية القضاء مسألة محسومة ولا يمكن الرجوع عن هذا الخيار عند إعداد مشروع قانون المجلس الأعلى الدائم للقضاء كما أن الازدواجية اعتمدتها كل دساتير الجمهورية منذ الاستقلال وإلى غاية دستور 2022. وإجابة عن أسئلة أخرى طرحها النواب بخصوص دور المجلس المؤقت أجاب قريصيعة أن هذا المجلس ملزم باحترام الاختصاصات الموكولة إليه بمقتضى المرسوم أي أنه لا يمكنه النظر في مسائل خارجة عن اختصاصه وقواعد الاختصاص لا يمكن التوسع في تأويلها. وبين أنه يعتقد أن المجلس المؤقت مارس دوره على الوجه الأكمل في الاختصاصات الموكولة له سواء في تسمية القضاة أو نقلتهم وترقيتهم وحتى في تأديبهم وهذا الجانب استغرق وقتا طويلا من عمله خاصة بالنسبة للقضاء العدلي نظرا لارتفاع عدد القضاة العدليين مقارنة بعدد القضاة الإداريين والقضاة الماليين وقام المجلس بهذا الدور في استقلالية تامة وفق تأكيده. وأضاف في نفس السياق أن المجلس مستقل ويعمل بكل استقلالية في حدود الاختصاصات الموكولة إليه بمقتضى المرسوم أي في مجال المسار المهني للقضاة أو تأديبهم أو رفع الحصانة عنهم.

وذكر أن هناك من النواب من اعتبروا أن التقليص من ميزانية المجلس الأعلى للقضاء ربما يكون دليلا عن وجود نية التخلي عنه وهو لا يعتقد ذلك ولا يحكم على النوايا وإنما ذلك بحذف المنح والامتيازات التي كانت مسندة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء السابق والتي كانت تمثل ثلاثين بالمائة من ميزانية المجلس من ناحية وكذلك للحط من الأجور ومن بعض المصاريف الأخرى التي يعتقد المجلس أنه ليس في حاجة إليها اليوم بحكم هذا الوضع الوقتي الذي حال دون ممارسة بعض المهام الأخرى خاصة على مستوى التعاون الدولي وغيرها. وبخصوص الشغورات في المحاكم ومنها محكمة القصرين أجاب قريصيعة النائب حاتم اللباوي أن الشغورات في المحاكم العادية متفاوتة من محكمة إلى أخرى وبالنسبة إلى محكمة القصرين فقد تم سدها ويعمل المجلس دائما على سد الشغورات في إطار مراعاة التوازن بين المحاكم وفي نطاق الإمكانيات المتاحة.

وردا على النائبة بسمة الهمامي لاحظ أن هناك انتقادات توجه أحيانا لمرفق القضاء ولكن لا يمكن لوم المجلس على عدم التدخل في بعض الملفات لأنه يتعهد بالنظر في الملفات المحالة عليه ولا يمكنه إثارة بعض المسائل ويمكنه فقط لفت النظر فأحيانا ترد عليه شكايات ويتولى إحالتها على النيابة العمومية وهذا ليس من دوره بل هناك هياكل أخرى مثل التفقدية مختصة قانونيا بالنظر في تلك المسائل وبالتالي لا يمكن تحميل المجلس الأعلى المؤقت للقضاء أكثر مما يتيحه المرسوم له من أدوار وأضاف أنه يمكن في إطار القانون الجديد المنتظر سنه تدعيم صلاحيات المجلس لكي يقوم بدور أكبر في ضمان حسن سير القضاء واستقلالية القضاء أما الآن فاختصاصاته محدودة ولا يمكنه التدخل إلا في حدود الاختصاصات الموكولة إليه.

حساب خاص بالخزينة

ومن الأسئلة الأخرى التي أجاب عنها عبد السلام مهدي قريصيعة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء خلال الجلسة العامة البرلمانية ما تعلق بالفصل 12 من مشروع قانون المالية لسنة 2024 والمتعلق بإحداث حساب خاص بالخزينة يطلق عليه حساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية وبين في هذا السياق أن المحكمة الإدارية وبمجرد إطلاعها على هذا الفصل تولت مكاتبة رئيس مجلس نواب الشعب الذي تولى إحالة مراسلتها على لجنة المالية والميزانية ودعته اللجنة لجلسة استماع ودعاها إلى تعديل الفصل المذكور حتى يشمل المحكمة الإدارية لأن المنظومة القضائية ليست منظومة قضائية عدلية فحسب بل هناك محكمة إدارية ومحكمة المحاسبات والمحكمة الإدارية ميزانيتها ملحقة برئاسة الحكومة وبالتالي فإن الأهداف التي تبتغي المنظومة القضائية العدلية تحقيقيها هي نفس الأهداف التي تريد المنظومة القضائية الإدارية تحقيقها والمشاكل هي نفسها خاصة في ظل نقص الإمكانيات التي تتمتع بها المحكمة الإدارية لتهيئة المقرات التي تريد إقامتها في الجهات لأنه توجد 12 دائرة في الجهات إضافة إلى الدوائر الابتدائية بتونس العاصمة ولهذا الغرض لا بد من تعديل الفصل 12 ليشمل المحكمة الإدارية وذكر أن الاعتراض الذي بلغهم مرده أن وزيرة العدل هي الطرف التي تأذن بالدفع لذلك فإن المحكمة الإدارية اقترحت أن يكون رئيس الحكومة هو الذي يتولى الإذن بالدفع لمصاريف الحساب في الجزء المتعلق بالمحكمة الإدارية وله أن يفوض حق الإمضاء سواء للرئيس الأول للمحكمة الإدارية أو الكاتب العام للمحكمة الإدارية. وعبر عن أمله في أن يقع تعديل الفصل المذكور لأن المحكمة الإدارية في حاجة للانتفاع بمداخيل هذا الحساب الخاص في الخزينة.

وإجابة عن سؤال آخر قال إن مصالح المجلس الأعلى المؤقت للقضاء هي التي أعدت مشروع ميزانيته وراعت وضعية المالية العمومية والحاجيات الحقيقية للمجلس، وأما بخصوص الشغور الموجود في مجلس القضاء العدلي فهو في مستوى رئاسة محكمة التعقيب ولهذا السبب فهو الذي يقوم بتمثيل المجلس الأعلى للقضاء باعتباره النائب الأول لرئيس المجلس وذكر أن الشغور حدث منذ أشهر قليلة وهو يأمل في سده حتى تكتمل تركيبة المجلس لأن هذا المجلس يتعذر عليه الانعقاد.

تركيبة المجلس

وبخصوص تركيبة المجلس التي استفسر حولها أحد النواب بين قريصيعة أنها تتكون من قضاة بالصفة وقضاة متقاعدين وهو خيار جاء به المرسوم و لا يدري إن كان سيتم الإبقاء على نفس التركيبة مستقبلا أم لا فهذا السؤال سيجيب عنه قانون المجلس المنتظر سنه. وتعقيبا عن استفسار حول مدى حيادية المجلس أشار إلى أن كل القضاة محايدون والقاضي إذا فقد حياده فإنه فقد صفته كقاض وقال :"يجب ألا نشك في حياد القاضي في الدعوى المرفوعة إليه لأنه منذ أن يلتحق القاضي بسلك القضاء العدلي أو الإداري أو المالي فإنه يقسم على أن يكون محايدا ولكن إضافة إلى الحياد يجب أن يتمتع بالتكوين المطلوب".

وفسر قريصيعة سبب عدم تنظيم المجلس المؤقت ملتقيات علمية بالانغماس في النظر في ملفات تأديب وفي الحركة القضائية حيث سعى المجلس إلى إحداث منظومة خاصة تسهل على القضاة تقديم المطالب للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء. وإجابة عن استفسار آخر حول سبب البطء في تلخيص الأحكام أشار إلى أن المعهد الأعلى للقضاء درب القضاة على تلخيص الأحكام أما بخصوص تنفيذ الأحكام فقال فعلا هناك معضلة يعاني منها القضاء الإداري وحتى القضاء العدلي وهو ما يتطلب القيام بمراجعة حتى تجد الأحكام طريقها إلى التنفيذ. وذكر أن المحكمة الإدارية تلغي القرارات الإدارية غير الشرعية لكن هناك أحيانا أحكام لا تلقى طريقها للتنفيذ. وإجابة عن استفسار حول النيابة العمومية ومقترح أن يكون هؤلاء من قضاة الرتبة الثالثة بين أن هذا يتطلب تنقيح الأمر المتعلق بالخطط القضائية للقضاء العدلي الذي يعود إلى سنة 1973 والذي تم تنقيحه وإتمامه في العديد من المناسبات.

وخلص عبد السلام مهدي قريصيعة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء إلى أن المجلس عمره عام و10 أشهر وهو يمارس الدور المنوط بعهدته وفق ما نص عليه المرسوم وعبر عن أمله في أن يقوم المجلس مستقلا باقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء وضمان استقلاليته سواء تواصلت صبغته المؤقتة أو لم تتواصل.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصادقة على ميزانيتي المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء لسنة 2024

ـ النواب يطالبون بإرساء دعائم قضاء عادل ومستقل وناجز

تونس- الصباح

صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو على مشروع ميزانية المحكمة الدستورية وقبلها صادق على مشروع ميزانية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء لسنة 2024 وذلك بعد الاستماع إلى عبد السلام مهدي قريصيعة النائب الأول لرئيس المجلس وكانت نتيجة التصويت كما يلي: 125 نعم و3 محتفظ و1 لا.

وفي تقرير للجنة التشريع العام التي يرأسها النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي ياسر قراري جاء أنه استنادا إلى نتائج الميزانية لسنتي 2021 و 2022 ولنتائج تنفيذ الميزانية للسداسي الأول من سنة 2023 ونظرا لوضعية المالية العمومية ولتفاقم عجز الميزانية خلال السنوات الأخيرة وبناء على التوجهات العامة لمنشور إعداد الميزانية، قرر المجلس الأعلى المؤقت للقضاء التخفيض في ميزانيته المقترحة لسنة 2024 بنسبة 50 بالمائة مقارنة بميزانية سنة 2023، حيث قدرت بـ2.207.000 د مقابل 4.051.000 د لسنة 2023 وهي تتوزع بين نفقات التأجير والتسيير والتدخل.

ولا تشمل نفقات التأجير حسب ما أشار إليه قراري تأجير أعضاء المجلس لأنه تم التخلي عن المنح المسندة إليهم فهم يباشرون مهامهم بشكل تطوعي لأن المرسوم المتعلق بالمجلس وضع حدّا للمنح والامتيازات المخولة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء بمقتضى القرار الترتيبي الصادر عنه وهو القرار عدد 1 لسنة 2018 المؤرخ في 30 مارس 2018.

ولاحظ قراري أن من أهم المهام المناطة بعهدة مجلس نواب الشعب اليوم، هي تركيز مجلس أعلى للقضاء دائم وفق ما نص عليه الدستور 2022 إذ جاء في الدستور أن القضاء ينقسم إلى قضاء عدلي وقضاء إداري وقضاء مالي ويشرف على كلّ صنف من هذه الأقضية مجلس أعلى يتولى القانون ضبط تركيبته واختصاصاته. وعبر رئيس لجنة التشريع العام المتعهدة بدراسة مشروع ميزانية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء عن استعداد اللجنة للانكباب على دراسة مشاريع القوانين التي من شأنها أن تساعد على استكمال تركيز مؤسسات الدولة ومنها مجلس القضاء وأبدى رغبته في أن يكون هناك عمل مشترك مع ممثلي المجلس الأعلى المؤقت للقضاء للاستفادة من درايتهم وكل ما راكمه هؤلاء من تجربة في هذا المجال.

أما إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب فبين أنه منذ الاستقلال تم في تونس بخصوص القضاء العدلي الاختيار على نظام قضائي استقرائي بالنسبة للمادة الجزائية في حين أنه يوجد في أنظمة أخرى مثل النظام الانقلوسكسوني نظام اتهامي، وفسر أن النظام الاستقرائي مفاده أن القضاء يتدخل في إقامة الحجة والتفتيش عن الأدلة والتمحيص في كل الوقائع بكل دقة في حين أن النظام الاتهامي يرتكز على أن كل طرف يقدم مؤيداته والقضاء يفصل في الأمر ولا توجد في هذا النظام مؤسسة تحقيق بل هناك نيابة عمومية ودفاع والقضاء هو الفيصل أما في النظام الاستقرائي فهناك مؤسسة تحقيق ودائرة اتهام وحتى من اتبعوا هذا النظام فكروا في إلغائه على غرار فرنسا التي اتجهت إلى إلغاء مؤسسة التحقيق لكن هذا الأمر جوبه بالرفض. وأضاف رئيس المجلس أنه بخصوص دور النيابة العمومية في إثارة الدعوى فإنها هي التي تحرك الدعوى العمومية وهي التي تمارس الدعوى العمومية وبالتالي هي التي تثير الدعوى العمومية سواء بالتشكي المباشر أو بمجرد العلم وهو ما يدعو للتساؤل هل بالإمكان مراجعة هذا الخيار بإقرار استقلالية النيابة العمومية والتي تعتبر من القضاء الواقف في حين أن القضاة المنتصبين للحكم هم القضاة الجالسون وتساءل هل أن خيار الاستقلالية المطلقة للنيابة العمومية مسألة تحتاج إلى إعادة الدرس وإعادة البحث في الخيارات التي من شأنها أن تصلح المؤسسة القضائية ككل، كما توجد على حد قوله مسألة هامة أخرى تسترعي الاهتمام وهي استقلال الأقضية إذ هناك في تونس قضاء عدلي وقضاء إداري وقضاء مالي في حين نجد في أنظمة أخرى وحدة القضاء والمجلس الأعلى للقضاء هو الذي يترأس تلك الأقضية حيث لا يوجد فصل بينها لكن في تونس تم الاختيار على الفصل بين الأقضية الثلاثة وتساءل بودربالة هل بالإمكان التفكير اليوم في توحيد الأقضية وجعل القضاء فعلا مستقلا ويجسم وحدة القضاء.. وأضاف أن تونس تعيس مرحلة انتقال ديمقراطي ودستور البلاد جاء فيه أن الدولة لها ثلاث وظائف وهي الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية والوظيفة القضائية وحان الوقت لكي يقوم البرلمان بطرح هده المسائل ونقاشها بعمق بمشاركة قضاة من الأقضية الثلاثة وكذلك النيابة العمومية لما لها من دور في مراقبة كل الاخلالات القانونية نظرا لما يتوفر لديها من وسائل للبحث في الجريمة وللقيام بدورها الاستقرائي رغم أنها وسائل محدودة جدا لذلك هي ربما لا تستطيع القيام بدورها في الدفاع عن الهيئة الاجتماعية كما يجب. واقترح رئيس مجلس نواب الشعب على المجلس الأعلى المؤقت للقضاء تنظيم ندوات علمية من أجل إعادة النظر في المنظومة القضائية ككل وكيفية دعم المؤسسة القضائية وأكد أن سلامة المجتمع هي في قضاء نزيه ومستقل وقضاء يقوم بدوره على أحسن وجه. وعبر عن ارتياحه لأن القضاء في تونس رغم الصعوبات والإمكانيات المحدودة المتوفرة له قام بدوره على أحسن ما يرام فحتى خلال الهزات التي عرفها المجتمع التونسي ظل القضاء يقوم بدوره و لم يتخلف القضاء خلال أزمات 1978 أو 1984 وما تلتها من أحداث عن عقد أي جلسة واليوم حان الوقت لدعم هذا التوجه الذي قامت عليه الدولة الحديثة بعد الاستقلال والنظر في كيفية إقرار السبل التي من شأنها إعادة تقييم دور القضاء بما يجعل المؤسسة القضائية تقوم به على أحسن وجه.

وخلال نقاش مشروع ميزانية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء هناك من النواب ومنهم رضا دلاعي النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي من دعا إلى تركيز المحكمة الدستورية في حين طالب آخرون بالعمل المشترك بين الوظيفة التنفيذية والوظيفة التشريعية والمجلس الأعلى المؤقت للقضاء على سن قانون أساسي يهدف إلى تركيز مجلس أعلى دائم وغير مؤقت للقضاء تنزيلا لأحكام دستور 25 جويلية 2022. وتحدث عدد من النواب عن المهام الموكولة للمجلس المؤقت والمتمثلة في اقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته وإبداء الرأي بخصوص التشريعات المتعلقة بتنظيم العدالة وإدارة القضاء واختصاصات المحاكم والإجراءات المتبعة لديها والأنظمة الخاصة بالقضاة. وتساءلوا عن الحركة القضائية الأخيرة وعن معضلة عدم تطبيق أحكام المحكمة الإدارية ومنها المتعلقة بالقضاة المعزولين وعن دور المجلس في فرض تطبيق الأحكام القضائية حماية للمتقاضين من التجاوزات..

صوت الأم الملتاعة

عادل ضياف النائب عن كتلة صوت الجمهورية بين أن العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه وأن العلامة ابن خلدون قال إن العدل أساس العمران، وذكر أن السبب الأساسي لكل انفجار اجتماعي يمكن في اختلال التوازن بين حاجيات المجتمع من ناحية وسلوك السلطة السياسية من ناحية ثانية والمتمثلة في انعدام العدل وانخرام منظومة القوانين الضامنة لحقوق المواطنين. وعبر النائب عن رغبته في إيصال صوت مريم المجدوب القاطنة بحي 20 مارس سيدي حسين وهي أم ملتاعة لأنها إلى حد الآن لم تتمكن من الحصول على نسخة قانونية من حكم صدر سنة 2019 وذلك إثر مقتل ابنها أيمن بن عثمان بطلقة عشوائية من طرف أعوان الديوانة في شهر أكتوبر 2018 أثناء مداهمة مستودع للسلع المهربة وذكر أنه لم يقع إسعافه وتوفي خلال العملية الجراحية.

فوضى في المحاكم

أما بسمة الهمامي النائبة غير المنتمية إلى كتل فقالت إنها لا تريد للقضاء أن يكون مؤقتا بل دائما وحاضرا ولا يخشى في الحق لومة لائم، وأضافت أنه حين تعم الفوضى في المحاكم يجب أن يبقى المجلس الأعلى للقضاء صمام أمان وينصف المظلومين وتحدثت النائبة عن وضعية موجودة في إحدى محاكم تونس حيث هناك كاتبة بالمحكمة لها من الجرأة التي تجعلها تتلاعب بالملفات والوثائق وكل الأحكام وتتحالف مع أصحاب القوة والنفوذ من أجل ترويع الناس والحكم عليهم وإيقاف أصحاب الحق بل بلغ بها الأمر أن تحتفظ في منزلها بملفات مطابقة لنفس الملفات الموجودة في المحكمة وزوجها في الشارع "سمسار قضائي" فهذه الكاتبة فعلت بحرمة المحكمة ما لم يتجرأ أحد على فعله حسب وصف بسمة الهمامي إذ أنها تطاولت على القضاء وعلى أمن المواطنين وقد قدم هؤلاء شكوى للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء لكن للأسف لم يقع إنصافهم.

النيابة العمومية

ثابت العابد النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة بين أنه لا يمكن تحقيق غايات ميزانية الدولة من استثمار وتنمية وتشغيل وأمن دون أن يكون هناك قضاء مستقل وعادل، فالقضاء حسب رأيه هو أساس البناء وتترجم استقلالية القضاء في المجلس الأعلى للقضاء لأنه هو الذي ينظر في النقل والتعيينات والمنح وكل ما يهم القضاة وكل ما من شأنه أن يمس باستقلالية القضاء أو أن يكون مؤثرا على أحد القضاة في تناوله لأحد الملفات القضائية. ولاحظ أن قضاء الأحكام هو ما يقتنع به وجدان القاضي ولا سلطان آخر على قضاء الأحكام. وتساءل النائب عمن يحرك النيابة العمومية لأنه عند الحديث عن منظومة قضائية عادلة من المفروض فهم مدى علاقة مجلس القضاء بالنيابة العمومية وبتحريك الدعوى لأن الدعوى لم يعد تحريكها يتم بمكالمة هاتفية فالقضاء في تونس تجاوز تلك المرحلة وذكر أنه لكي يكون القضاء عادلا فلا بد أن تحرك الدعاوى بقرارات كتابية من المشرف على النيابة العمومية واستفسر عن العلاقة القانونية بين المجلس الأعلى المؤقت للقضاء والنيابة العمومية وتحريك الدعاوى القضائية. وقال إنه مثلما لا يمكن تحقيق التنمية والاستثمار دون قضاء عادل لا يمكن أيضا ضمان احترام الحريات الفردية والعامة دون قضاء عادل. ولاحظ العابد أن هناك جملة من القوانين التي أثارت جدلا كبيرا في البرلمان وقد يكون لها وقع على البلاد وتساءل هل من المفروض أن تعرض المشاريع التي لها علاقة بالشأن العام على المجلس الأعلى للقضاء لإبداء الرأي فيها لأنها تتعلق بمسائل مفصلية من شأنها أن تمس عموم الشعب التونسي.

نظام أساسي

أما النائب ماهر الكتاري عن كتلة الأحرار فبين أن عبارة المؤقت الواردة في تسمية المجلس الأعلى للقضاء تثير قلقه وأضاف أن هذا المجلس تم إحداثه بمرسوم صدر في فيفري 2022 وهو يتكون من مجلس مؤقت للقضاء المالي ومجلس مؤقت للقضاء الإداري ومجلس مؤقت للقضاء العدلي، وذكر أنه لا بد من تمرير المرسوم على البرلمان لكي يصبح قانونا ولكن في تركيبة المجلس هناك قضاة معينين وهو ما سيطرح مشكلا عند تركيز المحكمة الدستورية. وبين أنه يوجد مشكل آخر في القضاء الإداري لأنه مازال تابعا لرئاسة الحكومة ويجب تمكينه من نظام أساسي خاص به وأضاف أنه نائب في لجنة المالية ويعرف جيدا أنه يوجد مشكل في تمويل المحكمة الإدارية لذلك فهو يطالب بتمرير القانون الأساسي الخاص بالقضاة الإداريين في أقرب وقت. ولاحظ النائب أن المجلس الأعلى المؤقت للقضاء يعد من أهم المؤسسات الموجودة في البلاد فدون قضاء عادل لا يمكن دعم الاستثمار لأن المستثمر قبل أن يبعث مشروعه الخاص ينظر إلى القضاء إن كان عادلا أم لا. وأضاف النائب انه يدرك أن هناك حملة كبيرة ضد المجلس الأعلى للقضاء والقضاة وهو يؤكد أن كتلة الأحرار تقدم لهم دعمها اللامشروط..

نقص في عدد القضاة

وتحدث النائب حاتم اللباوي عن كتلة صوت الجمهورية عن مرفق القضاء في القصرين التي تعاني من نقص كبير في عدد القضاة مما أدى تراكم الملفات وتسبب في طول مدة الإيقاف وهناك من يقع إيقافهم ويتضح لاحقا أنهم أبرياء كما أن القاضي وحيال تراكم الملفات لا خيار أمامه سوى العمل ليلا ونهارا والجري من محكمة أخرى كما يوجد حسب قول اللباوي نقص في عدد مساعدي وكيل الجمهورية، وذكر النائب أنه يعول على المجلس الأعلى المؤقت للقضاء للتعجيل بتوفير العدد الكافي من القضاة ومساعدي وكيل الجمهورية.

محكمة دستورية

أما النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي رضا دلاعي فأشار إلى أن من أهداف مسار 25 جويلية السعي إلى إصلاح المرفق القضائي ومزيد دعم استقلاليته لكن هناك بون شاسع بين هذه الغاية والواقع. وأضاف أن المجلس الأعلى للقضاء هو مؤسسة نص عليها الدستور ويقع ضبط تركيبته بقانون لكن تركيبة المجلس المؤقت تم ضبطها بمرسوم وهو يتساءل ما مدى الاستقلالية التي يتمتع بها المجلس الحالي المؤقت لأن هناك تشكيك في استقلاليته، وأضاف أنه يجب الإسراع في سن قانون يضبط تركيبة المجلس الأعلى للقضاء ودوره ويجب أن لا يقع إعداد الأحكام المتعلقة بتركيبة المجلس بشكل أحادي واستفسر دلاعي عن علاقة المجلس المؤقت بجمعية القضاة التونسيين ونقابتهم وعن مدى صحة ما تم تداوله من أخبار بشأن الحركة القضائية وموقف المجلس من القضاة المعفيين الذين حكمت المحكمة الإدارية لصالحهم وكيف تعامل المجلس مع ملفهم وذكر أنه يريد إجابة عن هذا السؤال من أجل فهم مدى استقلالية المجلس. وأضاف النائب أن كتلة الخط الوطني السيادي تعتبر أنه لا يمكن ضمان استقلالية القضاء وتكامل الوظائف دون محكمة دستورية، ودعا رئيس الجمهورية إلى التسريع في إحداث هذه المحكمة في أقرب الآجال لأنها هي الضامن لتأويل صحيح للدستور حتى لا يظل تأويل الدستور حكرا على رئاسة الجمهورية.

وفي علاقة بالمحكمة الدستورية تجدر الإشارة إلى أنه بعد مصادقة الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب أمس على ميزانية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء تم تمرير مهمة المحكمة الدستورية من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2024 على التصويت وكانت نتيجة التصويت 127 نعم و1 محتفظ و1 لا أي أن البرلمان صادق على اعتمادات مهمة المحكمة الدستورية تعهدا ودفها وقدرها لا شيء لأنه وقع إدارج المحكمة الدستورية في قائمة المهمات الموجودة في القانون الأساسي للميزانية وفي مشروع قانون المالية لسنة 2024 دون رصد اعتمادات لها فعندما يتم إرساء المحكمة يقع تضمين الاعتمادات المخصصة لها في قانون مالية تعديلي.

 

عبد السلام مهدي قريصيعة: المجلس الأعلى المؤقت للقضاء مستقل ويعمل في حدود الاختصاصات الموكولة له

تعقيبا على مداخلات النواب طالب عبد السلام مهدي قريصيعة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء بأن يتم إعداد مشروع القانون المنظم للمجلس الأعلى للقضاء بصفة تشاركية وبين أنه يجب أخذ رأي المتدخلين في العدالة. وأضاف أمس خلال الجلسة العامة البرلمانية المخصصة للنظر في مشروع ميزانية المجلس الأعلى المؤقت للقضاء أن المجلس مستقل ويعمل في حدود الاختصاصات الموكولة له فهذا المجلس هو مؤسسة محدثة بمقتضى المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرخ في 12 فيفري 2022، وهو يتمتع بالاستقلالية الوظيفية والإدارية والمالية ويشرف على شؤون القضاء العدلي والإداري والمالي كما أنه مجلس مؤقت إلى حين إرساء مجلس دائم، وقد النص الدستور على إحداث مجالس عليا للقضاء وهي مجلس للقضاء العدلي ومجلس للقضاء الإداري ومجلس للقضاء المالي. وأضاف أن مهام المجلس الأعلى المؤقت للقضاء تنحصر بالأساس في مجال المسار المهني للقضاة والتأديب ورفع الحصانة لكن المجلس يتولى أيضا اقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء وضمان احترام استقلاليته وكذلك إبداء الرأي بخصوص التشريعات المتعلقة بتنظيم العدالة وإدارة القضاء واختصاصات المحاكم والإجراءات المتبعة لديها والأنظمة الخاصة بالقضاة وفي وقاع الحال ورغم أن النظام الداخلي للمجلس نص على لجنة لإبداء الرأي ولجنة للنظر في الإصلاحات الضرورية التي يبدي فيها المجلس رأيه إلا أن المحكمة الإدارية فقط من هي بصدد إعداد مشروع جديد للقضاء الإداري وهو مشروع مجلة القضاء الإداري وقد تم الانتهاء من إعداده ويجري العمل حاليا على القيام ببعض التعديلات لكي تقع إحالة مشروع المجلة على الجهات المختصة في أقرب الآجال.

وأقر قريصيعة بأن المجلس المؤقت فعلا لم يقترح الإصلاحات بحكم انشغال مجلس القضاء العدلي بالنظر في الكثير من الملفات التأديبية والمسار المهني للقضاة مما حال دون تفرغه من أجل اقتراح الإصلاحات الضرورية وعبر عن أمله في أن يقع إرساء المجلس الدائم وتوزيع اختصاصاته حتى يتمكن من أداء دوره في ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاليته.

وتعقيبا على الملاحظات التي أبداها رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة أشار إلى أنه عند النظر في الفصل 119 من الدستور فإن مسألة وحدة القضاء أو ازدواجية القضاء مسألة محسومة ولا يمكن الرجوع عن هذا الخيار عند إعداد مشروع قانون المجلس الأعلى الدائم للقضاء كما أن الازدواجية اعتمدتها كل دساتير الجمهورية منذ الاستقلال وإلى غاية دستور 2022. وإجابة عن أسئلة أخرى طرحها النواب بخصوص دور المجلس المؤقت أجاب قريصيعة أن هذا المجلس ملزم باحترام الاختصاصات الموكولة إليه بمقتضى المرسوم أي أنه لا يمكنه النظر في مسائل خارجة عن اختصاصه وقواعد الاختصاص لا يمكن التوسع في تأويلها. وبين أنه يعتقد أن المجلس المؤقت مارس دوره على الوجه الأكمل في الاختصاصات الموكولة له سواء في تسمية القضاة أو نقلتهم وترقيتهم وحتى في تأديبهم وهذا الجانب استغرق وقتا طويلا من عمله خاصة بالنسبة للقضاء العدلي نظرا لارتفاع عدد القضاة العدليين مقارنة بعدد القضاة الإداريين والقضاة الماليين وقام المجلس بهذا الدور في استقلالية تامة وفق تأكيده. وأضاف في نفس السياق أن المجلس مستقل ويعمل بكل استقلالية في حدود الاختصاصات الموكولة إليه بمقتضى المرسوم أي في مجال المسار المهني للقضاة أو تأديبهم أو رفع الحصانة عنهم.

وذكر أن هناك من النواب من اعتبروا أن التقليص من ميزانية المجلس الأعلى للقضاء ربما يكون دليلا عن وجود نية التخلي عنه وهو لا يعتقد ذلك ولا يحكم على النوايا وإنما ذلك بحذف المنح والامتيازات التي كانت مسندة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء السابق والتي كانت تمثل ثلاثين بالمائة من ميزانية المجلس من ناحية وكذلك للحط من الأجور ومن بعض المصاريف الأخرى التي يعتقد المجلس أنه ليس في حاجة إليها اليوم بحكم هذا الوضع الوقتي الذي حال دون ممارسة بعض المهام الأخرى خاصة على مستوى التعاون الدولي وغيرها. وبخصوص الشغورات في المحاكم ومنها محكمة القصرين أجاب قريصيعة النائب حاتم اللباوي أن الشغورات في المحاكم العادية متفاوتة من محكمة إلى أخرى وبالنسبة إلى محكمة القصرين فقد تم سدها ويعمل المجلس دائما على سد الشغورات في إطار مراعاة التوازن بين المحاكم وفي نطاق الإمكانيات المتاحة.

وردا على النائبة بسمة الهمامي لاحظ أن هناك انتقادات توجه أحيانا لمرفق القضاء ولكن لا يمكن لوم المجلس على عدم التدخل في بعض الملفات لأنه يتعهد بالنظر في الملفات المحالة عليه ولا يمكنه إثارة بعض المسائل ويمكنه فقط لفت النظر فأحيانا ترد عليه شكايات ويتولى إحالتها على النيابة العمومية وهذا ليس من دوره بل هناك هياكل أخرى مثل التفقدية مختصة قانونيا بالنظر في تلك المسائل وبالتالي لا يمكن تحميل المجلس الأعلى المؤقت للقضاء أكثر مما يتيحه المرسوم له من أدوار وأضاف أنه يمكن في إطار القانون الجديد المنتظر سنه تدعيم صلاحيات المجلس لكي يقوم بدور أكبر في ضمان حسن سير القضاء واستقلالية القضاء أما الآن فاختصاصاته محدودة ولا يمكنه التدخل إلا في حدود الاختصاصات الموكولة إليه.

حساب خاص بالخزينة

ومن الأسئلة الأخرى التي أجاب عنها عبد السلام مهدي قريصيعة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء خلال الجلسة العامة البرلمانية ما تعلق بالفصل 12 من مشروع قانون المالية لسنة 2024 والمتعلق بإحداث حساب خاص بالخزينة يطلق عليه حساب دعم تطوير المنظومة القضائية العدلية وبين في هذا السياق أن المحكمة الإدارية وبمجرد إطلاعها على هذا الفصل تولت مكاتبة رئيس مجلس نواب الشعب الذي تولى إحالة مراسلتها على لجنة المالية والميزانية ودعته اللجنة لجلسة استماع ودعاها إلى تعديل الفصل المذكور حتى يشمل المحكمة الإدارية لأن المنظومة القضائية ليست منظومة قضائية عدلية فحسب بل هناك محكمة إدارية ومحكمة المحاسبات والمحكمة الإدارية ميزانيتها ملحقة برئاسة الحكومة وبالتالي فإن الأهداف التي تبتغي المنظومة القضائية العدلية تحقيقيها هي نفس الأهداف التي تريد المنظومة القضائية الإدارية تحقيقها والمشاكل هي نفسها خاصة في ظل نقص الإمكانيات التي تتمتع بها المحكمة الإدارية لتهيئة المقرات التي تريد إقامتها في الجهات لأنه توجد 12 دائرة في الجهات إضافة إلى الدوائر الابتدائية بتونس العاصمة ولهذا الغرض لا بد من تعديل الفصل 12 ليشمل المحكمة الإدارية وذكر أن الاعتراض الذي بلغهم مرده أن وزيرة العدل هي الطرف التي تأذن بالدفع لذلك فإن المحكمة الإدارية اقترحت أن يكون رئيس الحكومة هو الذي يتولى الإذن بالدفع لمصاريف الحساب في الجزء المتعلق بالمحكمة الإدارية وله أن يفوض حق الإمضاء سواء للرئيس الأول للمحكمة الإدارية أو الكاتب العام للمحكمة الإدارية. وعبر عن أمله في أن يقع تعديل الفصل المذكور لأن المحكمة الإدارية في حاجة للانتفاع بمداخيل هذا الحساب الخاص في الخزينة.

وإجابة عن سؤال آخر قال إن مصالح المجلس الأعلى المؤقت للقضاء هي التي أعدت مشروع ميزانيته وراعت وضعية المالية العمومية والحاجيات الحقيقية للمجلس، وأما بخصوص الشغور الموجود في مجلس القضاء العدلي فهو في مستوى رئاسة محكمة التعقيب ولهذا السبب فهو الذي يقوم بتمثيل المجلس الأعلى للقضاء باعتباره النائب الأول لرئيس المجلس وذكر أن الشغور حدث منذ أشهر قليلة وهو يأمل في سده حتى تكتمل تركيبة المجلس لأن هذا المجلس يتعذر عليه الانعقاد.

تركيبة المجلس

وبخصوص تركيبة المجلس التي استفسر حولها أحد النواب بين قريصيعة أنها تتكون من قضاة بالصفة وقضاة متقاعدين وهو خيار جاء به المرسوم و لا يدري إن كان سيتم الإبقاء على نفس التركيبة مستقبلا أم لا فهذا السؤال سيجيب عنه قانون المجلس المنتظر سنه. وتعقيبا عن استفسار حول مدى حيادية المجلس أشار إلى أن كل القضاة محايدون والقاضي إذا فقد حياده فإنه فقد صفته كقاض وقال :"يجب ألا نشك في حياد القاضي في الدعوى المرفوعة إليه لأنه منذ أن يلتحق القاضي بسلك القضاء العدلي أو الإداري أو المالي فإنه يقسم على أن يكون محايدا ولكن إضافة إلى الحياد يجب أن يتمتع بالتكوين المطلوب".

وفسر قريصيعة سبب عدم تنظيم المجلس المؤقت ملتقيات علمية بالانغماس في النظر في ملفات تأديب وفي الحركة القضائية حيث سعى المجلس إلى إحداث منظومة خاصة تسهل على القضاة تقديم المطالب للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء. وإجابة عن استفسار آخر حول سبب البطء في تلخيص الأحكام أشار إلى أن المعهد الأعلى للقضاء درب القضاة على تلخيص الأحكام أما بخصوص تنفيذ الأحكام فقال فعلا هناك معضلة يعاني منها القضاء الإداري وحتى القضاء العدلي وهو ما يتطلب القيام بمراجعة حتى تجد الأحكام طريقها إلى التنفيذ. وذكر أن المحكمة الإدارية تلغي القرارات الإدارية غير الشرعية لكن هناك أحيانا أحكام لا تلقى طريقها للتنفيذ. وإجابة عن استفسار حول النيابة العمومية ومقترح أن يكون هؤلاء من قضاة الرتبة الثالثة بين أن هذا يتطلب تنقيح الأمر المتعلق بالخطط القضائية للقضاء العدلي الذي يعود إلى سنة 1973 والذي تم تنقيحه وإتمامه في العديد من المناسبات.

وخلص عبد السلام مهدي قريصيعة النائب الأول لرئيس المجلس الأعلى المؤقت للقضاء إلى أن المجلس عمره عام و10 أشهر وهو يمارس الدور المنوط بعهدته وفق ما نص عليه المرسوم وعبر عن أمله في أن يقوم المجلس مستقلا باقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء وضمان استقلاليته سواء تواصلت صبغته المؤقتة أو لم تتواصل.

سعيدة بوهلال