إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أيام قرطاج المسرحية في دورتها 24.. "طلقة الرحمة".. حين يكون الصمت أبلغ من الكلام

 

تونس-الصباح

لأن الصمت أبلغ من الكلام، فقد غاصت المسرحية العراقية "طلقة الرحمة"، والتي تشارك في البرمجة الموازية للعروض الرسمية لمهرجان أيام قرطاج المسرحية ، في عالم السكوت لفسح المجال أمام حركات الجسد دون غيرها، حيث أغنى الرقص التعبيري عن كل الحروف وصوت الموسيقى عوض كل الجمل.

بلباس رمادي اعتلى الممثلون الركح، وهو لون وسطي بين الحياة والموت له رمزيته التي تنقل حالة الصراع التي يعيشها أبطال العمل فلا هي حياة ناصعة البياض ولا هو موت قاتم السواد، دون إغفال أنه أحيانا تخلى الممثلون عن اللون الرمادي وغيّروه باللون الأبيض أو الأسود، لكن يبقى اللون الرمادي صاحب السلطة والطاغي الأكبر بما أنه قد استحوذ على المساحة الأكبر.

موسيقى الشجن التي عُرف بها العراقيون، كانت حاضرة بقوة لتضفي مزيجا من الحزن والتقلب والقلق على الحالة النفسية التي ترافق الأبطال، كما حضرت العباءة السوداء والتي قد تكون رمزا لسواد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" التي عانى من ويلاتها وارهابها بلاد الرافدين طويلا.

 طقوس الموت أيضا احتلت بدورها مكانا هاما من النعوش مرورا بذر التراب وترك الشعر منسدلا بشكل فوضوي إلى اللطم والصراخ والعويل، بالمقابل هناك أمل، وذلك في محاولة بعض الأبطال لنزع خيوط تخنق رقبتهم، البعض الآخر منهم حاول تسلق السلالم المرتفعة والحبال وما يتطلّبه ذلك من مجهود بدني كبير، في محاولة للبحث عن منفذ للنجاة.

أما حركات الجسد إما قفزا أو تلويا أو على الأرض أو جلسة القرفصاء مع مسك للرأس فتُوضّح مدى قسوة الحياة والوجع الذي يمرّ به الأبطال، وجميعها حركات متقنة ومُوزّعة بالتناوب بين الأبطال للدلالة على مدى تناسقهم وانسجامهم فيما بينهم، وكأن الوجع واحد يهم الجميع وان كان بدرجات متفاوتة، لتكون ملحمة أعمدتها الجسد والموسيقى.

"الصباح" تحدثت إلى مخرج ومؤلف مسرحية "طلقة الرحمة" العراقي محمد مؤيد حول أسباب تفضيله أن يكون العمل صامتا دون اللهجة العراقية أو حتى العربية أو الفصحى أو حتى لهجة بيضاء، إذ قال إن هذا العرض من إعداد فرقة الرقص التعبيري التي تأسست في بغداد منذ سنة 2010 وكانت تضم عضوين فقط في بداية نشأتها ليرتفع العدد متجاوزا الأربعين، مبرزا أن في صمتهم كشف عن الحزن والمستور احتجاجا على الموت المجاني الذي يحدث ليس في العراق فقط بل في المنطقة العربية بأكملها، مبينا أن الأمر يتجاوز الاحتجاج إلى ثورة ضدّ الموت.

وحول دور الرقص التعبيري في تجسيد الواقع بيّن المخرج العراقي أن الرقص التعبيري يعدّ فن الخشبة الحديث واكتسح الساحة.

وأكد مؤيد أنه يتابع المسرح التونسي ومن أكثر المسرحيين الذين يشدّونه المخرج فاضل الجعايبي معبّرا عن اعجابه به، كما أفاد بأن المسرح التونسي من أهم المسارح على المستوى العربي، معبّرا كذلك عن فخره بالمشاركة في أيام قرطاج المسرحية وقدرتهم على ترك بصمة لدى الجمهور التونسي.

  درصاف اللموشي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 أيام قرطاج المسرحية في دورتها 24..   "طلقة الرحمة".. حين يكون الصمت أبلغ من الكلام

 

تونس-الصباح

لأن الصمت أبلغ من الكلام، فقد غاصت المسرحية العراقية "طلقة الرحمة"، والتي تشارك في البرمجة الموازية للعروض الرسمية لمهرجان أيام قرطاج المسرحية ، في عالم السكوت لفسح المجال أمام حركات الجسد دون غيرها، حيث أغنى الرقص التعبيري عن كل الحروف وصوت الموسيقى عوض كل الجمل.

بلباس رمادي اعتلى الممثلون الركح، وهو لون وسطي بين الحياة والموت له رمزيته التي تنقل حالة الصراع التي يعيشها أبطال العمل فلا هي حياة ناصعة البياض ولا هو موت قاتم السواد، دون إغفال أنه أحيانا تخلى الممثلون عن اللون الرمادي وغيّروه باللون الأبيض أو الأسود، لكن يبقى اللون الرمادي صاحب السلطة والطاغي الأكبر بما أنه قد استحوذ على المساحة الأكبر.

موسيقى الشجن التي عُرف بها العراقيون، كانت حاضرة بقوة لتضفي مزيجا من الحزن والتقلب والقلق على الحالة النفسية التي ترافق الأبطال، كما حضرت العباءة السوداء والتي قد تكون رمزا لسواد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" التي عانى من ويلاتها وارهابها بلاد الرافدين طويلا.

 طقوس الموت أيضا احتلت بدورها مكانا هاما من النعوش مرورا بذر التراب وترك الشعر منسدلا بشكل فوضوي إلى اللطم والصراخ والعويل، بالمقابل هناك أمل، وذلك في محاولة بعض الأبطال لنزع خيوط تخنق رقبتهم، البعض الآخر منهم حاول تسلق السلالم المرتفعة والحبال وما يتطلّبه ذلك من مجهود بدني كبير، في محاولة للبحث عن منفذ للنجاة.

أما حركات الجسد إما قفزا أو تلويا أو على الأرض أو جلسة القرفصاء مع مسك للرأس فتُوضّح مدى قسوة الحياة والوجع الذي يمرّ به الأبطال، وجميعها حركات متقنة ومُوزّعة بالتناوب بين الأبطال للدلالة على مدى تناسقهم وانسجامهم فيما بينهم، وكأن الوجع واحد يهم الجميع وان كان بدرجات متفاوتة، لتكون ملحمة أعمدتها الجسد والموسيقى.

"الصباح" تحدثت إلى مخرج ومؤلف مسرحية "طلقة الرحمة" العراقي محمد مؤيد حول أسباب تفضيله أن يكون العمل صامتا دون اللهجة العراقية أو حتى العربية أو الفصحى أو حتى لهجة بيضاء، إذ قال إن هذا العرض من إعداد فرقة الرقص التعبيري التي تأسست في بغداد منذ سنة 2010 وكانت تضم عضوين فقط في بداية نشأتها ليرتفع العدد متجاوزا الأربعين، مبرزا أن في صمتهم كشف عن الحزن والمستور احتجاجا على الموت المجاني الذي يحدث ليس في العراق فقط بل في المنطقة العربية بأكملها، مبينا أن الأمر يتجاوز الاحتجاج إلى ثورة ضدّ الموت.

وحول دور الرقص التعبيري في تجسيد الواقع بيّن المخرج العراقي أن الرقص التعبيري يعدّ فن الخشبة الحديث واكتسح الساحة.

وأكد مؤيد أنه يتابع المسرح التونسي ومن أكثر المسرحيين الذين يشدّونه المخرج فاضل الجعايبي معبّرا عن اعجابه به، كما أفاد بأن المسرح التونسي من أهم المسارح على المستوى العربي، معبّرا كذلك عن فخره بالمشاركة في أيام قرطاج المسرحية وقدرتهم على ترك بصمة لدى الجمهور التونسي.

  درصاف اللموشي