إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

غزة بإمكانها أن تكون أثرى من دبي !!

ما تحت بحر غزة ليس كما فوقها فالخراب الذي نشاهده اليوم ومظاهر الفقر والبؤس والمعاناة لا يعكس حجم الثروات بالقطاع والتي أشارت لها عديد التقارير

بقلم: ريم بالخذيري

العنوان ليس من قبيل الأمنيات أو التخيلات التي لا سند لها في الواقع انماّ هي الحقيقة التي يدركها الغزّاويين جيدا ويعرفها الإسرائيليون وهذا هو جوهر الصراع الحقيقي في هذه المنطقة الصغيرة الاستراتيجية و العائمة على بحر من الثروة .وكما هو معروف فالحروب يقررها السياسيون و تنفذها الجيوش و يستفيد منها الاقتصاد .

غزة موقع استراتيجي

رغم الموقع الاستراتيجي المهم لقطاع غزة فإنها تعتبر منطقة معزولة نسبيا بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني وتكرار إغلاق حدوده مع مصر. ويمتد القطاع على مساحة 360 كيلومترا مربعا، ويبلغ طوله 41 كيلومترا، ويتراوح عرضه بين 6 و12 كيلومترا، وتحده إسرائيل شمالا وشرقا، والبحر الأبيض المتوسط غربا، ومصر من الجنوب الغربي.

وبناء على آخر الاحصائيات يبلغ عدد السكان في القطاع مليونين و375 ألفا و259 نسمة في 2022

يوجد في غزة 44 تجمعا سكانيا، أهمّها غزة ورفح وخان يونس وبني سهيلا وخزاعة وعبسان الكبيرة وعبسان الجديدة ودير البلح وبيت لاهيا وبيت حانون وجباليا. وتعدّ نسبة البطالة في القطاع الأعلى في العالم حيث تناهز 70بالمائة وذلك بسبب الحصار المفروض عليه كما قلنا.

تاريخيا خضع قطاع غزة الى سلطة الانتداب البريطاني على فلسطين حتى عام 1948 تاريخ إعلان قيام إسرائيل، ثم خضع لحكم عسكري مصري بين عامي 1948 و1956، قبل أن يحتله الجيش الإسرائيلي لمدة خمسة أشهر أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وفي مارس 1957 انسحب فعاد القطاع مجددا إلى الحكم المصري.

وفي حرب 1967 احتل الجيش الإسرائيلي القطاع مرة أخرى مع شبه جزيرة سيناء، وظل تحت الاحتلال حتى سبتمبر 2005، تاريخ الانسحاب الإسرائيلي الذي شمل إخلاء المستوطنات التي كانت قائمة على أرض غزة ، وسيطرت حركة حماس على القطاع يوم 14 جوان 2007 بعد خلافات مع حركة فتح.

غزة الثرية

ما تحت بحر غزة ليس كما فوقها فالخراب الذي نشاهده اليوم ومظاهر الفقر والبؤس والمعاناة لا يعكس حجم الثروات بالقطاع والتي أشارت لها عديد التقارير وأهمها الغاز حيث أكدت وجود ما لا يقل عن ترليون متر مكعب تتوزع بين حقول مستغلة من طرف إسرائيل وأخرى غير مستغلة بعد وأهمها:

في هذا الاطار نشرت مجلة الدراسات الفلسطينية عام 2015، ورقة بحثية أعدها رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، أوضحت أن مخزون الحقول المكتشفة في غزة منذ نهاية التسعينيات تقدر بحوالي 35 مليار متر مكعب، لكن إسرائيل تمنع استغلالها مقابل تعمدها استغلال حقول أخرى في تناقض مع القانون الدولي الذي يؤكد أنه يحق للفلسطينيين استغلال مواردهم الطبيعية، حيث صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة مرات لصالح مشروع قرار بعنوان "السيادة على الموارد الطبيعية" والذي ينص على السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية، وحقه في المطالبة بالتعويض نتيجة لأي خسارة، واستغلال أو استنزاف موارده الطبيعية.

وأهم هذه الحقول حقل "غزة مارين "وهو أول الحقول المكتشفة للغاز الطبيعي على سواحل غزة، في عام 1999 باحتياطي يقدّر ب 32 مليار متر مكعب وليس مستغلا الى اليوم، نتيجة الرفض الإسرائيلي. إضافة الى ''حقل ماري بي'' الذي يقع على الحدود البحرية الشمالية لقطاع غزة، والذي اكتشف عام 2000 وبدأت إسرائيل بالاستحواذ عليه منذ العام 2004 حتى جففته تماما عام 2011 بسعة تبلغ 1.5 ترليون قدم مكعب. بحسب تقرير المركز الفلسطيني للإعلام.

إضافة الى حقل "نوا" المكتشف عام 1999 وبدأت اسرائيل باستغلال الغاز منه عام 2012، حيث وصلت توقعات مخزون الغاز بداخله إلى نحو 3 تريليون قدم مكعب.

كما توجد دراسات جدية تؤكد وجود حقل للغاز في بحر "المنطقة الوسطى" لقطاع غزة، مقابل مخيم النصيرات، ويبعد مئات الأمتار عن الشاطئ لكن هذه التوقعات لم يتم تأكيدها بدراسة مُعلنة وفق المعايير العالمية، نتيجة رفض إسرائيل ادخال الإطار البشري والمعدات اللازمة لذلك.

مفاوضات ومحاولات ابتزاز

هذه الثروة ورغم أنها حق فلسطيني بحت الا أنها تخضع للاحتلال الإسرائيلي وهي بدورها لاتستطيع استغلالها على الوجه الأكمل سوى خلسة لان القانون الدولي كما قلنا يمنع ذلك. وهذا ما أجبر الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على التفاوض مع حركة حماس عبر وسطاء لاستغلال مشترك لهذه الثروة .

وأدت الحرب على أوكرانيا وأزمة الطاقة العالمية اللاحقة، بالإضافة إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، إلى وضع مشروع حقل الغاز البحري في غزة في المقدمة وتسريع جهود الوساطة التي أدت إلى موافقة إسرائيل الأولية على تطويره. لكن هذه الجهود توقفت بسبب الحرب وبسبب تحفّظ حماس على عديد النقاط في مشارع هذه الاتفاقيات والتي تعطي السلطة شبه مطلقة لإسرائيل على هذه الحقول مقابل منح الفلسطينيين الفتات ..

تحجيم غزة

انطلاقا مما ذكرنا من معطيات حول الثروة التي تتربع عليها غزة فانّ أطرافا عالمية تعرقل كل جهود ليتمتع الغزّايون بثرواتهم فهذا سيحولها الى قوة مالية كبرى وسيجعل استقلالها كاملا عن إسرائيل وعن الدول التي تدعمها وتدفع رواتب الموظفين وتقوم بإعمار المدن في القطاع.

ومن هنا نفهم الرغبة الجامحة للغرب وخاصة ألمانيا التي رفض مستشارها أي هدنة في غزة ويدفع بالإسرائيليين لإعادة احتلال القطاع فالغرب يريد تعويض الغاز الروسي بالغاز الفلسطيني ولكن عبر الحنفية الإسرائيلية وليس الغزّاوية .

المحصلة أن هذه الحرب ككلّ الحروب الكبرى عندما يتوقف القصف ويسكت صوت المدافع ستفرز واقع جيواقتصادي مالي إقليمي كبير قد يكون لغزة فيه نصيب الأسد اذا فشل الإسرائيليون في إعادة احتلالها.وقد تصبح مثل دبي اذا ما توفرت لها الشروط الموضوعية لذلك بعد توفر الشروط الطبيعية .

 

 

 

 

 

 

 

 

غزة بإمكانها أن تكون أثرى من دبي !!

ما تحت بحر غزة ليس كما فوقها فالخراب الذي نشاهده اليوم ومظاهر الفقر والبؤس والمعاناة لا يعكس حجم الثروات بالقطاع والتي أشارت لها عديد التقارير

بقلم: ريم بالخذيري

العنوان ليس من قبيل الأمنيات أو التخيلات التي لا سند لها في الواقع انماّ هي الحقيقة التي يدركها الغزّاويين جيدا ويعرفها الإسرائيليون وهذا هو جوهر الصراع الحقيقي في هذه المنطقة الصغيرة الاستراتيجية و العائمة على بحر من الثروة .وكما هو معروف فالحروب يقررها السياسيون و تنفذها الجيوش و يستفيد منها الاقتصاد .

غزة موقع استراتيجي

رغم الموقع الاستراتيجي المهم لقطاع غزة فإنها تعتبر منطقة معزولة نسبيا بسبب الحصار الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني وتكرار إغلاق حدوده مع مصر. ويمتد القطاع على مساحة 360 كيلومترا مربعا، ويبلغ طوله 41 كيلومترا، ويتراوح عرضه بين 6 و12 كيلومترا، وتحده إسرائيل شمالا وشرقا، والبحر الأبيض المتوسط غربا، ومصر من الجنوب الغربي.

وبناء على آخر الاحصائيات يبلغ عدد السكان في القطاع مليونين و375 ألفا و259 نسمة في 2022

يوجد في غزة 44 تجمعا سكانيا، أهمّها غزة ورفح وخان يونس وبني سهيلا وخزاعة وعبسان الكبيرة وعبسان الجديدة ودير البلح وبيت لاهيا وبيت حانون وجباليا. وتعدّ نسبة البطالة في القطاع الأعلى في العالم حيث تناهز 70بالمائة وذلك بسبب الحصار المفروض عليه كما قلنا.

تاريخيا خضع قطاع غزة الى سلطة الانتداب البريطاني على فلسطين حتى عام 1948 تاريخ إعلان قيام إسرائيل، ثم خضع لحكم عسكري مصري بين عامي 1948 و1956، قبل أن يحتله الجيش الإسرائيلي لمدة خمسة أشهر أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وفي مارس 1957 انسحب فعاد القطاع مجددا إلى الحكم المصري.

وفي حرب 1967 احتل الجيش الإسرائيلي القطاع مرة أخرى مع شبه جزيرة سيناء، وظل تحت الاحتلال حتى سبتمبر 2005، تاريخ الانسحاب الإسرائيلي الذي شمل إخلاء المستوطنات التي كانت قائمة على أرض غزة ، وسيطرت حركة حماس على القطاع يوم 14 جوان 2007 بعد خلافات مع حركة فتح.

غزة الثرية

ما تحت بحر غزة ليس كما فوقها فالخراب الذي نشاهده اليوم ومظاهر الفقر والبؤس والمعاناة لا يعكس حجم الثروات بالقطاع والتي أشارت لها عديد التقارير وأهمها الغاز حيث أكدت وجود ما لا يقل عن ترليون متر مكعب تتوزع بين حقول مستغلة من طرف إسرائيل وأخرى غير مستغلة بعد وأهمها:

في هذا الاطار نشرت مجلة الدراسات الفلسطينية عام 2015، ورقة بحثية أعدها رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني، أوضحت أن مخزون الحقول المكتشفة في غزة منذ نهاية التسعينيات تقدر بحوالي 35 مليار متر مكعب، لكن إسرائيل تمنع استغلالها مقابل تعمدها استغلال حقول أخرى في تناقض مع القانون الدولي الذي يؤكد أنه يحق للفلسطينيين استغلال مواردهم الطبيعية، حيث صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة عدة مرات لصالح مشروع قرار بعنوان "السيادة على الموارد الطبيعية" والذي ينص على السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية، وحقه في المطالبة بالتعويض نتيجة لأي خسارة، واستغلال أو استنزاف موارده الطبيعية.

وأهم هذه الحقول حقل "غزة مارين "وهو أول الحقول المكتشفة للغاز الطبيعي على سواحل غزة، في عام 1999 باحتياطي يقدّر ب 32 مليار متر مكعب وليس مستغلا الى اليوم، نتيجة الرفض الإسرائيلي. إضافة الى ''حقل ماري بي'' الذي يقع على الحدود البحرية الشمالية لقطاع غزة، والذي اكتشف عام 2000 وبدأت إسرائيل بالاستحواذ عليه منذ العام 2004 حتى جففته تماما عام 2011 بسعة تبلغ 1.5 ترليون قدم مكعب. بحسب تقرير المركز الفلسطيني للإعلام.

إضافة الى حقل "نوا" المكتشف عام 1999 وبدأت اسرائيل باستغلال الغاز منه عام 2012، حيث وصلت توقعات مخزون الغاز بداخله إلى نحو 3 تريليون قدم مكعب.

كما توجد دراسات جدية تؤكد وجود حقل للغاز في بحر "المنطقة الوسطى" لقطاع غزة، مقابل مخيم النصيرات، ويبعد مئات الأمتار عن الشاطئ لكن هذه التوقعات لم يتم تأكيدها بدراسة مُعلنة وفق المعايير العالمية، نتيجة رفض إسرائيل ادخال الإطار البشري والمعدات اللازمة لذلك.

مفاوضات ومحاولات ابتزاز

هذه الثروة ورغم أنها حق فلسطيني بحت الا أنها تخضع للاحتلال الإسرائيلي وهي بدورها لاتستطيع استغلالها على الوجه الأكمل سوى خلسة لان القانون الدولي كما قلنا يمنع ذلك. وهذا ما أجبر الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة على التفاوض مع حركة حماس عبر وسطاء لاستغلال مشترك لهذه الثروة .

وأدت الحرب على أوكرانيا وأزمة الطاقة العالمية اللاحقة، بالإضافة إلى اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، إلى وضع مشروع حقل الغاز البحري في غزة في المقدمة وتسريع جهود الوساطة التي أدت إلى موافقة إسرائيل الأولية على تطويره. لكن هذه الجهود توقفت بسبب الحرب وبسبب تحفّظ حماس على عديد النقاط في مشارع هذه الاتفاقيات والتي تعطي السلطة شبه مطلقة لإسرائيل على هذه الحقول مقابل منح الفلسطينيين الفتات ..

تحجيم غزة

انطلاقا مما ذكرنا من معطيات حول الثروة التي تتربع عليها غزة فانّ أطرافا عالمية تعرقل كل جهود ليتمتع الغزّايون بثرواتهم فهذا سيحولها الى قوة مالية كبرى وسيجعل استقلالها كاملا عن إسرائيل وعن الدول التي تدعمها وتدفع رواتب الموظفين وتقوم بإعمار المدن في القطاع.

ومن هنا نفهم الرغبة الجامحة للغرب وخاصة ألمانيا التي رفض مستشارها أي هدنة في غزة ويدفع بالإسرائيليين لإعادة احتلال القطاع فالغرب يريد تعويض الغاز الروسي بالغاز الفلسطيني ولكن عبر الحنفية الإسرائيلية وليس الغزّاوية .

المحصلة أن هذه الحرب ككلّ الحروب الكبرى عندما يتوقف القصف ويسكت صوت المدافع ستفرز واقع جيواقتصادي مالي إقليمي كبير قد يكون لغزة فيه نصيب الأسد اذا فشل الإسرائيليون في إعادة احتلالها.وقد تصبح مثل دبي اذا ما توفرت لها الشروط الموضوعية لذلك بعد توفر الشروط الطبيعية .