إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. ترك كلّ شيء وغادر …

 

يرويها: أبوبكر الصغير

ما هو معنى البكاء؟.. البكاء لا يتعلق بالألم حقًا، بل هو تمثيل لألمنا الذي نتعاطف معه كما لو كان لألم شخص آخر.. نبكي لنشعر بالأسف على أنفسنا .

نحن بحاجة في هذه اللحظة الى أن نجفف دموعنا مع الاعتبارات المتعلقة بالنظام المعقول لهذا العالم بما يتضمنه من حركة، وتنفسًا مشتركًا، ومؤامرة حقيقية، ينتج عنها تعاطف يوحد الكائنات حول قضية ما كصفوف الأسنان .

مشاعر الصدمة والذهول والحزن تسكن قلوب الجميع ..مشاهد الكارثة مرعبة ..مئات الجثث ملقاة أمام الجميع، وانهيار مبان، وتضرر ممتلكات الأهالي والمنازل السكنية.

مشهد الجثث هو الأكثر مأساوية رغم أن مشهد البيوت المهدمة والمنازل التي سوّيت بالأرض لا يقل مأساوية، فما تنقله عدسات كاميرات القنوات التلفزيونية التي تجعلنا نعيش حربا على المباشر وعلى مدار الساعة وكذلك الناشطون والمنصات تظهر دمارا شاملا في البنية التحتية وكيف تحوّلت مناطق بأكملها إلى ركام.

نحن نعيش أكبر معركة مدن في القرن الحادي والعشرين. الآباء يكتبون رقم هواتفهم وأسماءهم على أجساد أبنائهم مباشرة على جلودهم. حتى يمكن التعرف عليهم في حالة العثور عليهم جثثا .

لم يعد يحتاج طلاب المدارس الى شهادة، فهي بين أيديهم حصلوا عليها، شهادة الموت.. في هذه الحالة يقهر الموت نفسه لأن المرء هناك شهيد مقرّر مع تأجيل التنفيذ.. إنه أمر مرعب..

شخصيا قررت التوقف عن الأكل.. أنا لا آكل بعد الآن؟

الجميع ينتظر دوره ليموت. ربما سيكون بعد ساعة أو غدا أو بعد غد؟ سوف يحدث في نهاية المطاف ..ماذا عسى يكون موقفنا أمام هذا الموت؟

للوهلة الأولى، يبدو السؤال غريبا جدا. كيف يمكن أن أن يكون لنا موقف من الموت؟ الذي هو الحقيقة الوحيدة الكاملة في الوجود ..

أنا أضحك من الذين يقولون لنا ويعدوننا يوميا أنه بإمكانهم أن يخلصونا من الخوف من الموت والمعاناة من خلال مبادئهم المجردة وشعاراتهم الخاوية وغوغائهم المهرجة والتي يجبروننا أن نقف عندها، كما كانت تفعل الكوميديا: تقليد الأعراف.

هؤلاء المناضلون الأفذاذ والفرسان المقدامون وحاملو المبــادئ والقيم من أجل رخاء الشعوب والبلدان، ونصر الأمة. ليسوا إلا أفرادا يعيشون بطولات ورقية افتراضية، ومعارك دونكشوتية من صنعهم.

نحن جيل ذبحته الشعبوية ذبحا، جيل أثخنت جسده السهام من المسمومة لإيديولوجيات زائفة .

عشنا من قبل لحظات كهذه، كانت أحلامنا كبيرة وطموحاتنا اكبر، عبرنا عن استعدادنا لتقديم كل التضحيات بما في ذلك التنازل عن رفاهيتنا ونمط عيشنا والقناعة بـ"خبز وماء" فقط !.

الحلّ.. ليس كما فعل خليل حاوي صاحب "نهر الرماد" الذي انتحر حين رأى الدبابات الإسرائيلية على مشارف بيروت عام 1982، بل ان يترك المرء كلّ شيء ويغادر القطيع.. بقناعة الاَ يكون أسهل ما في الحياة ولا يكون أصعب ما فيها، بل يكون هو الحياة في أسمى معانيها. أليس في النهاية الأمل هو اليأس من اليأس !.

 

 

 

حكاياتهم  ..  ترك كلّ شيء وغادر …

 

يرويها: أبوبكر الصغير

ما هو معنى البكاء؟.. البكاء لا يتعلق بالألم حقًا، بل هو تمثيل لألمنا الذي نتعاطف معه كما لو كان لألم شخص آخر.. نبكي لنشعر بالأسف على أنفسنا .

نحن بحاجة في هذه اللحظة الى أن نجفف دموعنا مع الاعتبارات المتعلقة بالنظام المعقول لهذا العالم بما يتضمنه من حركة، وتنفسًا مشتركًا، ومؤامرة حقيقية، ينتج عنها تعاطف يوحد الكائنات حول قضية ما كصفوف الأسنان .

مشاعر الصدمة والذهول والحزن تسكن قلوب الجميع ..مشاهد الكارثة مرعبة ..مئات الجثث ملقاة أمام الجميع، وانهيار مبان، وتضرر ممتلكات الأهالي والمنازل السكنية.

مشهد الجثث هو الأكثر مأساوية رغم أن مشهد البيوت المهدمة والمنازل التي سوّيت بالأرض لا يقل مأساوية، فما تنقله عدسات كاميرات القنوات التلفزيونية التي تجعلنا نعيش حربا على المباشر وعلى مدار الساعة وكذلك الناشطون والمنصات تظهر دمارا شاملا في البنية التحتية وكيف تحوّلت مناطق بأكملها إلى ركام.

نحن نعيش أكبر معركة مدن في القرن الحادي والعشرين. الآباء يكتبون رقم هواتفهم وأسماءهم على أجساد أبنائهم مباشرة على جلودهم. حتى يمكن التعرف عليهم في حالة العثور عليهم جثثا .

لم يعد يحتاج طلاب المدارس الى شهادة، فهي بين أيديهم حصلوا عليها، شهادة الموت.. في هذه الحالة يقهر الموت نفسه لأن المرء هناك شهيد مقرّر مع تأجيل التنفيذ.. إنه أمر مرعب..

شخصيا قررت التوقف عن الأكل.. أنا لا آكل بعد الآن؟

الجميع ينتظر دوره ليموت. ربما سيكون بعد ساعة أو غدا أو بعد غد؟ سوف يحدث في نهاية المطاف ..ماذا عسى يكون موقفنا أمام هذا الموت؟

للوهلة الأولى، يبدو السؤال غريبا جدا. كيف يمكن أن أن يكون لنا موقف من الموت؟ الذي هو الحقيقة الوحيدة الكاملة في الوجود ..

أنا أضحك من الذين يقولون لنا ويعدوننا يوميا أنه بإمكانهم أن يخلصونا من الخوف من الموت والمعاناة من خلال مبادئهم المجردة وشعاراتهم الخاوية وغوغائهم المهرجة والتي يجبروننا أن نقف عندها، كما كانت تفعل الكوميديا: تقليد الأعراف.

هؤلاء المناضلون الأفذاذ والفرسان المقدامون وحاملو المبــادئ والقيم من أجل رخاء الشعوب والبلدان، ونصر الأمة. ليسوا إلا أفرادا يعيشون بطولات ورقية افتراضية، ومعارك دونكشوتية من صنعهم.

نحن جيل ذبحته الشعبوية ذبحا، جيل أثخنت جسده السهام من المسمومة لإيديولوجيات زائفة .

عشنا من قبل لحظات كهذه، كانت أحلامنا كبيرة وطموحاتنا اكبر، عبرنا عن استعدادنا لتقديم كل التضحيات بما في ذلك التنازل عن رفاهيتنا ونمط عيشنا والقناعة بـ"خبز وماء" فقط !.

الحلّ.. ليس كما فعل خليل حاوي صاحب "نهر الرماد" الذي انتحر حين رأى الدبابات الإسرائيلية على مشارف بيروت عام 1982، بل ان يترك المرء كلّ شيء ويغادر القطيع.. بقناعة الاَ يكون أسهل ما في الحياة ولا يكون أصعب ما فيها، بل يكون هو الحياة في أسمى معانيها. أليس في النهاية الأمل هو اليأس من اليأس !.

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews