إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تحول إلى نقمة .. "الدمج المدرسي" أثر سلبا على التمدرس

منوبة - الصباح

تشهد مختلف المؤسسات التربوية العمومية في ولاية منوبة من مدارس ابتدائية وإعدادية ومعاهد ثانوية ، والأكيد كغيرها من المؤسسات التربوية بكامل ولايات الجمهورية ، تزايد عدد حالات الدمج المدرسي حيث أصبحت اغلب الأقسام تعج، سيما بالمدارس الابتدائية ، بالتلاميذ من الفئات المستهدفة من ذوي الإعاقة بمختلف أنواعها وأصنافها بما في ذلك من يعانون من اضطرابات التعلم وفرط الحركة وقلة الانتباه وأطفال القمر وذوي الاضطرابات السلوكية والنفسية وغيرها من الحالات.

 تأثيراتها في عملية التمدرس

 فعملية الدمج تحولت من حل إلى مشكل عويص عكر واثر أيما تأثير في السير العادي للتمدرس وعلى نجاح العملية التربوية وهو ما يترجمه تزايد تشكيات الإطار التربوي وأولياء التلاميذ الأسوياء من التجاوزات التي يرتكبها عدد كبير من التلاميذ المدمجين والتي أصبحت تشكل فعلا خطرا محدقا بأترابهم لما يأتونه من أفعال عدوانية وتعد لفظي ومادي عليهم، إلى جانب تعطيل السير العادي للدروس بسبب عدم انضباطهم وحتى تطاولهم على المدرسين.

وفي بعض الحالات هذه الممارسات في أغلبها مفهومة ولها أعذارها باعتبارها وليدة حالات مرضية غير أن ذلك لم يثن بعض الأولياء عن نقل أبنائهم إلى مدارس خاصة وتكبد مصاريف إضافية لضمان ظروف تعلم أكثر هدوء واستقرارا وأمنا. كما لم يمنع الإطار التربوي بأكثر من مؤسسة تربوية بالجهة على غرار المدرسة الابتدائية الحي الجديد بطبربة من رفع إشعارات وشكاوى لدى مصالح المندوبية الجهوية للتربية بمنوبة حول ما يحصل من فوضى داخل قاعات الدرس وخارجها وعدم تمكنهم من السيطرة على الوضع في حضور متزايد لحالات الدمج المدرسي بالأقسام .

إخلال في تقييم مكتسبات التعلم من جهة أخرى ، أدت التقارير والتوجيهات الصادرة عن الأخصائيتين النفسيتين لمندوبية التربية وبسوء فهم لها وسوء تفعيل إلى تخصيص مواضيع اختبارات لا صلة لها بما يتم تدريسه وما يجب اكتسابه من معارف كحد ادنى للانتقال من مستوى تعليمي إلى آخر وهو ما تسبب في ما يشبه النجاح الصوري والآلي لعدد هام من المتعلمين وإفراز جيل جديد من التلاميذ في مستوايات متقدمة دون اقتدار أو إمكانيات تذكر وهو طريق استسهله الكثير من الأولياء لضمان استمرار نجاح أبنائهم من مستوى إلى آخر دون عناء وذلك بالاستظهار بشهادة طبية مسلمة من طبيب نفسي أو من له علاقة بالاختلال المذكورة آنفا وتكوين ملف لدى الأخصائية النفسية تم الانتقال إلى تخصيص الفروض والاختبارات وهو ما يستمر خلال جميع فترات التعلم من الابتدائي إلى الإعدادي إلى الثانوي ليصطدم في نهاية الأمر بامتحان الباكالوريا الموحد دون تخصيص أو تمييز وبذلك تظهر الاعتباطية وغياب الاستراتيجات الواضحة والمدروسة في متابعة الفئات المستهدفة بالدمج المدرسي ومرافقيهم في مختلف محطات حياتهم الدراسية .

 الأسباب والحلول ..

ووفق معطيات تخصلت عليها "الصّباح: تتلقى المندوبية الجهوية للتربية بمنوبة سنويا معدل 2000 مطلب للتعهد النفسي يقع التكفل ب330 من الحالات كمعدل للأخصائي النفسي الواحد يشمل مستويات الابتدائي والإعدادي والثانوي. ويشار إلى توفر أخصائيتين نفسيتين بالجهة ،وتعتبر ولاية منوبة محظوظة من حيث هذا المستوى مقارنة بالنقص الحاصل في هذا الاختصاص في المندوبيات الأخرى التي لا يتعدى عدد الأخصائيين النفسيين بها الأخصائي الواحد وفي حالات أخرى انعدامها تماما، و هو ما يشكل عامل إرهاق و تدن لجودة المرافقة النفسية لمن يحتاجها أمام تزايد وكثرة المطالب المودعة في الغرض لدى مصالح المندوبية. كما يعتبر عنصر التسجيل عن بعد للدخول إلى المدارس الابتدائية معضلة حقيقية في علاقة بالدمج المدرسي حيث لا يتم في هذه العمليات العودة إلى اللجنة الجهوية للدمج المدرسي التي تنظر في مدى توفر شروط الدمج وإعادة النظر في عدد من الحالات وقابلية الدمج في السنة الأولى و ذلك اثر ما تم اتخاذه سابقا في خصوص الدمج بالسنة التحضيرية كما النظر في حالات الدمج الكلي أو الجزئي و أيضا في مسألة اشتراط وجود المرافق من عدمه.

 وأمام كل ما تم التعرض اليه يرى عدد من المعنيين بملف الدمج المدرسي في ولاية منوبة أنه لا يمكن تحقيق نجاح هذه العملية إلا بتوفير عديد العناصر والأسباب التي تساعد على تفعيل المناشير الوزارية الصادرة في هذا الشأن والتي أسقطتها الوزارة على المؤسسات التربوية العمومية وعلى رؤوس المديرين وإطارات التدريس وحتى العملة ووضعتها أمام الأمر الواقع وتحمل كل المسؤولية في إدارة الأمر والسيطرة عليه.

ومن بين أهم هذه العناصر والأسباب ضرورة دعم عدد الأخصائيين النفسيين المكلفين بمتابعة ومراقبة التلاميذ داخل المؤسسات التربوية ، إقرار قانون متابعة خاصة بتحديد هيكل مختص ومكتوم إلى جانب المرافق المدرسي ، ضرورة مراجعة منظومة التكوين المهني ، مراجعة وتقنين الشهائد الطبية التي يتم استغلالها حاليا بشكل غير بريء ، إخضاع المربين بالمؤسسات التربوية الدامجة الى تكوين فعلي وفعال في مجال الدمج المدرسية وكيفية التعامل مع الفئات المستهدفة، ضبط معايير نجاح التلاميذ المعنيين بالدمج المدرسي تتماشى مع مختلف الامتحانات بدءا بالسنة الأولى ابتدائي وصولا إلى الباكالوريا ، إشراك فعلي ومسؤول للولي على مستوى المتابعة والتعهد بمراقبة تناول الأدوية الى غير ذلك ، كما يجب تدعيم اللجان الجهوية للدمج المدرسي بمجموعة متنوعة من الأخصائيين لإضفاء نجاعة أكثر على عملها بحيث تتضمن أخصائي نفسي وطبيب نفسي وأخصائي في تقويم النطق وأخصائي في التأهيل الحركي الوظيفي وطبيب أعصاب وغيرهم .

 وعلى مستوى جهوي فأنه من الضروري استغلال المراكز المختصة بهذه الفئات من ذوي الاحتياجات على غرار مركز الحبيبية بوادي الليل ومركز المهرين بالبطان وما توفره جمعية فرح من خدمات وذلك لضمان مرافقة أكثر جدوى ونفع لمن يحتاجها ومساعدة الأولياء على ذلك باعتبار ارتفاع تكلفة المرافق المدرسي على وجه الخصوص والتي ارتفعت في السنوات القليلة الأخيرة من 400 د شهريا للحالة الواحدة إلى قرابة 1200 د شهريا وهو معلوم مشط جدا يدفع بالكثير من الأولياء إلى التهاون في سلك الطرق الواجب سلكها رغم خصوصية حالاتهم ووضعياتهم النفسية والجسدية داخل المؤسسات التربوية العمومية وسط كل ما يحيط بها من نقائص في هذا المجال وما له من تداعيات سلبية على العملية التربوية بها.

عادل عونلي

 

 

 

 

تحول إلى نقمة ..  "الدمج المدرسي" أثر سلبا على التمدرس

منوبة - الصباح

تشهد مختلف المؤسسات التربوية العمومية في ولاية منوبة من مدارس ابتدائية وإعدادية ومعاهد ثانوية ، والأكيد كغيرها من المؤسسات التربوية بكامل ولايات الجمهورية ، تزايد عدد حالات الدمج المدرسي حيث أصبحت اغلب الأقسام تعج، سيما بالمدارس الابتدائية ، بالتلاميذ من الفئات المستهدفة من ذوي الإعاقة بمختلف أنواعها وأصنافها بما في ذلك من يعانون من اضطرابات التعلم وفرط الحركة وقلة الانتباه وأطفال القمر وذوي الاضطرابات السلوكية والنفسية وغيرها من الحالات.

 تأثيراتها في عملية التمدرس

 فعملية الدمج تحولت من حل إلى مشكل عويص عكر واثر أيما تأثير في السير العادي للتمدرس وعلى نجاح العملية التربوية وهو ما يترجمه تزايد تشكيات الإطار التربوي وأولياء التلاميذ الأسوياء من التجاوزات التي يرتكبها عدد كبير من التلاميذ المدمجين والتي أصبحت تشكل فعلا خطرا محدقا بأترابهم لما يأتونه من أفعال عدوانية وتعد لفظي ومادي عليهم، إلى جانب تعطيل السير العادي للدروس بسبب عدم انضباطهم وحتى تطاولهم على المدرسين.

وفي بعض الحالات هذه الممارسات في أغلبها مفهومة ولها أعذارها باعتبارها وليدة حالات مرضية غير أن ذلك لم يثن بعض الأولياء عن نقل أبنائهم إلى مدارس خاصة وتكبد مصاريف إضافية لضمان ظروف تعلم أكثر هدوء واستقرارا وأمنا. كما لم يمنع الإطار التربوي بأكثر من مؤسسة تربوية بالجهة على غرار المدرسة الابتدائية الحي الجديد بطبربة من رفع إشعارات وشكاوى لدى مصالح المندوبية الجهوية للتربية بمنوبة حول ما يحصل من فوضى داخل قاعات الدرس وخارجها وعدم تمكنهم من السيطرة على الوضع في حضور متزايد لحالات الدمج المدرسي بالأقسام .

إخلال في تقييم مكتسبات التعلم من جهة أخرى ، أدت التقارير والتوجيهات الصادرة عن الأخصائيتين النفسيتين لمندوبية التربية وبسوء فهم لها وسوء تفعيل إلى تخصيص مواضيع اختبارات لا صلة لها بما يتم تدريسه وما يجب اكتسابه من معارف كحد ادنى للانتقال من مستوى تعليمي إلى آخر وهو ما تسبب في ما يشبه النجاح الصوري والآلي لعدد هام من المتعلمين وإفراز جيل جديد من التلاميذ في مستوايات متقدمة دون اقتدار أو إمكانيات تذكر وهو طريق استسهله الكثير من الأولياء لضمان استمرار نجاح أبنائهم من مستوى إلى آخر دون عناء وذلك بالاستظهار بشهادة طبية مسلمة من طبيب نفسي أو من له علاقة بالاختلال المذكورة آنفا وتكوين ملف لدى الأخصائية النفسية تم الانتقال إلى تخصيص الفروض والاختبارات وهو ما يستمر خلال جميع فترات التعلم من الابتدائي إلى الإعدادي إلى الثانوي ليصطدم في نهاية الأمر بامتحان الباكالوريا الموحد دون تخصيص أو تمييز وبذلك تظهر الاعتباطية وغياب الاستراتيجات الواضحة والمدروسة في متابعة الفئات المستهدفة بالدمج المدرسي ومرافقيهم في مختلف محطات حياتهم الدراسية .

 الأسباب والحلول ..

ووفق معطيات تخصلت عليها "الصّباح: تتلقى المندوبية الجهوية للتربية بمنوبة سنويا معدل 2000 مطلب للتعهد النفسي يقع التكفل ب330 من الحالات كمعدل للأخصائي النفسي الواحد يشمل مستويات الابتدائي والإعدادي والثانوي. ويشار إلى توفر أخصائيتين نفسيتين بالجهة ،وتعتبر ولاية منوبة محظوظة من حيث هذا المستوى مقارنة بالنقص الحاصل في هذا الاختصاص في المندوبيات الأخرى التي لا يتعدى عدد الأخصائيين النفسيين بها الأخصائي الواحد وفي حالات أخرى انعدامها تماما، و هو ما يشكل عامل إرهاق و تدن لجودة المرافقة النفسية لمن يحتاجها أمام تزايد وكثرة المطالب المودعة في الغرض لدى مصالح المندوبية. كما يعتبر عنصر التسجيل عن بعد للدخول إلى المدارس الابتدائية معضلة حقيقية في علاقة بالدمج المدرسي حيث لا يتم في هذه العمليات العودة إلى اللجنة الجهوية للدمج المدرسي التي تنظر في مدى توفر شروط الدمج وإعادة النظر في عدد من الحالات وقابلية الدمج في السنة الأولى و ذلك اثر ما تم اتخاذه سابقا في خصوص الدمج بالسنة التحضيرية كما النظر في حالات الدمج الكلي أو الجزئي و أيضا في مسألة اشتراط وجود المرافق من عدمه.

 وأمام كل ما تم التعرض اليه يرى عدد من المعنيين بملف الدمج المدرسي في ولاية منوبة أنه لا يمكن تحقيق نجاح هذه العملية إلا بتوفير عديد العناصر والأسباب التي تساعد على تفعيل المناشير الوزارية الصادرة في هذا الشأن والتي أسقطتها الوزارة على المؤسسات التربوية العمومية وعلى رؤوس المديرين وإطارات التدريس وحتى العملة ووضعتها أمام الأمر الواقع وتحمل كل المسؤولية في إدارة الأمر والسيطرة عليه.

ومن بين أهم هذه العناصر والأسباب ضرورة دعم عدد الأخصائيين النفسيين المكلفين بمتابعة ومراقبة التلاميذ داخل المؤسسات التربوية ، إقرار قانون متابعة خاصة بتحديد هيكل مختص ومكتوم إلى جانب المرافق المدرسي ، ضرورة مراجعة منظومة التكوين المهني ، مراجعة وتقنين الشهائد الطبية التي يتم استغلالها حاليا بشكل غير بريء ، إخضاع المربين بالمؤسسات التربوية الدامجة الى تكوين فعلي وفعال في مجال الدمج المدرسية وكيفية التعامل مع الفئات المستهدفة، ضبط معايير نجاح التلاميذ المعنيين بالدمج المدرسي تتماشى مع مختلف الامتحانات بدءا بالسنة الأولى ابتدائي وصولا إلى الباكالوريا ، إشراك فعلي ومسؤول للولي على مستوى المتابعة والتعهد بمراقبة تناول الأدوية الى غير ذلك ، كما يجب تدعيم اللجان الجهوية للدمج المدرسي بمجموعة متنوعة من الأخصائيين لإضفاء نجاعة أكثر على عملها بحيث تتضمن أخصائي نفسي وطبيب نفسي وأخصائي في تقويم النطق وأخصائي في التأهيل الحركي الوظيفي وطبيب أعصاب وغيرهم .

 وعلى مستوى جهوي فأنه من الضروري استغلال المراكز المختصة بهذه الفئات من ذوي الاحتياجات على غرار مركز الحبيبية بوادي الليل ومركز المهرين بالبطان وما توفره جمعية فرح من خدمات وذلك لضمان مرافقة أكثر جدوى ونفع لمن يحتاجها ومساعدة الأولياء على ذلك باعتبار ارتفاع تكلفة المرافق المدرسي على وجه الخصوص والتي ارتفعت في السنوات القليلة الأخيرة من 400 د شهريا للحالة الواحدة إلى قرابة 1200 د شهريا وهو معلوم مشط جدا يدفع بالكثير من الأولياء إلى التهاون في سلك الطرق الواجب سلكها رغم خصوصية حالاتهم ووضعياتهم النفسية والجسدية داخل المؤسسات التربوية العمومية وسط كل ما يحيط بها من نقائص في هذا المجال وما له من تداعيات سلبية على العملية التربوية بها.

عادل عونلي

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews