مرة أخرى يكون ملف الأملاك المصادرة على طاولة رئيس الجمهورية قيس سعيد وحاضرا في تصريحاته واجتماعاته. كما لم يختلف الموقف من هذا الملف الشائك الذي طال انتظار الحسم فيه رغم الحديث في كل مرة عن ثبوت التلاعب بهذا الملف والحديث في كل مرة عن تجاوزات بالدليل القاطع تستوجب المحاسبة قبل كل شيء والإسراع في إيجاد الحلول النهائية لجملة الأملاك المصادرة .
فقد شدد رئيس الجمهورية قيس سعيد، مساء أول أمس، خلال اجتماعه مع كل من رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزير الداخلية كمال الفقي ووزيرة العدل ليلى جفال ووزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، على "ضرورة ملاحقة كل من تورطوا في مهزلة الأملاك المصادرة لمدة 10 سنوات".
وأقر رئيس الدولة أن "البعض دفع نحو تسوية الأملاك المصادرة مع الأرض وإفلاسها من أجل الاستيلاء عليها"، مجددا التأكيد على ملاحقتهم.
كما تطرق رئيس الجمهورية إلى التجاوزات التي ارتكبتها الكرامة القابضة المؤسسة المشرفة على الأملاك المصادر، قائلا إن "الكرامة القابضة قبضوا الأرواح والأرباح وماذا يفعلون؟" متسائلا "أين الكرامة التي طالب بها الشعب''.
تكرر الاجتماعات
ليست هذه المرة الأولى التي يكون فيها ملف الأملاك المصادرة محور لقاءات وتصريحات الرئيس فقد كان حاضرا باستمرار بنفس الموقف تقريبا لا سيما اعتبار أن الملف طال أكثر من اللازم ويتعين الحسم فيه في أقرب الآجال.
فمنذ سنة تقريبا اجتمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد، بقصر قرطاج، بوزيرة العدل ليلى جفال ووزيرة المالية سهام البوغديري نمصية. وجاء في بلاغ لرئاسة الجمهورية، إن الاجتماع تناول "مسائل متّصلة بالأملاك المصادرة والقضايا التي بقيت في رفوف المحاكم ولم يتمّ البتّ فيها لسنوات وتأجّلت عدّة مرات وبقيت الأوضاع على حالها".
في مناسبة أخرى وعلى وقع الأزمات المالية التي تلاحق بعض المؤسسات الإعلامية المصادرة وخلال زيارة له إلى مقر "دار الصباح" أكد الرئيس حينها على ضرورة وضع حد للأملاك المصادرة، وعدم القبول بالعمل على إفلاسها وتردي أوضاعها حتى يحصل عليها من يعملون من وراء الستار بأبخس الأثمان.
قائلا "يجب وضع حد لمهزلة الأملاك المصادرة التي يتم الحط من قيمتها ليعاد شراؤها من قبل لوبيات ترتع في البلاد أو شركات تتخفي وراءها لوبيات تريد تحطيم البلاد".
المحاسبة
كما عبّر رئيس الجمهورية عن استغرابه من القرار القضائي القاضي ببيع إذاعة "شمس اف ام" المصادرة الى شركة لازالت في طور التكوين واصفا ذلك "بالسابقة"، وأكد الرئيس أيضا "وجود مساع لتطويع القوانين والإجراءات لفائدة من كانوا سببا في الأوضاع التي تعيشها بعض المؤسسات".
تكررت أيضا دعوات الرئيس إلى ضرورة محاسبة من تسببوا في التلاعب بملف الأملاك المصادرة ومن أسهموا في تدمير بعض المؤسسات وإفلاسها. وهو مطلب دعت إليه الكثير من الأطراف التي وقفت على حجم الخراب الذي حل بالعديد من المؤسسات المصادرة التي كانت رائدة في مجالها وتحقق الأرباح واليوم تحولت إلى مؤسسات عاجزة أصبحت عبئا إضافيا على الدولة عوض المساهمة في تمويل الميزانية.
ويستند المطالبون بالمحاسبة إلى جملة من المعطيات وتقارير المراقبة الصادرة عن عديد الجهات الرسمية وغير الرسمية والتي وقفت على سوء التصرف في ملف الأملاك المصادرة ووجود شبهات فساد وتلاعب.
تجاوزات وإخلالات بالجملة
ومن بين هذه التقارير ما صدر مؤخرا عن مرصد رقابة اثر القيام بعملية تقص في مآل الأموال والممتلكات المصادرة. حيث نشر تقريرا مفصلا تضمن تفاصيل التصرف في تلك الأموال والممتلكات مرفوقة بجداول ومعطيات دقيقة .
وطالب مرصد رقابة بمناسبة نشر التقرير بتدقيق شامل في جميع أعمال مختلف الأطراف المتداخلة في عملية التصرف في الأموال والممتلكات المصادرة وخاصة “شركة الكرامة القابضة”. معتبرا أن الموضوع "شائك ومعقد ولا يمكن حله بالشعارات والخطابات وإنما بالقرارات الجريئة". كما أعلن المرصد أنه بصدد "الاستعداد لرفع شكايات لتحميل المسؤوليات والدفاع عن حق الدولة"، وفق نص البلاغ.
وفيما يلي أهم ما جاء في تقرير مرصد رقابة
*العائدات الجملية للتفويت في الأموال والممتلكات المصادرة:
بلغت عائدات التفويت في الأموال والممتلكات المصادرة الى موفى سنة 2021 ما قدره 3000 مليون دينار. 1900 مليون دينار منها فقط تم تحويلها إلى ميزانية الدولة
*التصرف في الأموال المصادرة :
تم مصادرة سيولة نقدية وحسابات بنكية وبريدية بقيمة 144 مليون دينار. كما تمت مصادرة أوراق مالية بلغت عائدات التفويت في جزء منها 171 مليون دينار، بالإضافة الى 14 مليون دينار بعنوان أرباح موزعة.
*المساهمات المصادرة:
تم مصادرة مساهمات في رأس مال 660 شركة. وقد تحصل مرصد رقابة على قائمة تشمل 581 شركة بلغت قيمتها الإسمية أكثر من 500 مليون دينار.
وقد تم التفويت في 25 مساهمة إلى موفى سنة 2021 بمبلغ خام قدره 2331 مليون دينار.
*التصرف في العقارات والمنقولات المصادرة:
بلغ عدد العقارات المصادرة أكثر من 600 عقارا وتشمل قصورا وفيلات وأراضي وضيعات فلاحية وغيرها. وقد تم التفويت في 204 عقارا بقيمة 330 مليون دينار.
كما تمت مصادرة أكثر من 300 سيارة وعربة، تم التفويت في 108 منها بقيمة 5 مليون دينار. بالإضافة الى مراكب وخيول وأثاث ومصوغ وغير ذلك، قيمة التفويت فيها غير متاحة.
*الإطار القانوني لعملية المصادرة وعملية التصرف في الأملاك المصادرة:
تم إرساء منظومة المصادرة على مرحلتين عبر تأسيس لجنة وطنية للمصادرة تحت أنظار وزارة أملاك الدولة بمقتضى المرسوم عدد 13 لسنة 2011 المؤرخ في 14/03/2011 ومهمتها القيام بعملية التقصي في أملاك الأشخاص المعنيين بالمصادرة. ثم تم إحداث “اللجنة الوطنية للتصرف في الأموال والأملاك المتعلقة بالمصادرة أو الاسترجاع لفائدة الدولة”، بموجب المرسوم 68 لسنة 2011 المؤرخ في 14/07/2011 ومهمتها التصرف في الأموال والممتلكات التي صادرتها اللجنة الأولى.
وأدى ذلك التقسيم الى تنازع في الاختصاصات والصلاحيات بين اللجنتين ومشاكل بالجملة أثرت على مردود عملية المصادرة. ولكن التصرف الحقيقي في أغلب الأملاك المصادرة ظل لسنوات طويلة تحت إشراف متصرفين قضائيين تمت تسمية أغلبهم في 2011 بشكل “وقتي” لحين تمكن الدولة من التصرف فيها.
كما عهد إلى “شركة الكرامة القابضة” التصرف في عدد من المساهمات المباشرة وغير المباشرة بغرض تأهيلها والتفويت فيها.
وكان تقرير دائرة المحاسبات عدد 30 قد خلص في باب التصرف في الأموال والممتلكات المصادرة إلى “ضرورة مراجعة في جوانب عدة من حيث الإطار القانوني والتنظيم والتنسيق آليات المتابعة”. ولكن لم تحصل أي مراجعة منذ ذلك الوقت
الإخلالات والتجاوزات في عملية التصرف والتفويت في الأملاك المصادرة:
إخلالات بالجملة رصدناها تسببت في خسارة المجموعة الوطنية لمبالغ وأرصدة كبرى من بين تلك الإخلالات المرصودة:
عدم احترام دليل الإجراءات المتعلق بالتفويت في الممتلكات والمنقولات والمساهمات المصادرة،
إخلالات كبرى على مستوى تقييم وتسوية وضعية العقارات موضوع التفويت مما أدى الى تعطل التصرف فيها أو بيعها بأقل بكثير من قيمتها.
تجاوزات كبيرة في عملية اختيار وتعيين مكاتب الخبرة للمساندة في عملية التفويت، وتضخيم للمستحقات، ما قد يخفي شبهات توجيه وتلاعب.
إفلاس عدد من الشركات المصادرة وتدهور الوضع المالي لعدد آخر وضعف منظومة التصرف القضائي التي أقرت بشكل وقتي وتحولت الى وضع دائم،
خسارة عدد من العقارات لقيمتها بسبب التخريب والسرقة وانعدام الصيانة.
تراجع قيمة عدد كبير من السيارات والعربات نتيجة الإهمال وغياب الصيانة وأحيانا بشكل مقصود لبيعها بأبخس الأثمان. وهناك من حوكم بسبب سوء التصرف فيها.
الضعف الشديد في استخلاص مستحقات الدولة بعنوان أرباح الشركات المصادرة التي تتابعها لجنة التصرف وتلك التي تتعهد بها شركة الكرامة القابضة، حيث لم يتم تحويل مبالغ هامة في حدود 700 مليون دينار في هذا الإطار،
عدم استخلاص مستحقات الدولة بعنوان مداخيل استغلال الضيعات الفلاحية،
غياب معطيات حول العقارات التي أمنها المؤتمنون العدليون ما نتج عنه مواصلة استغلال عدد كبير من العقارات المصادرة دون وجه حق،
تأخير كبير في إصدار قرارات المصادرة إطار تفعيل الفرع الثاني. حيث لم يتم إصدار سوى 470 قرار مصادرة إلى غاية سنة 2021. وهو ما نتج عنه التفويت في عدد كبير من الأموال والممتلكات من طرف المعنيين بالمصادرة دون وجه حق.
نقائص كبرى وتقصير وشبهات شابت الأعمال المنجزة من قبل شركة الكرامة القابضة، التي أحالت إليها لجنة التصرف مجموعة من المساهمات قصد تأهيلها وتطويرها والتفويت فيها في أحسن الظروف. ولكنها لم توفق في الأعمال التي أوكلت اليها بقصد أو بدون قصد ما ترتب عنه عدم تحصيل مداخيل هامة لميزانية الدولة.
وجود تضارب بين الأرقام المضمنة بتقارير دائرة المحاسبات المتعلقة بغلق الميزانية بعنوان عائدات التفويت في الأموال والأملاك المصادرة وتلك المضمنة بتقارير وزارة المالية.
م.ي
تونس-الصباح
مرة أخرى يكون ملف الأملاك المصادرة على طاولة رئيس الجمهورية قيس سعيد وحاضرا في تصريحاته واجتماعاته. كما لم يختلف الموقف من هذا الملف الشائك الذي طال انتظار الحسم فيه رغم الحديث في كل مرة عن ثبوت التلاعب بهذا الملف والحديث في كل مرة عن تجاوزات بالدليل القاطع تستوجب المحاسبة قبل كل شيء والإسراع في إيجاد الحلول النهائية لجملة الأملاك المصادرة .
فقد شدد رئيس الجمهورية قيس سعيد، مساء أول أمس، خلال اجتماعه مع كل من رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزير الداخلية كمال الفقي ووزيرة العدل ليلى جفال ووزيرة المالية سهام البوغديري نمصية، على "ضرورة ملاحقة كل من تورطوا في مهزلة الأملاك المصادرة لمدة 10 سنوات".
وأقر رئيس الدولة أن "البعض دفع نحو تسوية الأملاك المصادرة مع الأرض وإفلاسها من أجل الاستيلاء عليها"، مجددا التأكيد على ملاحقتهم.
كما تطرق رئيس الجمهورية إلى التجاوزات التي ارتكبتها الكرامة القابضة المؤسسة المشرفة على الأملاك المصادر، قائلا إن "الكرامة القابضة قبضوا الأرواح والأرباح وماذا يفعلون؟" متسائلا "أين الكرامة التي طالب بها الشعب''.
تكرر الاجتماعات
ليست هذه المرة الأولى التي يكون فيها ملف الأملاك المصادرة محور لقاءات وتصريحات الرئيس فقد كان حاضرا باستمرار بنفس الموقف تقريبا لا سيما اعتبار أن الملف طال أكثر من اللازم ويتعين الحسم فيه في أقرب الآجال.
فمنذ سنة تقريبا اجتمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد، بقصر قرطاج، بوزيرة العدل ليلى جفال ووزيرة المالية سهام البوغديري نمصية. وجاء في بلاغ لرئاسة الجمهورية، إن الاجتماع تناول "مسائل متّصلة بالأملاك المصادرة والقضايا التي بقيت في رفوف المحاكم ولم يتمّ البتّ فيها لسنوات وتأجّلت عدّة مرات وبقيت الأوضاع على حالها".
في مناسبة أخرى وعلى وقع الأزمات المالية التي تلاحق بعض المؤسسات الإعلامية المصادرة وخلال زيارة له إلى مقر "دار الصباح" أكد الرئيس حينها على ضرورة وضع حد للأملاك المصادرة، وعدم القبول بالعمل على إفلاسها وتردي أوضاعها حتى يحصل عليها من يعملون من وراء الستار بأبخس الأثمان.
قائلا "يجب وضع حد لمهزلة الأملاك المصادرة التي يتم الحط من قيمتها ليعاد شراؤها من قبل لوبيات ترتع في البلاد أو شركات تتخفي وراءها لوبيات تريد تحطيم البلاد".
المحاسبة
كما عبّر رئيس الجمهورية عن استغرابه من القرار القضائي القاضي ببيع إذاعة "شمس اف ام" المصادرة الى شركة لازالت في طور التكوين واصفا ذلك "بالسابقة"، وأكد الرئيس أيضا "وجود مساع لتطويع القوانين والإجراءات لفائدة من كانوا سببا في الأوضاع التي تعيشها بعض المؤسسات".
تكررت أيضا دعوات الرئيس إلى ضرورة محاسبة من تسببوا في التلاعب بملف الأملاك المصادرة ومن أسهموا في تدمير بعض المؤسسات وإفلاسها. وهو مطلب دعت إليه الكثير من الأطراف التي وقفت على حجم الخراب الذي حل بالعديد من المؤسسات المصادرة التي كانت رائدة في مجالها وتحقق الأرباح واليوم تحولت إلى مؤسسات عاجزة أصبحت عبئا إضافيا على الدولة عوض المساهمة في تمويل الميزانية.
ويستند المطالبون بالمحاسبة إلى جملة من المعطيات وتقارير المراقبة الصادرة عن عديد الجهات الرسمية وغير الرسمية والتي وقفت على سوء التصرف في ملف الأملاك المصادرة ووجود شبهات فساد وتلاعب.
تجاوزات وإخلالات بالجملة
ومن بين هذه التقارير ما صدر مؤخرا عن مرصد رقابة اثر القيام بعملية تقص في مآل الأموال والممتلكات المصادرة. حيث نشر تقريرا مفصلا تضمن تفاصيل التصرف في تلك الأموال والممتلكات مرفوقة بجداول ومعطيات دقيقة .
وطالب مرصد رقابة بمناسبة نشر التقرير بتدقيق شامل في جميع أعمال مختلف الأطراف المتداخلة في عملية التصرف في الأموال والممتلكات المصادرة وخاصة “شركة الكرامة القابضة”. معتبرا أن الموضوع "شائك ومعقد ولا يمكن حله بالشعارات والخطابات وإنما بالقرارات الجريئة". كما أعلن المرصد أنه بصدد "الاستعداد لرفع شكايات لتحميل المسؤوليات والدفاع عن حق الدولة"، وفق نص البلاغ.
وفيما يلي أهم ما جاء في تقرير مرصد رقابة
*العائدات الجملية للتفويت في الأموال والممتلكات المصادرة:
بلغت عائدات التفويت في الأموال والممتلكات المصادرة الى موفى سنة 2021 ما قدره 3000 مليون دينار. 1900 مليون دينار منها فقط تم تحويلها إلى ميزانية الدولة
*التصرف في الأموال المصادرة :
تم مصادرة سيولة نقدية وحسابات بنكية وبريدية بقيمة 144 مليون دينار. كما تمت مصادرة أوراق مالية بلغت عائدات التفويت في جزء منها 171 مليون دينار، بالإضافة الى 14 مليون دينار بعنوان أرباح موزعة.
*المساهمات المصادرة:
تم مصادرة مساهمات في رأس مال 660 شركة. وقد تحصل مرصد رقابة على قائمة تشمل 581 شركة بلغت قيمتها الإسمية أكثر من 500 مليون دينار.
وقد تم التفويت في 25 مساهمة إلى موفى سنة 2021 بمبلغ خام قدره 2331 مليون دينار.
*التصرف في العقارات والمنقولات المصادرة:
بلغ عدد العقارات المصادرة أكثر من 600 عقارا وتشمل قصورا وفيلات وأراضي وضيعات فلاحية وغيرها. وقد تم التفويت في 204 عقارا بقيمة 330 مليون دينار.
كما تمت مصادرة أكثر من 300 سيارة وعربة، تم التفويت في 108 منها بقيمة 5 مليون دينار. بالإضافة الى مراكب وخيول وأثاث ومصوغ وغير ذلك، قيمة التفويت فيها غير متاحة.
*الإطار القانوني لعملية المصادرة وعملية التصرف في الأملاك المصادرة:
تم إرساء منظومة المصادرة على مرحلتين عبر تأسيس لجنة وطنية للمصادرة تحت أنظار وزارة أملاك الدولة بمقتضى المرسوم عدد 13 لسنة 2011 المؤرخ في 14/03/2011 ومهمتها القيام بعملية التقصي في أملاك الأشخاص المعنيين بالمصادرة. ثم تم إحداث “اللجنة الوطنية للتصرف في الأموال والأملاك المتعلقة بالمصادرة أو الاسترجاع لفائدة الدولة”، بموجب المرسوم 68 لسنة 2011 المؤرخ في 14/07/2011 ومهمتها التصرف في الأموال والممتلكات التي صادرتها اللجنة الأولى.
وأدى ذلك التقسيم الى تنازع في الاختصاصات والصلاحيات بين اللجنتين ومشاكل بالجملة أثرت على مردود عملية المصادرة. ولكن التصرف الحقيقي في أغلب الأملاك المصادرة ظل لسنوات طويلة تحت إشراف متصرفين قضائيين تمت تسمية أغلبهم في 2011 بشكل “وقتي” لحين تمكن الدولة من التصرف فيها.
كما عهد إلى “شركة الكرامة القابضة” التصرف في عدد من المساهمات المباشرة وغير المباشرة بغرض تأهيلها والتفويت فيها.
وكان تقرير دائرة المحاسبات عدد 30 قد خلص في باب التصرف في الأموال والممتلكات المصادرة إلى “ضرورة مراجعة في جوانب عدة من حيث الإطار القانوني والتنظيم والتنسيق آليات المتابعة”. ولكن لم تحصل أي مراجعة منذ ذلك الوقت
الإخلالات والتجاوزات في عملية التصرف والتفويت في الأملاك المصادرة:
إخلالات بالجملة رصدناها تسببت في خسارة المجموعة الوطنية لمبالغ وأرصدة كبرى من بين تلك الإخلالات المرصودة:
عدم احترام دليل الإجراءات المتعلق بالتفويت في الممتلكات والمنقولات والمساهمات المصادرة،
إخلالات كبرى على مستوى تقييم وتسوية وضعية العقارات موضوع التفويت مما أدى الى تعطل التصرف فيها أو بيعها بأقل بكثير من قيمتها.
تجاوزات كبيرة في عملية اختيار وتعيين مكاتب الخبرة للمساندة في عملية التفويت، وتضخيم للمستحقات، ما قد يخفي شبهات توجيه وتلاعب.
إفلاس عدد من الشركات المصادرة وتدهور الوضع المالي لعدد آخر وضعف منظومة التصرف القضائي التي أقرت بشكل وقتي وتحولت الى وضع دائم،
خسارة عدد من العقارات لقيمتها بسبب التخريب والسرقة وانعدام الصيانة.
تراجع قيمة عدد كبير من السيارات والعربات نتيجة الإهمال وغياب الصيانة وأحيانا بشكل مقصود لبيعها بأبخس الأثمان. وهناك من حوكم بسبب سوء التصرف فيها.
الضعف الشديد في استخلاص مستحقات الدولة بعنوان أرباح الشركات المصادرة التي تتابعها لجنة التصرف وتلك التي تتعهد بها شركة الكرامة القابضة، حيث لم يتم تحويل مبالغ هامة في حدود 700 مليون دينار في هذا الإطار،
عدم استخلاص مستحقات الدولة بعنوان مداخيل استغلال الضيعات الفلاحية،
غياب معطيات حول العقارات التي أمنها المؤتمنون العدليون ما نتج عنه مواصلة استغلال عدد كبير من العقارات المصادرة دون وجه حق،
تأخير كبير في إصدار قرارات المصادرة إطار تفعيل الفرع الثاني. حيث لم يتم إصدار سوى 470 قرار مصادرة إلى غاية سنة 2021. وهو ما نتج عنه التفويت في عدد كبير من الأموال والممتلكات من طرف المعنيين بالمصادرة دون وجه حق.
نقائص كبرى وتقصير وشبهات شابت الأعمال المنجزة من قبل شركة الكرامة القابضة، التي أحالت إليها لجنة التصرف مجموعة من المساهمات قصد تأهيلها وتطويرها والتفويت فيها في أحسن الظروف. ولكنها لم توفق في الأعمال التي أوكلت اليها بقصد أو بدون قصد ما ترتب عنه عدم تحصيل مداخيل هامة لميزانية الدولة.
وجود تضارب بين الأرقام المضمنة بتقارير دائرة المحاسبات المتعلقة بغلق الميزانية بعنوان عائدات التفويت في الأموال والأملاك المصادرة وتلك المضمنة بتقارير وزارة المالية.