إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المخرج المسرحي أنور الشعافي: خيبة كبرى للمسرح التونسي في تجريبي القاهرة الأخير

حوار محسن بن احمد

 

تونس- الصباح

يعد أنور الشعافي احد رواد الفعل المسرحي الباحث عن التطوير والمجتهد بجد من اجل رؤية إبداعية مسرحية جديدة متحركة . رائد ومؤسس التجريب في المسرح التونسي ... عاشق الابتكار والبحث دوما عن الدهشة و" الصدمة " في كل عمل مسرحي يعده ويقدمه... قدر هذا الرجل انه في كل عمل يقدمه يثير الجدل والنقاش ويفتح المجال كبيرا وواسعا للأسئلة والتساؤلات والتخمينات والتأويلات

أنور الشعافي يتنفس ويعيش المسرح بمختلف تفاصيله وفي جرابه ثقافة موسوعية عميقة في كل ما له من علاقة باب الفنون

تابع أنور الشعافي عن بعد مختلف تفاصيل الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ... دورة شاركت فيها تونس لكنها عادت دون تتويج وهو ما يكشفه لنا في هذا اللقاء معه الى جانب البعض من هواجسه المسرحية الأخرى

**تابعت الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عن بعد فكيف كانت بالنسبة لك المشاركة التونسية فيه ؟

-تابعت  مختلف تفاصيل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عن بعد بطريقة " الستريمنغ " ولا اخفي سرا اذا قلت ان المشاركة التونسية في هذا المهرجان الدولي لم تكن في مستوى الإنتظارات رغم وجود مسرحيتين جيدتين : " ما يراوش" لمنير العرقي و" الروبة" لحمادي الوهايبي ويبقى في الاخير تقييم لجان التحكيم فيه الجانب الذاتي وأما معرفيا فيجعلنا نتساءل عن مقاييس التقييم بل عن القيمة المعرفية لأعضاء اللجنة فمسرحية " ما يراوش" مثلا تندرج تماما في مسرح تجريبي معاصر وتوجّه جمالي نلاحظه في مسارح عالمية وهو الاستناد إلى العرائس في عمل مسرحي وليس مسرحية عرائسية كما صنّف عديد النقاد والأكاديميين عن جهل هذه المسرحية.

وأما في الندوة الفكرية فقد تم توجيه الدعوة لصحفية غائبة منذ عقود عن متابعة الحركة المسرحية في تونس فكانت مشاركة مسيئة سِمتها الجهل المعرفي والبعد عن الموضوعية العلمية لذلك فإن دورة تجريبي القاهرة الاخيرة هي دورة للنسيان بالنسبة لمسرحنا.

** هي خيبة كبرى من وجهة نظرك ؟

-فعلا ...خيبة كبيرة على اكثر من مستوى

**حملت لنا الاسابيع الماضية قرار وزارة الشؤون الثقافية بإعادة الاشراف وتنظيم أيام قرطاج المسرحية الى المسرح الوطني ...كيف تقرأ هذا القرار؟

-أيام قرطاج المسرحية ولدت وترعرعت في أحضان المسرح الوطني فقد كان مؤسسها الفني الراحل المنصف السويسي سنة 1983 لذلك فهو الرجوع إلى الاصل والواقع يقول أن الجوانب اللوجستية للمهرجان بقيت في قصر خزندار - مقر المسرح الوطني بالحلفاوين- حيث يتم إنجاز ديكورات المسرحيات المشاركة في المهرجان. بالإضافة إلى توفر تقنيين وحرفيين  في مستوى عال

نتمنى أن تكون هذه العودة مقترنة بعودة ألق المهرجان كما كان : منارة مسرحية يقتدى بها فهو أقدم المهرجانات العربية الحالية وقبل تجريبي القاهرة الذي تأسس سنة 1988 ولا يفوته في القدم سوى مهرجان دمشق المسرحي الذي توقف وكان قد تأسس سنة 1969، مهرجاننا الذي يحمل إسم مدينة قرطاج العريقة يبدو أنه عاد في حجم قيمته إلى حجم جلد ثور، تماما كما تحكي أسطورة تأسيس المدينة، نتمنى أن يرجع القائمون على المهرجان إلى ذكاء عليسة كما روتها الأسطورة.

**تنادى العديد من المسرحيين بضرورة التخلي عن النص كمكون رئيسي للعملية المسرحية لفائدة رؤى  وعناصر حركية وجمالية أخرى..فهل يعني هذا ان النص اصبح مهددا في وجوده ؟

- لا بد من التأكيد أولا أن النص في العرض المسرحي هو مفهوم في صيغة الجمع حيث يتشكّل في عناصر حركية وإيمائية وصوتية وتشكيلية فالديكور نص والالوان نص واداء الممثلين نص ، تلك هي خصوصية المسرح واما من يحصر مفهوم النص في المنطوق اللفظي فهو لم يفهم ماهية المسرح وهم غالبا القادمون من الادب الحاشرون أنفسهم في المسرح. وقد أشرت إلى أن طريقة الكتابة الركحية مثلا بدأت في التلاشي لتحل محلها ما يسمى كتابة كامل الفضاء المسرحي" Écriture de plateau.  "وإذا اردنا لمسرحنا ان يتطور إلى مواصفات عالمية فعلينا ان نطوّر من أدواتنا و رجوعا إلى موضوع النص فالمسرح ينطلق نصا يصبح في العرض نصوصا وما يدوم ويبقى هو النص- المنطلق لأن بقية نصوص العرض زائلة فحتى تصوير العرض يفقد المسرح ماهيته كفن طازج وتصويره خيانة له وهجرة إلى فن آخر.

** المسرح في تونس  اليوم ...هل ظلمته المهرجانات الصيفية ؟

-المسرح في بلدنا مظلوم في كل الفصول وخاصة في الصيف ومهرجاناته التي تفسح المجال للـ"فكاهجية"و الضاربين بالمسرح عرض الحائط وبعضهم اكتسبوا شرعية حصولهم على ديبلومات جامعية في الاختصاص لكنهم خانوا فنّهم من أجل حفنة من الدنانير

المسرح في المهرجانات الصيفية يرفضه مديرو وهيئات بعض هذه المهرجانات بأذواقهم الرديئة وتكريسهم لثقافة التفاهة وهنا من الضروري الانتباه إلى هؤلاء المشرفين على المهرجانات الصيفية وجلّهم يعانون من فقر في مستوى الذوق.

على ركح مسرح قرطاج عند بنائه كانت تعرض في القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد مسرحيات الروماني "سينيكا"والقرطاجي "ترنتيوش" واصبح الآن يعتليه من  يهبّ ويدبّ ولا بد ان  يعود المسرح إلى أركاحه في كل الفصول وفي الصيف بالخصوص إرتقاءً بالذوق والبداية تكون بمراجعة تركيبة المشرفين على المهرجانات وإبعاد أعداء المسرح الراقي.

 

 

المخرج المسرحي أنور الشعافي: خيبة كبرى للمسرح التونسي في تجريبي القاهرة الأخير

حوار محسن بن احمد

 

تونس- الصباح

يعد أنور الشعافي احد رواد الفعل المسرحي الباحث عن التطوير والمجتهد بجد من اجل رؤية إبداعية مسرحية جديدة متحركة . رائد ومؤسس التجريب في المسرح التونسي ... عاشق الابتكار والبحث دوما عن الدهشة و" الصدمة " في كل عمل مسرحي يعده ويقدمه... قدر هذا الرجل انه في كل عمل يقدمه يثير الجدل والنقاش ويفتح المجال كبيرا وواسعا للأسئلة والتساؤلات والتخمينات والتأويلات

أنور الشعافي يتنفس ويعيش المسرح بمختلف تفاصيله وفي جرابه ثقافة موسوعية عميقة في كل ما له من علاقة باب الفنون

تابع أنور الشعافي عن بعد مختلف تفاصيل الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي ... دورة شاركت فيها تونس لكنها عادت دون تتويج وهو ما يكشفه لنا في هذا اللقاء معه الى جانب البعض من هواجسه المسرحية الأخرى

**تابعت الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عن بعد فكيف كانت بالنسبة لك المشاركة التونسية فيه ؟

-تابعت  مختلف تفاصيل مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عن بعد بطريقة " الستريمنغ " ولا اخفي سرا اذا قلت ان المشاركة التونسية في هذا المهرجان الدولي لم تكن في مستوى الإنتظارات رغم وجود مسرحيتين جيدتين : " ما يراوش" لمنير العرقي و" الروبة" لحمادي الوهايبي ويبقى في الاخير تقييم لجان التحكيم فيه الجانب الذاتي وأما معرفيا فيجعلنا نتساءل عن مقاييس التقييم بل عن القيمة المعرفية لأعضاء اللجنة فمسرحية " ما يراوش" مثلا تندرج تماما في مسرح تجريبي معاصر وتوجّه جمالي نلاحظه في مسارح عالمية وهو الاستناد إلى العرائس في عمل مسرحي وليس مسرحية عرائسية كما صنّف عديد النقاد والأكاديميين عن جهل هذه المسرحية.

وأما في الندوة الفكرية فقد تم توجيه الدعوة لصحفية غائبة منذ عقود عن متابعة الحركة المسرحية في تونس فكانت مشاركة مسيئة سِمتها الجهل المعرفي والبعد عن الموضوعية العلمية لذلك فإن دورة تجريبي القاهرة الاخيرة هي دورة للنسيان بالنسبة لمسرحنا.

** هي خيبة كبرى من وجهة نظرك ؟

-فعلا ...خيبة كبيرة على اكثر من مستوى

**حملت لنا الاسابيع الماضية قرار وزارة الشؤون الثقافية بإعادة الاشراف وتنظيم أيام قرطاج المسرحية الى المسرح الوطني ...كيف تقرأ هذا القرار؟

-أيام قرطاج المسرحية ولدت وترعرعت في أحضان المسرح الوطني فقد كان مؤسسها الفني الراحل المنصف السويسي سنة 1983 لذلك فهو الرجوع إلى الاصل والواقع يقول أن الجوانب اللوجستية للمهرجان بقيت في قصر خزندار - مقر المسرح الوطني بالحلفاوين- حيث يتم إنجاز ديكورات المسرحيات المشاركة في المهرجان. بالإضافة إلى توفر تقنيين وحرفيين  في مستوى عال

نتمنى أن تكون هذه العودة مقترنة بعودة ألق المهرجان كما كان : منارة مسرحية يقتدى بها فهو أقدم المهرجانات العربية الحالية وقبل تجريبي القاهرة الذي تأسس سنة 1988 ولا يفوته في القدم سوى مهرجان دمشق المسرحي الذي توقف وكان قد تأسس سنة 1969، مهرجاننا الذي يحمل إسم مدينة قرطاج العريقة يبدو أنه عاد في حجم قيمته إلى حجم جلد ثور، تماما كما تحكي أسطورة تأسيس المدينة، نتمنى أن يرجع القائمون على المهرجان إلى ذكاء عليسة كما روتها الأسطورة.

**تنادى العديد من المسرحيين بضرورة التخلي عن النص كمكون رئيسي للعملية المسرحية لفائدة رؤى  وعناصر حركية وجمالية أخرى..فهل يعني هذا ان النص اصبح مهددا في وجوده ؟

- لا بد من التأكيد أولا أن النص في العرض المسرحي هو مفهوم في صيغة الجمع حيث يتشكّل في عناصر حركية وإيمائية وصوتية وتشكيلية فالديكور نص والالوان نص واداء الممثلين نص ، تلك هي خصوصية المسرح واما من يحصر مفهوم النص في المنطوق اللفظي فهو لم يفهم ماهية المسرح وهم غالبا القادمون من الادب الحاشرون أنفسهم في المسرح. وقد أشرت إلى أن طريقة الكتابة الركحية مثلا بدأت في التلاشي لتحل محلها ما يسمى كتابة كامل الفضاء المسرحي" Écriture de plateau.  "وإذا اردنا لمسرحنا ان يتطور إلى مواصفات عالمية فعلينا ان نطوّر من أدواتنا و رجوعا إلى موضوع النص فالمسرح ينطلق نصا يصبح في العرض نصوصا وما يدوم ويبقى هو النص- المنطلق لأن بقية نصوص العرض زائلة فحتى تصوير العرض يفقد المسرح ماهيته كفن طازج وتصويره خيانة له وهجرة إلى فن آخر.

** المسرح في تونس  اليوم ...هل ظلمته المهرجانات الصيفية ؟

-المسرح في بلدنا مظلوم في كل الفصول وخاصة في الصيف ومهرجاناته التي تفسح المجال للـ"فكاهجية"و الضاربين بالمسرح عرض الحائط وبعضهم اكتسبوا شرعية حصولهم على ديبلومات جامعية في الاختصاص لكنهم خانوا فنّهم من أجل حفنة من الدنانير

المسرح في المهرجانات الصيفية يرفضه مديرو وهيئات بعض هذه المهرجانات بأذواقهم الرديئة وتكريسهم لثقافة التفاهة وهنا من الضروري الانتباه إلى هؤلاء المشرفين على المهرجانات الصيفية وجلّهم يعانون من فقر في مستوى الذوق.

على ركح مسرح قرطاج عند بنائه كانت تعرض في القرنين الثاني والثالث قبل الميلاد مسرحيات الروماني "سينيكا"والقرطاجي "ترنتيوش" واصبح الآن يعتليه من  يهبّ ويدبّ ولا بد ان  يعود المسرح إلى أركاحه في كل الفصول وفي الصيف بالخصوص إرتقاءً بالذوق والبداية تكون بمراجعة تركيبة المشرفين على المهرجانات وإبعاد أعداء المسرح الراقي.

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews