إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رأي.. استشراف المستقبل

 

بقلم أحمد عيسى

يقول المفكر الإداري العظيم "بيتر إف دراكر" الذي يعتبر علما من أعلام الإدارة في العصر الحديث في كتابه الشهير (أفكار دراكر في الإدارة)، خاصة ما قاله في المذكرة الثانية والتي وردت تحت عنوان (استشراف المستقبل)، أن علماء الدراسات المستقبلية يقيسون نجاحاتهم بعدد الأشياء التي توقعوا حدوثها وحدثت بالفعل، ولم يحسبوا تلك الأشياء المهمة التي تحققت ولكنها لم تكن ضمن توقعاتهم.

ربما يتحقق كل ما يقوله مستشرفوا المستقبل، ولكنهم ربما يغفلون أهم الأشياء في الحقائق الواضحة الماثلة أمامهم، والأسوأ من ذلك أنهم قد لا يعيرونها أي اهتمام.

ويتابع دراكر نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن الأخطاء التي تحدث عند توقع المستقبل، فالأشياء المهمة والمميزة دائما ما تكون نتيجة تغيرات في القيم، والمفاهيم والأهداف، أي أنها تكون في الأشياء التي يمكن استنتاجها وليس التنبؤ بها.

ويضيف دراكر، ولكن أهم عمل يمكن أن يقوم به مدير المؤسسة هو تحديد التغيرات التي تطرأ بالفعل، فالتحدي الأساسي الذي يواجه المجتمع بمجاليه الاقتصادي والسياسي هو استغلال هذه التغيرات التي تطرأ بالفعل كفرص سانحة، فالشيء المهم هو توقع المستقبل مما يحدث بالفعل ثم تنمية المناهج التي تمكنه من إدراك وتحليل هذه التغيرات.

ويختم دراكر مذكرته باقتراح إجراء عملي لمدراء المؤسسات التي تبتغي التقدم والترقي: حدد الاتجاهات الرئيسية التي تظهر بالفعل في السوق، واكتب ورقة عن احتمالية استمرار تلك الاتجاهات ومدى تأثيرها على حياتك ومؤسستك.

العالم من حولنا يتحول ويتغير وقد دفع هذا التغير البعض من الخبراء في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من اليهود الأمريكيين للقول "عام 2023: هو نقطة تحول لصالح فلسطين في السياسة الدولية" هذا عنوان مقالة للخبير في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لأكثر من 40 عاما (ميخائيل بلتنيك) نشرت باللغة الإنقليزية على موقع موندويس الأمريكي يوم الجمعة الموافق 18/8/2023.

وقد بنى بلتنيك توقعه هذا تأسيساً على ثلاثة متغيرات، الأول منها يتعلق بحقيقة أن إسرائيل قد كشفت كدولة فصل عنصري "أبارتايد" الوسم الذي تزداد قناعة الرأي العام العالمي بما في ذلك الرأي العام اليهودي في كل لحظة وكل يوم، ويستطرد بلتنيك قائلاً أن المظاهرات التي تحدث أسبوعيا في إسرائيل مطالبة بالديمقراطية ووقف الانقلاب على المؤسسة القضائية، تؤكد أن إسرائيل هي دولة عنصرية، لا سيما وأنها تطالب بالديمقراطية لمواطنيها اليهود فقط، حيث لا تسمح للمواطنين الفلسطينيين بالصعود لمنصة الخطابة والمطالبة بحقوقهم.

وتجدر لإشارة في هذا الشأن لحقيقة أن اقتران اسم إسرائيل بالأبارتايد على الشبكة العنكبوتية يزيد عن 11 مليون مرة في الأسبوع الواحد طبقاً لموقع سيمراش (Semrush)، في حين أن عدد هذا الاقتران لم يتجاوز 50 مرة في الفترة الممتدة من العام 1948 حتى العام 2000 حسب مذكرة نشرتها مجلة تقييم إستراتيجي الصادرة عن معهد إسرائيل لدراسات الأمن القومي قبل سبع سنوات.

أما المتغير الثاني فيدور حول التغيرات الدراماتيكية الأخذة بالازدياد على صعيد الحزب الديمقراطي ودعمه لإسرائيل، إذ تظهر تقارير أخرى أنه لم يبق داعماً لإسرائيل في هرم قيادة الحزب، إلا رأس الهرم فقط أما قاعدته ووسطه فقد حسموا أمرهم نحو إسرائيل، ومن المتوقع أن يحسم هذا الأمر بالكامل لصالح الحق الفلسطيني خلال عقد من الزمان.

ويتعلق المتغير الثالث بصعود الصين ونهاية حقبة القطب الواحد، ومطالبتها أي الصين وشركائها من القوى الصاعدة لقيادة النظام العالمي برفع الظلم عن الشعب الفلسطيني، الأمر الذي تجلى أيما تجلي في البيان الختامي لقمة بريكس قبل عدة ايام.

في الختام أجادل أن الشعب الفلسطيني لا يخفى عليه، لا سيما في هذه اللحظة من الزمن "أن العدل وحده لا يسير عجلات التاريخ"، كما قال شاعرنا العظيم محمود درويش في ثيقة إعلان استقلال فلسطين العام 1988، ولا يخفى كذلك على حركة فتح صاحبة الوطنية الفلسطينية، وقيادتها وقد أعلنت قرارها بعقد مؤتمرها الثامن في نهاية العام الجاري، أن استغلال واستثمار ما تنطوي عليه التغيرات في البيئة الإستراتيجية الفلسطينية من فرص تفرض عليها عدم إنتاج الماضي واختيار المؤهلين الأكفاء القادرين على فهم وإدراك اللحظة والبناء على ما قاله (ميخائيل بلتنيك) في مقالته.

رأي..   استشراف المستقبل

 

بقلم أحمد عيسى

يقول المفكر الإداري العظيم "بيتر إف دراكر" الذي يعتبر علما من أعلام الإدارة في العصر الحديث في كتابه الشهير (أفكار دراكر في الإدارة)، خاصة ما قاله في المذكرة الثانية والتي وردت تحت عنوان (استشراف المستقبل)، أن علماء الدراسات المستقبلية يقيسون نجاحاتهم بعدد الأشياء التي توقعوا حدوثها وحدثت بالفعل، ولم يحسبوا تلك الأشياء المهمة التي تحققت ولكنها لم تكن ضمن توقعاتهم.

ربما يتحقق كل ما يقوله مستشرفوا المستقبل، ولكنهم ربما يغفلون أهم الأشياء في الحقائق الواضحة الماثلة أمامهم، والأسوأ من ذلك أنهم قد لا يعيرونها أي اهتمام.

ويتابع دراكر نحن هنا لسنا بصدد الحديث عن الأخطاء التي تحدث عند توقع المستقبل، فالأشياء المهمة والمميزة دائما ما تكون نتيجة تغيرات في القيم، والمفاهيم والأهداف، أي أنها تكون في الأشياء التي يمكن استنتاجها وليس التنبؤ بها.

ويضيف دراكر، ولكن أهم عمل يمكن أن يقوم به مدير المؤسسة هو تحديد التغيرات التي تطرأ بالفعل، فالتحدي الأساسي الذي يواجه المجتمع بمجاليه الاقتصادي والسياسي هو استغلال هذه التغيرات التي تطرأ بالفعل كفرص سانحة، فالشيء المهم هو توقع المستقبل مما يحدث بالفعل ثم تنمية المناهج التي تمكنه من إدراك وتحليل هذه التغيرات.

ويختم دراكر مذكرته باقتراح إجراء عملي لمدراء المؤسسات التي تبتغي التقدم والترقي: حدد الاتجاهات الرئيسية التي تظهر بالفعل في السوق، واكتب ورقة عن احتمالية استمرار تلك الاتجاهات ومدى تأثيرها على حياتك ومؤسستك.

العالم من حولنا يتحول ويتغير وقد دفع هذا التغير البعض من الخبراء في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من اليهود الأمريكيين للقول "عام 2023: هو نقطة تحول لصالح فلسطين في السياسة الدولية" هذا عنوان مقالة للخبير في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لأكثر من 40 عاما (ميخائيل بلتنيك) نشرت باللغة الإنقليزية على موقع موندويس الأمريكي يوم الجمعة الموافق 18/8/2023.

وقد بنى بلتنيك توقعه هذا تأسيساً على ثلاثة متغيرات، الأول منها يتعلق بحقيقة أن إسرائيل قد كشفت كدولة فصل عنصري "أبارتايد" الوسم الذي تزداد قناعة الرأي العام العالمي بما في ذلك الرأي العام اليهودي في كل لحظة وكل يوم، ويستطرد بلتنيك قائلاً أن المظاهرات التي تحدث أسبوعيا في إسرائيل مطالبة بالديمقراطية ووقف الانقلاب على المؤسسة القضائية، تؤكد أن إسرائيل هي دولة عنصرية، لا سيما وأنها تطالب بالديمقراطية لمواطنيها اليهود فقط، حيث لا تسمح للمواطنين الفلسطينيين بالصعود لمنصة الخطابة والمطالبة بحقوقهم.

وتجدر لإشارة في هذا الشأن لحقيقة أن اقتران اسم إسرائيل بالأبارتايد على الشبكة العنكبوتية يزيد عن 11 مليون مرة في الأسبوع الواحد طبقاً لموقع سيمراش (Semrush)، في حين أن عدد هذا الاقتران لم يتجاوز 50 مرة في الفترة الممتدة من العام 1948 حتى العام 2000 حسب مذكرة نشرتها مجلة تقييم إستراتيجي الصادرة عن معهد إسرائيل لدراسات الأمن القومي قبل سبع سنوات.

أما المتغير الثاني فيدور حول التغيرات الدراماتيكية الأخذة بالازدياد على صعيد الحزب الديمقراطي ودعمه لإسرائيل، إذ تظهر تقارير أخرى أنه لم يبق داعماً لإسرائيل في هرم قيادة الحزب، إلا رأس الهرم فقط أما قاعدته ووسطه فقد حسموا أمرهم نحو إسرائيل، ومن المتوقع أن يحسم هذا الأمر بالكامل لصالح الحق الفلسطيني خلال عقد من الزمان.

ويتعلق المتغير الثالث بصعود الصين ونهاية حقبة القطب الواحد، ومطالبتها أي الصين وشركائها من القوى الصاعدة لقيادة النظام العالمي برفع الظلم عن الشعب الفلسطيني، الأمر الذي تجلى أيما تجلي في البيان الختامي لقمة بريكس قبل عدة ايام.

في الختام أجادل أن الشعب الفلسطيني لا يخفى عليه، لا سيما في هذه اللحظة من الزمن "أن العدل وحده لا يسير عجلات التاريخ"، كما قال شاعرنا العظيم محمود درويش في ثيقة إعلان استقلال فلسطين العام 1988، ولا يخفى كذلك على حركة فتح صاحبة الوطنية الفلسطينية، وقيادتها وقد أعلنت قرارها بعقد مؤتمرها الثامن في نهاية العام الجاري، أن استغلال واستثمار ما تنطوي عليه التغيرات في البيئة الإستراتيجية الفلسطينية من فرص تفرض عليها عدم إنتاج الماضي واختيار المؤهلين الأكفاء القادرين على فهم وإدراك اللحظة والبناء على ما قاله (ميخائيل بلتنيك) في مقالته.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews