لا داعي لتصدير ما حدث في مهرجان الرمال مع احمد سعد إلى مهرجان قرطاج
"جماهيرية" راغب علامة و"ما تدره على المهرجان من أرباح" وراء تكرار برمجته
تونس-الصباح
انعقدت مساء أول أمس الندوة الصحفية الخاصة بالدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي بالمتحف الوطني بقرطاج.. لقاء سبقته جولة موسيقية مع عازف الكمنجة حمزة اوبا الذي أضفى على الأجواء طابعا تاريخيا ساحرا عانق تاريخ الثقافة القرطاجية، قرطاج أرض الحضارات وأيقونة المتوسط..
الندوة الصحفية حضرها ثلة من الصحفيين والفنانين الموجودين ضمن البرمجة الرسمية على غرار عبد الرحمان العيادي ورؤوف ماهر و"فيبا" وربيع الزموري وفاضل الجزيري وغيرهم.. كذلك بعض الفنانين الذين لم تقبل ملفاتهم ومشاريعهم الفنية هذا الموسم مثل الفنان صلاح مصباح الذي قاطع مداخلة مدير المهرجان كمال الفرجاني أثناء إجابته على إحدى الأسئلة حول برمجة الفنان اللبناني راغب علامة خلال سنوات متعاقبة، معبرا عن استيائه وامتعاضه من فلسفة البرمجة وإقصاء قامات الفن التونسي قائلا: " علاه راغب خير مني؟!! وما كان لمدير المهرجان كمال الفرجاني إلا أن حاججه بشعبية الفنان والقاعدة الجماهيرية الكبيرة التي يحظى بها في تونس وخارجها اضافة إلى المرابيح المالية التي تُدر في خزينة المهرجان كلما كان من بين المبرمجين..
ولئن بدا الفنان صلاح مصباح مشاكسا كعادته من خلال مواقفه وردود أفعاله، فإن مداخلته أمس كانت بمثابة وضع الإصبع على مكمن الداء وتسليط الضوء على مقاييس انتقاء الفنانين دون الاخذ بعين الاعتبار مدى أهمية وعراقة مهرجان قرطاج، هذا الصرح الثقافي الكبير -وهو ما ذهب إليه صحفيون أمس أثناء أغلب المداخلات-..
لكن الأمر بدا واضحا منذ أن استهل مدير المهرجان كمال الفرجاني كلمته إثر مداخلة مديرة المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية هند المقراني حيث كان محور كلامه إنجاح المهرجان من خلال اعتماد أسماء نجوم تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة على المستوى العربي والدولي دون الخوض والحديث عن العروض القيمة والثرية التي من شأنها أن ترتقي بذوق المتقبل وأن تحترم عراقة مهرجان قرطاج الدولي، ليس تهاونا منه -حسب قوله- بل محاولة لإرضاء جل الأذواق مع مراعاة الجانب الربحي للمهرجان.. وقد ذكّر كمال الفرجاني الحضور بأنه موسيقي بالاساس و"في حال استجاب لذائقته ستكون الكارثة من حيث الإقبال الجماهيري".. لأنه يعي جيدا -حسب قوله- مدى تأثير القاعدة الجماهيرية ووقعها على نجاح العروض..
مدير المهرجان تطرق أيضا الى العديد من النقاط التي تخص الدورة الفارطة وعبر عن رضائه على البرمجة وعلى الاستراتيجية المعتمدة في الدورة 56 من خلال رسوم بيانية وإحصائيات تهم المداخيل الجملية من بيع التذاكر ومعدل مداخيل السهرة الواحدة الى جانب العدد الجملي للجماهير التي واكبت مختلف السهرات فضلا عن التمكن من تحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة في أن تكون الدورة تونسية بالاساس دولية بامتياز..
أرقام وإحصائيات عرضت على الشاشة الكبرى جسدت نسبا مقبولة تتعلق بالملامح العامة لدورات سابقة، ليبين فيما بعد أن الدورة 57 تتضمن 15عرضا تونسيا، 8عروض عربية و8عروض من سائر بلدان العالم. أما العروض الحصرية فقد مثلت 88 بالمائة من البرمجة فيما تمثل العروض التونسية 48 بالمائة..
ورغم حديثه عن اعتماد سينوغرافيا جديدة خلال عروض الدورة 57 من مؤثرات ضوئية عالية الجودة ومؤثرات صوتية معاصرة وغيرها من العديد من طرق استقطاب الجماهير ستظل العديد من التساؤلات عالقة في الأذهان لعل أبرزها تلك التي تتعلق بقيمة المهرجانات وجدواها في التنمية الثقافية وضرورة إعادة هيكلة المهرجانات بطرق تجعلها أكثر إفادة وإشعاعا في ظل تحرر الممارسة الثقافية..
ذلك أننا وبالعودة إلى برنامج الدورة 57 لمهرجان قرطاج ، رغم تنوعه، نتأكد أنّ الغاية مادية مقابل توفير عنصر الترفيه وإرضاء أعلى النسب من الجماهير، إذ كيف لعرضي "محفل" و"زيارة" على سبيل المثال أن يكونا في نفس المهرجان والحال أنهما يمثلان نفس العالم الموسيقي والصوفي من آلات موسيقية ومدح وذكر الأقطاب إضافة إلى محاولة ملامسة جذور التراث الموسيقي التونسي بروح عصرية واستعمال تقنيات حديثة على المستويين الإبداعي والفرجوي..الإجابة طبعا هي ما أسلفنا ذكره في إطار الحديث عن فلسفة المهرجان وهو استقطاب أكثر عدد من الجماهير وإن بدا الأمر غير منطقي، ثم إن الساهرين عن اختيار العروض يدركون جيدا أن نسبة كبيرة من التونسيين من مختلف الفئات العمرية يميلون إلى تلك العروض رغم برمجتها في العديد من المهرجانات.. والحال أنه كان من الأجدر برمجة عرض آخر بدل "الزيارة" أو محفل" يتماشى وعراقة التظاهرة..
ملاحظات نسوقها كذلك فيما يخص العروض الكوميدية أو عروض "الراب" التونسي.. فعرض "فيزا" لكريم الغربي وعرض نوردو رغم أنه من المنتظر أن يستقطبا جماهيرا غفيرة إلا أنهما مقارنة بالعديد من العروض الاخرى سيحدثان خللا على مستوى التوازن الفني، إذ من غير المعقول -وبعيدا عن الشعبوية- أن يكون مثلا الفنان كريم الغربي رغم موهبته وتالقه في العديد من المهرجانات أن يكون مع "التريو" التركي حسنو وهايتاتشواسماعيلو في نفس المهرجان، كذلك نوردو وإن كان له البومات وتجارب ثرية خارج البلاد.. فالفنانان التونسيان -ولسنا هنا بصدد تقزيم الكفاءات الفنية- لهما من الوقت مستقبلا لإثبات أنهما جديران بأن يعتليا مسرح قرطاج لا بما يقدمانه مؤخرا بل عن طريق تطوير أعمالهما والحرص على جودتها أكثر لأنهما يتمتعان بخصال فنية من شأنها أن تجعلهما في صفوف النجوم الكبار....
تجدر الإشارة في إطار الحديث عن أهم ما جاء في الندوة الصحفية الخاصة بالدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي إلى أن مدير الدورة كمال الفرجاني أكد على أهمية اللامركزية ودعمها حيث سيكون المهرجان ضيف المهرجان الدولي بالقصرين فضلا عن استضافة مختلف الفئات العمرية من العديد من المناطق من جمعيات ومؤسسات عناية المسنين والنساء والمعاملات بالقطاع الفلاحي، إضافة إلى التعاون مع وزارة البيئة وتهيئة الفضاءات الخضراء الخاصة بالمسرح الاثري والفضاءات المحيطة به الى جانب الومضات الإشهارية التحسيسية قبل العروض الفنية.
وليد عبداللاوي
لا داعي لتصدير ما حدث في مهرجان الرمال مع احمد سعد إلى مهرجان قرطاج
"جماهيرية" راغب علامة و"ما تدره على المهرجان من أرباح" وراء تكرار برمجته
تونس-الصباح
انعقدت مساء أول أمس الندوة الصحفية الخاصة بالدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي بالمتحف الوطني بقرطاج.. لقاء سبقته جولة موسيقية مع عازف الكمنجة حمزة اوبا الذي أضفى على الأجواء طابعا تاريخيا ساحرا عانق تاريخ الثقافة القرطاجية، قرطاج أرض الحضارات وأيقونة المتوسط..
الندوة الصحفية حضرها ثلة من الصحفيين والفنانين الموجودين ضمن البرمجة الرسمية على غرار عبد الرحمان العيادي ورؤوف ماهر و"فيبا" وربيع الزموري وفاضل الجزيري وغيرهم.. كذلك بعض الفنانين الذين لم تقبل ملفاتهم ومشاريعهم الفنية هذا الموسم مثل الفنان صلاح مصباح الذي قاطع مداخلة مدير المهرجان كمال الفرجاني أثناء إجابته على إحدى الأسئلة حول برمجة الفنان اللبناني راغب علامة خلال سنوات متعاقبة، معبرا عن استيائه وامتعاضه من فلسفة البرمجة وإقصاء قامات الفن التونسي قائلا: " علاه راغب خير مني؟!! وما كان لمدير المهرجان كمال الفرجاني إلا أن حاججه بشعبية الفنان والقاعدة الجماهيرية الكبيرة التي يحظى بها في تونس وخارجها اضافة إلى المرابيح المالية التي تُدر في خزينة المهرجان كلما كان من بين المبرمجين..
ولئن بدا الفنان صلاح مصباح مشاكسا كعادته من خلال مواقفه وردود أفعاله، فإن مداخلته أمس كانت بمثابة وضع الإصبع على مكمن الداء وتسليط الضوء على مقاييس انتقاء الفنانين دون الاخذ بعين الاعتبار مدى أهمية وعراقة مهرجان قرطاج، هذا الصرح الثقافي الكبير -وهو ما ذهب إليه صحفيون أمس أثناء أغلب المداخلات-..
لكن الأمر بدا واضحا منذ أن استهل مدير المهرجان كمال الفرجاني كلمته إثر مداخلة مديرة المؤسسة الوطنية لتنمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية هند المقراني حيث كان محور كلامه إنجاح المهرجان من خلال اعتماد أسماء نجوم تحظى بمتابعة جماهيرية واسعة على المستوى العربي والدولي دون الخوض والحديث عن العروض القيمة والثرية التي من شأنها أن ترتقي بذوق المتقبل وأن تحترم عراقة مهرجان قرطاج الدولي، ليس تهاونا منه -حسب قوله- بل محاولة لإرضاء جل الأذواق مع مراعاة الجانب الربحي للمهرجان.. وقد ذكّر كمال الفرجاني الحضور بأنه موسيقي بالاساس و"في حال استجاب لذائقته ستكون الكارثة من حيث الإقبال الجماهيري".. لأنه يعي جيدا -حسب قوله- مدى تأثير القاعدة الجماهيرية ووقعها على نجاح العروض..
مدير المهرجان تطرق أيضا الى العديد من النقاط التي تخص الدورة الفارطة وعبر عن رضائه على البرمجة وعلى الاستراتيجية المعتمدة في الدورة 56 من خلال رسوم بيانية وإحصائيات تهم المداخيل الجملية من بيع التذاكر ومعدل مداخيل السهرة الواحدة الى جانب العدد الجملي للجماهير التي واكبت مختلف السهرات فضلا عن التمكن من تحقيق المعادلة الصعبة المتمثلة في أن تكون الدورة تونسية بالاساس دولية بامتياز..
أرقام وإحصائيات عرضت على الشاشة الكبرى جسدت نسبا مقبولة تتعلق بالملامح العامة لدورات سابقة، ليبين فيما بعد أن الدورة 57 تتضمن 15عرضا تونسيا، 8عروض عربية و8عروض من سائر بلدان العالم. أما العروض الحصرية فقد مثلت 88 بالمائة من البرمجة فيما تمثل العروض التونسية 48 بالمائة..
ورغم حديثه عن اعتماد سينوغرافيا جديدة خلال عروض الدورة 57 من مؤثرات ضوئية عالية الجودة ومؤثرات صوتية معاصرة وغيرها من العديد من طرق استقطاب الجماهير ستظل العديد من التساؤلات عالقة في الأذهان لعل أبرزها تلك التي تتعلق بقيمة المهرجانات وجدواها في التنمية الثقافية وضرورة إعادة هيكلة المهرجانات بطرق تجعلها أكثر إفادة وإشعاعا في ظل تحرر الممارسة الثقافية..
ذلك أننا وبالعودة إلى برنامج الدورة 57 لمهرجان قرطاج ، رغم تنوعه، نتأكد أنّ الغاية مادية مقابل توفير عنصر الترفيه وإرضاء أعلى النسب من الجماهير، إذ كيف لعرضي "محفل" و"زيارة" على سبيل المثال أن يكونا في نفس المهرجان والحال أنهما يمثلان نفس العالم الموسيقي والصوفي من آلات موسيقية ومدح وذكر الأقطاب إضافة إلى محاولة ملامسة جذور التراث الموسيقي التونسي بروح عصرية واستعمال تقنيات حديثة على المستويين الإبداعي والفرجوي..الإجابة طبعا هي ما أسلفنا ذكره في إطار الحديث عن فلسفة المهرجان وهو استقطاب أكثر عدد من الجماهير وإن بدا الأمر غير منطقي، ثم إن الساهرين عن اختيار العروض يدركون جيدا أن نسبة كبيرة من التونسيين من مختلف الفئات العمرية يميلون إلى تلك العروض رغم برمجتها في العديد من المهرجانات.. والحال أنه كان من الأجدر برمجة عرض آخر بدل "الزيارة" أو محفل" يتماشى وعراقة التظاهرة..
ملاحظات نسوقها كذلك فيما يخص العروض الكوميدية أو عروض "الراب" التونسي.. فعرض "فيزا" لكريم الغربي وعرض نوردو رغم أنه من المنتظر أن يستقطبا جماهيرا غفيرة إلا أنهما مقارنة بالعديد من العروض الاخرى سيحدثان خللا على مستوى التوازن الفني، إذ من غير المعقول -وبعيدا عن الشعبوية- أن يكون مثلا الفنان كريم الغربي رغم موهبته وتالقه في العديد من المهرجانات أن يكون مع "التريو" التركي حسنو وهايتاتشواسماعيلو في نفس المهرجان، كذلك نوردو وإن كان له البومات وتجارب ثرية خارج البلاد.. فالفنانان التونسيان -ولسنا هنا بصدد تقزيم الكفاءات الفنية- لهما من الوقت مستقبلا لإثبات أنهما جديران بأن يعتليا مسرح قرطاج لا بما يقدمانه مؤخرا بل عن طريق تطوير أعمالهما والحرص على جودتها أكثر لأنهما يتمتعان بخصال فنية من شأنها أن تجعلهما في صفوف النجوم الكبار....
تجدر الإشارة في إطار الحديث عن أهم ما جاء في الندوة الصحفية الخاصة بالدورة 57 لمهرجان قرطاج الدولي إلى أن مدير الدورة كمال الفرجاني أكد على أهمية اللامركزية ودعمها حيث سيكون المهرجان ضيف المهرجان الدولي بالقصرين فضلا عن استضافة مختلف الفئات العمرية من العديد من المناطق من جمعيات ومؤسسات عناية المسنين والنساء والمعاملات بالقطاع الفلاحي، إضافة إلى التعاون مع وزارة البيئة وتهيئة الفضاءات الخضراء الخاصة بالمسرح الاثري والفضاءات المحيطة به الى جانب الومضات الإشهارية التحسيسية قبل العروض الفنية.