من أحبّ المواد الدراسية إلى قلبي وعقلي مادة التاريخ، فقد كنت استمتع بالدرس في هذه المادة وأعيش من خلال أحداث التاريخ عوالم أخرى وأحداثا في أزمان مختلفة، لكن القاسم المشترك بينها الصراع في مختلف مستوياته سواء على السلطة أو الثروة أو غيرها من المكاسب الأخرى، وقد كنت ولا أزال من أشد المدافعين على تثمين هذه المادة التعليمية وايلاءها ما تستحق من عناية من خلال الرفع في ضاربها حتى تكون التنافسية فيها أكثر والاهتمام بها من قبل التلاميذ أكبر.
ولأن التاريخ لمن يتمعن فيه حقل يعج بالدلالات التي قد لا تكتفي بالإخبار عما فات بل أيضا فهم اللحظة الراهنة وحتى استشراف المستقبل فقد كانت الكثير من أحداث هذا التاريخ تشدني، وآخر ما شدني من أحداث هذا التاريخ ما قرأت عن الخلاف بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ووزير دفاعه سنة 1981 المشير أحمد بدوي، فقد ذكرت بعض المصادر أن السادات دعا وزير دفاعه يوما إلى القصر ومدّه بقائمة اسمية لعدد من كبار الضباط داعيا إياه إلى تسريحهم من الخدمة العسكرية، لكن المشير رفض ذلك بتعلة أن معظم هؤلاء الضباط يتمتعون بسجل عسكري ناصع ولا يمكن الاستغناء عن خدماتهم بجرة قلم حتى وإن كانت من رئيس الدولة، وهو ما أثار غضب الرئيس السادات وجعل علاقاته بوزير دفاعه تعرف فتورا غير مسبوق، ومما زاد في اتساع دائرة الفتور أن جيهان زوجة الرئيس السادات طالبت بتغيير لون الزي العسكري للجيش المصري، وتقول المصادر أن المشير البدوي رفض ذلك خاصة بعد أن أجرى عملية تدقيق اتضح له من خلالها أن الأمر يتعلق بمصالح شخصية تتداخل فيها عديد الأطراف بغية تحقيق مكاسب مالية.
ماذا حصل بعد ذلك؟ يوم 2 مارس 1981 وبعد زيارة تفقدية إلى إحدى المناطق العسكرية تعرضت الطائرة التي كانت تقل المشير و13 عسكريا من القيادات العسكرية الكبرى إلى حادث انجر عنه وفاة المشير ومن كان معهم إلا 5 أفراد منهم سكرتير وزير الدفاع وأربعة أفراد هم طاقم الطائرة وهو ما خلف عديد الأسئلة عن هذا الحادث وعن نجاة طاقم الطائرة خاصة وأن الطائرة من النوع الذي لا يفتح لها باب من الداخل وأن قمرة القيادة لا يوجد بها إلا باب من الخارج، وهو ما فتح الباب أمام طرح العديد من الأسئلة التي رجحت في الأخير فرضية أن يكون الحادث مدبرا من قبل الرئيس السادات للتخلص من المشير أحمد البدوي ومن معه، وهي فرضية لم يتمّ إلا حدّ الآن نفيها أو إثباتها لكن تبقى مجرد فرضية.
هذه الحادثة ومثلها الكثير تجدك وأن تطالعها مشدودا إلى أطوارها متسائلا عن تفاصيلها محاولا استنتاج ما خفي منها خاصة إذا طالعت ما تشابه منها دون التوصل إلى إجابات قاطعة عما حصل وهو ما يفتح الباب أمام المؤرخين والباحثين لمزيد التدقيق فيها، نشدا للحقيقة التي كانت ولا تزال وستظل مطمح الإنسان في كل زمان، فمتعة برد اليقين لا ينقص من لذتها إلا لظى السؤال الذي يجعلنا نفكر بشكل عقلاني محاولين التوصل إلى كنه الحقيقة وهو ما يمنح للإنسان في بعض الأحيان مشروعية التفكير في الممكنات في كل حدث تاريخي.
يكتبها: محمد معمري
من أحبّ المواد الدراسية إلى قلبي وعقلي مادة التاريخ، فقد كنت استمتع بالدرس في هذه المادة وأعيش من خلال أحداث التاريخ عوالم أخرى وأحداثا في أزمان مختلفة، لكن القاسم المشترك بينها الصراع في مختلف مستوياته سواء على السلطة أو الثروة أو غيرها من المكاسب الأخرى، وقد كنت ولا أزال من أشد المدافعين على تثمين هذه المادة التعليمية وايلاءها ما تستحق من عناية من خلال الرفع في ضاربها حتى تكون التنافسية فيها أكثر والاهتمام بها من قبل التلاميذ أكبر.
ولأن التاريخ لمن يتمعن فيه حقل يعج بالدلالات التي قد لا تكتفي بالإخبار عما فات بل أيضا فهم اللحظة الراهنة وحتى استشراف المستقبل فقد كانت الكثير من أحداث هذا التاريخ تشدني، وآخر ما شدني من أحداث هذا التاريخ ما قرأت عن الخلاف بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات ووزير دفاعه سنة 1981 المشير أحمد بدوي، فقد ذكرت بعض المصادر أن السادات دعا وزير دفاعه يوما إلى القصر ومدّه بقائمة اسمية لعدد من كبار الضباط داعيا إياه إلى تسريحهم من الخدمة العسكرية، لكن المشير رفض ذلك بتعلة أن معظم هؤلاء الضباط يتمتعون بسجل عسكري ناصع ولا يمكن الاستغناء عن خدماتهم بجرة قلم حتى وإن كانت من رئيس الدولة، وهو ما أثار غضب الرئيس السادات وجعل علاقاته بوزير دفاعه تعرف فتورا غير مسبوق، ومما زاد في اتساع دائرة الفتور أن جيهان زوجة الرئيس السادات طالبت بتغيير لون الزي العسكري للجيش المصري، وتقول المصادر أن المشير البدوي رفض ذلك خاصة بعد أن أجرى عملية تدقيق اتضح له من خلالها أن الأمر يتعلق بمصالح شخصية تتداخل فيها عديد الأطراف بغية تحقيق مكاسب مالية.
ماذا حصل بعد ذلك؟ يوم 2 مارس 1981 وبعد زيارة تفقدية إلى إحدى المناطق العسكرية تعرضت الطائرة التي كانت تقل المشير و13 عسكريا من القيادات العسكرية الكبرى إلى حادث انجر عنه وفاة المشير ومن كان معهم إلا 5 أفراد منهم سكرتير وزير الدفاع وأربعة أفراد هم طاقم الطائرة وهو ما خلف عديد الأسئلة عن هذا الحادث وعن نجاة طاقم الطائرة خاصة وأن الطائرة من النوع الذي لا يفتح لها باب من الداخل وأن قمرة القيادة لا يوجد بها إلا باب من الخارج، وهو ما فتح الباب أمام طرح العديد من الأسئلة التي رجحت في الأخير فرضية أن يكون الحادث مدبرا من قبل الرئيس السادات للتخلص من المشير أحمد البدوي ومن معه، وهي فرضية لم يتمّ إلا حدّ الآن نفيها أو إثباتها لكن تبقى مجرد فرضية.
هذه الحادثة ومثلها الكثير تجدك وأن تطالعها مشدودا إلى أطوارها متسائلا عن تفاصيلها محاولا استنتاج ما خفي منها خاصة إذا طالعت ما تشابه منها دون التوصل إلى إجابات قاطعة عما حصل وهو ما يفتح الباب أمام المؤرخين والباحثين لمزيد التدقيق فيها، نشدا للحقيقة التي كانت ولا تزال وستظل مطمح الإنسان في كل زمان، فمتعة برد اليقين لا ينقص من لذتها إلا لظى السؤال الذي يجعلنا نفكر بشكل عقلاني محاولين التوصل إلى كنه الحقيقة وهو ما يمنح للإنسان في بعض الأحيان مشروعية التفكير في الممكنات في كل حدث تاريخي.