إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

يشغل مليونا و600 تونسي.. الاقتصاد الموازي يكلف الدولة خسائر سنوية في الضرائب بأكثر من 5 مليار دينار!

تونس- الصباح

كشف المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية (ITES) في دراسة حديثة أنجزها مؤخرا، أن القطاع الموازي يكلف الدولة التونسية خسائر سنوية بقيمة 5.45 مليار دينار من عائدات الضرائب، داعيا الى ضرورة العمل على إدماج هذا القطاع ضمن الدوائر الرسمية. وتم احتساب هذه الخسارة على أساس العجز في ضريبة القيمة المضافة والضرائب التي لا تتجاوز 50٪ من الضرائب المفروضة على القطاع الرسمي. ووفقًا لهذه البيانات، فإن جزءا من هذه الخسائر يأتي بشكل خاص من الأنشطة الزراعية غير المنظمة حيث قدرت بأكثر من 89٪ من إجمالي القيمة السوقية المضافة للقطاع. بالإضافة إلى ذلك، تبلغ نسبة القطاع غير الرسمي في الأنشطة الصناعية 20.8٪، وذلك بسبب ارتفاع معدل النشاط غير الرسمي في البناء (ما يزيد قليلاً عن 57٪)، في حين تمثل الأنشطة غير الرسمية في قطاع الخدمات حوالي 40٪ من النشاط في هذا القطاع.

وحسب مؤسسة الإصدار هناك 1.599.000 تونسي يعملون في القطاع غير الرسمي، وهو ما يمثل 44.8٪ من إجمالي السكان النشطين العاملين، ويمثل فقط 27.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي، و"لا يزال وفقًا للبيانات نفسها، يتم تنفيذ العمل غير الرسمي من قبل الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 15 عامًا أو أكثر، بما في ذلك العاملون الذين لا يستفيدون من التغطية الاجتماعية والصحية، أو الإجازة السنوية أو المرضية مدفوعة الأجر، والذين يعملون لحسابهم الخاص.

وأشارت الدراسة الحديثة، أن الشركات الفردية المرخصة البالغ عددها 680.000 شركة تخضع لنظام السعر الثابت وتبلغ عن ضرائب قليلة، فإن الوحدات الإنتاجية التي تغطي 910.000 وظيفة لا تبلغ عن أي شيء، وأثرت بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني.

ويطلق على السوق الموازية اليوم في تونس الاقتصاد الثاني، أو الاقتصاد الموازي، وذلك نظرا لحجمه، وبحسب اتحاد المصارف المغاربية، فإن تأثير الاقتصاد الموازي على الوضع المالي لتونس كبير، حيث يكلف اقتصاد الظل الدولة 16.5 مليار دينار .

وبخصوص تأثير الاقتصاد الموازي على الوضع المالي في تونس دعا الخبير الاقتصادي احمد كرم في تصريحات سابقة لـ"الصباح" الى ضرورة عمل الدولة مع كل الفاعلين في المجال الاقتصادي والمالي لوضع إستراتيجية وطنية تعمل على إدماج العاملين في القطاع الموازي داخل القطاع الرسمي وبالتالي إعادة هذا الحجم من الأموال المتداولة ضمن المسالك البنكية الرسمية باعتماد عديد الآليات المتاحة لدى المؤسسات البنكية و التي تعتمد على الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة.

ويرى خبراء المالية والمحاسبة أن إجراءات الحد من سقف التداول في عمليات البيع والشراء والنزول به الى 3000 دينار، هي خطوات تحد من التهرب الضريبي والرفع من حجم الأموال المتداولة على مستوى البنوك، والحد من التلاعب والتحيل، بالإضافة الى إرساء عدالة ضريبية، لذلك من الضروري حسب المختصين في الجباية والاقتصاد من إتباع أسس وفرضيات علمية لمعرفة حجم التهرب الضريبي أهمها التوازن الاقتصادي وعدد التصاريح الجبائية والوعي بأهمية دفع معلوم الجباية للدولة وانه واجب على الجميع.

وبحسب تقرير نشره المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول القطاع الموازي في تونس، وانعكاساته السلبية على الاقتصاد التونسي، فقد كشف عن ارتفاع نسبة الاقتصاد الموازي منذ سنة 2011، فقبل الثورة كان الاقتصاد الموازي يمثل 30 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وبعد الثورة أصبح يشكل حوالي 53 بالمائة، ووفق تقديرات رسمية بلغ اليوم قرابة 60٪ .

الاستفادة من الاقتصاد الموازي

وهناك تقديرات تصدرها الحكومة وأخرى تصدرها منظمات محلية أو دولية، ورغم اختلافها، إلا أنها تجمع في المحصلة على أن الاقتصاد الموازي يساهم على الأقل بأكثر من 50٪ من الناتج الداخلي الخام، وحسب دراسات دولية، فإن الاقتصاد الموازي يشغِّل قرابة 75 في المائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة،.

وتظل الدعوات الرامية الى إلحاق الاقتصاد الموازي بالمنظم، أحد أبرز النقاط التي يدعو إليها صندوق النقد الدولي في مفاوضاته مع تونس، رغم ما يكتسيه من خطورة لدى أوساط اقتصادية أخرى، اعتبرته ملاذا شرعيا للبعض لتبييض الأموال، وقد يجر البلاد الى مستنقع العقوبات الدولية مجددا.

إلا أنه ومنذ تصاعد الأزمة الاقتصادية في العالم، خاصة في الفترة الأخيرة، أقر العديد من الخبراء بضرورة تسريع نسق إدماج الاقتصاد الموازي بالمنظم، وذلك كخطوة استباقية لتوفير مداخيل إضافية لخزينة الدولة، في ظل حالة عدم اليقين، التي تخيم على المسار الإصلاحي في تونس، علما وأن الحكومة الحالية باشرت في دمج الاقتصاد الموازي في المنظومة عبر قانون المالية لسنة 2022، للاستفادة من السيولات المالية التي يوفرها باعتباره يمثل 60 في المائة من الاستثمارات والأموال المتداولة، إلا أنه مع تنامي الأزمة الاقتصادية في تونس، وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين، ارتفع عزوف التجار عن الانخراط في الاقتصاد المنظم، بل ولوحظ خلال الأشهر القليلة الماضية، هروب المئات من التجار في الاقتصاد المنظم الى الاقتصاد الموازي، والذي يعتبره البعض ملاذا آمنا، بعيدا عن الدوائر الرقابية للدولة، في ظل تنامي الأزمة المالية في البلاد، ما يعد فشلا ذريعا في معالجة الاقتصاد التونسي الجريح.

انعكاسات خطيرة

ويرى أغلب خبراء الشأن الاقتصادي في تصريحات لـ"الصباح" أن معالجة ظاهرة التهريب والاقتصاد الموازي يتطلب رسم رؤية شاملة ومتكاملة تشارك فيها جميع الخبرات التونسية، منبهين إلى خطورة تفاقم هذه الظاهرة التي أصبحت تسيطر على الاقتصاد الوطني، والتي تتفاقم من سنة إلى أخرى، وفشلت جميع الحكومات المتعاقبة وصولا إلى حكومة نجلاء بودن في معالجتها، خاصة وأن الأرقام الرسمية تشير إلى أن الاقتصاد الموازي أصبح يسيطر على الدورة الاقتصادية وفاق نسبة 56% من معاملات الاقتصاد التونسي.

ويؤكد الخبراء، أن معالجة تنامي الاقتصاد الموازي، تكمن في تشغيل محركات الاقتصاد الوطني، وتوفير مناخ تكون فيه المؤسسات الاقتصادية المنتجة قادرة على خلق الثروة وتوفير منتوجات بأسعار في متناول الجميع، بالإضافة إلى القيام بإصلاحات جبائية عميقة وعادلة، وفي أسرع الآجال، حتى يتم إيواء الاقتصاد الموازي تدريجيا في الاقتصاد المنظم، وفي ذلك منفعة كبيرة للدولة التونسية.

وفي البلدان المتقدمة بالكاد يتجاوز الاقتصاد الموازي 10 بالمائة مثل ايطاليا على سبيل المثال، أما في البلدان النامية تصل نسبة الاقتصاد الموازي الى حدود 50 و60 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وهو ما سجلته العديد من التقارير الرسمية في بعض بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وأيضا شمال إفريقيا .

وكشف تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية انه يوجد ما بين 25 و 30 نسمة يعيشون من تجارة التهريب في بن قردان، ويبلغ رأس مال كل تاجر جملة حوالي 300 ألف دينار، فيما يبلغ رأس مال تجار الجملة البالغ عددهم 60 تاجرا حوالي 18 مليون دينار. ويتم تهريب حوالي 300 ألف لتر من الوقود يوميًا من ليبيا الي تونس اي 110 مليون لتر سنويا. ويتراوح حجم التبادل اليومي من عمليات التهريب بين مليون و3 ملايين دينار، أي ما يقارب 750 مليون دينار سنويا. ويقدر رقم المعدل السنوي للمعاملات التجارية في منطقة رأس الجدير على سبيل المثال بأكثر من مليار دينار .

الحلول للحد من مخاطر الاقتصاد الموازي

ويقترح الاقتصاديون المختلفون في معالجة ظاهرة الاقتصاد الموازي، العديد من الحلول لمحاربة هذه الآفة، ويطالب البعض بضرورة تعزيز عمليات تتبع المعاملات المالية وتعزيز الشفافية في الأعمال التجارية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع استخدام أنظمة الدفع الإلكترونية، والتي تتطلب تقارير مالية دقيقة ومكافحة التهرب الضريبي، كما يجب تزويد سلطات الجمارك بالموارد اللازمة لكشف ومنع التهريب والاتجار غير المشروع. وقد يشمل ذلك استخدام التقنيات المتقدمة والتعاون الدولي لتبادل المعلومات. وتجدر الإشارة إلى أن مكافحة اقتصاد الظل عملية مستمرة تتطلب يقظة دائمة، ومن الضروري الجمع بين هذه التدابير والإرادة السياسية القوية والتعاون النشط بين جميع الجهات الفاعلة المعنية لتحقيق نتائج فعالة ومرضية.

سفيان المهداوي

يشغل مليونا و600 تونسي..  الاقتصاد الموازي يكلف الدولة خسائر سنوية في الضرائب بأكثر من 5 مليار دينار!

تونس- الصباح

كشف المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية (ITES) في دراسة حديثة أنجزها مؤخرا، أن القطاع الموازي يكلف الدولة التونسية خسائر سنوية بقيمة 5.45 مليار دينار من عائدات الضرائب، داعيا الى ضرورة العمل على إدماج هذا القطاع ضمن الدوائر الرسمية. وتم احتساب هذه الخسارة على أساس العجز في ضريبة القيمة المضافة والضرائب التي لا تتجاوز 50٪ من الضرائب المفروضة على القطاع الرسمي. ووفقًا لهذه البيانات، فإن جزءا من هذه الخسائر يأتي بشكل خاص من الأنشطة الزراعية غير المنظمة حيث قدرت بأكثر من 89٪ من إجمالي القيمة السوقية المضافة للقطاع. بالإضافة إلى ذلك، تبلغ نسبة القطاع غير الرسمي في الأنشطة الصناعية 20.8٪، وذلك بسبب ارتفاع معدل النشاط غير الرسمي في البناء (ما يزيد قليلاً عن 57٪)، في حين تمثل الأنشطة غير الرسمية في قطاع الخدمات حوالي 40٪ من النشاط في هذا القطاع.

وحسب مؤسسة الإصدار هناك 1.599.000 تونسي يعملون في القطاع غير الرسمي، وهو ما يمثل 44.8٪ من إجمالي السكان النشطين العاملين، ويمثل فقط 27.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي، و"لا يزال وفقًا للبيانات نفسها، يتم تنفيذ العمل غير الرسمي من قبل الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 15 عامًا أو أكثر، بما في ذلك العاملون الذين لا يستفيدون من التغطية الاجتماعية والصحية، أو الإجازة السنوية أو المرضية مدفوعة الأجر، والذين يعملون لحسابهم الخاص.

وأشارت الدراسة الحديثة، أن الشركات الفردية المرخصة البالغ عددها 680.000 شركة تخضع لنظام السعر الثابت وتبلغ عن ضرائب قليلة، فإن الوحدات الإنتاجية التي تغطي 910.000 وظيفة لا تبلغ عن أي شيء، وأثرت بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني.

ويطلق على السوق الموازية اليوم في تونس الاقتصاد الثاني، أو الاقتصاد الموازي، وذلك نظرا لحجمه، وبحسب اتحاد المصارف المغاربية، فإن تأثير الاقتصاد الموازي على الوضع المالي لتونس كبير، حيث يكلف اقتصاد الظل الدولة 16.5 مليار دينار .

وبخصوص تأثير الاقتصاد الموازي على الوضع المالي في تونس دعا الخبير الاقتصادي احمد كرم في تصريحات سابقة لـ"الصباح" الى ضرورة عمل الدولة مع كل الفاعلين في المجال الاقتصادي والمالي لوضع إستراتيجية وطنية تعمل على إدماج العاملين في القطاع الموازي داخل القطاع الرسمي وبالتالي إعادة هذا الحجم من الأموال المتداولة ضمن المسالك البنكية الرسمية باعتماد عديد الآليات المتاحة لدى المؤسسات البنكية و التي تعتمد على الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة.

ويرى خبراء المالية والمحاسبة أن إجراءات الحد من سقف التداول في عمليات البيع والشراء والنزول به الى 3000 دينار، هي خطوات تحد من التهرب الضريبي والرفع من حجم الأموال المتداولة على مستوى البنوك، والحد من التلاعب والتحيل، بالإضافة الى إرساء عدالة ضريبية، لذلك من الضروري حسب المختصين في الجباية والاقتصاد من إتباع أسس وفرضيات علمية لمعرفة حجم التهرب الضريبي أهمها التوازن الاقتصادي وعدد التصاريح الجبائية والوعي بأهمية دفع معلوم الجباية للدولة وانه واجب على الجميع.

وبحسب تقرير نشره المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية حول القطاع الموازي في تونس، وانعكاساته السلبية على الاقتصاد التونسي، فقد كشف عن ارتفاع نسبة الاقتصاد الموازي منذ سنة 2011، فقبل الثورة كان الاقتصاد الموازي يمثل 30 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وبعد الثورة أصبح يشكل حوالي 53 بالمائة، ووفق تقديرات رسمية بلغ اليوم قرابة 60٪ .

الاستفادة من الاقتصاد الموازي

وهناك تقديرات تصدرها الحكومة وأخرى تصدرها منظمات محلية أو دولية، ورغم اختلافها، إلا أنها تجمع في المحصلة على أن الاقتصاد الموازي يساهم على الأقل بأكثر من 50٪ من الناتج الداخلي الخام، وحسب دراسات دولية، فإن الاقتصاد الموازي يشغِّل قرابة 75 في المائة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة،.

وتظل الدعوات الرامية الى إلحاق الاقتصاد الموازي بالمنظم، أحد أبرز النقاط التي يدعو إليها صندوق النقد الدولي في مفاوضاته مع تونس، رغم ما يكتسيه من خطورة لدى أوساط اقتصادية أخرى، اعتبرته ملاذا شرعيا للبعض لتبييض الأموال، وقد يجر البلاد الى مستنقع العقوبات الدولية مجددا.

إلا أنه ومنذ تصاعد الأزمة الاقتصادية في العالم، خاصة في الفترة الأخيرة، أقر العديد من الخبراء بضرورة تسريع نسق إدماج الاقتصاد الموازي بالمنظم، وذلك كخطوة استباقية لتوفير مداخيل إضافية لخزينة الدولة، في ظل حالة عدم اليقين، التي تخيم على المسار الإصلاحي في تونس، علما وأن الحكومة الحالية باشرت في دمج الاقتصاد الموازي في المنظومة عبر قانون المالية لسنة 2022، للاستفادة من السيولات المالية التي يوفرها باعتباره يمثل 60 في المائة من الاستثمارات والأموال المتداولة، إلا أنه مع تنامي الأزمة الاقتصادية في تونس، وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين، ارتفع عزوف التجار عن الانخراط في الاقتصاد المنظم، بل ولوحظ خلال الأشهر القليلة الماضية، هروب المئات من التجار في الاقتصاد المنظم الى الاقتصاد الموازي، والذي يعتبره البعض ملاذا آمنا، بعيدا عن الدوائر الرقابية للدولة، في ظل تنامي الأزمة المالية في البلاد، ما يعد فشلا ذريعا في معالجة الاقتصاد التونسي الجريح.

انعكاسات خطيرة

ويرى أغلب خبراء الشأن الاقتصادي في تصريحات لـ"الصباح" أن معالجة ظاهرة التهريب والاقتصاد الموازي يتطلب رسم رؤية شاملة ومتكاملة تشارك فيها جميع الخبرات التونسية، منبهين إلى خطورة تفاقم هذه الظاهرة التي أصبحت تسيطر على الاقتصاد الوطني، والتي تتفاقم من سنة إلى أخرى، وفشلت جميع الحكومات المتعاقبة وصولا إلى حكومة نجلاء بودن في معالجتها، خاصة وأن الأرقام الرسمية تشير إلى أن الاقتصاد الموازي أصبح يسيطر على الدورة الاقتصادية وفاق نسبة 56% من معاملات الاقتصاد التونسي.

ويؤكد الخبراء، أن معالجة تنامي الاقتصاد الموازي، تكمن في تشغيل محركات الاقتصاد الوطني، وتوفير مناخ تكون فيه المؤسسات الاقتصادية المنتجة قادرة على خلق الثروة وتوفير منتوجات بأسعار في متناول الجميع، بالإضافة إلى القيام بإصلاحات جبائية عميقة وعادلة، وفي أسرع الآجال، حتى يتم إيواء الاقتصاد الموازي تدريجيا في الاقتصاد المنظم، وفي ذلك منفعة كبيرة للدولة التونسية.

وفي البلدان المتقدمة بالكاد يتجاوز الاقتصاد الموازي 10 بالمائة مثل ايطاليا على سبيل المثال، أما في البلدان النامية تصل نسبة الاقتصاد الموازي الى حدود 50 و60 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وهو ما سجلته العديد من التقارير الرسمية في بعض بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وأيضا شمال إفريقيا .

وكشف تقرير المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية انه يوجد ما بين 25 و 30 نسمة يعيشون من تجارة التهريب في بن قردان، ويبلغ رأس مال كل تاجر جملة حوالي 300 ألف دينار، فيما يبلغ رأس مال تجار الجملة البالغ عددهم 60 تاجرا حوالي 18 مليون دينار. ويتم تهريب حوالي 300 ألف لتر من الوقود يوميًا من ليبيا الي تونس اي 110 مليون لتر سنويا. ويتراوح حجم التبادل اليومي من عمليات التهريب بين مليون و3 ملايين دينار، أي ما يقارب 750 مليون دينار سنويا. ويقدر رقم المعدل السنوي للمعاملات التجارية في منطقة رأس الجدير على سبيل المثال بأكثر من مليار دينار .

الحلول للحد من مخاطر الاقتصاد الموازي

ويقترح الاقتصاديون المختلفون في معالجة ظاهرة الاقتصاد الموازي، العديد من الحلول لمحاربة هذه الآفة، ويطالب البعض بضرورة تعزيز عمليات تتبع المعاملات المالية وتعزيز الشفافية في الأعمال التجارية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع استخدام أنظمة الدفع الإلكترونية، والتي تتطلب تقارير مالية دقيقة ومكافحة التهرب الضريبي، كما يجب تزويد سلطات الجمارك بالموارد اللازمة لكشف ومنع التهريب والاتجار غير المشروع. وقد يشمل ذلك استخدام التقنيات المتقدمة والتعاون الدولي لتبادل المعلومات. وتجدر الإشارة إلى أن مكافحة اقتصاد الظل عملية مستمرة تتطلب يقظة دائمة، ومن الضروري الجمع بين هذه التدابير والإرادة السياسية القوية والتعاون النشط بين جميع الجهات الفاعلة المعنية لتحقيق نتائج فعالة ومرضية.

سفيان المهداوي