رئيسة المنتدى التونسي للاستشعار ومقاومة الجريمة الاقتصادية
لا حديث في تونس طوال هذا الأسبوع سوى على مذكرة التفاهم مع الجانب الاوروبي المنتظر الانتهاء من اعدادها ودخولها حيّز التنفيذ نهاية شهر جوان الجاري بعد انتهاء المكلفين بإعدادها وزير الخارجية من جانب تونس ومفوّض الجوار والتوسع من الجانب الأوروبي.
ويتساءل الكثيرون هل أن ما ورد في بيان رئاسة الجمهورية حول مخرجات الاجتماع مع القادة الاوربيين سيكون حتما جزء من مذكرة التفاهم هذه أم أن الامر سيختلف عند الصياغة النهائية وخاصة فيما يتعلق بتخوفات التونسيين مما ورد في بيان قمة تونس أوروبا بخصوص المهاجرين غير النظاميين وإعادة القبول والتسجيل وقد ربط البعض بين هذه العبارة وما اتفق عليه قادة 27 دولة أوروبية بترحيل كل المهاجرين غير النظاميين المتواجدين على أراضيها الى بلد العبور.
وبما أن تونس بلد عبور للعشرات من الالاف من هؤلاء فتبدو تخوفات التونسيين مفهومة.
رغم أنّ ذلك لم يقرّه الاجتماع صراحة ولا علاقة له بما توصّل له قادة 27 دولة أوروبية يوم 8 جوان في بروكسال تنقيح قانون الهجرة واللجوء (قانون دبلن)، والذي يقضي بإعادة المهاجرين غير النظاميين الواصلين إلى الفضاء الأوروبي إلى بلدان العبور ومن ضمنها تونس.
ويتساءل البعض الاخر حول مصير اتفاقية الشراكة الشاملة مع الاتحاد الأوروبي الموقعة في 1995 وهل ستلغيها مذكرة التفاهم هذه بما أشار اليه البيان المذكور من خلال عبارة "الشراكة الشاملة".
لكن قبل الفصل في هذا ورفع اللبس عما يخامر التونسيون لابد من معرفة الفرق بين الاتفاقية الدولية ومذكرة التفاهم بين الدول.
الاتفاقيات الدولية
الاتفاقية عبارة عن اتفاق دولي بين دولتين أو بين دولة ومجموعة دول لتحقيق أهداف اقتصادية أو تجارية أو اجتماعية أو عسكرية أو تسوية نزاع بين الطرفين مع بيان الحقوق والامتيازات لكل منهما. وتتضمن مبادئ وقواعد دولية عامة تتعهد الأطراف الموقعة عليها باحترامها ورعايتها .
والاتفاقيات في القانون الدولي تتضمن التزامات كل طرف بصفة واضحة لا لبس فيها ولا تقبل التأويل كما يتم الاتفاق عادة على اللجوء الى التحكيم عند حدوث أي نزاع وعادة يتم إعطاء المستثمر الأجنبي بعض الحوافز والحقوق كحقه في الحصول على مزايا ضريبية أو جمركية.
وعلى امتداد تاريخها وقّعت تونس عديد الاتفاقيات التجارية الثنائية غير أنّ أهمّ اتفاقية هي تلك التي وقعتها بلادنا مع الاتحاد الأوروبي سنة 1995 وتسمّى اتفاقية الشراكة الشاملة. ودخلت حيز التنفيذ في 1 مارس 1998 وتضمنت انشاء منطقة تجارة حرة بين الجهتين.
ومنذ 2008،تاريخ الانتهاء من تفكيك الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية أصبحت المنتجات الصناعية المورّدة من أوروبا معفاة تماما من الرسوم الجمركية.
وتوالت البرامج المنبثقة عن هذه الاتفاقية لتصحل تونس على مرتبة “الشريك المتميز” في 2012.والذي بمقتضاه يتم تسهيل عملية الدخول التنفيذ الوقتي للزمات التجارية للاتحاد الأوروبي بالنسبة للمنتجات الفلاحية (خفض التعريفات الجمركية، وحرية الوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي..) في إطار منطقة التجارة الحرة المستقبلية (ALECA)؛
مع التوصية بالتنفيذ المبكر للقواعد التفاضلية الأورو- متوسطية ومنح استثناءات محدودة زمنيا لبعض المنتجات بغرض زيادة الصادرات التونسية.
لكن رغم هذه الميزة لم تكن الاتفاقية نافعة بالقدر الكافي للاقتصاد التونسي ولم تمنحه القدرة على تحمّل المنافسة الأوروبية.
وبلغة الأرقام فقد قفز حجم الواردات التونسيّة من الاتحاد الأوروبي بين سنوات 1990 و1997 بنسبة 49% بحسب قاعدة البيانات الإحصائية لتجارة السلع الأساسيّة للأمم المتحدة،. هذا التطوّر السريع تزامن مع تعزيز استحواذ الاتحاد الأوروبي على معظم العلاقات التجاريّة التونسيّة الخارجية لتستفرد الأسواق الأوروبيّة بما نسبته 75% من مجمل صادرات تونس .بينما استطاع الاتحاد الأوروبي بدوره أن يهيمن على السوق التونسيّة وأن يبلغ نصيبه 70% من إجماليّ واردات البلاد.
حجم هذه المعاملات التجاريّة التي تجاوزت 34 مليار دينار في سنة 2018 بحسب معطيات المعهد الوطني للإحصاء، لم تنعكس على الميزان التجاريّ لتونس الذي حافظ على حصيلته السلبيّة منذ إمضاء اتفاق الشراكة المذكورة.
مذكرات التفاهم
هي وثيقة رسمية تتضمن اتفاقاً بين طرفين أو أكثر لإنجاز بعض الأعمال أو المشاريع وهو اتفاق مبدئي، حيث يتم وضع اطار التفاهم كالتزامات كل طرف ومدة تنفيذ المشروع ومدة المذكرة وهى تعد إيذانا ببدء العمل بين أطراف الاتفاق أكثر منها التزاما قانونيا ولذلك يعتبر البعض مذكرة التفاهم اتفاق شرف يفتقد لإلزام العقود القانونية الرسمية وتتميز بأنها يمكن تعديلها بسهولة ويسر عكس المعاهدات والاتفاقيات، كما يمكن توقيعها دون الرجوع الى البرلمان أو الهيئات التشريعية ويمكن لأيّ طرف الانسحاب منها دون أن يقع عليه أي التزام أو تعويض.
وفي واقع الحال فلن تخرج المذكرة المنتظرة بين تونس والاتحاد الأوروبي والتي سميّت بمذكرة "الشراكة الشاملة " اجمالا عمّا تقدّم وهي لن تعرض بالتالي على البرلمان للتصويت وربّما ستتسّم ببعض السريّة رغم أنها ستكون أقرب للاتفاقية من حيث المجالات التي مستها وهي :
+ تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية
+ بعث شراكة في مجال الطاقة المستديمة والتنافسية
+ الهجرة
+ التقارب بين الشعوب.
والملاحظ في هذه النقاط الأربع أنها تكريس لما هو قائم وتأسيس لما هو آت حيث من المنتظر أن تتطوّر المبادلات التجارية البينية وسيتقلّص العجز التجاري مع أوروبّا وتفتح أبواب جدية وأسواق مستحدثة وهذا سيتمّ عبر بعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية وهو مستقبل العالم ومن المهمّ أن نكون من أوّل الصاعدين في هذا القطار. ومن المعروف أنّاقتصاديات تكنولوجيات الطاقة المتجددة تتسم بأنها عامل جوهري لفهم الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه التكنولوجيات في قطاع الطاقة، ولإدراك مدى السرعة وحجم الكُلفة الذي تنطوي عليه تحوُّلاتنا لقطاع الطاقة إلى مسارٍ مُستدام بحقّ.
وهاتان النقطتان الأولى و الثانية الواردتان في البيان (تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وبعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية) من شأنهما المساهمة في حل معضلة الهجرة غير النظامية وهي النقطة الثالثة ولا يمكن الحديث عن حلول لهذه المعضلة دون تحقيق الاستقرار الاقتصادي لتونس.
وهذه النقاط الثلاث هي منطلق ومآل المعطيين التاريخي والجغرافي الذي يحكم تونس وأوربّا وهو ما تلخّصه النقطة الرابعة في البيان وهي "التقارب بين الشعوب"
والمحصّلة أن بيان قمة تونس أوروبّا من خلال النقاط الواردة هو بيان اقتصادي(تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية ) صناعي (بعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية) حضاري (التقارب بين الشعوب.)أمني(الهجرة). والأمني مرتبط لا بقدرة تونس على السيطرة على حدودها مع ليبيا والجزائر المدخلان الرئيسيان للمهاجرين من جنوب الصحراء وانّما بمدى التزام الأشقاء بنفس المبدأ. لأن الاتفاقية لن تكون ناجعة ما لم يتمّ التحكّم الكلي في منافذ الدخول والخروج. وهذا يقتضي تنسيقا أمنيا برؤية جديدة مع جيراننا قبل أوروبّا.
هل تلغي المذكرة الاتفاقية ؟
قبل التعرّض لطبيعة المآلات القانونية لكل من مذكرة التفاهم المنتظر امضاؤها بين تونس ولاتحاد الأوروبي نهاية شهر جوان. واتفاقية الشراكة الشاملة الموقعة في 1995 لابدّ من التأكيد على أن العلاقات التونسية الأوروبية لم تعد ذاتها اليوم مقارنة بالأمس وحاجة أوروبا تبدو أشد الحاحا لتونس خاصة فيما يخص ملف الهجرة غير النظامية وهو الملف الذي سيطغى على مذكرة التفاهم المنتظرة ويعطي لبلادنا قوّة إضافية للتفاوض وحصد أكبر الامتيازات عكس ما حدث في عام 1995 حينما كان الجانب التجاري طاغيا عليها وكانت تونس في موقف أضعف ديبلوماسيا مما هي عليه اليوم .
أمّا قانونيا فانّ مذكرة التفاهم فهي أضعف من الاتفاقية ولا يمكن أن تلغيها بل يمكن أن تعزّزها وهذا ما نتوقّع أن يحدث. حيث ستتعايش اتفاقية الشراكة التونسية الأوروبية مع مذكرة الشراكة الشاملة في انتظار أن تتحوّل هذه الأخيرة الى اتفاقية دولية .
بقلم ريم بالخذيري
رئيسة المنتدى التونسي للاستشعار ومقاومة الجريمة الاقتصادية
لا حديث في تونس طوال هذا الأسبوع سوى على مذكرة التفاهم مع الجانب الاوروبي المنتظر الانتهاء من اعدادها ودخولها حيّز التنفيذ نهاية شهر جوان الجاري بعد انتهاء المكلفين بإعدادها وزير الخارجية من جانب تونس ومفوّض الجوار والتوسع من الجانب الأوروبي.
ويتساءل الكثيرون هل أن ما ورد في بيان رئاسة الجمهورية حول مخرجات الاجتماع مع القادة الاوربيين سيكون حتما جزء من مذكرة التفاهم هذه أم أن الامر سيختلف عند الصياغة النهائية وخاصة فيما يتعلق بتخوفات التونسيين مما ورد في بيان قمة تونس أوروبا بخصوص المهاجرين غير النظاميين وإعادة القبول والتسجيل وقد ربط البعض بين هذه العبارة وما اتفق عليه قادة 27 دولة أوروبية بترحيل كل المهاجرين غير النظاميين المتواجدين على أراضيها الى بلد العبور.
وبما أن تونس بلد عبور للعشرات من الالاف من هؤلاء فتبدو تخوفات التونسيين مفهومة.
رغم أنّ ذلك لم يقرّه الاجتماع صراحة ولا علاقة له بما توصّل له قادة 27 دولة أوروبية يوم 8 جوان في بروكسال تنقيح قانون الهجرة واللجوء (قانون دبلن)، والذي يقضي بإعادة المهاجرين غير النظاميين الواصلين إلى الفضاء الأوروبي إلى بلدان العبور ومن ضمنها تونس.
ويتساءل البعض الاخر حول مصير اتفاقية الشراكة الشاملة مع الاتحاد الأوروبي الموقعة في 1995 وهل ستلغيها مذكرة التفاهم هذه بما أشار اليه البيان المذكور من خلال عبارة "الشراكة الشاملة".
لكن قبل الفصل في هذا ورفع اللبس عما يخامر التونسيون لابد من معرفة الفرق بين الاتفاقية الدولية ومذكرة التفاهم بين الدول.
الاتفاقيات الدولية
الاتفاقية عبارة عن اتفاق دولي بين دولتين أو بين دولة ومجموعة دول لتحقيق أهداف اقتصادية أو تجارية أو اجتماعية أو عسكرية أو تسوية نزاع بين الطرفين مع بيان الحقوق والامتيازات لكل منهما. وتتضمن مبادئ وقواعد دولية عامة تتعهد الأطراف الموقعة عليها باحترامها ورعايتها .
والاتفاقيات في القانون الدولي تتضمن التزامات كل طرف بصفة واضحة لا لبس فيها ولا تقبل التأويل كما يتم الاتفاق عادة على اللجوء الى التحكيم عند حدوث أي نزاع وعادة يتم إعطاء المستثمر الأجنبي بعض الحوافز والحقوق كحقه في الحصول على مزايا ضريبية أو جمركية.
وعلى امتداد تاريخها وقّعت تونس عديد الاتفاقيات التجارية الثنائية غير أنّ أهمّ اتفاقية هي تلك التي وقعتها بلادنا مع الاتحاد الأوروبي سنة 1995 وتسمّى اتفاقية الشراكة الشاملة. ودخلت حيز التنفيذ في 1 مارس 1998 وتضمنت انشاء منطقة تجارة حرة بين الجهتين.
ومنذ 2008،تاريخ الانتهاء من تفكيك الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية أصبحت المنتجات الصناعية المورّدة من أوروبا معفاة تماما من الرسوم الجمركية.
وتوالت البرامج المنبثقة عن هذه الاتفاقية لتصحل تونس على مرتبة “الشريك المتميز” في 2012.والذي بمقتضاه يتم تسهيل عملية الدخول التنفيذ الوقتي للزمات التجارية للاتحاد الأوروبي بالنسبة للمنتجات الفلاحية (خفض التعريفات الجمركية، وحرية الوصول إلى سوق الاتحاد الأوروبي..) في إطار منطقة التجارة الحرة المستقبلية (ALECA)؛
مع التوصية بالتنفيذ المبكر للقواعد التفاضلية الأورو- متوسطية ومنح استثناءات محدودة زمنيا لبعض المنتجات بغرض زيادة الصادرات التونسية.
لكن رغم هذه الميزة لم تكن الاتفاقية نافعة بالقدر الكافي للاقتصاد التونسي ولم تمنحه القدرة على تحمّل المنافسة الأوروبية.
وبلغة الأرقام فقد قفز حجم الواردات التونسيّة من الاتحاد الأوروبي بين سنوات 1990 و1997 بنسبة 49% بحسب قاعدة البيانات الإحصائية لتجارة السلع الأساسيّة للأمم المتحدة،. هذا التطوّر السريع تزامن مع تعزيز استحواذ الاتحاد الأوروبي على معظم العلاقات التجاريّة التونسيّة الخارجية لتستفرد الأسواق الأوروبيّة بما نسبته 75% من مجمل صادرات تونس .بينما استطاع الاتحاد الأوروبي بدوره أن يهيمن على السوق التونسيّة وأن يبلغ نصيبه 70% من إجماليّ واردات البلاد.
حجم هذه المعاملات التجاريّة التي تجاوزت 34 مليار دينار في سنة 2018 بحسب معطيات المعهد الوطني للإحصاء، لم تنعكس على الميزان التجاريّ لتونس الذي حافظ على حصيلته السلبيّة منذ إمضاء اتفاق الشراكة المذكورة.
مذكرات التفاهم
هي وثيقة رسمية تتضمن اتفاقاً بين طرفين أو أكثر لإنجاز بعض الأعمال أو المشاريع وهو اتفاق مبدئي، حيث يتم وضع اطار التفاهم كالتزامات كل طرف ومدة تنفيذ المشروع ومدة المذكرة وهى تعد إيذانا ببدء العمل بين أطراف الاتفاق أكثر منها التزاما قانونيا ولذلك يعتبر البعض مذكرة التفاهم اتفاق شرف يفتقد لإلزام العقود القانونية الرسمية وتتميز بأنها يمكن تعديلها بسهولة ويسر عكس المعاهدات والاتفاقيات، كما يمكن توقيعها دون الرجوع الى البرلمان أو الهيئات التشريعية ويمكن لأيّ طرف الانسحاب منها دون أن يقع عليه أي التزام أو تعويض.
وفي واقع الحال فلن تخرج المذكرة المنتظرة بين تونس والاتحاد الأوروبي والتي سميّت بمذكرة "الشراكة الشاملة " اجمالا عمّا تقدّم وهي لن تعرض بالتالي على البرلمان للتصويت وربّما ستتسّم ببعض السريّة رغم أنها ستكون أقرب للاتفاقية من حيث المجالات التي مستها وهي :
+ تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية
+ بعث شراكة في مجال الطاقة المستديمة والتنافسية
+ الهجرة
+ التقارب بين الشعوب.
والملاحظ في هذه النقاط الأربع أنها تكريس لما هو قائم وتأسيس لما هو آت حيث من المنتظر أن تتطوّر المبادلات التجارية البينية وسيتقلّص العجز التجاري مع أوروبّا وتفتح أبواب جدية وأسواق مستحدثة وهذا سيتمّ عبر بعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية وهو مستقبل العالم ومن المهمّ أن نكون من أوّل الصاعدين في هذا القطار. ومن المعروف أنّاقتصاديات تكنولوجيات الطاقة المتجددة تتسم بأنها عامل جوهري لفهم الدور الذي يمكن أن تقوم به هذه التكنولوجيات في قطاع الطاقة، ولإدراك مدى السرعة وحجم الكُلفة الذي تنطوي عليه تحوُّلاتنا لقطاع الطاقة إلى مسارٍ مُستدام بحقّ.
وهاتان النقطتان الأولى و الثانية الواردتان في البيان (تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية وبعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية) من شأنهما المساهمة في حل معضلة الهجرة غير النظامية وهي النقطة الثالثة ولا يمكن الحديث عن حلول لهذه المعضلة دون تحقيق الاستقرار الاقتصادي لتونس.
وهذه النقاط الثلاث هي منطلق ومآل المعطيين التاريخي والجغرافي الذي يحكم تونس وأوربّا وهو ما تلخّصه النقطة الرابعة في البيان وهي "التقارب بين الشعوب"
والمحصّلة أن بيان قمة تونس أوروبّا من خلال النقاط الواردة هو بيان اقتصادي(تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية ) صناعي (بعث شراكة في مجال الطاقة المستدامة والتنافسية) حضاري (التقارب بين الشعوب.)أمني(الهجرة). والأمني مرتبط لا بقدرة تونس على السيطرة على حدودها مع ليبيا والجزائر المدخلان الرئيسيان للمهاجرين من جنوب الصحراء وانّما بمدى التزام الأشقاء بنفس المبدأ. لأن الاتفاقية لن تكون ناجعة ما لم يتمّ التحكّم الكلي في منافذ الدخول والخروج. وهذا يقتضي تنسيقا أمنيا برؤية جديدة مع جيراننا قبل أوروبّا.
هل تلغي المذكرة الاتفاقية ؟
قبل التعرّض لطبيعة المآلات القانونية لكل من مذكرة التفاهم المنتظر امضاؤها بين تونس ولاتحاد الأوروبي نهاية شهر جوان. واتفاقية الشراكة الشاملة الموقعة في 1995 لابدّ من التأكيد على أن العلاقات التونسية الأوروبية لم تعد ذاتها اليوم مقارنة بالأمس وحاجة أوروبا تبدو أشد الحاحا لتونس خاصة فيما يخص ملف الهجرة غير النظامية وهو الملف الذي سيطغى على مذكرة التفاهم المنتظرة ويعطي لبلادنا قوّة إضافية للتفاوض وحصد أكبر الامتيازات عكس ما حدث في عام 1995 حينما كان الجانب التجاري طاغيا عليها وكانت تونس في موقف أضعف ديبلوماسيا مما هي عليه اليوم .
أمّا قانونيا فانّ مذكرة التفاهم فهي أضعف من الاتفاقية ولا يمكن أن تلغيها بل يمكن أن تعزّزها وهذا ما نتوقّع أن يحدث. حيث ستتعايش اتفاقية الشراكة التونسية الأوروبية مع مذكرة الشراكة الشاملة في انتظار أن تتحوّل هذه الأخيرة الى اتفاقية دولية .