إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

هل يمكن الحد منها؟ .. خبراء يناقشون التداعيات الأخلاقية والانعكاسات الاجتماعية للذكاء الاصطناعي

 

- كمال العيادي لـ"الصباح":

"اليوم كلما نتحدث عن التكنولوجيا نتحدث عنها بانبهار ولكن في ذلك قد يتغافل البعض عن عدد من الاخلالات والانعكاسات التي قد تحدثها"

- المدير التنفيذي لمؤسسة "غلوب إيثيكس" لـ"الصباح":

 "لابد أن نؤسس لتحالف دولي لضمان التأثير والحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي الأخلاقية والانعكاسات الاجتماعية"

تونس – الصباح

يتواصل طرح موضوع الذكاء الاصطناعي في الأسابيع الأخيرة بصفة متواترة ومكثفة، فقد تحول إلى حديث الساعة بتونس بعد أن جلب ولا يزال يجلب أنظار العالم والمختصين والباحثين والطلبة والجامعيين وحكومات ودول بأسرها.

وسط هذا الانبهار الكبير بهذه التقنيات التكنولوجية والتقنيات الحديثة والمتجددة على مدار الأشهر والأسابيع والأيام والساعات تطرح العديد من الإشكاليات تتمركز ما بين ما تقتضيه ضروريات الاندماج في هذه العوالم الجديدة وبين المخاوف من تأثيراتها وتداعياتها على الكثير من الميادين تصل إلى حد تخوف بعض الدول مما قد يحدثه الذكاء الاصطناعي من تهديدات قد تمس حتى من أمنها القومي. إلى جانب ذلك تُطرح أيضا التحديات الأخلاقية والانعكاسات الاجتماعية لهذا المجال.

يوم الاثنين 12 جوان الجاري، وبمناسبة اختيار تونس لاحتضان المكتب الإقليمي للمؤسسة السويسرية "غلوب إيثيكس" (Globethics) الذي سيغطّي منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، انتظمت ندوة علمية دولية بمشاركة خبراء من تونس، وسويسرا، ولبنان واليونسكو ناقشت موضوع "الذكاء الاصطناعي: التحديات الأخلاقية والتأثيرات الاجتماعية".

وتعتبر هذه المناسبة الأولى من نوعها التي يُطرح فيها موضوع الذكاء الاصطناعي من هذه الزاوية وذلك بالنظر للصعود المتسارع للذكاء الاصطناعي ومساسه بعدّة مجالات وتأثيره على الجوانب المهنية والاجتماعية والأخلاقية.

فأكد رئيس المكتب الإقليمي للمنظمة كمال العيادي في تصريح لـ"الصباح" عل هامش أشغال الندوة الدولية أنه "لأول مرة يطرح موضوع الذكاء الاصطناعي من زاوية مختلفة، فاليوم كلما نتحدث عن التكنولوجيا نتحدث عنها بانبهار، ولكن في ذلك قد يتغافل البعض عن عدد من الاخلالات والانعكاسات التي قد تحدثها".

وأضاف العيادي "لا نطرح اليوم مسألة الذكاء الاصطناعي من وجهة نظر طاقة هذه التكنولوجيا في كل المجالات وإنما من زاوية الانعكاسات والجوانب الأخلاقية وكذلك التأثيرات الاجتماعية".

وأوضح أنه "من بين التأثيرات ما يطرح بخصوص آلية التحكم في الشبكات الاجتماعية والتي يعلمها الجميع، فمن خلال سبر آراء قمت بإنجازه بصفة شخصية 92% من التونسيين يقضون بين ساعة وعشر ساعات على شبكة الفيسبوك، وهم يظنون أنهم يستقون المعلومة من الفيسبوك والحال أن الأمر ليس كذلك وإنما لنشرها وتقاسمها".

من جانب آخر "ستكون هناك تغيرات في الخمس سنوات القادمة"، فوفق قوله: "فالذكاء الاصطناعي والروبوتات ستغزو حياتنا بجميع المجالات مثلما بدأت الانترنات التي كان يظن الجميع أنها ستبقى حكرا على الجامعات والنخبة التقنية والعلمية وهو ما لم يحدث وأصبحنا في واجهة الانترنات المجتمعية متاحة للجميع وأدت إلى العديد من الانعكاسات".

وبالتالي "من المهم أن نناقش مسألة أخلقة الذكاء الاصطناعي وتقنينه، من شأنه أن يحد بعض الشيء من تداعياتها السلبية ودراستها ومناقشتها يعد من أهم الخطوات التي يجب متابعتها".

من جهته، وفي تصريح لـ"الصباح"، أكد المدير التنفيذي للمؤسسة السويسرية قلوب إيثيكس والدكتور فادي ضو أن "هذه أول مناسبة بتونس من خلال افتتاح مكتبها الإقليمي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، نتناول هذا الموضوع عن الذكاء الاصطناعي لأنه المسألة الرئيسية والأساسية المطروحة في العالم".

وأضاف "الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم واقعا ولا يمكننا العودة إلى الوراء وأصبح جزءا من حياتنا ويسير الكثير من المسائل فيها لذلك وجب التعامل معه. من ناحية لبناء قدراتنا على الاستفادة مما يقدمه ربما على مستوى تحسين الخدمات الطبية أو الجامعية والعلمية وغيره، ولكن أيضا الوعي بمخاطره وإيجاد حلول لمواجهتها".

وقال الدكتور فادي ضو "ليس لدينا اليوم حلول نطرحها، ولكن هذه بداية التفكير والبحث، لذلك نناقش هذه الإشكاليات في هذه الندوة الدولية، ومن وجهة نظر مؤسسة "غلوب ايتييكس" يجب العمل على خارطة طريق مشتركة بين منظمات دولية والحكومات والمؤسسات التجارية التي تطور الذكاء الاصطناعي والجامعات والمجتمع المدني. ويجب أن نصل إلى نوع معاهدة مشتركة بين كل هذه الأطياف من أجل التعامل الايجابي مع الذكاء الاصطناعي والحد من مخاطرها على المجتمع ولكي لا يكون الموقف مرتبطا في اتجاه جهة واحدة أي المؤسسات التجارية أو الحكومات فيكون هناك تحالف دولي حول معاهدة مشتركة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي".

وبيّن بالتالي أن "أخلقة هذا المجال من شأنه أن يحد من العديد من المخاطر ولهذا نحن هنا للنقاش والتفكير وإلا كنا قد يئسنا وأوقفنا العمل. ولكن نحتاج إلى تحالف دولي حتى يكون لنا تأثير ولا نبقى نفكر ونتحدث فقط، فنسعى كمنظمة لذلك لا فقط للحد من المخاطر وأيضا ضمان الاستفادة لجميع دول العالم ولصالح البشرية لا فقط الدول الغنية."

 يُذكر أن المؤسسة السويسرية "قلوب إيثيكس" (منظمة الأخلاقيات الكونية) تعتبر أكبر منصة عالمية لإنتاج المحتوى والمضامين ذات العلاقة بمسألة الذكاء الاصطناعي وتتضمن شبكة متكوّنة من ألف جامعة من مختلف أنحاء العالم في مجال تدريس الأخلاقيات ومختلف أبعادها على المستوى السياسي، الاجتماعي والمهني. وقد تمّ اختيار السيّد كمال العيادي لرئاسة المكتب الإقليمي بتونس.

وأمضت المؤسسة، يوم أمس، ست اتفاقيات مع جامعات عمومية وخاصة من أجل تضمين مادة أخلقة الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية الجامعية.

إيمان عبد اللطيف

هل يمكن الحد منها؟ .. خبراء يناقشون التداعيات الأخلاقية والانعكاسات الاجتماعية للذكاء الاصطناعي

 

- كمال العيادي لـ"الصباح":

"اليوم كلما نتحدث عن التكنولوجيا نتحدث عنها بانبهار ولكن في ذلك قد يتغافل البعض عن عدد من الاخلالات والانعكاسات التي قد تحدثها"

- المدير التنفيذي لمؤسسة "غلوب إيثيكس" لـ"الصباح":

 "لابد أن نؤسس لتحالف دولي لضمان التأثير والحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي الأخلاقية والانعكاسات الاجتماعية"

تونس – الصباح

يتواصل طرح موضوع الذكاء الاصطناعي في الأسابيع الأخيرة بصفة متواترة ومكثفة، فقد تحول إلى حديث الساعة بتونس بعد أن جلب ولا يزال يجلب أنظار العالم والمختصين والباحثين والطلبة والجامعيين وحكومات ودول بأسرها.

وسط هذا الانبهار الكبير بهذه التقنيات التكنولوجية والتقنيات الحديثة والمتجددة على مدار الأشهر والأسابيع والأيام والساعات تطرح العديد من الإشكاليات تتمركز ما بين ما تقتضيه ضروريات الاندماج في هذه العوالم الجديدة وبين المخاوف من تأثيراتها وتداعياتها على الكثير من الميادين تصل إلى حد تخوف بعض الدول مما قد يحدثه الذكاء الاصطناعي من تهديدات قد تمس حتى من أمنها القومي. إلى جانب ذلك تُطرح أيضا التحديات الأخلاقية والانعكاسات الاجتماعية لهذا المجال.

يوم الاثنين 12 جوان الجاري، وبمناسبة اختيار تونس لاحتضان المكتب الإقليمي للمؤسسة السويسرية "غلوب إيثيكس" (Globethics) الذي سيغطّي منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، انتظمت ندوة علمية دولية بمشاركة خبراء من تونس، وسويسرا، ولبنان واليونسكو ناقشت موضوع "الذكاء الاصطناعي: التحديات الأخلاقية والتأثيرات الاجتماعية".

وتعتبر هذه المناسبة الأولى من نوعها التي يُطرح فيها موضوع الذكاء الاصطناعي من هذه الزاوية وذلك بالنظر للصعود المتسارع للذكاء الاصطناعي ومساسه بعدّة مجالات وتأثيره على الجوانب المهنية والاجتماعية والأخلاقية.

فأكد رئيس المكتب الإقليمي للمنظمة كمال العيادي في تصريح لـ"الصباح" عل هامش أشغال الندوة الدولية أنه "لأول مرة يطرح موضوع الذكاء الاصطناعي من زاوية مختلفة، فاليوم كلما نتحدث عن التكنولوجيا نتحدث عنها بانبهار، ولكن في ذلك قد يتغافل البعض عن عدد من الاخلالات والانعكاسات التي قد تحدثها".

وأضاف العيادي "لا نطرح اليوم مسألة الذكاء الاصطناعي من وجهة نظر طاقة هذه التكنولوجيا في كل المجالات وإنما من زاوية الانعكاسات والجوانب الأخلاقية وكذلك التأثيرات الاجتماعية".

وأوضح أنه "من بين التأثيرات ما يطرح بخصوص آلية التحكم في الشبكات الاجتماعية والتي يعلمها الجميع، فمن خلال سبر آراء قمت بإنجازه بصفة شخصية 92% من التونسيين يقضون بين ساعة وعشر ساعات على شبكة الفيسبوك، وهم يظنون أنهم يستقون المعلومة من الفيسبوك والحال أن الأمر ليس كذلك وإنما لنشرها وتقاسمها".

من جانب آخر "ستكون هناك تغيرات في الخمس سنوات القادمة"، فوفق قوله: "فالذكاء الاصطناعي والروبوتات ستغزو حياتنا بجميع المجالات مثلما بدأت الانترنات التي كان يظن الجميع أنها ستبقى حكرا على الجامعات والنخبة التقنية والعلمية وهو ما لم يحدث وأصبحنا في واجهة الانترنات المجتمعية متاحة للجميع وأدت إلى العديد من الانعكاسات".

وبالتالي "من المهم أن نناقش مسألة أخلقة الذكاء الاصطناعي وتقنينه، من شأنه أن يحد بعض الشيء من تداعياتها السلبية ودراستها ومناقشتها يعد من أهم الخطوات التي يجب متابعتها".

من جهته، وفي تصريح لـ"الصباح"، أكد المدير التنفيذي للمؤسسة السويسرية قلوب إيثيكس والدكتور فادي ضو أن "هذه أول مناسبة بتونس من خلال افتتاح مكتبها الإقليمي لشمال إفريقيا والشرق الأوسط، نتناول هذا الموضوع عن الذكاء الاصطناعي لأنه المسألة الرئيسية والأساسية المطروحة في العالم".

وأضاف "الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم واقعا ولا يمكننا العودة إلى الوراء وأصبح جزءا من حياتنا ويسير الكثير من المسائل فيها لذلك وجب التعامل معه. من ناحية لبناء قدراتنا على الاستفادة مما يقدمه ربما على مستوى تحسين الخدمات الطبية أو الجامعية والعلمية وغيره، ولكن أيضا الوعي بمخاطره وإيجاد حلول لمواجهتها".

وقال الدكتور فادي ضو "ليس لدينا اليوم حلول نطرحها، ولكن هذه بداية التفكير والبحث، لذلك نناقش هذه الإشكاليات في هذه الندوة الدولية، ومن وجهة نظر مؤسسة "غلوب ايتييكس" يجب العمل على خارطة طريق مشتركة بين منظمات دولية والحكومات والمؤسسات التجارية التي تطور الذكاء الاصطناعي والجامعات والمجتمع المدني. ويجب أن نصل إلى نوع معاهدة مشتركة بين كل هذه الأطياف من أجل التعامل الايجابي مع الذكاء الاصطناعي والحد من مخاطرها على المجتمع ولكي لا يكون الموقف مرتبطا في اتجاه جهة واحدة أي المؤسسات التجارية أو الحكومات فيكون هناك تحالف دولي حول معاهدة مشتركة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي".

وبيّن بالتالي أن "أخلقة هذا المجال من شأنه أن يحد من العديد من المخاطر ولهذا نحن هنا للنقاش والتفكير وإلا كنا قد يئسنا وأوقفنا العمل. ولكن نحتاج إلى تحالف دولي حتى يكون لنا تأثير ولا نبقى نفكر ونتحدث فقط، فنسعى كمنظمة لذلك لا فقط للحد من المخاطر وأيضا ضمان الاستفادة لجميع دول العالم ولصالح البشرية لا فقط الدول الغنية."

 يُذكر أن المؤسسة السويسرية "قلوب إيثيكس" (منظمة الأخلاقيات الكونية) تعتبر أكبر منصة عالمية لإنتاج المحتوى والمضامين ذات العلاقة بمسألة الذكاء الاصطناعي وتتضمن شبكة متكوّنة من ألف جامعة من مختلف أنحاء العالم في مجال تدريس الأخلاقيات ومختلف أبعادها على المستوى السياسي، الاجتماعي والمهني. وقد تمّ اختيار السيّد كمال العيادي لرئاسة المكتب الإقليمي بتونس.

وأمضت المؤسسة، يوم أمس، ست اتفاقيات مع جامعات عمومية وخاصة من أجل تضمين مادة أخلقة الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية الجامعية.

إيمان عبد اللطيف