- الاستهلاك والاستثمار أبرز القطاعات المتضررة من الترفيع في نسبة الفائدة على القروض البنكية
تونس-الصباح
تراجع نسبة التضخم خلال شهر ماي المنقضي، ستكون له تداعيات إيجابية في قادم الأيام ليس فقط على حركة الأسواق والمبادلات التجارية للسلع والمواد الاستهلاكية، بل سيكون عاملا أساسيا في تواصل استقرار نسبة الفائدة بما لا يمكن لمجلس إدارة البنك المركزي أن يقرر مجددا الترفيع في نسبة الفائدة المديرية لتبقى في حدود الـ8 بالمائة.
فقد عرفت العديد من القطاعات الحيوية في الاقتصاد تراجعا وتأثرت سلبا في الآونة الأخيرة بسبب قرار البنك المركزي الترفيع في نسبة الفائدة مجددا كأبرز الحلول للحد من تواصل ارتفاع نسبة التضخم، واليوم بعدما اتخذ نسق الانفراج بشكل تدريجي بفضل استفادته من انخفاض الأسعار العالمية للطاقة والمواد الغذائية، لتتراجع النسبة إلى 9.6 بالمائة خلال شهر ماي.
وأبرز هذه القطاعات هي قطاع الاستثمار والاستهلاك التي ترتبط ارتباطا وثيقا بنسبة الفائدة المديرية في علاقة بالقروض البنكية وهذا ما كشفت عنه الأرقام الأخيرة التي نشرها البنك المركزي والتي تؤكد تراجع قائم القروض في العديد من الأصناف، على غرار القروض غير المهنية المسلمة من طرف البنوك التونسية إلى الأشخاص الطبيعيين إلى أواخر مارس من هذا العام ما قيمته 27 مليار و830 مليون دينار مقابل 27 مليارو853 مليون دينار إلى أواخر ديسمبر من السنة الفارطة بانخفاض بقيمة 22.7 مليون دينار ما يعني أن ارتفاع نسب الفائدة جعل الأشخاص الطبيعيين والعائلات التونسية تراجع برامج اقتراضهم.
كما أظهرت البيانات التي نشرها البنك المركزي أن إجمالي القروض التي تسلمها الأشخاص الطبيعيون خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية وبالمقارنة مع نهاية السنة الفارطة قد تراجعت وانه بات من الواضح أن ارتفاع نسب الفائدة المديرية للبنك المركزي وما نتج عنها من ارتفاع هام في نسب الفائدة في السوق النقدية، جعل الأشخاص الطبيعيين والعائلات التونسية تراجع برامج اقتراضها.
كذلك تراجعت القروض البنكية الموجة لاقتناء سيارات فقد تراجعت بدورها بقيمة 2.9 مليون دينار ليبلغ قائم القروض في حدود 390 مليون دينار، وبالنظر إلى عدد من أصناف القروض البنكية فان هناك تراجع ملحوظ جراء ارتفاع نسبة الفائدة البنكية وصعوبة القدرة على الخلاص والسداد بسبب تدهور القدرة الشرائية...
وبقيت العلاقة الشرطية التي دأب على اعتمادها البنك المركزي بين التضخم والفائدة خيارا وحيدا لم يجد له بدائل في الظرف الراهن، والحال أن هذا التوجه لم يعد مسايرا للتغيرات التي تمر بها السياسات النقدية حتى أن العديد من دول العالم أوجدت آليات بديلة للتحكم في نسبة التضخم بعيدا عن قرارات الترفيع في نسب الفائدة.
واليوم وبعد سبعة أشهر من تسجيلها لارتفاع قياسي وتاريخي، تتخلص نسبة التضخم من الرقمين وتنخفض إلى مستوى الـ9.6 بالمائة خلال شهر ماي المنقضي، بعد أن تجاوزت الـ10 بالمائة في الأشهر السابقة، كان أقصاها 10.4 بالمائة، وهي النسبة الأعلى في أكثر من ثلاثة عقود، بعد أن اتخذت لأكثر من ثلاث سنوات متتالية منحى تصاعديا بسبب الارتفاع المتواصل لأسعار السلع والمواد الاستهلاكية.
وبالرجوع إلى أبرز العوامل التي ساهمت ولو بشكل طفيف في تراجع نسبة التضخم وتخلصها من الرقمين، فالأكيد أن سياسات الدولة الأخيرة التي أطلقتها في حربها على الاحتكار على مستوى مسالك التوزيع للعديد من السلع والمواد الاستهلاكية، كان لها التأثير الايجابي في ذلك، فضلا عن السياسات النقدية التي يعتمدها البنك المركزي في كل مرة يرتفع فيها التضخم..
ولئن لقيت هذه السياسات انتقادات واسعة في صفوف التونسيين، إلا أنها بدأت تأتي أكلها تدريجيا، خاصة الإجراءات التي تستهدف ضرب المحتكرين ولوبيات الفساد في الأسواق التي أنهكت منظومة التوزيع وأفقدت البلاد أهم المواد الاستهلاكية الضرورية، لتبقى السياسة النقدية محل جدل وقابلة للتعديل باعتبارها ليست بالحل الأنجع للتحكم في التضخم ..
كما من الضروري التفكير في إيجاد حلول للأسباب الحقيقية التي تقف وراء ارتفاع التضخم والتي تتمثل بالأساس في تواصل الانزلاق التاريخي للدينار التونسي أمام العملات الأجنبية المرجعية، والزيادات المتتالية في الأجور التي تشجع على الاستهلاك، فضلا عن الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الاستهلاكية على غرار المحروقات، دون التغافل عن محاربة الاحتكار والسوق الموازية وتنظيم مسالك التوزيع، باعتبار أن الممارسات الاحتكارية والانزلاق المتسارع للدينار من ابرز أسباب ارتفاع التضخم، وبذلك تكون الدولة قد نجحت في معالجة المشكل دون الالتجاء الى خلق مشاكل أخرى جانبية من شانها أن تعمق أزمة البلاد الاقتصادية.
وفاء بن محمد
- الاستهلاك والاستثمار أبرز القطاعات المتضررة من الترفيع في نسبة الفائدة على القروض البنكية
تونس-الصباح
تراجع نسبة التضخم خلال شهر ماي المنقضي، ستكون له تداعيات إيجابية في قادم الأيام ليس فقط على حركة الأسواق والمبادلات التجارية للسلع والمواد الاستهلاكية، بل سيكون عاملا أساسيا في تواصل استقرار نسبة الفائدة بما لا يمكن لمجلس إدارة البنك المركزي أن يقرر مجددا الترفيع في نسبة الفائدة المديرية لتبقى في حدود الـ8 بالمائة.
فقد عرفت العديد من القطاعات الحيوية في الاقتصاد تراجعا وتأثرت سلبا في الآونة الأخيرة بسبب قرار البنك المركزي الترفيع في نسبة الفائدة مجددا كأبرز الحلول للحد من تواصل ارتفاع نسبة التضخم، واليوم بعدما اتخذ نسق الانفراج بشكل تدريجي بفضل استفادته من انخفاض الأسعار العالمية للطاقة والمواد الغذائية، لتتراجع النسبة إلى 9.6 بالمائة خلال شهر ماي.
وأبرز هذه القطاعات هي قطاع الاستثمار والاستهلاك التي ترتبط ارتباطا وثيقا بنسبة الفائدة المديرية في علاقة بالقروض البنكية وهذا ما كشفت عنه الأرقام الأخيرة التي نشرها البنك المركزي والتي تؤكد تراجع قائم القروض في العديد من الأصناف، على غرار القروض غير المهنية المسلمة من طرف البنوك التونسية إلى الأشخاص الطبيعيين إلى أواخر مارس من هذا العام ما قيمته 27 مليار و830 مليون دينار مقابل 27 مليارو853 مليون دينار إلى أواخر ديسمبر من السنة الفارطة بانخفاض بقيمة 22.7 مليون دينار ما يعني أن ارتفاع نسب الفائدة جعل الأشخاص الطبيعيين والعائلات التونسية تراجع برامج اقتراضهم.
كما أظهرت البيانات التي نشرها البنك المركزي أن إجمالي القروض التي تسلمها الأشخاص الطبيعيون خلال الثلاثي الأول من السنة الحالية وبالمقارنة مع نهاية السنة الفارطة قد تراجعت وانه بات من الواضح أن ارتفاع نسب الفائدة المديرية للبنك المركزي وما نتج عنها من ارتفاع هام في نسب الفائدة في السوق النقدية، جعل الأشخاص الطبيعيين والعائلات التونسية تراجع برامج اقتراضها.
كذلك تراجعت القروض البنكية الموجة لاقتناء سيارات فقد تراجعت بدورها بقيمة 2.9 مليون دينار ليبلغ قائم القروض في حدود 390 مليون دينار، وبالنظر إلى عدد من أصناف القروض البنكية فان هناك تراجع ملحوظ جراء ارتفاع نسبة الفائدة البنكية وصعوبة القدرة على الخلاص والسداد بسبب تدهور القدرة الشرائية...
وبقيت العلاقة الشرطية التي دأب على اعتمادها البنك المركزي بين التضخم والفائدة خيارا وحيدا لم يجد له بدائل في الظرف الراهن، والحال أن هذا التوجه لم يعد مسايرا للتغيرات التي تمر بها السياسات النقدية حتى أن العديد من دول العالم أوجدت آليات بديلة للتحكم في نسبة التضخم بعيدا عن قرارات الترفيع في نسب الفائدة.
واليوم وبعد سبعة أشهر من تسجيلها لارتفاع قياسي وتاريخي، تتخلص نسبة التضخم من الرقمين وتنخفض إلى مستوى الـ9.6 بالمائة خلال شهر ماي المنقضي، بعد أن تجاوزت الـ10 بالمائة في الأشهر السابقة، كان أقصاها 10.4 بالمائة، وهي النسبة الأعلى في أكثر من ثلاثة عقود، بعد أن اتخذت لأكثر من ثلاث سنوات متتالية منحى تصاعديا بسبب الارتفاع المتواصل لأسعار السلع والمواد الاستهلاكية.
وبالرجوع إلى أبرز العوامل التي ساهمت ولو بشكل طفيف في تراجع نسبة التضخم وتخلصها من الرقمين، فالأكيد أن سياسات الدولة الأخيرة التي أطلقتها في حربها على الاحتكار على مستوى مسالك التوزيع للعديد من السلع والمواد الاستهلاكية، كان لها التأثير الايجابي في ذلك، فضلا عن السياسات النقدية التي يعتمدها البنك المركزي في كل مرة يرتفع فيها التضخم..
ولئن لقيت هذه السياسات انتقادات واسعة في صفوف التونسيين، إلا أنها بدأت تأتي أكلها تدريجيا، خاصة الإجراءات التي تستهدف ضرب المحتكرين ولوبيات الفساد في الأسواق التي أنهكت منظومة التوزيع وأفقدت البلاد أهم المواد الاستهلاكية الضرورية، لتبقى السياسة النقدية محل جدل وقابلة للتعديل باعتبارها ليست بالحل الأنجع للتحكم في التضخم ..
كما من الضروري التفكير في إيجاد حلول للأسباب الحقيقية التي تقف وراء ارتفاع التضخم والتي تتمثل بالأساس في تواصل الانزلاق التاريخي للدينار التونسي أمام العملات الأجنبية المرجعية، والزيادات المتتالية في الأجور التي تشجع على الاستهلاك، فضلا عن الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الاستهلاكية على غرار المحروقات، دون التغافل عن محاربة الاحتكار والسوق الموازية وتنظيم مسالك التوزيع، باعتبار أن الممارسات الاحتكارية والانزلاق المتسارع للدينار من ابرز أسباب ارتفاع التضخم، وبذلك تكون الدولة قد نجحت في معالجة المشكل دون الالتجاء الى خلق مشاكل أخرى جانبية من شانها أن تعمق أزمة البلاد الاقتصادية.