إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حكاياتهم .. ضحية "الزمبريط "..!

 

يرويها: أبو بكر الصغير

  إن الفقر لديه القدرة على إلقاء المستقبل في العدم. زرت قبل فترة عاصمة الأغالبة ومشروع العاصمة لدولة الوحدة بين تونس وليبيا، وبلاد الفتح الإسلامي ولاية القيروان  تلك "مدينة ثلاثمائة مسجد" كما يصفها البعض، رابع مدينة مقدسة للإسلام، موطن للتراث الإسلامي الرائع. مدينة تشدك بطيبة أهلها: ترحيب رائع،  حفاوة، كرم لا حدود له، من يزورها لا يندم أبدًا على الإقامة فيها.

  زرت القيروان لأفاجأ بهول الفقر والخصاصة التي يعيشها سكان بعض مناطقها والتهميش الذي يعاني منه شبابها بما عدّت مقبرة أحلامهم  في منطقة يُمنع  فيها بيع الخمور ويُسمح ببيع سموم القوارص لتُزهق أرواحهم ويصبحون ضحية "الزمبريط"، ضحيّة  عصابات بلطجة واستكراش تتاجر بحياتهم من أجل  إثراء مغشوش،  وهي التي تدرك أن  ثمل الشباب أقوى من ثمل الخمرة.

 كأن المصائب لا تأتي وحدها، لتزيد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مفاقمة الأزمة والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها السكان .

 حسب  تقرير “خريطة الفقر بالبلاد التونسية” الصادر عن المعهد  الوطني للإحصاء في سبتمبر 2020 بالتعاون مع البنك الدولي تعدّ القيروان وبعض معتمدياتها من أفقر جهات البلاد .

  في واقع الأمر لا فقر أشد من الجهل،  وهذا ما حاصل اليوم في القيروان  التي تشارف على أخطر أزمة في تاريخها الحديث، ستكون لها استتباعات ليست على المنطقة ككلّ فقط بل على كلّ البلاد ووضعها المالي والاقتصادي .

 والغريب صمت السلطات من جهوية ومركزية أمام هذه الوضعية التي تتفاقم يوما بعد يوم رغم عشرات النداءات التي توجّهت بها أكثر من جهة .

  إذ بفعل إجراء إداري لم يستشرف من أقرّه وأدرجه في الميزانية العامة لسنة 2023  تبعات ذلك، كان واضحا أنه تم إدراجه بعجل  لتوفير مداخيل إضافية متواضعة للدولة بفرض أداء جديد على تصدير مواد رملية معالجة حوالي 100 د للطن الواحد بمعنى أكثر من 150 بالمائة من ثمن البيع في الأسواق العالمية  أدى إلى غلق عديد المجمّعات الصناعية  والمؤسسات الأجنبية المصدّرة وتوقّف استثماراتها،  بعضها منتصب منذ أكثر من 22 سنة  وبطالة آلاف العمال  الذين وجدوا أنفسهم في الشارع دون أي مورد رزق بعد سنوات طويلة من الكدّ والجهد  .

 لكن ما هو أخطر ليس أن ميزانية الدولة حُرمت بهذا الإجراء من مداخيل مهمّة من الشركات المذكورة ومرابيح ديوانية وجبائية سنوية بعشرات الملايين من الدنانير، بل ما أصبح يتهدّد من مخاطر قضايا مطالبة بتعويضات سترفع ضدّ هذه المؤسسات  وبعضها أجنبية انتصبت بتونس في سياق كرّاسات شروط واضحة محدّدة، من قبل شركائها وحرفائها الأجانب بعد أن التزمت معهم بعقود على مدى سنوات طويلة قادمة تمّ إبرامها قبل صدور هذا الإجراء المفاجئ مع تحديد أثمان مسبقة لتفاجأ اليوم بإخلال بالوفاء بها بما أضرّ بشكل كبير بمصالحها، قد تكون نتيجة كلّ ذلك  غرامات وتعويضات بمبالغ مالية خيالية ستتضرّر منها بلادنا .

   إن التخلف مرهون بقدر القهر الذي يُلاقيه البشر في مجتمعاتهم من إجراءات إدارية لا تراعى فيها لا مصالحهم ولا مصالح البلاد العليا، وكلما كان قدر هذه الحالة كان التخلف على القدر الذي يوازيها .

حكاياتهم  ..  ضحية "الزمبريط "..!

 

يرويها: أبو بكر الصغير

  إن الفقر لديه القدرة على إلقاء المستقبل في العدم. زرت قبل فترة عاصمة الأغالبة ومشروع العاصمة لدولة الوحدة بين تونس وليبيا، وبلاد الفتح الإسلامي ولاية القيروان  تلك "مدينة ثلاثمائة مسجد" كما يصفها البعض، رابع مدينة مقدسة للإسلام، موطن للتراث الإسلامي الرائع. مدينة تشدك بطيبة أهلها: ترحيب رائع،  حفاوة، كرم لا حدود له، من يزورها لا يندم أبدًا على الإقامة فيها.

  زرت القيروان لأفاجأ بهول الفقر والخصاصة التي يعيشها سكان بعض مناطقها والتهميش الذي يعاني منه شبابها بما عدّت مقبرة أحلامهم  في منطقة يُمنع  فيها بيع الخمور ويُسمح ببيع سموم القوارص لتُزهق أرواحهم ويصبحون ضحية "الزمبريط"، ضحيّة  عصابات بلطجة واستكراش تتاجر بحياتهم من أجل  إثراء مغشوش،  وهي التي تدرك أن  ثمل الشباب أقوى من ثمل الخمرة.

 كأن المصائب لا تأتي وحدها، لتزيد الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مفاقمة الأزمة والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها السكان .

 حسب  تقرير “خريطة الفقر بالبلاد التونسية” الصادر عن المعهد  الوطني للإحصاء في سبتمبر 2020 بالتعاون مع البنك الدولي تعدّ القيروان وبعض معتمدياتها من أفقر جهات البلاد .

  في واقع الأمر لا فقر أشد من الجهل،  وهذا ما حاصل اليوم في القيروان  التي تشارف على أخطر أزمة في تاريخها الحديث، ستكون لها استتباعات ليست على المنطقة ككلّ فقط بل على كلّ البلاد ووضعها المالي والاقتصادي .

 والغريب صمت السلطات من جهوية ومركزية أمام هذه الوضعية التي تتفاقم يوما بعد يوم رغم عشرات النداءات التي توجّهت بها أكثر من جهة .

  إذ بفعل إجراء إداري لم يستشرف من أقرّه وأدرجه في الميزانية العامة لسنة 2023  تبعات ذلك، كان واضحا أنه تم إدراجه بعجل  لتوفير مداخيل إضافية متواضعة للدولة بفرض أداء جديد على تصدير مواد رملية معالجة حوالي 100 د للطن الواحد بمعنى أكثر من 150 بالمائة من ثمن البيع في الأسواق العالمية  أدى إلى غلق عديد المجمّعات الصناعية  والمؤسسات الأجنبية المصدّرة وتوقّف استثماراتها،  بعضها منتصب منذ أكثر من 22 سنة  وبطالة آلاف العمال  الذين وجدوا أنفسهم في الشارع دون أي مورد رزق بعد سنوات طويلة من الكدّ والجهد  .

 لكن ما هو أخطر ليس أن ميزانية الدولة حُرمت بهذا الإجراء من مداخيل مهمّة من الشركات المذكورة ومرابيح ديوانية وجبائية سنوية بعشرات الملايين من الدنانير، بل ما أصبح يتهدّد من مخاطر قضايا مطالبة بتعويضات سترفع ضدّ هذه المؤسسات  وبعضها أجنبية انتصبت بتونس في سياق كرّاسات شروط واضحة محدّدة، من قبل شركائها وحرفائها الأجانب بعد أن التزمت معهم بعقود على مدى سنوات طويلة قادمة تمّ إبرامها قبل صدور هذا الإجراء المفاجئ مع تحديد أثمان مسبقة لتفاجأ اليوم بإخلال بالوفاء بها بما أضرّ بشكل كبير بمصالحها، قد تكون نتيجة كلّ ذلك  غرامات وتعويضات بمبالغ مالية خيالية ستتضرّر منها بلادنا .

   إن التخلف مرهون بقدر القهر الذي يُلاقيه البشر في مجتمعاتهم من إجراءات إدارية لا تراعى فيها لا مصالحهم ولا مصالح البلاد العليا، وكلما كان قدر هذه الحالة كان التخلف على القدر الذي يوازيها .