أستاذة القانون حفيظة شقير: من المفروض أن يتم بناء علاقات شراكة بين لجنة الحقوق والحريات وغيرها من اللجان البرلمانية من جهة وبين الجمعيات والمنظمات
تونس: الصباح
بعد انتخابها وانتخاب مكتبها عقدت لجنة الحقوق والحريات أول أمس جلسة خصّصتها لضبط برنامج عملها ومن بين المواضيع التي تطرق إليها أعضاء اللجنة مراجعة المرسوم المتعلق بالأحزاب والمرسوم المتعلق بالجمعيات، وهو موضوع أثير حوله جدل ساخن سابقا بمناسبة تسريب مقترحات أعدتها رئاسة الجمهورية لتنقيح مرسوم الجمعيات، إذ اعتبر عدد كبير من الناشطين في المجتمع المدني آنذاك أن هذا المرسوم يستجيب للمعايير الدولية وحذروا من أن تلك التعديلات ستؤدي في حال تمريرها إلى التضييق على حرية تكوين الجمعيات ومنها بالخصوص اشتراط تأشير الحكومة على النظام الأساسي للجمعية قبل نشر الإعلان المتعلق بإنشائها في الرائد الرسمي، والحصول على ترخيص من قبل اللجنة التونسية للتحاليل المالية الراجعة بالنظر إلى البنك المركزي التونسي بمناسبة كل تمويل أجنبي تحصل عليه الجمعية، إضافة إلى إمكانية حل الجمعية من قبل الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة إذ نصت الوثيقة المسربة على أن حل الجمعية يكون إما اختياريا بقرار من أعضائها وفق نظامها الأساسي، أو قضائيا بمقتضى قرار من المحكمة أو آليا بقرار معلل صادر عن الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة والحال أن المرسوم في صيغته الأصلية نص على أن الحل يتم بناء على قرار من أعضاء الجمعية أو حكم قضائي، وليس هذا فقط بل تم تقييد حق مسيري الجمعيات في الترشح للانتخابات الرئاسية أو التشريعية أو المحلية وهو ما وقع تنزيل بعض منه لاحقا في المراسيم الانتخابية، إذ بمقتضى الفصل 20 من المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 وقع التنصيص على أنه لا يمكن للنّاخبين رؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية الترشّح لعضويّة مجلس نوّاب الشّعب إلاّ بعد مرور سنة من انتهاء وظائفهم، ونص مرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم على أنه لا يمكن أن يترشح الأشخاص المباشرون رؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية لعضوية المجالس المحلية، ولا يمكنهم الترشّح في الدّوائر الانتخابيّة التي مارسوا فيها وظائفهم المذكورة خلال السّنة السّابقة لتقديم ترشّحهم. وبالنسبة إلى المرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه فإنه لا يجيز لرؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية المباشرون الترشح لعضوية المجالس البلدية ولا يمكن لهؤلاء الترشح في الدوائر الانتخابية التي مارسوا فيها وظائفهم المذكورة خلال السنة السابقة لتقديم ترشحهم.
مرسوم مطابق للمعايير
حفيظة شقير أستاذة القانون والناشطة في المجتمع المدني لئن أكدت على أن النظر في النصوص المتعلقة بالجمعيات والأحزاب هي من صميم اختصاص لجنة الحقوق والحريات، فإنها ترى أن المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بالجمعيات ليس في حاجة إلى التعديل، وبينت أنه بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل الأخير لتونس أمام مجلس حقوق الإنسان تحدث ممثل الحكومة عن الاتجاه نحو تنقيح مرسوم الجمعيات حتى يتلاءم مع المعايير الدولية والحال أن المقرر الخاص للجمعيات أبدى رأيه في المرسوم وقال إنه يتطابق مع المعايير الدولية وإنه من النصوص القانونية التي تحمي حرية الجمعيات.
وأشارت الأستاذة شقير إلى أنها مع نفس هذا الرأي وتعتقد أن المرسوم لا يحتاج إلى التنقيح ولكن المطلوب هو تطبيقه، لأن الإشكال الحقيقي في علاقة بالجمعيات لا يكمن في نص المرسوم في حد ذاته وإنما في غياب تطبيقه الأمر الذي يستدعي إيجاد الآليات الضرورية التي تساعد على حسن تطبيق المرسوم ومنها حل الجمعيات التي لا تحترم أحكامه ولا تلتزم بتطبيقه، وفسرت أن هناك تقريرا لمجموعة العمل المالي "القافي" أشار إلى وجود جمعيات في تونس تمول الإرهاب، وهذه الجمعيات هي التي يجب أن يتم حلها أما بقية الجمعيات فهي تقوم بدورها وهي وسيلة ضغط وآلية لمراقبة أعمال السلطة ولتثقيف المواطنات والمواطنين بحقوقهم وواجباتهم.
ولاحظت الجامعية أن المشكل لا يقتصر على عدم تطبيق المرسوم المتعلق بالجمعيات على النحو المطلوب، بل هناك اتجاه نحو التضييق على عملية تكوين الجمعيات من خلال اشتراط الاستجابة لإجراءات جديدة غير منصوص عليها في المرسوم. فالمرسوم حسب قولها أشار إلى أن تأسيس الجمعيات يخضع إلى نظام التصريح وإلى أنه على الرّاغبين في تأسيس جمعية أن يرسلوا إلى الكاتب العام للحكومة مكتوبا مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ وبعد تسلم بطاقة الإعلام بالبلوغ يتم تسجيل الجمعية في الرائد الرسمي، فالشروط التي وردت في المرسوم واضحة لكن الكتابة العامة للحكومة تطبق إجراءات جديدة فيها تضييق على حرية تكوين الجمعيات وهي ممارسات رفضها المجتمع المدني في السابق وتحديدا في فترة نهاية نظام بن علي فقد تم آنذاك الاعتراض على طريقة تطبيق القانون عدد 154 لسنة 1959 المؤرخ في 7 نوفمبر 1959 المتعلق بالجمعيات لأن الراغبين في تكوين جمعيات كانوا لا يحصلون على الوصل.
وأضافت الأساتذة حفيظة شقير أنه لا بد للجنة الحقوق والحريات اليوم أن تدرك جيدا أهمية الجمعيات والأحزاب السياسية في البلاد، فهي آلية لضمان اتخاذ سياسات تتماشى مع مصالح المواطن، كما أن دورها مهم للغاية في مساعدة المواطنين عندما يتم انتهاك حقوقهم فضلا عن تثقيفهم وتوعيتهم بحقوقهم التي يكفلها لهم الدستور خاصة في ظل انتشار ظاهرة العنف وفي ظل تنامي عمليات تقتيل النساء، فدور الجمعيات في هذا السياق يتمثل في لفت نظر الدولة وحثها على اتخاذ تدابير للحد من منسوب العنف في المجتمع وخاصة العنف المسلط على النساء.
دور المناصرة
وذكرت أستاذة القانون حفيظة شقير أنه فضلا عن التوعية والتثقيف فإن الجمعيات تقوم بالمناصرة فعلى سبيل الذكر لا الحصر يمكن التذكير بالدور الهام الذي قام به المجتمع المدني خلال النقاشات التي تمت في المجلس الوطني التأسيسي حول دستور 2014 وكيف أنه بفضل الضغط الذي مارسه المجتمع المدني من جمعيات وأحزاب وقع التراجع عن مفهوم التكامل والمرأة المكملة، كما قام المجتمع المدني بالمناصرة بمناسبة نظر مجلس نواب الشعب سنة 2017 في مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة وكان له دور في تمرير العديد من التنقيحات أي أن القانون عدد 58 لسنة 2017 المؤرخ في 11 أوت 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة ساهمت فيه الجمعيات بشكل كبير.
وقالت الأستاذة شقير إنه أمام الدور الهام الذي يلعبه المجتمع المدني من المفروض أن يتم بناء علاقات شراكة بين لجنة الحقوق والحريات وغيرها من اللجان البرلمانية من جهة وبين الجمعيات والمنظمات من جهة أخرى، وذكرت أن الدولة مطالبة من الناحية المبدئية بضمان الحقوق والحريات وليس من المقبول أن يقع المساس بجوهر الحق. وخلصت الجامعية إلى أنه عند صدور المرسوم عدد 88 المتعلق بالجمعيات وكذلك المرسوم عدد 87 المتعلق بالأحزاب في سنة 2011 اعتبرها المجتمع المدني تلبي الحاجيات واليوم إذا كان هناك اتجاه نحو تنقيحها فيجب أن لا يكون ذلك في اتجاه التضييق على حرية تكوين الجمعيات والأحزاب وفي اتجاه فيه مساس بجوهر الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور.
جمعيات مشبوهة
أما رئيسة لجنة الحقوق والحريات النائبة عن كتلة الأحرار هالة جاب الله فأكدت على حرصها الشديد على أن تحظى الجمعيات بمكانة هامة في تونس، وبينت في تصريح لـ "الصباح" أنها قادمة من المجتمع المدني وهي تدرك جيدا أهمية الدور الذي لعبته الكثير من الجمعيات في مساعدة الدولة في مختلف الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية ولكن هذا لا يعني عدم وجود جمعيات مشبوهة وتمويلاتها مشبوهة، وطمأنت جاب الله الناشطين في المجتمع المدني أن مراجعة المرسوم المتعلق بالجمعيات تعني فقط الجمعيات المخالفة لكن بالنسبة إلى الجمعيات التي تنشط بصفة قانونية والتي تقوم بتأطير المواطنين فإنها غير معنية بالمراجعة.
وأوضحت رئيسة اللجنة قبل ذلك أنه لم يرد على اللجنة بعد أي مشروع قانون مقدم من رئاسة الجمهورية أو مبادرة تشريعية مقدمة من قبل النواب، وتحدثت عما دار في اجتماع اللجنة المنعقد أول أمس بمقر مجلس نواب الشعب وبينت أنه أول لقاء للجنة وكان الهدف منه بناء برنامج عمل وأن يتعرف أعضاء اللجنة على بعضهم البعض وأن يتحدث كل واحد منهم عن أولويات اللجنة من وجهة نظره خاصة وأنها لجنة تهم المواطن بصفة مباشرة وتعتني بحقوقه وحرياته.
وذكرت هالة جاب الله أنه من الأولويات التي طرحها عدد من النواب مراجعة مرسومي الجمعيات والأحزاب والمراسيم المتعلقة بالإعلام وهناك من تطرقوا إلى الحق في السكن والحق في الماء والعيش الكريم، وبعد الاستماع إلى كل المداخلات حاولت اللجنة ضبط الأولويات المشتركة بين النواب.
وتتمثل الأولويات التي تمت بلورتها من خلال النقاش حسب قولها في ملف الهجرة غير الشرعية من وإلى تونس، وكذلك ظاهرة العنف في المجتمع وخاصة العنف ضد المرأة نظرا لتتالي أحداث العنف في الفترة الأخيرة ثم ملف الإعلام فمراجعة المرسوم المتعلق بالأحزاب والمرسوم المتعلق بالجمعيات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فإن مراجعة مرسومي الأحزاب والجمعيات ليست في الصدارة وإنما ملف الهجرة غير الشرعية وهجرة الأفارقة هو أولى الأولويات، وهو ملف حساس للغاية حسب وصفها ويشغل المواطنين كما أنه محل تفاوض وفي علاقة بمسألة السيادة الوطنية. وأشارت رئيسة اللجنة إلى أن اللجنة قررت الاستماع إلى مختلف الأطراف المعنية بملف الهجرة وأولهم وزير الداخلية أو من ينوبه وكذلك المنظمات الحقوقية المعنية بالهجرة ووزارات الشؤون الاجتماعية والمرأة والشباب والرياضة.
وأشارت رئيسة اللجنة إلى أن اللقاء مع وزارة الداخلية سيخصص أيضا لطرح سؤال حول جواز السفر البيومتري لأنه بداية من ديسمبر 2024 لن يكون من الممكن استعمال جواز السفر العادي وستستفسر اللجنة وزير الداخلية أو من سيمثله إن كانت ستتم إحالة مشروع قانون في هذا المجال على مجلس نواب الشعب وفي صورة عدم وجود مشروع يمكن لعدد من النواب أن يقدموا مبادرة تشريعية تتعلق بجواز السفر البيومتري لضمان عدم تعطيل مصالح المواطنين لاحقا.
سعيدة بوهلال
أستاذة القانون حفيظة شقير: من المفروض أن يتم بناء علاقات شراكة بين لجنة الحقوق والحريات وغيرها من اللجان البرلمانية من جهة وبين الجمعيات والمنظمات
تونس: الصباح
بعد انتخابها وانتخاب مكتبها عقدت لجنة الحقوق والحريات أول أمس جلسة خصّصتها لضبط برنامج عملها ومن بين المواضيع التي تطرق إليها أعضاء اللجنة مراجعة المرسوم المتعلق بالأحزاب والمرسوم المتعلق بالجمعيات، وهو موضوع أثير حوله جدل ساخن سابقا بمناسبة تسريب مقترحات أعدتها رئاسة الجمهورية لتنقيح مرسوم الجمعيات، إذ اعتبر عدد كبير من الناشطين في المجتمع المدني آنذاك أن هذا المرسوم يستجيب للمعايير الدولية وحذروا من أن تلك التعديلات ستؤدي في حال تمريرها إلى التضييق على حرية تكوين الجمعيات ومنها بالخصوص اشتراط تأشير الحكومة على النظام الأساسي للجمعية قبل نشر الإعلان المتعلق بإنشائها في الرائد الرسمي، والحصول على ترخيص من قبل اللجنة التونسية للتحاليل المالية الراجعة بالنظر إلى البنك المركزي التونسي بمناسبة كل تمويل أجنبي تحصل عليه الجمعية، إضافة إلى إمكانية حل الجمعية من قبل الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة إذ نصت الوثيقة المسربة على أن حل الجمعية يكون إما اختياريا بقرار من أعضائها وفق نظامها الأساسي، أو قضائيا بمقتضى قرار من المحكمة أو آليا بقرار معلل صادر عن الإدارة المكلفة بالجمعيات برئاسة الحكومة والحال أن المرسوم في صيغته الأصلية نص على أن الحل يتم بناء على قرار من أعضاء الجمعية أو حكم قضائي، وليس هذا فقط بل تم تقييد حق مسيري الجمعيات في الترشح للانتخابات الرئاسية أو التشريعية أو المحلية وهو ما وقع تنزيل بعض منه لاحقا في المراسيم الانتخابية، إذ بمقتضى الفصل 20 من المرسوم عدد 55 لسنة 2022 المؤرخ في 15 سبتمبر 2022 وقع التنصيص على أنه لا يمكن للنّاخبين رؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية الترشّح لعضويّة مجلس نوّاب الشّعب إلاّ بعد مرور سنة من انتهاء وظائفهم، ونص مرسوم عدد 10 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 المتعلّق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم على أنه لا يمكن أن يترشح الأشخاص المباشرون رؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية لعضوية المجالس المحلية، ولا يمكنهم الترشّح في الدّوائر الانتخابيّة التي مارسوا فيها وظائفهم المذكورة خلال السّنة السّابقة لتقديم ترشّحهم. وبالنسبة إلى المرسوم عدد 8 لسنة 2023 المؤرّخ في 8 مارس 2023 المتعلق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 المتعلق بالانتخابات والاستفتاء وإتمامه فإنه لا يجيز لرؤساء الهياكل والجمعيات الرياضية المباشرون الترشح لعضوية المجالس البلدية ولا يمكن لهؤلاء الترشح في الدوائر الانتخابية التي مارسوا فيها وظائفهم المذكورة خلال السنة السابقة لتقديم ترشحهم.
مرسوم مطابق للمعايير
حفيظة شقير أستاذة القانون والناشطة في المجتمع المدني لئن أكدت على أن النظر في النصوص المتعلقة بالجمعيات والأحزاب هي من صميم اختصاص لجنة الحقوق والحريات، فإنها ترى أن المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بالجمعيات ليس في حاجة إلى التعديل، وبينت أنه بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل الأخير لتونس أمام مجلس حقوق الإنسان تحدث ممثل الحكومة عن الاتجاه نحو تنقيح مرسوم الجمعيات حتى يتلاءم مع المعايير الدولية والحال أن المقرر الخاص للجمعيات أبدى رأيه في المرسوم وقال إنه يتطابق مع المعايير الدولية وإنه من النصوص القانونية التي تحمي حرية الجمعيات.
وأشارت الأستاذة شقير إلى أنها مع نفس هذا الرأي وتعتقد أن المرسوم لا يحتاج إلى التنقيح ولكن المطلوب هو تطبيقه، لأن الإشكال الحقيقي في علاقة بالجمعيات لا يكمن في نص المرسوم في حد ذاته وإنما في غياب تطبيقه الأمر الذي يستدعي إيجاد الآليات الضرورية التي تساعد على حسن تطبيق المرسوم ومنها حل الجمعيات التي لا تحترم أحكامه ولا تلتزم بتطبيقه، وفسرت أن هناك تقريرا لمجموعة العمل المالي "القافي" أشار إلى وجود جمعيات في تونس تمول الإرهاب، وهذه الجمعيات هي التي يجب أن يتم حلها أما بقية الجمعيات فهي تقوم بدورها وهي وسيلة ضغط وآلية لمراقبة أعمال السلطة ولتثقيف المواطنات والمواطنين بحقوقهم وواجباتهم.
ولاحظت الجامعية أن المشكل لا يقتصر على عدم تطبيق المرسوم المتعلق بالجمعيات على النحو المطلوب، بل هناك اتجاه نحو التضييق على عملية تكوين الجمعيات من خلال اشتراط الاستجابة لإجراءات جديدة غير منصوص عليها في المرسوم. فالمرسوم حسب قولها أشار إلى أن تأسيس الجمعيات يخضع إلى نظام التصريح وإلى أنه على الرّاغبين في تأسيس جمعية أن يرسلوا إلى الكاتب العام للحكومة مكتوبا مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ وبعد تسلم بطاقة الإعلام بالبلوغ يتم تسجيل الجمعية في الرائد الرسمي، فالشروط التي وردت في المرسوم واضحة لكن الكتابة العامة للحكومة تطبق إجراءات جديدة فيها تضييق على حرية تكوين الجمعيات وهي ممارسات رفضها المجتمع المدني في السابق وتحديدا في فترة نهاية نظام بن علي فقد تم آنذاك الاعتراض على طريقة تطبيق القانون عدد 154 لسنة 1959 المؤرخ في 7 نوفمبر 1959 المتعلق بالجمعيات لأن الراغبين في تكوين جمعيات كانوا لا يحصلون على الوصل.
وأضافت الأساتذة حفيظة شقير أنه لا بد للجنة الحقوق والحريات اليوم أن تدرك جيدا أهمية الجمعيات والأحزاب السياسية في البلاد، فهي آلية لضمان اتخاذ سياسات تتماشى مع مصالح المواطن، كما أن دورها مهم للغاية في مساعدة المواطنين عندما يتم انتهاك حقوقهم فضلا عن تثقيفهم وتوعيتهم بحقوقهم التي يكفلها لهم الدستور خاصة في ظل انتشار ظاهرة العنف وفي ظل تنامي عمليات تقتيل النساء، فدور الجمعيات في هذا السياق يتمثل في لفت نظر الدولة وحثها على اتخاذ تدابير للحد من منسوب العنف في المجتمع وخاصة العنف المسلط على النساء.
دور المناصرة
وذكرت أستاذة القانون حفيظة شقير أنه فضلا عن التوعية والتثقيف فإن الجمعيات تقوم بالمناصرة فعلى سبيل الذكر لا الحصر يمكن التذكير بالدور الهام الذي قام به المجتمع المدني خلال النقاشات التي تمت في المجلس الوطني التأسيسي حول دستور 2014 وكيف أنه بفضل الضغط الذي مارسه المجتمع المدني من جمعيات وأحزاب وقع التراجع عن مفهوم التكامل والمرأة المكملة، كما قام المجتمع المدني بالمناصرة بمناسبة نظر مجلس نواب الشعب سنة 2017 في مشروع القانون الأساسي المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة وكان له دور في تمرير العديد من التنقيحات أي أن القانون عدد 58 لسنة 2017 المؤرخ في 11 أوت 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة ساهمت فيه الجمعيات بشكل كبير.
وقالت الأستاذة شقير إنه أمام الدور الهام الذي يلعبه المجتمع المدني من المفروض أن يتم بناء علاقات شراكة بين لجنة الحقوق والحريات وغيرها من اللجان البرلمانية من جهة وبين الجمعيات والمنظمات من جهة أخرى، وذكرت أن الدولة مطالبة من الناحية المبدئية بضمان الحقوق والحريات وليس من المقبول أن يقع المساس بجوهر الحق. وخلصت الجامعية إلى أنه عند صدور المرسوم عدد 88 المتعلق بالجمعيات وكذلك المرسوم عدد 87 المتعلق بالأحزاب في سنة 2011 اعتبرها المجتمع المدني تلبي الحاجيات واليوم إذا كان هناك اتجاه نحو تنقيحها فيجب أن لا يكون ذلك في اتجاه التضييق على حرية تكوين الجمعيات والأحزاب وفي اتجاه فيه مساس بجوهر الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور.
جمعيات مشبوهة
أما رئيسة لجنة الحقوق والحريات النائبة عن كتلة الأحرار هالة جاب الله فأكدت على حرصها الشديد على أن تحظى الجمعيات بمكانة هامة في تونس، وبينت في تصريح لـ "الصباح" أنها قادمة من المجتمع المدني وهي تدرك جيدا أهمية الدور الذي لعبته الكثير من الجمعيات في مساعدة الدولة في مختلف الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية ولكن هذا لا يعني عدم وجود جمعيات مشبوهة وتمويلاتها مشبوهة، وطمأنت جاب الله الناشطين في المجتمع المدني أن مراجعة المرسوم المتعلق بالجمعيات تعني فقط الجمعيات المخالفة لكن بالنسبة إلى الجمعيات التي تنشط بصفة قانونية والتي تقوم بتأطير المواطنين فإنها غير معنية بالمراجعة.
وأوضحت رئيسة اللجنة قبل ذلك أنه لم يرد على اللجنة بعد أي مشروع قانون مقدم من رئاسة الجمهورية أو مبادرة تشريعية مقدمة من قبل النواب، وتحدثت عما دار في اجتماع اللجنة المنعقد أول أمس بمقر مجلس نواب الشعب وبينت أنه أول لقاء للجنة وكان الهدف منه بناء برنامج عمل وأن يتعرف أعضاء اللجنة على بعضهم البعض وأن يتحدث كل واحد منهم عن أولويات اللجنة من وجهة نظره خاصة وأنها لجنة تهم المواطن بصفة مباشرة وتعتني بحقوقه وحرياته.
وذكرت هالة جاب الله أنه من الأولويات التي طرحها عدد من النواب مراجعة مرسومي الجمعيات والأحزاب والمراسيم المتعلقة بالإعلام وهناك من تطرقوا إلى الحق في السكن والحق في الماء والعيش الكريم، وبعد الاستماع إلى كل المداخلات حاولت اللجنة ضبط الأولويات المشتركة بين النواب.
وتتمثل الأولويات التي تمت بلورتها من خلال النقاش حسب قولها في ملف الهجرة غير الشرعية من وإلى تونس، وكذلك ظاهرة العنف في المجتمع وخاصة العنف ضد المرأة نظرا لتتالي أحداث العنف في الفترة الأخيرة ثم ملف الإعلام فمراجعة المرسوم المتعلق بالأحزاب والمرسوم المتعلق بالجمعيات والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فإن مراجعة مرسومي الأحزاب والجمعيات ليست في الصدارة وإنما ملف الهجرة غير الشرعية وهجرة الأفارقة هو أولى الأولويات، وهو ملف حساس للغاية حسب وصفها ويشغل المواطنين كما أنه محل تفاوض وفي علاقة بمسألة السيادة الوطنية. وأشارت رئيسة اللجنة إلى أن اللجنة قررت الاستماع إلى مختلف الأطراف المعنية بملف الهجرة وأولهم وزير الداخلية أو من ينوبه وكذلك المنظمات الحقوقية المعنية بالهجرة ووزارات الشؤون الاجتماعية والمرأة والشباب والرياضة.
وأشارت رئيسة اللجنة إلى أن اللقاء مع وزارة الداخلية سيخصص أيضا لطرح سؤال حول جواز السفر البيومتري لأنه بداية من ديسمبر 2024 لن يكون من الممكن استعمال جواز السفر العادي وستستفسر اللجنة وزير الداخلية أو من سيمثله إن كانت ستتم إحالة مشروع قانون في هذا المجال على مجلس نواب الشعب وفي صورة عدم وجود مشروع يمكن لعدد من النواب أن يقدموا مبادرة تشريعية تتعلق بجواز السفر البيومتري لضمان عدم تعطيل مصالح المواطنين لاحقا.