إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كرّرها مرات عديدة .. الرئيس سعيد يطالب بإسقاط ديون تونس وتحويلها إلى استثمارات

 

 

تونس- الصباح

جدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال لقائه رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني أول أمس، دعوته بإلغاء الديون التي تثقل كاهل الدولة التونسية وتحويلها إلى استثمارات ومشاريع تنموية، مشيرا إلى أن هذه الديون تم الاستيلاء عليها.

وهذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها سعيّد إسقاط الديون التونسية، إذ سبق أن تقدم بهذا المقترح في مناسبتين، الأولى خلال كلمة ألقاها في أشغال حلقة النقاش المخصصة لموضوع ”إفريقيا المزدهرة القائمة على النمو الشامل والتنمية المستدامة“، وذلك في إطار المشاركة في الدورة الثانية لقمة قادة الولايات المتحدة الأمريكية وإفريقيا التي انعقدت بواشنطن في 16 ديسمبر من العام الماضي.

وطالب رئيس الجمهورية بإسقاط "الديون التي تراكمت منذ عقود، وبالعمل على استرداد الأموال المنهوبة لأنها حق مسلوب من عديد الشعوب الإفريقية ومن بينها الشعب التونسي".  

وقال:"لا دواء ناجع لمشاكلنا إلا بعد تشخيص صحيح للمرض"، مشيرا إلى أن "المواثيق التي أُعلنت والاتفاقيات التي أُبرمت والنصوص القانونية التي وُضعت لم تؤدّ إلى الآثار والنتائج التي تنشدها الشعوب. فملايين الأرواح أُزهقت، وملايين ماتوا جوعا، وملايين يعيشون وكأنهم ليسوا من جنس البشر"..

وأضاف:"إننا قادرون على تشخيص أسباب معاناة شعوبنا، فلنعمل على تحديد الحلول الناجعة ويعمّ أثرها على الجميع، أما الأدوية التي تقترحها دوائر النقد والمال العالمية فهي ليست بالأدوية، بل هي بمثابة الكيّ بالنار أو عود ثقاب بجانب مواد شديدة الانفجار، والتصنيفات التي تظهر بين الحين والآخر تقوم على معايير قوامها الأرقام في حين أن الذوات البشرية ليست مجرّد أرقام".

والمناسبة الثانية كانت في إحدى لقاءاته مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وتحديدا  بتاريخ 17 فيفري 2023، حينها دعا سعيد الدول الغربية الدائنة إلى ”إسقاط ديون تونس وإعادة أموالها المنهوبة إذا كانت تريد الوقوف إلى جانبها". وقال في فيديو نشرته رئاسة الجمهورية على موقعها الالكتروني وصحفتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "إن كانوا (الدول الغربية الدائنة) بالفعل يريدون الوقوف إلى جانب الشعب التونسي ليسقطوا الديون التي تتراكم العام تلو العام".  

2023 سنة صعبة من حيث حجم سداد الديون الخارجية

وتمثل سنة 2023، بداية الفترة الصعبة التي ستواجهها تونس في علاقة بسداد الديون الخارجية، في حال عدم التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، إذ ستكون الحكومة مجبرة على تسديد ديونها من رصيدها من العملة الأجنبية الذي يشهد تراجعا لافتا ووصل إلى حدود 92 يوم توريد فقط.

ووفق ميزانية 2023، تحتاج الحكومة إلى 25 مليار دينار في شكل قروض إضافية ومن بينها 15 ألف مليار دينار من الخارج والباقي من السوق الداخلية..

ويقدر حجم الديون الخارجية الجملية التي يحل سدادها خلال السداسي الثاني من السنة الجارية، 2800 مليون دينار (903.2 مليون دولار)، وتتعلق بخمسة خطوط تمويل خارجية.

وكان الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان قد اعتبر في تصريحات إعلامية سابقة أن إعادة جدولة ديون تونس الخارجية أمام نادي باريس قد يمثل حلاً وقد يخفف الضغط على المالية التونسية ويخلق فضاء لتعبئة موارد جديدة، وذلك في حال تعثر توصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.  

 

66.5 مليار دينار حجم الديون الخارجية

ويقدر حجم الدين العام التونسي بأكثر من 114 مليار دينار، موفى ديسمبر 2022، ما يمثل 79.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتشير بيانات صدرت ضمن وثيقة مؤقتة أعدتها وزارة المالية حول تنفيذ ميزانية الدولة لسنة 2022، إلى ارتفاع الدين الداخلي ليشكل 42.1 % من إجمالي الدين، وتراجعت في المقابل حصة الدين الخارجي، إلى 57.9 % مع موفى ديسمبر 2022. بعد أن كانت في حدود من 60.4 بالمائة، مع موفى ديسمبر 2021.

وبلغت قيمة الدين الخارجي لتونس66.5 مليار دينار، ويستأثر التعاون متعدد الأطراف على غرار مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنوك الأخرى المانحة على زهاء 60.3% من ديون تونس الخارجية تليها السوق المالية بنحو 21.3% والتعاون الثنائي بحصة تقارب 18.4. %

وتشكل عملة اليورو 59.8% من ديون تونس، يليها الدولار بحصة تقارب 25% واليان  8.2.%

يذكر أن الرئيس سعيد شكل في شهر فيفري 2022 لجنة بوزارة المالية للتدقيق في القروض والهبات التي تحصلت عليها تونس خلال العشر سنوات الماضية.

ورغم أن اللجنة تمكنت من إعداد تقرير للغرض، إلا أنه لم يتم إلى اليوم نشره للعموم، واكتفى رئيس الدولة في شهر أوت 2022 خلال تلقيه التقرير من وزيرة المالية، بأن أعلن أن النتائج التي توصل إليها التقرير "مهمة".

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مطلب التدقيق في الديون الخارجية وخاصة ما يطلق عليها بـ"الديون الكريهة" سبق أن دعت إليه بعض الأحزاب قبل سنوات على غرار الجبهة الشعبية سابقا (تحالف بين أحزاب العمال والوطد) غير أن مطلبها جوبه بالرفض..

وكان بإمكان تونس أن تطلب إجراء عمليّة تدقيق شاملة لتحديد حجم المديونيّة التي لم توظف في مشاريع مجدية لخدمة الصالح العام وذلك من خلال البحث في أوجه صرفها والأطراف المستفيدة منها والأقساط غير المسددة منها، ثم تطلب من صندوق النقد الدولي التفاوض في سبل إلغاء هذا الجانب من القروض، لكن حكومات ما بعد سنة 2011 ارتأت مواصلة تسديد ديون النظام السابق بحجة الحفاظ على الترقيم السيادي لتونس الذي يخوّل لها حريّة النفاذ إلى الأسواق الماليّة العالميّة بشروط ميسّرة..

ومن بين الدول التي لجأت إلى آلية التدقيق في مديونيتها، الإكوادور، التي توصلت بعد إجرائها لعمليّة تدقيق في ديونها، اثر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي سنة 2008 إلى إلغاء 70%  من ديونها المصنفة بالكريهة، وهو ما سمح بإعفائها من تسديد 7 مليار دولار. مع الإشارة إلى أن هذا التطور حصل في أعقاب نجاح هذا البلد في تحقيق انتقال ديمقراطي على غرار تونس، كما نجحت الأرجنتين سنة 2003 في شطب 75% من ديونها المقدرة آنذاك بـ 94 مليار دولار .

رفيق بن عبد الله

كرّرها مرات عديدة .. الرئيس سعيد يطالب بإسقاط ديون تونس وتحويلها إلى استثمارات

 

 

تونس- الصباح

جدّد رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال لقائه رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني أول أمس، دعوته بإلغاء الديون التي تثقل كاهل الدولة التونسية وتحويلها إلى استثمارات ومشاريع تنموية، مشيرا إلى أن هذه الديون تم الاستيلاء عليها.

وهذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها سعيّد إسقاط الديون التونسية، إذ سبق أن تقدم بهذا المقترح في مناسبتين، الأولى خلال كلمة ألقاها في أشغال حلقة النقاش المخصصة لموضوع ”إفريقيا المزدهرة القائمة على النمو الشامل والتنمية المستدامة“، وذلك في إطار المشاركة في الدورة الثانية لقمة قادة الولايات المتحدة الأمريكية وإفريقيا التي انعقدت بواشنطن في 16 ديسمبر من العام الماضي.

وطالب رئيس الجمهورية بإسقاط "الديون التي تراكمت منذ عقود، وبالعمل على استرداد الأموال المنهوبة لأنها حق مسلوب من عديد الشعوب الإفريقية ومن بينها الشعب التونسي".  

وقال:"لا دواء ناجع لمشاكلنا إلا بعد تشخيص صحيح للمرض"، مشيرا إلى أن "المواثيق التي أُعلنت والاتفاقيات التي أُبرمت والنصوص القانونية التي وُضعت لم تؤدّ إلى الآثار والنتائج التي تنشدها الشعوب. فملايين الأرواح أُزهقت، وملايين ماتوا جوعا، وملايين يعيشون وكأنهم ليسوا من جنس البشر"..

وأضاف:"إننا قادرون على تشخيص أسباب معاناة شعوبنا، فلنعمل على تحديد الحلول الناجعة ويعمّ أثرها على الجميع، أما الأدوية التي تقترحها دوائر النقد والمال العالمية فهي ليست بالأدوية، بل هي بمثابة الكيّ بالنار أو عود ثقاب بجانب مواد شديدة الانفجار، والتصنيفات التي تظهر بين الحين والآخر تقوم على معايير قوامها الأرقام في حين أن الذوات البشرية ليست مجرّد أرقام".

والمناسبة الثانية كانت في إحدى لقاءاته مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وتحديدا  بتاريخ 17 فيفري 2023، حينها دعا سعيد الدول الغربية الدائنة إلى ”إسقاط ديون تونس وإعادة أموالها المنهوبة إذا كانت تريد الوقوف إلى جانبها". وقال في فيديو نشرته رئاسة الجمهورية على موقعها الالكتروني وصحفتها بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "إن كانوا (الدول الغربية الدائنة) بالفعل يريدون الوقوف إلى جانب الشعب التونسي ليسقطوا الديون التي تتراكم العام تلو العام".  

2023 سنة صعبة من حيث حجم سداد الديون الخارجية

وتمثل سنة 2023، بداية الفترة الصعبة التي ستواجهها تونس في علاقة بسداد الديون الخارجية، في حال عدم التوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، إذ ستكون الحكومة مجبرة على تسديد ديونها من رصيدها من العملة الأجنبية الذي يشهد تراجعا لافتا ووصل إلى حدود 92 يوم توريد فقط.

ووفق ميزانية 2023، تحتاج الحكومة إلى 25 مليار دينار في شكل قروض إضافية ومن بينها 15 ألف مليار دينار من الخارج والباقي من السوق الداخلية..

ويقدر حجم الديون الخارجية الجملية التي يحل سدادها خلال السداسي الثاني من السنة الجارية، 2800 مليون دينار (903.2 مليون دولار)، وتتعلق بخمسة خطوط تمويل خارجية.

وكان الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان قد اعتبر في تصريحات إعلامية سابقة أن إعادة جدولة ديون تونس الخارجية أمام نادي باريس قد يمثل حلاً وقد يخفف الضغط على المالية التونسية ويخلق فضاء لتعبئة موارد جديدة، وذلك في حال تعثر توصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.  

 

66.5 مليار دينار حجم الديون الخارجية

ويقدر حجم الدين العام التونسي بأكثر من 114 مليار دينار، موفى ديسمبر 2022، ما يمثل 79.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتشير بيانات صدرت ضمن وثيقة مؤقتة أعدتها وزارة المالية حول تنفيذ ميزانية الدولة لسنة 2022، إلى ارتفاع الدين الداخلي ليشكل 42.1 % من إجمالي الدين، وتراجعت في المقابل حصة الدين الخارجي، إلى 57.9 % مع موفى ديسمبر 2022. بعد أن كانت في حدود من 60.4 بالمائة، مع موفى ديسمبر 2021.

وبلغت قيمة الدين الخارجي لتونس66.5 مليار دينار، ويستأثر التعاون متعدد الأطراف على غرار مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنوك الأخرى المانحة على زهاء 60.3% من ديون تونس الخارجية تليها السوق المالية بنحو 21.3% والتعاون الثنائي بحصة تقارب 18.4. %

وتشكل عملة اليورو 59.8% من ديون تونس، يليها الدولار بحصة تقارب 25% واليان  8.2.%

يذكر أن الرئيس سعيد شكل في شهر فيفري 2022 لجنة بوزارة المالية للتدقيق في القروض والهبات التي تحصلت عليها تونس خلال العشر سنوات الماضية.

ورغم أن اللجنة تمكنت من إعداد تقرير للغرض، إلا أنه لم يتم إلى اليوم نشره للعموم، واكتفى رئيس الدولة في شهر أوت 2022 خلال تلقيه التقرير من وزيرة المالية، بأن أعلن أن النتائج التي توصل إليها التقرير "مهمة".

وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مطلب التدقيق في الديون الخارجية وخاصة ما يطلق عليها بـ"الديون الكريهة" سبق أن دعت إليه بعض الأحزاب قبل سنوات على غرار الجبهة الشعبية سابقا (تحالف بين أحزاب العمال والوطد) غير أن مطلبها جوبه بالرفض..

وكان بإمكان تونس أن تطلب إجراء عمليّة تدقيق شاملة لتحديد حجم المديونيّة التي لم توظف في مشاريع مجدية لخدمة الصالح العام وذلك من خلال البحث في أوجه صرفها والأطراف المستفيدة منها والأقساط غير المسددة منها، ثم تطلب من صندوق النقد الدولي التفاوض في سبل إلغاء هذا الجانب من القروض، لكن حكومات ما بعد سنة 2011 ارتأت مواصلة تسديد ديون النظام السابق بحجة الحفاظ على الترقيم السيادي لتونس الذي يخوّل لها حريّة النفاذ إلى الأسواق الماليّة العالميّة بشروط ميسّرة..

ومن بين الدول التي لجأت إلى آلية التدقيق في مديونيتها، الإكوادور، التي توصلت بعد إجرائها لعمليّة تدقيق في ديونها، اثر مفاوضات مع صندوق النقد الدولي سنة 2008 إلى إلغاء 70%  من ديونها المصنفة بالكريهة، وهو ما سمح بإعفائها من تسديد 7 مليار دولار. مع الإشارة إلى أن هذا التطور حصل في أعقاب نجاح هذا البلد في تحقيق انتقال ديمقراطي على غرار تونس، كما نجحت الأرجنتين سنة 2003 في شطب 75% من ديونها المقدرة آنذاك بـ 94 مليار دولار .

رفيق بن عبد الله