قد يكون غاب عن مسؤول الديبلوماسية الأمريكي في سعيه لتحقيق التطبيع بين الرياض وتل أبيب أن المملكة سبق لها أن أطلقت قبل ربع قرن مبادرة عربية خلال قمة بيروت ضمنتها كل الشروط المطلوبة قبل التطبيع.. ولكن يبدو أن انسياق بعض الدول نحو التطبيع المجاني جعل كيان الاحتلال يطمع أكثر فأكثر في تحقيق المزيد من ثمار التطبيع المجاني ...
لم يجد وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أفضل من هذا التوقيت للإفصاح عن آماله وتطلعاته لتحقيق التطبيع الذي يصبو إليه بين السعودية وبين الكيان الإسرائيلي ومواصلة ما توقف عنده الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في إطار اتفاقيات ابراهام... "ايباك" أكبر تجمع يهودي أمريكي داعم لإسرائيل وللاحتلال، حيث جدد تأكيد بلاده على دعم وضمان أمن إسرائيل معتبرا في ذات الوقت أن الخطر الأكبر هو إيران ...
تصريحات مسؤول الديبلوماسية الأمريكية تأتي بالتزامن مع ذكرى النكسة اليوم، وهي لا تخلو من حسابات لا تخفى على ملاحظ تتنزل في إطار صناعة الوهم والترويج للحقائق الزائفة قبل المرور الى تصديقها كأحداث واقعية والحال أنها ليست كذلك وهذا جانب أيضا من ديبلوماسية بيع الأوهام لمن هم مستعدون لتصديقها وتداولها.. وقد حرص على استباق زيارته الى السعودية ولقائه المرتقب مع ولي العهد السعودي بالترويج للخطر الإيراني المحدق بالمنطقة.. والحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي تحاول الإدارة الأمريكية الترويج لاتصالات سعودية إسرائيلية على أكثر من مستوى مخابراتي وأمني فضلا عن ترويج ما كان ولا يزال ناتنياهو يصر على ترويجه بشأن الخطر النووي الإيراني الوشيك وتأكيد إسرائيل على تفكيك برنامج إيران النووي وإعلان رفض أي توجه سعودي في هذا الإطار بما يعني بكل بساطة تفرد إسرائيل وحدها بالسلاح النووي وتفوقها على مختلف دول المنطقة لتواصل التمدد والتوسع والاستيطان وسياسة الترويع والاغتيالات التي امتدت الى الأطفال وتصفية الذاكرة الوطنية الفلسطينية..
على وقع كل هذه الجرائم وغيرها يحل بلينكن بالسعودية بالتزامن مع عودة العلاقات السعودية الإيرانية وافتتاح إيران سفارتها بالمملكة ليبشر بأن تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل يندرج ضمن المصالح الأمنية للولايات المتحدة.. وأنه يتعين المضي قدما في هذا الاتجاه.. وربما يأمل بلينكن في تحقيق اختراق في المشهد خلال زيارته التي بدأت أمس الى السعودية للمشاركة في اجتماع دولي ضد تنظيم داعش الإرهابي..
لا ندعي معرفة بما سيكون عليه الرد السعودي ولكن الأحداث تؤكد أن خيار التطبيع لن يكون مطروحا على الأقل خلال هذه المرحلة وموقف السعودية معلوم منذ قمة بيروت سنة 2002 عندما طرحت للعالم مبادرة جريئة للسلام تحت شعار الأرض مقابل السلام قدمها الملك الراحل عبد الله وكان وليا للعهد، والتي تضمنت انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، تنفيذاً لقراري مجلس الأمن (242 و338) واللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991م ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية, وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل.. كما تضمنت المبادرة انسحاب إسرائيل من الجولان والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. وكذلك قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة على حدود الرابع من جوان 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية... ولعله من المهم الإشارة إلى أنه تم إقرار مبادرة السلام العربية، من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وأصبحت تعبر عن الموقف العربي والإسلامي تجاه العلاقة مع إسرائيل وحل القضية الفلسطينية.. ولكن للأسف لم يتم احترام هذا القرار ومضى قطار التطبيع يتسلل بين محطة وأخرى حتى اعتقدت إسرائيل أنه بالإمكان إغراء بقية الدول العربية وجرها الى الاعتراف المجاني بكيان الاحتلال بدعم من الحليف الأمريكي ..
ونذكر جيدا كيف جاء الرد الإسرائيلي على المبادرة قبل حتى اختتام قمة بيروت عندما تحركت الآلة العسكرية الإسرائيلية لقمع الشارع الفلسطيني وانتفاضته ...
حتى هذه المرحلة فان تصريحات المسؤولين السعوديين ظلت وفي مختلف المناسبات متمسكة بالمبادرة العربية التي أطلقتها وهو ما يحسب لها.. وقد جاءت مخرجات قمة جدة لتؤكد هذا التوجه أو هذا على الأقل ما يستشف من خلال بيانها الختامي الذي وإن لم يحدد موقفا واضحا من التطبيع فقد جدد استمرار التأييد للقضية الفلسطينية.
والأكيد أن التطبيع مع السعودية حلم ناتنياهو الذي يأمل من خلالها تصفية خلافاته في الداخل والتربع على عرش إسرائيل دون تقديم أدنى تنازل يذكر ..
ورأى بلينكن أن «حل الدولتين أمر حيوي للحفاظ على هوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية». وكرر الدعوة إلى «وقف التصعيد والامتناع عن الإجراءات الأحادية.. ولو كان حرص الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تفعيل الشرعية الدولية بحجم الحرص على تحقيق التطبيع لأمكن تجنب الكثير من المآسي وتجنيب شعوب المنطقة ويلات الصراعات والحروب.. في هذه المرحلة فإن إسرائيل من يحتاج لهذا التطبيع لعدة اعتبارات والمنطق يفترض أن يكون هذا الكيان من يدفع لتقديم التنازلات ويلهث وراء تحقيق السلام ..
آسيا العتروس
قد يكون غاب عن مسؤول الديبلوماسية الأمريكي في سعيه لتحقيق التطبيع بين الرياض وتل أبيب أن المملكة سبق لها أن أطلقت قبل ربع قرن مبادرة عربية خلال قمة بيروت ضمنتها كل الشروط المطلوبة قبل التطبيع.. ولكن يبدو أن انسياق بعض الدول نحو التطبيع المجاني جعل كيان الاحتلال يطمع أكثر فأكثر في تحقيق المزيد من ثمار التطبيع المجاني ...
لم يجد وزير الخارجية الأمريكي بلينكن أفضل من هذا التوقيت للإفصاح عن آماله وتطلعاته لتحقيق التطبيع الذي يصبو إليه بين السعودية وبين الكيان الإسرائيلي ومواصلة ما توقف عنده الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في إطار اتفاقيات ابراهام... "ايباك" أكبر تجمع يهودي أمريكي داعم لإسرائيل وللاحتلال، حيث جدد تأكيد بلاده على دعم وضمان أمن إسرائيل معتبرا في ذات الوقت أن الخطر الأكبر هو إيران ...
تصريحات مسؤول الديبلوماسية الأمريكية تأتي بالتزامن مع ذكرى النكسة اليوم، وهي لا تخلو من حسابات لا تخفى على ملاحظ تتنزل في إطار صناعة الوهم والترويج للحقائق الزائفة قبل المرور الى تصديقها كأحداث واقعية والحال أنها ليست كذلك وهذا جانب أيضا من ديبلوماسية بيع الأوهام لمن هم مستعدون لتصديقها وتداولها.. وقد حرص على استباق زيارته الى السعودية ولقائه المرتقب مع ولي العهد السعودي بالترويج للخطر الإيراني المحدق بالمنطقة.. والحقيقة هذه ليست المرة الأولى التي تحاول الإدارة الأمريكية الترويج لاتصالات سعودية إسرائيلية على أكثر من مستوى مخابراتي وأمني فضلا عن ترويج ما كان ولا يزال ناتنياهو يصر على ترويجه بشأن الخطر النووي الإيراني الوشيك وتأكيد إسرائيل على تفكيك برنامج إيران النووي وإعلان رفض أي توجه سعودي في هذا الإطار بما يعني بكل بساطة تفرد إسرائيل وحدها بالسلاح النووي وتفوقها على مختلف دول المنطقة لتواصل التمدد والتوسع والاستيطان وسياسة الترويع والاغتيالات التي امتدت الى الأطفال وتصفية الذاكرة الوطنية الفلسطينية..
على وقع كل هذه الجرائم وغيرها يحل بلينكن بالسعودية بالتزامن مع عودة العلاقات السعودية الإيرانية وافتتاح إيران سفارتها بالمملكة ليبشر بأن تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل يندرج ضمن المصالح الأمنية للولايات المتحدة.. وأنه يتعين المضي قدما في هذا الاتجاه.. وربما يأمل بلينكن في تحقيق اختراق في المشهد خلال زيارته التي بدأت أمس الى السعودية للمشاركة في اجتماع دولي ضد تنظيم داعش الإرهابي..
لا ندعي معرفة بما سيكون عليه الرد السعودي ولكن الأحداث تؤكد أن خيار التطبيع لن يكون مطروحا على الأقل خلال هذه المرحلة وموقف السعودية معلوم منذ قمة بيروت سنة 2002 عندما طرحت للعالم مبادرة جريئة للسلام تحت شعار الأرض مقابل السلام قدمها الملك الراحل عبد الله وكان وليا للعهد، والتي تضمنت انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، تنفيذاً لقراري مجلس الأمن (242 و338) واللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991م ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية, وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل.. كما تضمنت المبادرة انسحاب إسرائيل من الجولان والتوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194. وكذلك قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة على حدود الرابع من جوان 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية... ولعله من المهم الإشارة إلى أنه تم إقرار مبادرة السلام العربية، من قبل جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، وأصبحت تعبر عن الموقف العربي والإسلامي تجاه العلاقة مع إسرائيل وحل القضية الفلسطينية.. ولكن للأسف لم يتم احترام هذا القرار ومضى قطار التطبيع يتسلل بين محطة وأخرى حتى اعتقدت إسرائيل أنه بالإمكان إغراء بقية الدول العربية وجرها الى الاعتراف المجاني بكيان الاحتلال بدعم من الحليف الأمريكي ..
ونذكر جيدا كيف جاء الرد الإسرائيلي على المبادرة قبل حتى اختتام قمة بيروت عندما تحركت الآلة العسكرية الإسرائيلية لقمع الشارع الفلسطيني وانتفاضته ...
حتى هذه المرحلة فان تصريحات المسؤولين السعوديين ظلت وفي مختلف المناسبات متمسكة بالمبادرة العربية التي أطلقتها وهو ما يحسب لها.. وقد جاءت مخرجات قمة جدة لتؤكد هذا التوجه أو هذا على الأقل ما يستشف من خلال بيانها الختامي الذي وإن لم يحدد موقفا واضحا من التطبيع فقد جدد استمرار التأييد للقضية الفلسطينية.
والأكيد أن التطبيع مع السعودية حلم ناتنياهو الذي يأمل من خلالها تصفية خلافاته في الداخل والتربع على عرش إسرائيل دون تقديم أدنى تنازل يذكر ..
ورأى بلينكن أن «حل الدولتين أمر حيوي للحفاظ على هوية إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية». وكرر الدعوة إلى «وقف التصعيد والامتناع عن الإجراءات الأحادية.. ولو كان حرص الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تفعيل الشرعية الدولية بحجم الحرص على تحقيق التطبيع لأمكن تجنب الكثير من المآسي وتجنيب شعوب المنطقة ويلات الصراعات والحروب.. في هذه المرحلة فإن إسرائيل من يحتاج لهذا التطبيع لعدة اعتبارات والمنطق يفترض أن يكون هذا الكيان من يدفع لتقديم التنازلات ويلهث وراء تحقيق السلام ..