بعد انقضاء ستة أشهر كاملة على آخر تعديل في أسعار المحروقات تحديدا منذ الـ24 من شهر نوفمبر المنقضي، يعود الغموض من جديد في ملف الدعم في جزئه الخاص برفع دعم الدولة لمواطنيها على الطاقة، خاصة أن الحكومة كانت قد تعهدت في وقت سابق، في برنامجها الإصلاحي الذي قدمته الى صندوق النقد الدولي، بالانطلاق في رفع الدعم تدريجيا من خلال تطبيق آلية التعديل الآلي لأسعار المحروقات بشكل دوري.
وقد يحمل قرار توقف اعتماد هذه الآلية لستة أشهر متتالية تداعيات وخيمة على توازنات البلاد المالية، باعتبار أن هذا الملف يكتسي حساسية بالغة لم تنجح الحكومات المتعاقبة، بعد الثورة، في حله والفصل فيه نهائيا، ليزداد تعقيدا أكثر، بعد أن أصبح من مشمولات رئيس الجمهورية، ليكون القرار النهائي الذي سيحدد مآله، سياسيا بامتياز..
وينضاف بالتالي هذا المعطى الجديد الى ملف الدعم، الذي سيعود بالمنظومة إلى الوراء بعد أن وجدت لها حكومة نجلاء بودن، خلافا لبقية الحكومات السابقة، مخرجا لإصلاحها انطلاقا من رفع دعم الطاقة، بعد أن تبين استنزافها المتواصل لميزانية الدولة من جهة وكونها سببا رئيسيا في توسع عجز الميزان التجاري من جهة ثانية.
فاليوم، وبالنظر الى المعطيات والمؤشرات الأخيرة التي يشهدها وضع الطاقة في البلاد، فقد فاق العجز الطاقي لبلادنا الـ50 بالمائة في ظل تواصل تراجع أنشطة الاستكشاف والبحث خلال العشرية الأخيرة، مما زاد من أعباء نفقات الدعم في المواد الطاقية في ميزانية الدولة التي تجاوزت الـ8.2 مليار دينار ..
وبين المؤشرات السلبية لوضع بلادنا الطاقي وموقف الرئيس الرافض للمساس بمنظومة الدعم، تجد اليوم الحكومة نفسها في مأزق جديد وغريب من نوعه، وهي التي أعدت برنامجا إصلاحيا شمل تقريبا كل المجالات وعرضته في داخل البلاد وخارجها، لتعتمده كتأشيرة للحصول على تمويلات خارجية أهمها قرض صندوق النقد، لكنه غير قابل للتنفيذ في الوقت الراهن بما سيزيد من تأزم وضع البلاد ماليا.
ليبقى الحل بيد رئيس الجمهورية، الذي على الأرجح لن يقبل بالمساس بمنظومة الدعم حفاظا منه على السلم الاجتماعي والمقدرة الشرائية للتونسيين، لكن هذا لا يمنع بالمقابل ضرورة إصلاح هذه المنظومة والتسريع بإيجاد بدائل جدية للحد من استنزافها لميزانية الدولة لسنوات والمضي في تفعيل برنامج الحكومة الإصلاحي مع التعديل فيه وإعادة بلورته، لكن دون التفكير في العودة الى نقطة الصفر..
وفاء بن محمد
تونس-الصباح
بعد انقضاء ستة أشهر كاملة على آخر تعديل في أسعار المحروقات تحديدا منذ الـ24 من شهر نوفمبر المنقضي، يعود الغموض من جديد في ملف الدعم في جزئه الخاص برفع دعم الدولة لمواطنيها على الطاقة، خاصة أن الحكومة كانت قد تعهدت في وقت سابق، في برنامجها الإصلاحي الذي قدمته الى صندوق النقد الدولي، بالانطلاق في رفع الدعم تدريجيا من خلال تطبيق آلية التعديل الآلي لأسعار المحروقات بشكل دوري.
وقد يحمل قرار توقف اعتماد هذه الآلية لستة أشهر متتالية تداعيات وخيمة على توازنات البلاد المالية، باعتبار أن هذا الملف يكتسي حساسية بالغة لم تنجح الحكومات المتعاقبة، بعد الثورة، في حله والفصل فيه نهائيا، ليزداد تعقيدا أكثر، بعد أن أصبح من مشمولات رئيس الجمهورية، ليكون القرار النهائي الذي سيحدد مآله، سياسيا بامتياز..
وينضاف بالتالي هذا المعطى الجديد الى ملف الدعم، الذي سيعود بالمنظومة إلى الوراء بعد أن وجدت لها حكومة نجلاء بودن، خلافا لبقية الحكومات السابقة، مخرجا لإصلاحها انطلاقا من رفع دعم الطاقة، بعد أن تبين استنزافها المتواصل لميزانية الدولة من جهة وكونها سببا رئيسيا في توسع عجز الميزان التجاري من جهة ثانية.
فاليوم، وبالنظر الى المعطيات والمؤشرات الأخيرة التي يشهدها وضع الطاقة في البلاد، فقد فاق العجز الطاقي لبلادنا الـ50 بالمائة في ظل تواصل تراجع أنشطة الاستكشاف والبحث خلال العشرية الأخيرة، مما زاد من أعباء نفقات الدعم في المواد الطاقية في ميزانية الدولة التي تجاوزت الـ8.2 مليار دينار ..
وبين المؤشرات السلبية لوضع بلادنا الطاقي وموقف الرئيس الرافض للمساس بمنظومة الدعم، تجد اليوم الحكومة نفسها في مأزق جديد وغريب من نوعه، وهي التي أعدت برنامجا إصلاحيا شمل تقريبا كل المجالات وعرضته في داخل البلاد وخارجها، لتعتمده كتأشيرة للحصول على تمويلات خارجية أهمها قرض صندوق النقد، لكنه غير قابل للتنفيذ في الوقت الراهن بما سيزيد من تأزم وضع البلاد ماليا.
ليبقى الحل بيد رئيس الجمهورية، الذي على الأرجح لن يقبل بالمساس بمنظومة الدعم حفاظا منه على السلم الاجتماعي والمقدرة الشرائية للتونسيين، لكن هذا لا يمنع بالمقابل ضرورة إصلاح هذه المنظومة والتسريع بإيجاد بدائل جدية للحد من استنزافها لميزانية الدولة لسنوات والمضي في تفعيل برنامج الحكومة الإصلاحي مع التعديل فيه وإعادة بلورته، لكن دون التفكير في العودة الى نقطة الصفر..