مرت يوم 18 ماي الجاري خمس سنوات على وفاة المناضلة ميّة الجريبي. ولم تنج ميّة الجريبي من محاولات التناسي التي تكاد تتحول في مجتمعنا إلى سلوك " طبيعي " في ظل ما يتكرس يوميا من أن المناضل لا ينال في حياته إلا المتاعب ولن يصيبه بعد رحيله إلا النسيان. ولا شك أن مسيرة ميّة الجريبي توفر من العناصر ما يجعلها عصيّة عن التجاهل والنسيان لأنها نذرت حياتها، القصيرة بحساب الأيام والأعوام، للنضال ولخدمة الشأن العام. هذا التفرغ للنضال قد لا يكفي اذا لم تسنده قيم تقوده وتوجهه. وهنا تقدم سيرة ميّة الجريبي قيما ما انفكت تضعف وربما تتلاشى. كانت ميّة الجريبي تجسيدا لنكران الذات وللترفع عن عقلية " الغنيمة" وخاصة تجنب الصراعات الوهمية والسقوط في مستنقع استهداف المنافسين في ذواتهم علاوة على إيمان بالعمل الجماعي والإصرار الكبير على تحقيق الأهداف التي تناضل من أجلها.
رحلت ميّة الجريبي دون أن تكمل عقدها السادس وهي التي ولدت يوم 29 جانفي 1960 لأب أصيل مدينة تطاوين وأم من الجزائر الشقيقة ونشأت في مدينة رادس ودرست في مدارسها ومعهدها الثانوي. المناخ العائلي والأجواء الثقافية لرادس جعلت ميّة الجريبي تؤمن بقيم العمل والانفتاح وتكون أقرب إلى الأفكار اليسارية وهو ما تكرس في حياتها الجامعية خلال دراستها بكلية العلوم بصفاقس في الفترة ما بين 1979 و 1983 حيث نشطت ضمن العائلة الموسعة لليسار التي جمعها النضال من أجل إنجاز المؤتمر 18 خارق للعادة للاتحاد العام لطلبة تونس. النضال السياسي صلب الحركة الطلابية جعل ميّة الجريبي تقيم جسورا مع الفكر النسوي وأيضا الصحافة الحرة وهو ما جعلها تساهم في جريدة الرأي ومجلة الموقف وفي نشاط النادي الثقافي الطاهر الحداد ونواة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات التي لعبت دورا هاما في تأسيسها وفي تأسيس الجمعية التونسية للنساء والبحث من أجل التنمية.
لعبت ميّة الجريبي دورا لافتا في تأسيس حزب التجمع الاشتراكي التقدمي سنة 1994 والتحقت بمكتبه السياسي ونشطت في عملية انتقال التجمع الإشتراكي التقدمي سنة 2001 إلى الحزب الديمقراطي التقدمي كخطوة لتجميع أحزاب المعارضة الراديكالية. أصبحت ميّة الجريبي يوم 25 ديسمبر 2006 أمينة عامة للحزب وهو ما لم يسبق لأي امرأة تونسية أن بلغته. من أهم ما ميّز مسيرة ميّة الجريبي إضراب الجوع الذي قامت به صحبة أحمد نجيب الشابي وامتد من غرة أكتوبر 2007 حتى 20 من نفس الشهر.
فازت في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011 ولكنها فشلت في التغلب على مصطفى بن جعفر في السباق من أجل رئاسة المجلس. انتخبت يوم 9 أفريل 2012 أمينة عامة للحزب الجمهوري الذي تشكل من انصهار عدد من الأحزاب وظلت في هذا الموقع حتى 3 فيفري 2017.
صارعت ميّة الجريبي المرض العضال الذي أصاب جسدها الرقيق ولكنه لم ينل من عزيمتها الصلبة لسنوات قبل أن تلتحق بالرفيق الأعلى يوم 18 ماي 2018 لتفقد تونس " مناضلة صادقة" كما جاء في نعي رئاسة الجمهورية. تبقى ميّة الجريبي نموذجا للنضال المخلص والخالي من الحسابات الشخصية والذاتية
مرت يوم 18 ماي الجاري خمس سنوات على وفاة المناضلة ميّة الجريبي. ولم تنج ميّة الجريبي من محاولات التناسي التي تكاد تتحول في مجتمعنا إلى سلوك " طبيعي " في ظل ما يتكرس يوميا من أن المناضل لا ينال في حياته إلا المتاعب ولن يصيبه بعد رحيله إلا النسيان. ولا شك أن مسيرة ميّة الجريبي توفر من العناصر ما يجعلها عصيّة عن التجاهل والنسيان لأنها نذرت حياتها، القصيرة بحساب الأيام والأعوام، للنضال ولخدمة الشأن العام. هذا التفرغ للنضال قد لا يكفي اذا لم تسنده قيم تقوده وتوجهه. وهنا تقدم سيرة ميّة الجريبي قيما ما انفكت تضعف وربما تتلاشى. كانت ميّة الجريبي تجسيدا لنكران الذات وللترفع عن عقلية " الغنيمة" وخاصة تجنب الصراعات الوهمية والسقوط في مستنقع استهداف المنافسين في ذواتهم علاوة على إيمان بالعمل الجماعي والإصرار الكبير على تحقيق الأهداف التي تناضل من أجلها.
رحلت ميّة الجريبي دون أن تكمل عقدها السادس وهي التي ولدت يوم 29 جانفي 1960 لأب أصيل مدينة تطاوين وأم من الجزائر الشقيقة ونشأت في مدينة رادس ودرست في مدارسها ومعهدها الثانوي. المناخ العائلي والأجواء الثقافية لرادس جعلت ميّة الجريبي تؤمن بقيم العمل والانفتاح وتكون أقرب إلى الأفكار اليسارية وهو ما تكرس في حياتها الجامعية خلال دراستها بكلية العلوم بصفاقس في الفترة ما بين 1979 و 1983 حيث نشطت ضمن العائلة الموسعة لليسار التي جمعها النضال من أجل إنجاز المؤتمر 18 خارق للعادة للاتحاد العام لطلبة تونس. النضال السياسي صلب الحركة الطلابية جعل ميّة الجريبي تقيم جسورا مع الفكر النسوي وأيضا الصحافة الحرة وهو ما جعلها تساهم في جريدة الرأي ومجلة الموقف وفي نشاط النادي الثقافي الطاهر الحداد ونواة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات التي لعبت دورا هاما في تأسيسها وفي تأسيس الجمعية التونسية للنساء والبحث من أجل التنمية.
لعبت ميّة الجريبي دورا لافتا في تأسيس حزب التجمع الاشتراكي التقدمي سنة 1994 والتحقت بمكتبه السياسي ونشطت في عملية انتقال التجمع الإشتراكي التقدمي سنة 2001 إلى الحزب الديمقراطي التقدمي كخطوة لتجميع أحزاب المعارضة الراديكالية. أصبحت ميّة الجريبي يوم 25 ديسمبر 2006 أمينة عامة للحزب وهو ما لم يسبق لأي امرأة تونسية أن بلغته. من أهم ما ميّز مسيرة ميّة الجريبي إضراب الجوع الذي قامت به صحبة أحمد نجيب الشابي وامتد من غرة أكتوبر 2007 حتى 20 من نفس الشهر.
فازت في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في أكتوبر 2011 ولكنها فشلت في التغلب على مصطفى بن جعفر في السباق من أجل رئاسة المجلس. انتخبت يوم 9 أفريل 2012 أمينة عامة للحزب الجمهوري الذي تشكل من انصهار عدد من الأحزاب وظلت في هذا الموقع حتى 3 فيفري 2017.
صارعت ميّة الجريبي المرض العضال الذي أصاب جسدها الرقيق ولكنه لم ينل من عزيمتها الصلبة لسنوات قبل أن تلتحق بالرفيق الأعلى يوم 18 ماي 2018 لتفقد تونس " مناضلة صادقة" كما جاء في نعي رئاسة الجمهورية. تبقى ميّة الجريبي نموذجا للنضال المخلص والخالي من الحسابات الشخصية والذاتية