إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

قمة جدة تختتم أشغالها إعادة امتلاك قضايا وملفات العرب الأساسية بعد أن خرجت من أياديهم

 

  • لا تنازل عن حق دولة فلسطين بالسيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967

  • السودان.. قمة جدة نقطة البداية لإسكات البنادق

  • دمشق.. العودة مقدمة لحل الأزمة السورية وإنهائها وفق رؤية عربية ملزمة

  • تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية.. اتحاد قمرقي.. اتفاقية النقل ورفع تحديات أمن الغذاء والطاقة والمياه

 

souf.jpg

جدة-السعودية- من مبعوث "الصباح" الخاص سفيان رجب

اختتمت مساء أمس في جدة القمة العربية العادية في دورتها الثانية والثلاثين، وسط أجواء غلب عليها ظاهريا التوافق والتفاؤل خاصة أن جلسة مفاوضات وزراء الخارجية العرب لم تستغرق سوى ساعتين فقط على غير العادة قبل تمرير مشروع البيان الختامي إلى القادة..، قمة من المرجح أن تنعكس نتائجها إيجاباً على معظم الملفات الساخنة التي تعصف بالمنطقة منذ عشرات السنين.

قمة جدة حملت أسباب نجاحها حتى قبل انعقادها، بعد أن هيأت المملكة العربية السعودية كل عوامل النجاح لها ووضعت الأسس التي تضمن تميزها. إذ تأتي القمة بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد غياب 12 عاماً، والتوفق في تنظيم مباحثات سودانية – سودانية في جدة، إلى جانب مصالحات تاريخية مع دول الجوار، وتحديداً تركيا وإيران من شأنها أن تضع حدا للتدخلات الأجنبية في الشؤون العربية.

ومثلما جرت العادة كانت النقطة الرئيسية في جدول الاعمال وفي البيان الختامي قضية العرب المحورية فلسطين وما يجري داخلها من عربدة إسرائيلية بلغت أقصى درجات الإجرام والتعدي على كل المواثيق والمعاهدات الدولية والأممية في ظل صمت غربي بات معهودا. هذا الى جانب الوضع المتفجر في السودان والحرب الداخلية الدائرة صلبه بالإضافة إلى العلاقات العربية مع دول الجوار وبالتحديد ايران وتركيا والمتغيرات الواقعة مؤخرا والمنتظرة قريبا..

وقد كانت النقطة الأبرز في قمة جدة هي عودة سوريا الى حضن الجامعة العربية والحضور الشخصي واللافت للرئيس بشار الأسد فعالياتها ولقاءاته بجل الملوك والرؤساء العرب مع مشاورات أخرى غير رسمية مع بعض الأطراف التي ما زالت متحفظة عن طريقة عودة سوريا وشروطها...،وقد بعثت عودة سوريا للحاضنة العربية الأمل في نجاح غير مسبوق للقمة العربية.

تدخلات القادة العرب والتي سبقتها كلمة افتتاح أيمن عبد الرحمان رئيس الوزراء الجزائري والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي وأحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية، تركزت أساسا على التحديات الراهنة والمستقبلية في ظل ما يمر به العالم العربي منتحديات وصعوبات كثيرة وهو ما يجعل الامة أمام مفترق طرق يحتم عليها الوقوف صفاً واحداً، وبذل مزيد من الجهد لتعزيز العمل العربي المشترك من أجل مواجهة مشاكل تتعقد سنة بعد أخرى بل تنضاف اليها مشاكل جديدة على غرار مشكلة السودان  في هذه الدورة..

القضية الفلسطينية

القضية الدائمة للامة العربية كانت بالطبع أولوية البيان الختامي للقمة مثلما كانت في كلمات القادة وخاصة كلمة الرئيس قيس سعيد، وقد اكد البيان على مركزية القضية للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وعلى حق دولة فلسطين بالسيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة، بما فيها القدس الشرقية.

كما تم التأكيد على التمسك بمبادرة السلام العربية بعناصرها كافة، باعتبارها الموقف العربي التوافقي الموحد، وأساس أي جهود لإحياء السلام في الشرق الأوسط، التي نصت على أن الشرط المسبق للسلام مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي العربية والفلسطينية، وتجسيد استقلال الدولة الفلسطينية على خطوط 4 جوان 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

كما تطرقت إلى أهمية استعادة حقوق الشعب الفلسطيني، وحق العودة، والتعويض للاجئين الفلسطينيين، وحل قضيتهم بشكل عادل. الى جانب الحث على توجه فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. مع إدانة الجرائم الإسرائيلية واسعة النطاق ضد الشعب الفلسطيني، بما فيها الحملات الأخيرة من الحصار والعدوان المستمر على القدس ونابلس وقطاع غزة وباقي المناطق. وإنجاز التحقيق الجنائي في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. ورفض أي تجزئة للأراضي الفلسطينية. والتأكيد أن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي جوهر القضية الفلسطينية، والتمسك بالحق الأصيل في حقهم بالعودة إلى ديارهم التي شُردوا منها مع الإعراب عن دعم مطلب سوريا في استعادة كامل الجولان العربي السوري المحتل.

سوريا العودة مقابل التزامات

كلمات القادة العرب، أجمعت كذلك على ضرورة حل المشاكل العربية- العربية تحت مظلة الجامعة العربية لا غير رافضة أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية، مشددة على العمل من أجل سد كل الثغرات التي تسمح للأجنبي الدخول منها للتأثير على الأحداث والتلاعب في الملفات العربية وفق مصالح وغايات باتت معروفة يستفاد منها الآخر وتتضرر منها الامة العربية واحسن مثال على ذلك الملف السوري حيث تُركت الساحة السورية لتدخلات أجنبية والنتيجة خراب سوريا وابتعادها عن حاضنتها العربية وتشتت القرار العربي الى حد قمة جدة التي صححتّ الوضع وأعادت سوريا للحضن العربي وحددت البوصلة باتجاه العمل العربي المشترك.

ولئن رحبت القمة بعودة سوريا للجامعة فإنها كذلك حددت مساراً لتمش جديد وواضح مبني على انخراط عربي أكبر لإخراج سوريا من أزمتها وايجاد حل للوضع الذي خلفته الحرب وتبعاتها وآثارها الخطيرة ومنها خاصة قضية اللاجئين التي تؤرق الأردن ولبنان وتحول الأراضي السورية الى اوكار للمخدرات والإرهاب...

وتم التأكيد في البيان الختامي للقمة أن عودة دمشق الى الحضن العربي هي مقدمة لحل الأزمة السورية وإنهائها وفق رؤية عربية ودور عربي أكثر فعالية يفترض تجاوباً من الجانب السوري وتحملاً لالتزاماتها الواردة في بيان عمّان.

 

السودان.. قمة جدة نقطة البداية لإسكات البنادق

وبشأن الوضع في السودان أكدت القمة على أن الأطراف المتقاتلة يعتقد كل منها إمكانية التوصل إلى حسم عسكري لفائدته، لذلك تتجاهل الانخراط في جهود الوساطة وتتلكأ في التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار. لكن مع مرور الوقت وترسخ الإدراك لدى طرفي النزاع بصعوبة حسمه وتكلفته الباهظة على شعب السودان سيكون هناك تجاوب أكبر مع الوساطة العربية التي انطلقت من قبل المملكة السعودية.

وأشارت القمة الى أن الأطراف العربية وتحت راية جامعتهم ستعمل على تحقيق هدنة مستدامة في السودان وستحرص على وقف شامل لإطلاق النار والبدء في المسار السياسي انطلاقا من قمة جدة التي ستكون نقطة البداية لإسكات البنادق في الأراضي السودانية.

 

المسك بزمام الملفات العربية

وباعتبار أن السنوات الماضية شهدت غيابا عربيًا شبه كلي عن بعض الملفات التي تخصهم، رغم تأثيرها على دول بعينها وعلى دول مجاورة وعلى المحيط العربي ككل، ورغم تحمل الدول العربية كلفة باهظة لهذه الأزمات، فان جل كلمات القادة العرب في القمة وكذلك البيان الختامي أكدا على العزم والعمل على وضع الملفات الخلافية جانبا والقطع مع التعاملات السابقة التي اثبتت فشلها والتوجه نحو إعادة امتلاك القضايا والملفات الأساسية العربية، والتي كان بعضها قد خرج من الأيادي العربية لتتحكم فيه قوى أخرى وفق مصالحها الذاتية الضيقة واحسن مثال على ذلك الأزمة السورية التي كانت محلا للتداول الدولي والإقليمي دون وجود دور عربي.

 

التعاون والتكامل الاقتصادي

لم يغفل البيان الختامي للقمة عن الجانب الاقتصادي في ظل وضع عالمي متغير وصعب لذلك سيتم العمل اكثر من اجل تعاون وتكامل وعمل عربي اقتصادي مشترك سيكون عبر تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية، والاتحاد القمرقي واتفاقية النقل التي تعد اتفاقية استراتيجية وهامة جدا للتجارة البينية بين الأقطار العربية. هذا الى جانب تفعيل ودفع استراتيجية السياحة العربية والأجندة الرقمية العربية من اجل تعزيز التكامل الاقتصادي العربي ورفع تحديات أمن الغذاء والطاقة والمياه حيث دعا البيان الختامي للقمة الى دفع وتعزيز العمل في هذه المجالات، لاسيما في ظل تبعات الأزمة العالمية وانعكاسات الحرب الأوكرانية السلبية على المنطقة.

عموما، فان قمة جدة يمكن أن تمثّل بارقة أمل للعرب لترك خلافاتهم جانبا وتجاوزها والمرور قدما نحو ما يفيد شعوب الامة خاصة في ظل الأجواء التوافقية التي رافقتها بداية من اجتماعات وزراء الخارجية الأربعاء والخميس وصولا إلى لقاء القمة على مستوى القادة يوم أمس الجمعة... قمة انتهت لكن الأمل في أن تكون فاتحة لمرحلة عربية جديدة..

 قمة جدة تختتم أشغالها إعادة امتلاك قضايا وملفات العرب الأساسية بعد أن خرجت من أياديهم

 

  • لا تنازل عن حق دولة فلسطين بالسيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967

  • السودان.. قمة جدة نقطة البداية لإسكات البنادق

  • دمشق.. العودة مقدمة لحل الأزمة السورية وإنهائها وفق رؤية عربية ملزمة

  • تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية.. اتحاد قمرقي.. اتفاقية النقل ورفع تحديات أمن الغذاء والطاقة والمياه

 

souf.jpg

جدة-السعودية- من مبعوث "الصباح" الخاص سفيان رجب

اختتمت مساء أمس في جدة القمة العربية العادية في دورتها الثانية والثلاثين، وسط أجواء غلب عليها ظاهريا التوافق والتفاؤل خاصة أن جلسة مفاوضات وزراء الخارجية العرب لم تستغرق سوى ساعتين فقط على غير العادة قبل تمرير مشروع البيان الختامي إلى القادة..، قمة من المرجح أن تنعكس نتائجها إيجاباً على معظم الملفات الساخنة التي تعصف بالمنطقة منذ عشرات السنين.

قمة جدة حملت أسباب نجاحها حتى قبل انعقادها، بعد أن هيأت المملكة العربية السعودية كل عوامل النجاح لها ووضعت الأسس التي تضمن تميزها. إذ تأتي القمة بعد عودة سوريا إلى الجامعة العربية بعد غياب 12 عاماً، والتوفق في تنظيم مباحثات سودانية – سودانية في جدة، إلى جانب مصالحات تاريخية مع دول الجوار، وتحديداً تركيا وإيران من شأنها أن تضع حدا للتدخلات الأجنبية في الشؤون العربية.

ومثلما جرت العادة كانت النقطة الرئيسية في جدول الاعمال وفي البيان الختامي قضية العرب المحورية فلسطين وما يجري داخلها من عربدة إسرائيلية بلغت أقصى درجات الإجرام والتعدي على كل المواثيق والمعاهدات الدولية والأممية في ظل صمت غربي بات معهودا. هذا الى جانب الوضع المتفجر في السودان والحرب الداخلية الدائرة صلبه بالإضافة إلى العلاقات العربية مع دول الجوار وبالتحديد ايران وتركيا والمتغيرات الواقعة مؤخرا والمنتظرة قريبا..

وقد كانت النقطة الأبرز في قمة جدة هي عودة سوريا الى حضن الجامعة العربية والحضور الشخصي واللافت للرئيس بشار الأسد فعالياتها ولقاءاته بجل الملوك والرؤساء العرب مع مشاورات أخرى غير رسمية مع بعض الأطراف التي ما زالت متحفظة عن طريقة عودة سوريا وشروطها...،وقد بعثت عودة سوريا للحاضنة العربية الأمل في نجاح غير مسبوق للقمة العربية.

تدخلات القادة العرب والتي سبقتها كلمة افتتاح أيمن عبد الرحمان رئيس الوزراء الجزائري والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي وأحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية، تركزت أساسا على التحديات الراهنة والمستقبلية في ظل ما يمر به العالم العربي منتحديات وصعوبات كثيرة وهو ما يجعل الامة أمام مفترق طرق يحتم عليها الوقوف صفاً واحداً، وبذل مزيد من الجهد لتعزيز العمل العربي المشترك من أجل مواجهة مشاكل تتعقد سنة بعد أخرى بل تنضاف اليها مشاكل جديدة على غرار مشكلة السودان  في هذه الدورة..

القضية الفلسطينية

القضية الدائمة للامة العربية كانت بالطبع أولوية البيان الختامي للقمة مثلما كانت في كلمات القادة وخاصة كلمة الرئيس قيس سعيد، وقد اكد البيان على مركزية القضية للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين، وعلى حق دولة فلسطين بالسيادة المطلقة على أرضها المحتلة عام 1967 كافة، بما فيها القدس الشرقية.

كما تم التأكيد على التمسك بمبادرة السلام العربية بعناصرها كافة، باعتبارها الموقف العربي التوافقي الموحد، وأساس أي جهود لإحياء السلام في الشرق الأوسط، التي نصت على أن الشرط المسبق للسلام مع إسرائيل وتطبيع العلاقات معها هو إنهاء احتلالها لجميع الأراضي العربية والفلسطينية، وتجسيد استقلال الدولة الفلسطينية على خطوط 4 جوان 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

كما تطرقت إلى أهمية استعادة حقوق الشعب الفلسطيني، وحق العودة، والتعويض للاجئين الفلسطينيين، وحل قضيتهم بشكل عادل. الى جانب الحث على توجه فلسطين للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة. مع إدانة الجرائم الإسرائيلية واسعة النطاق ضد الشعب الفلسطيني، بما فيها الحملات الأخيرة من الحصار والعدوان المستمر على القدس ونابلس وقطاع غزة وباقي المناطق. وإنجاز التحقيق الجنائي في جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. ورفض أي تجزئة للأراضي الفلسطينية. والتأكيد أن قضية اللاجئين الفلسطينيين هي جوهر القضية الفلسطينية، والتمسك بالحق الأصيل في حقهم بالعودة إلى ديارهم التي شُردوا منها مع الإعراب عن دعم مطلب سوريا في استعادة كامل الجولان العربي السوري المحتل.

سوريا العودة مقابل التزامات

كلمات القادة العرب، أجمعت كذلك على ضرورة حل المشاكل العربية- العربية تحت مظلة الجامعة العربية لا غير رافضة أي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية، مشددة على العمل من أجل سد كل الثغرات التي تسمح للأجنبي الدخول منها للتأثير على الأحداث والتلاعب في الملفات العربية وفق مصالح وغايات باتت معروفة يستفاد منها الآخر وتتضرر منها الامة العربية واحسن مثال على ذلك الملف السوري حيث تُركت الساحة السورية لتدخلات أجنبية والنتيجة خراب سوريا وابتعادها عن حاضنتها العربية وتشتت القرار العربي الى حد قمة جدة التي صححتّ الوضع وأعادت سوريا للحضن العربي وحددت البوصلة باتجاه العمل العربي المشترك.

ولئن رحبت القمة بعودة سوريا للجامعة فإنها كذلك حددت مساراً لتمش جديد وواضح مبني على انخراط عربي أكبر لإخراج سوريا من أزمتها وايجاد حل للوضع الذي خلفته الحرب وتبعاتها وآثارها الخطيرة ومنها خاصة قضية اللاجئين التي تؤرق الأردن ولبنان وتحول الأراضي السورية الى اوكار للمخدرات والإرهاب...

وتم التأكيد في البيان الختامي للقمة أن عودة دمشق الى الحضن العربي هي مقدمة لحل الأزمة السورية وإنهائها وفق رؤية عربية ودور عربي أكثر فعالية يفترض تجاوباً من الجانب السوري وتحملاً لالتزاماتها الواردة في بيان عمّان.

 

السودان.. قمة جدة نقطة البداية لإسكات البنادق

وبشأن الوضع في السودان أكدت القمة على أن الأطراف المتقاتلة يعتقد كل منها إمكانية التوصل إلى حسم عسكري لفائدته، لذلك تتجاهل الانخراط في جهود الوساطة وتتلكأ في التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار. لكن مع مرور الوقت وترسخ الإدراك لدى طرفي النزاع بصعوبة حسمه وتكلفته الباهظة على شعب السودان سيكون هناك تجاوب أكبر مع الوساطة العربية التي انطلقت من قبل المملكة السعودية.

وأشارت القمة الى أن الأطراف العربية وتحت راية جامعتهم ستعمل على تحقيق هدنة مستدامة في السودان وستحرص على وقف شامل لإطلاق النار والبدء في المسار السياسي انطلاقا من قمة جدة التي ستكون نقطة البداية لإسكات البنادق في الأراضي السودانية.

 

المسك بزمام الملفات العربية

وباعتبار أن السنوات الماضية شهدت غيابا عربيًا شبه كلي عن بعض الملفات التي تخصهم، رغم تأثيرها على دول بعينها وعلى دول مجاورة وعلى المحيط العربي ككل، ورغم تحمل الدول العربية كلفة باهظة لهذه الأزمات، فان جل كلمات القادة العرب في القمة وكذلك البيان الختامي أكدا على العزم والعمل على وضع الملفات الخلافية جانبا والقطع مع التعاملات السابقة التي اثبتت فشلها والتوجه نحو إعادة امتلاك القضايا والملفات الأساسية العربية، والتي كان بعضها قد خرج من الأيادي العربية لتتحكم فيه قوى أخرى وفق مصالحها الذاتية الضيقة واحسن مثال على ذلك الأزمة السورية التي كانت محلا للتداول الدولي والإقليمي دون وجود دور عربي.

 

التعاون والتكامل الاقتصادي

لم يغفل البيان الختامي للقمة عن الجانب الاقتصادي في ظل وضع عالمي متغير وصعب لذلك سيتم العمل اكثر من اجل تعاون وتكامل وعمل عربي اقتصادي مشترك سيكون عبر تفعيل منطقة التجارة الحرة العربية، والاتحاد القمرقي واتفاقية النقل التي تعد اتفاقية استراتيجية وهامة جدا للتجارة البينية بين الأقطار العربية. هذا الى جانب تفعيل ودفع استراتيجية السياحة العربية والأجندة الرقمية العربية من اجل تعزيز التكامل الاقتصادي العربي ورفع تحديات أمن الغذاء والطاقة والمياه حيث دعا البيان الختامي للقمة الى دفع وتعزيز العمل في هذه المجالات، لاسيما في ظل تبعات الأزمة العالمية وانعكاسات الحرب الأوكرانية السلبية على المنطقة.

عموما، فان قمة جدة يمكن أن تمثّل بارقة أمل للعرب لترك خلافاتهم جانبا وتجاوزها والمرور قدما نحو ما يفيد شعوب الامة خاصة في ظل الأجواء التوافقية التي رافقتها بداية من اجتماعات وزراء الخارجية الأربعاء والخميس وصولا إلى لقاء القمة على مستوى القادة يوم أمس الجمعة... قمة انتهت لكن الأمل في أن تكون فاتحة لمرحلة عربية جديدة..