هناك تنسيق مسبق بين إدارة رئاسة مجلس نواب الشعب والجهات الرسمية في تونس
تونس – الصباح
بعد أن شكل أحد أهم العوامل والأسباب لتفجّر الخلاف واحتدام الصراع بين رئيس الجمهورية قيس سعيد من ناحية ومنظومة الحكم السابقة وفي مقدمتها رئيس البرلمان المنحل وحركة النهضة راشد الغنوشي ثم رئيس الحكومة هشام مشيشي من ناحية أخرى وما سجلته مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2019 من جدل وتجاذبات وما أدت له من أزمة صراع على الصلاحيات بين قصور "قرطاج" و"القصبة" و"باردو" في نظام مختلط بحسب دستور 2014 جمهوريا ديمقراطيا تشاركيا تنقسم فيه السلطات بين البرلمان ورئيس الحكومة، مع صلاحيات أقل للرئيس، عاد من جديد تواتر مشاهد وأخبار استقبال رئيس البرلمان الحالي إبراهيم بودربالة لسفراء الدول الأجنبية ببلادنا ورؤساء وممثلي المنظمات وغيرها من الهياكل الوطنية والدولية منذ مباشرة البرلمان الجديد لمهامه في مارس الماضي، بشكل أعاد إلى الأذهان ما كان يحدث بشكل متواتر في قصر باردو قبل 25 جويلية 2021.
وهو ما يراهن عليه البعض من معارضي سعيد أو المتابعين للشأن السياسي في تونس، بعد أن تيقن الجميع من صعوبة اختراق أو المراهنة على الفصل بين سياسة سعيد وحكومة نجلاء بودن على اعتبار أنها حكومة الرئيس، لتتجه الأنظار إلى مستجدات قصر باردو في علاقة بمهام وأدوار رئيس البرلمان الحالي ليكون عاملا لكسر "التجانس والتناغم" المطروح بين رأس السلطة من ناحية ممثلة في رئاسة الجمهورية والمؤسسة التشريعية في شكلها ونسختها الحالية من ناحية ثانية. رغم أن دستور 2022 قد أعاد توزيع الأدوار في الجمهورية الجديدة انطلاقا مما نص عليه من طبيعة نظام رئاسي يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة أي أن تكون لرئيس الجمهورية "الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة" بحسب المادة 87، ليتم التخلي عن عبارة "سلطة" وتعويضها بعبارة "وظيفة"، ما يراه متابعون تقليصًا من دور بقية الوظائف خاصة منها التشريعية والقضائية. خاصة أمام إصرار سعيد على تكريس ما جاء في الدستور في مسار بناء الجمهورية الجديدة التي تعيد لرئيس الجمهورية أدوراه وصلاحياته التي انتزعها منه دستور 2014، رغم ما يمثله ذلك من مخاطر على "الديمقراطية" الناشئة لدى البعض سواء من معارضي سياسة قيس سعيد أو المساندين للمسار الذي يقوده.
واتجهت بعض التأويلات والقراءات إلى بودربالة، بعد الانتقادات التي وجهها سعيد في لقائه برئيس الحكومة نجلاء بودن بعد صدور قرار إنهاء مهام نائلة نويرة القنجي، وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة يوم 4 من الشهر الجاري بقوله "من لا يزال في ذهنه أنه يعمل في ظل الدستور السابق فهو مخطئ في التاريخ ومن يريد الجلوس على مقعدين اثنين فخير له ألاّ يتحمل أية مسؤولية"، بأن المعني بذلك هو رئيس البرلمان. وعملت بعض الجهات السياسية خاصة منها المعارضة على الترويج لوجود خلاف واشتعال فتيل الصراع من جديد بين قصري قرطاج وباردو في محاولة للبحث عما يمكن أن يشغل سعيد في هذه المرحلة الجديدة بعد عجز كل أطياف المعارضة على قلب موازين القوى لصالحها على امتداد ما يقارب السنتين.
تناغم وتجانس
وللاستفسار حول سير العمل في مستوى رئاسة البرلمان الحالي ومدى وجود تنسيق مع سلطة الإشراف خاصة فيما يتعلق باستقبال سفراء البلدان الأجنبية بتونس وغيرهم إضافة إلى غيرها من الأنشطة والزيارات الرسمية والقرارات والبيانات إلى حد الآن باعتبار أن البرلمان لا يزال في مرحلة إعادة "ترتيب البيت" بعد الانتهاء من إعداد النظام الداخلي والحسم في الكتل البرلمانية ولم ينطلق بعد في العمل الشريعي، أكد مصدر من قصر باردو لـ"الصباح"، أن هناك تنسيقا مسبقا بين إدارة رئاسة مجلس نواب الشعب والجهات الرسمية في تونس وأن كل الطلبات التي ترد من قبل سفراء أو رؤساء وممثلي منظمات وغيرها من المؤسسات والهياكل الدولية بالأساس تتم عن طريق وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. ثم أن كل الزيارات التي جرت تسجل حضور ممثلا عن هذه الوزارة. وبين نفس المصدر أن البرلمان ممثلا في رئاسته يعمل في تناغم وانسجام مع سلط الإشراف بما يخدم سياسة الدولة وهو ليس في صراع مع أي جهة سياسية كانت أم إدارية.
علما أن عدة جهات وطنية وخارجية سارعت إلى تقديم التهاني للبرلمان الجديد ولرئيسه إبراهيم بودربالة بمناسبة استئناف مهام المؤسسة التشريعية بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة وخروج بلادنا من مرحلة الاستثناء.
ويذكر أن إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب سبق أن أكد في عديد المناسبات على أنّ البرلمان سيعمل في تناغم مع الوظيفة التنفيذية وأن "الصلاحيات التشريعية التي أوكلت للبرلمان هامة ووسيتم توظيفها لمصلحة الشعب والوطن، مشددا على أن المجلس سيعمل في تناغم مع الوظيفة التنفيذية وذلك ليس امتثالا لها. كما سبق أن صرح في سياق متصل "عندما يتم تقديم مشاريع في البرلمان لا تخدم مصلحة الوطن سندلي برأينا بكل وضوح وشفافية وسنقوم بدورنا الرقابي ونطلب من الوظيفة التنفيذية التعامل مع البرلمان بكل جدية لأننا سيان".
لتؤكد بذلك الدبلوماسية البرلمانية في تونس أنها في تناغم وتواصل مع سياسة الدولة وليست في صراع وتنازع وتسابق على الصلاحيات مثلما تم تسجيله في برلمانات ما بعد 2011 من ممارسات في الغرض بلغت أوجها في عمل البرلمان المنحل. رغم تنصيص الدستور الجديد تأكيد القانون الانتخابي على أن البرلمان سيد نفسه وأن قراره سيادي ولكن بدءا برئيسه والأول مرورا برئيسيه الأولى والثاني وصولا إلى نوابه هم كلهم واعين بمتطلبات المرحلة الانتقالية الحاسمة في تاريخ تونس والتحديات المطروحة على الجميع لإنقاذ الدولة على جميع المستويات لاسيما في ظل الصعوبات التي تمر بها البلاد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا موازاة مع ما يشهده العالم من تغيرات وتحولات ومستجدات لها تداعيات كبيرة على الوضع العام في بلادنا.
كما أكد أغلب النواب الجدد حرصهم على القطع مع الممارسات البرلمانية السابقة التي ساهمت في ترذيل العمل البرلماني والسياسي والتأسيس لعمل تشريعي بروح وطنية، رغم تأكيد عديد الجهات على وجود "غواصات" داخل هذا البرلمان تتمثل في نواب يمثلون أحزاب المعارضة. وهو تقريبا التحدي الذي يجمع أغلب النواب الجدد رغم اختلاف انتماءاتهم من متحزبين ومستقلين.
إذ من المنتظر أن يتم اختيار مستشار مكلف بالشؤون الخارجية داخل البرلمان ليتولى بذلك مهمة التنسيق بين المؤسسة التشريعية والجهات الرسمية بما يقطع كل مجال للشك والتوظيف والتأويل.
نزيهة الغضباني
هناك تنسيق مسبق بين إدارة رئاسة مجلس نواب الشعب والجهات الرسمية في تونس
تونس – الصباح
بعد أن شكل أحد أهم العوامل والأسباب لتفجّر الخلاف واحتدام الصراع بين رئيس الجمهورية قيس سعيد من ناحية ومنظومة الحكم السابقة وفي مقدمتها رئيس البرلمان المنحل وحركة النهضة راشد الغنوشي ثم رئيس الحكومة هشام مشيشي من ناحية أخرى وما سجلته مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2019 من جدل وتجاذبات وما أدت له من أزمة صراع على الصلاحيات بين قصور "قرطاج" و"القصبة" و"باردو" في نظام مختلط بحسب دستور 2014 جمهوريا ديمقراطيا تشاركيا تنقسم فيه السلطات بين البرلمان ورئيس الحكومة، مع صلاحيات أقل للرئيس، عاد من جديد تواتر مشاهد وأخبار استقبال رئيس البرلمان الحالي إبراهيم بودربالة لسفراء الدول الأجنبية ببلادنا ورؤساء وممثلي المنظمات وغيرها من الهياكل الوطنية والدولية منذ مباشرة البرلمان الجديد لمهامه في مارس الماضي، بشكل أعاد إلى الأذهان ما كان يحدث بشكل متواتر في قصر باردو قبل 25 جويلية 2021.
وهو ما يراهن عليه البعض من معارضي سعيد أو المتابعين للشأن السياسي في تونس، بعد أن تيقن الجميع من صعوبة اختراق أو المراهنة على الفصل بين سياسة سعيد وحكومة نجلاء بودن على اعتبار أنها حكومة الرئيس، لتتجه الأنظار إلى مستجدات قصر باردو في علاقة بمهام وأدوار رئيس البرلمان الحالي ليكون عاملا لكسر "التجانس والتناغم" المطروح بين رأس السلطة من ناحية ممثلة في رئاسة الجمهورية والمؤسسة التشريعية في شكلها ونسختها الحالية من ناحية ثانية. رغم أن دستور 2022 قد أعاد توزيع الأدوار في الجمهورية الجديدة انطلاقا مما نص عليه من طبيعة نظام رئاسي يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة أي أن تكون لرئيس الجمهورية "الوظيفة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة" بحسب المادة 87، ليتم التخلي عن عبارة "سلطة" وتعويضها بعبارة "وظيفة"، ما يراه متابعون تقليصًا من دور بقية الوظائف خاصة منها التشريعية والقضائية. خاصة أمام إصرار سعيد على تكريس ما جاء في الدستور في مسار بناء الجمهورية الجديدة التي تعيد لرئيس الجمهورية أدوراه وصلاحياته التي انتزعها منه دستور 2014، رغم ما يمثله ذلك من مخاطر على "الديمقراطية" الناشئة لدى البعض سواء من معارضي سياسة قيس سعيد أو المساندين للمسار الذي يقوده.
واتجهت بعض التأويلات والقراءات إلى بودربالة، بعد الانتقادات التي وجهها سعيد في لقائه برئيس الحكومة نجلاء بودن بعد صدور قرار إنهاء مهام نائلة نويرة القنجي، وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة يوم 4 من الشهر الجاري بقوله "من لا يزال في ذهنه أنه يعمل في ظل الدستور السابق فهو مخطئ في التاريخ ومن يريد الجلوس على مقعدين اثنين فخير له ألاّ يتحمل أية مسؤولية"، بأن المعني بذلك هو رئيس البرلمان. وعملت بعض الجهات السياسية خاصة منها المعارضة على الترويج لوجود خلاف واشتعال فتيل الصراع من جديد بين قصري قرطاج وباردو في محاولة للبحث عما يمكن أن يشغل سعيد في هذه المرحلة الجديدة بعد عجز كل أطياف المعارضة على قلب موازين القوى لصالحها على امتداد ما يقارب السنتين.
تناغم وتجانس
وللاستفسار حول سير العمل في مستوى رئاسة البرلمان الحالي ومدى وجود تنسيق مع سلطة الإشراف خاصة فيما يتعلق باستقبال سفراء البلدان الأجنبية بتونس وغيرهم إضافة إلى غيرها من الأنشطة والزيارات الرسمية والقرارات والبيانات إلى حد الآن باعتبار أن البرلمان لا يزال في مرحلة إعادة "ترتيب البيت" بعد الانتهاء من إعداد النظام الداخلي والحسم في الكتل البرلمانية ولم ينطلق بعد في العمل الشريعي، أكد مصدر من قصر باردو لـ"الصباح"، أن هناك تنسيقا مسبقا بين إدارة رئاسة مجلس نواب الشعب والجهات الرسمية في تونس وأن كل الطلبات التي ترد من قبل سفراء أو رؤساء وممثلي منظمات وغيرها من المؤسسات والهياكل الدولية بالأساس تتم عن طريق وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. ثم أن كل الزيارات التي جرت تسجل حضور ممثلا عن هذه الوزارة. وبين نفس المصدر أن البرلمان ممثلا في رئاسته يعمل في تناغم وانسجام مع سلط الإشراف بما يخدم سياسة الدولة وهو ليس في صراع مع أي جهة سياسية كانت أم إدارية.
علما أن عدة جهات وطنية وخارجية سارعت إلى تقديم التهاني للبرلمان الجديد ولرئيسه إبراهيم بودربالة بمناسبة استئناف مهام المؤسسة التشريعية بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة وخروج بلادنا من مرحلة الاستثناء.
ويذكر أن إبراهيم بودربالة رئيس مجلس نواب الشعب سبق أن أكد في عديد المناسبات على أنّ البرلمان سيعمل في تناغم مع الوظيفة التنفيذية وأن "الصلاحيات التشريعية التي أوكلت للبرلمان هامة ووسيتم توظيفها لمصلحة الشعب والوطن، مشددا على أن المجلس سيعمل في تناغم مع الوظيفة التنفيذية وذلك ليس امتثالا لها. كما سبق أن صرح في سياق متصل "عندما يتم تقديم مشاريع في البرلمان لا تخدم مصلحة الوطن سندلي برأينا بكل وضوح وشفافية وسنقوم بدورنا الرقابي ونطلب من الوظيفة التنفيذية التعامل مع البرلمان بكل جدية لأننا سيان".
لتؤكد بذلك الدبلوماسية البرلمانية في تونس أنها في تناغم وتواصل مع سياسة الدولة وليست في صراع وتنازع وتسابق على الصلاحيات مثلما تم تسجيله في برلمانات ما بعد 2011 من ممارسات في الغرض بلغت أوجها في عمل البرلمان المنحل. رغم تنصيص الدستور الجديد تأكيد القانون الانتخابي على أن البرلمان سيد نفسه وأن قراره سيادي ولكن بدءا برئيسه والأول مرورا برئيسيه الأولى والثاني وصولا إلى نوابه هم كلهم واعين بمتطلبات المرحلة الانتقالية الحاسمة في تاريخ تونس والتحديات المطروحة على الجميع لإنقاذ الدولة على جميع المستويات لاسيما في ظل الصعوبات التي تمر بها البلاد اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا موازاة مع ما يشهده العالم من تغيرات وتحولات ومستجدات لها تداعيات كبيرة على الوضع العام في بلادنا.
كما أكد أغلب النواب الجدد حرصهم على القطع مع الممارسات البرلمانية السابقة التي ساهمت في ترذيل العمل البرلماني والسياسي والتأسيس لعمل تشريعي بروح وطنية، رغم تأكيد عديد الجهات على وجود "غواصات" داخل هذا البرلمان تتمثل في نواب يمثلون أحزاب المعارضة. وهو تقريبا التحدي الذي يجمع أغلب النواب الجدد رغم اختلاف انتماءاتهم من متحزبين ومستقلين.
إذ من المنتظر أن يتم اختيار مستشار مكلف بالشؤون الخارجية داخل البرلمان ليتولى بذلك مهمة التنسيق بين المؤسسة التشريعية والجهات الرسمية بما يقطع كل مجال للشك والتوظيف والتأويل.