*الجميع في الازمة الحالية مقصّرون ومذنبون والتلاميذ هم الضحايا ولا نعتقد انه سيتمّ التوصل الى اتفاق في هذه الفترة الوجيزة
بقلم: ريم بالخذيري(*)
التعليم هو المريض الذي لم يعد يرجى شفاؤه وفق المنظومة التربوية و النقابية الحالية. فوزارة التربية ومنذ سنة 2011 بدت كالسفينة التائهة في عرض البحر ولقمة سائغة لقراصنة النقابات يوجهونها حيثما يريدون و يخلعون الربان الذي لايكون على هواهم.
هذه السنة الدراسية التي تشارف على الانتهاء تؤكد ما نقول فهي حطّمت كل مؤشرات الأزمات المتعارف عنها وفاقت في التنكيل بالتلاميذ السنة الدراسية سيئة الذكر 2015/2014 حينما تم الالتجاء لآليّة الارتقاء الآلي بعد تعنّت النقابات الذي انجر عنه حرمان التلاميذ من إجراء امتحاناتهم. واختتمت بإجبار وزير التربية حينها ناجي جلول على تقديم استقالته بضغط من النقابات التعليمية.
عودة الكابوس
قبل أسبوعين على أقصى تقدير بالنسبة لتلاميذ المدارس الإعدادية و المعاهد الثانوية لم يتحصل الأولياء على معدلات أبنائهم وهو الحال بالنسبة للأولياء في التعليم الابتدائي الذي لم تعد تفصل عن نهاية عامه الدراسي أكثر من ثلاثة أسابيع بدأ كابوس الارتقاء الالي يتردد في كواليس المؤسسات التربوية وبين العائلات كحل اضطراري كما سيتم التسويق له لكنه مع الأسف أسهل الحلول التي من الممكن أن تلجأ لها الوزارة لإنقاذ العام الدراسي وترحيل مشاكله وارتداداته إلى العام القادم.
والواقع أنّ الجميع في الازمة الحالية مقصّرون ومذنبون والتلاميذ هم الضحايا ولا نعتقد انه سيتمّ التوصل الى اتفاق في هذه الفترة الوجيزة ويتم الإفراج عن الأعداد المرتهنة وحتىّ ان تمّ التوصل الى اتفاق فانه فسيكون بلا معنى فالفوضى حصلت و نتائجها كانت كارثية على التلاميذ و عائلاتهم منها ماهو معرفي وهى افتقاد الامتحانات لقيمتها فضلا عن التوتر المصاحب للأساتذة والمعلمين طوال هذه السنة وهو ما أثر على مردودهم ومنها ماهو نفسي حيث فقد التلاميذ الرغبة في التعليم بحكم غياب التقييم والتحفيز والتنافس ومنها ما هو مادّي حيث كانت الدروس الخصوصية المستفيدة الأكبر من هذه الأزمة وهو ما أرهق الأولياء خاصة من الذين لديهم أبناء يستعدون لإجراء مناظرات وطنية في سنة دراسية عرجاء وجوفاء حلّ محلّها التعليم الموازي بكثير من الأموال وكثير من التجاوزات.
والحقيقة أنّ وزارة التربية لم تحسن ادارة الأزمة مع النقابات التعليمية فالمطلوب ليس الاذعان لطلبات تبدو منطقية في توقيت خاطئ بحكم الأزمة المالية التي تمر بها بلادنا وانّما المطلوب كان تكليف فريق محترف من المفاوضين ينكبّون على هذا الملف لغاية حلحلته بالاقناع والحجة وبكثير من المسؤولية والجدية اذ ما تعيبه جامعتي التعليم الأساسي والثانوي هو اللامبالاة وعدم الجدية في التفاوض معهم حسب ما صرّح به عديد النقابيين وكذلك سياسة الهروب الى الأمام وترحيل الأزمة الى السنة الدراسية القادمة وهو أمر مرفوض من المربّين لأنهم اكتووا بذات الخطاب فيما سبق وهو ما جعل الثقة مهتزة بين طرفي التفاوض .
كما لم تعمد الوزارة الى تطبيق قانون الشغل في التعامل مع مسألة حجب الأعداد عن الادارات التربوية ولم تحتفظ بحقّها القانوني في ذلك والمنصوص عليه في مجلة الشغل .
فوزارة التربية هزمت نفسها أمام النقابات التعليمية والمتضررون هم التلاميذ وعائلاتهم.و الارتدادات الكبرى ستبدأ السنة المقبلة وستتواصل لسنوات ولا يجب الاستهانة بما حدث في هذه السنة فهو خطير ومدمّر لجيل كامل ما لم يقع اتخاذ اجراءات سريعة ومدروسة وأهمّها:
*تجريم استعمال التلاميذ كسلاح لتحقيق مكاسب مادية أو من أي نوع من طرف النقابات التعليمية
*الفصل بين العمل الاداري للمربي (اجراء الامتحانات ومدّ الأعداد للادارات) والذي يجب أن يكون محكوما بمجلة الشغل فقط واقتصار العمل النقابي على المسائل النقابية فمن حقهم الاضراب عن العمل وهو حق دستوري لكن ليس من حقهم الامتناع عن القيام بالعمل الإداري المكلفين به.
*منع النقابات التعليمية من التدخّل في البرامج التعليمية والزمن المدرسي وجداول الأوقات وتعيين مديري المدارس والمعاهد الثانوية ومنع محاولات البعض إضعاف التعليم العمومي لصالح التعليم الخاص.
بهذه الاجراءات فقط يمكن اعادة الهيبة للتعليم العمومي وتفادي الأسوأ في قادم السنوات فكلّما استقوت النقابات ضعفت المؤسسات التربوية ونفر الناس من التعليم العمومي وهو ما ينعش القطاع الخاص .
ان الدولة أمام مسؤولية تاريخية لمنع انهيار التعليم العمومي وإنقاذ مستقبل البلاد
*رئيسة المنظمة الدولية لحماية أطفال المتوسط
*الجميع في الازمة الحالية مقصّرون ومذنبون والتلاميذ هم الضحايا ولا نعتقد انه سيتمّ التوصل الى اتفاق في هذه الفترة الوجيزة
بقلم: ريم بالخذيري(*)
التعليم هو المريض الذي لم يعد يرجى شفاؤه وفق المنظومة التربوية و النقابية الحالية. فوزارة التربية ومنذ سنة 2011 بدت كالسفينة التائهة في عرض البحر ولقمة سائغة لقراصنة النقابات يوجهونها حيثما يريدون و يخلعون الربان الذي لايكون على هواهم.
هذه السنة الدراسية التي تشارف على الانتهاء تؤكد ما نقول فهي حطّمت كل مؤشرات الأزمات المتعارف عنها وفاقت في التنكيل بالتلاميذ السنة الدراسية سيئة الذكر 2015/2014 حينما تم الالتجاء لآليّة الارتقاء الآلي بعد تعنّت النقابات الذي انجر عنه حرمان التلاميذ من إجراء امتحاناتهم. واختتمت بإجبار وزير التربية حينها ناجي جلول على تقديم استقالته بضغط من النقابات التعليمية.
عودة الكابوس
قبل أسبوعين على أقصى تقدير بالنسبة لتلاميذ المدارس الإعدادية و المعاهد الثانوية لم يتحصل الأولياء على معدلات أبنائهم وهو الحال بالنسبة للأولياء في التعليم الابتدائي الذي لم تعد تفصل عن نهاية عامه الدراسي أكثر من ثلاثة أسابيع بدأ كابوس الارتقاء الالي يتردد في كواليس المؤسسات التربوية وبين العائلات كحل اضطراري كما سيتم التسويق له لكنه مع الأسف أسهل الحلول التي من الممكن أن تلجأ لها الوزارة لإنقاذ العام الدراسي وترحيل مشاكله وارتداداته إلى العام القادم.
والواقع أنّ الجميع في الازمة الحالية مقصّرون ومذنبون والتلاميذ هم الضحايا ولا نعتقد انه سيتمّ التوصل الى اتفاق في هذه الفترة الوجيزة ويتم الإفراج عن الأعداد المرتهنة وحتىّ ان تمّ التوصل الى اتفاق فانه فسيكون بلا معنى فالفوضى حصلت و نتائجها كانت كارثية على التلاميذ و عائلاتهم منها ماهو معرفي وهى افتقاد الامتحانات لقيمتها فضلا عن التوتر المصاحب للأساتذة والمعلمين طوال هذه السنة وهو ما أثر على مردودهم ومنها ماهو نفسي حيث فقد التلاميذ الرغبة في التعليم بحكم غياب التقييم والتحفيز والتنافس ومنها ما هو مادّي حيث كانت الدروس الخصوصية المستفيدة الأكبر من هذه الأزمة وهو ما أرهق الأولياء خاصة من الذين لديهم أبناء يستعدون لإجراء مناظرات وطنية في سنة دراسية عرجاء وجوفاء حلّ محلّها التعليم الموازي بكثير من الأموال وكثير من التجاوزات.
والحقيقة أنّ وزارة التربية لم تحسن ادارة الأزمة مع النقابات التعليمية فالمطلوب ليس الاذعان لطلبات تبدو منطقية في توقيت خاطئ بحكم الأزمة المالية التي تمر بها بلادنا وانّما المطلوب كان تكليف فريق محترف من المفاوضين ينكبّون على هذا الملف لغاية حلحلته بالاقناع والحجة وبكثير من المسؤولية والجدية اذ ما تعيبه جامعتي التعليم الأساسي والثانوي هو اللامبالاة وعدم الجدية في التفاوض معهم حسب ما صرّح به عديد النقابيين وكذلك سياسة الهروب الى الأمام وترحيل الأزمة الى السنة الدراسية القادمة وهو أمر مرفوض من المربّين لأنهم اكتووا بذات الخطاب فيما سبق وهو ما جعل الثقة مهتزة بين طرفي التفاوض .
كما لم تعمد الوزارة الى تطبيق قانون الشغل في التعامل مع مسألة حجب الأعداد عن الادارات التربوية ولم تحتفظ بحقّها القانوني في ذلك والمنصوص عليه في مجلة الشغل .
فوزارة التربية هزمت نفسها أمام النقابات التعليمية والمتضررون هم التلاميذ وعائلاتهم.و الارتدادات الكبرى ستبدأ السنة المقبلة وستتواصل لسنوات ولا يجب الاستهانة بما حدث في هذه السنة فهو خطير ومدمّر لجيل كامل ما لم يقع اتخاذ اجراءات سريعة ومدروسة وأهمّها:
*تجريم استعمال التلاميذ كسلاح لتحقيق مكاسب مادية أو من أي نوع من طرف النقابات التعليمية
*الفصل بين العمل الاداري للمربي (اجراء الامتحانات ومدّ الأعداد للادارات) والذي يجب أن يكون محكوما بمجلة الشغل فقط واقتصار العمل النقابي على المسائل النقابية فمن حقهم الاضراب عن العمل وهو حق دستوري لكن ليس من حقهم الامتناع عن القيام بالعمل الإداري المكلفين به.
*منع النقابات التعليمية من التدخّل في البرامج التعليمية والزمن المدرسي وجداول الأوقات وتعيين مديري المدارس والمعاهد الثانوية ومنع محاولات البعض إضعاف التعليم العمومي لصالح التعليم الخاص.
بهذه الاجراءات فقط يمكن اعادة الهيبة للتعليم العمومي وتفادي الأسوأ في قادم السنوات فكلّما استقوت النقابات ضعفت المؤسسات التربوية ونفر الناس من التعليم العمومي وهو ما ينعش القطاع الخاص .
ان الدولة أمام مسؤولية تاريخية لمنع انهيار التعليم العمومي وإنقاذ مستقبل البلاد